فضاء حر

هادي في عدن .. تغيرت أوراق اللعبة وسقط اتفاق موفمبيك

يمنات
ليس عيباً هروب الرئيس المستقيل هادي من منزله المحاصر ومن الاقامة الجبرية المفروضة عليه، فمن حق أي سجين بطريقة غير مشروعة أن يهرب ولا يقدح ذلك في كرامته، بل يعد مغامرة وبطولة.
كما أني لا أتوقع ان هادي اضطر الى لبس الملابس النسائية للتمويه كما يحاول البعض نشر ذلك بهدف تشويهه، لأنه لم يكن هناك تفتيش للسيارات التي تدخل المنزل أو تخرج منه، ويكتفي الحرس المحيطون بالمربع الذي يتواجد فيه منزل الرئيس والتابعين لأنصار الله بإلقاء نظرة على أي سيارة تخرج من المربع من مسافة لا تقل عن 12 متر دون أن يتم حتى توقيف السيارة، أو التحقق من من بداخلها، وأحياناً يجلسون على مسافات أبعد.
بمعنى أنهم كانوا لا يتوقعوا أن يخرج هادي الا بموكب أو على الأقل بسيارة تابعة له -وهذا طبعاً غباء- ولم يتوقعوا أن يغادر المنزل في سيارة أخرى لأحد الزائرين مثلاً، وذلك ما أتوقعه لمعرفتي الدقيقة بالإجراءات الأمنية المحيطة بمنزل الرئيس المستقيل، وقد سألت نفسي مراراً لماذا لم يهرب هادي الى الآن؟.
وكنت أجيب على نفسي: بأنه لم يكن يريد أن يواصل الصراع بحكم تقدمه في السن وصحته العليلة وأنه يفضل البقاء في صنعاء لعلمه بأنه سيواجه الكثير من المشاكل والاستحقاقات والصراعات الجنوبية الجنوبية لو غادر الى عدن.
الخلاصة أن هادي في عدن، وسيحدد خطابه المتوقع مسار العملية السياسية وقواعد الصراع الجديدة، فان أعلن العدول عن الاستقالة أو أنه لا يزال الرئيس الحالي لليمن حتى يبت البرلمان –ولن يتمكن البرلمان من البت فيها أبداً- في استقالته فإننا سنكون أمام مشهد درامي جديد للعملية السياسية يعيدها الى نقطة الصفر مجدداً، ويمكننا القول حينها أن نتائج مفاوضات فندق موفمبيك الأخيرة ستكون حبراً على ورق.
وسيتعامل معه العالم ودول الإقليم على اعتباره الرئيس الشرعي وقد يلحق به بعض الوزراء وتقوم الدول المانحة بتمويل البنك المركزي في عدن بمبالغ يتم من خلالها السيطرة على الأقاليم التي لا تزال خارج سيطرة أنصار الله الأمنية والعسكرية عبر صرف المرتبات وإصدار التوجيهات واعتبار عدن عاصمة مؤقته، وصنعاء محافظة تحت سيطرة مجموعه مسلحة، وهذا سيقلب الأوضاع رأساً على عقب.
أما اذا تحدث هادي كجنوبي وشرع في فك الارتباط فانه سيخدم أنصار الله “الحوثيين” حيث سينقل الصراع من صراع بين الشمال والجنوب على الاستحقاق السياسي للجنوب الى صراع جنوبي جنوبي، وسيعمد خصوم هادي في الجنوب على محاربته وافشال تحركه وقد يتحالفون بشكل أو بآخر مع أنصار الله وخصوم هادي في الشمال كالرئيس السابق صالح، وأنا لا أنصح هادي بذلك السيناريو لأنه لن يكون منسجماً مع تاريخه البعيد والقريب، إضافة الى أن أي صراع جنوبي داخلي عند سعي هادي للاستحواذ على السلطة في الجنوب سيوفر مناخاً مناسباً للقاعدة للسيطرة على مناطق جديدة، وانتشار القاعدة وممارساتها ضد أبناء تلك المناطق قد يدفعهم للتحالف مع أنصار الله على اعتبارهم الاقدر على تخليصهم من شرور القاعدة، والأمر كذلك متعلق كثيراً بمدى الدعم الإقليمي والدولي لمثل ذلك الخيار، ولا اعتقد أن يجازف هادي بتلك الخطوة ما لم يحصل على ضوء أخضر واضح وذلك يتعذر حالياً بسبب مخاوف دول الإقليم من انزلاق الجنوب الى صراع وحروب داخلية كثيرة قد تزعزع استقرار المنطقة برمتها، إضافة الى أن المواقف الخليجية والدولية واضحة الى قبل أيام قليلة بأنها مع وحدة اليمن، ولا أتصور أن تغير تلك الدول مواقفها بين ليلة وضحاها.
أما اذا امتنع هادي عن الظهور وفضل التواري عن الأنظار والخروج لتلقي العلاج واعتبر أن موضوع استقالته لا رجعة عنها فان ذلك سياهم في نجاح مفاوضات موفمبيك الدائرة في صنعاء.
عن: مدونة الكاتب على الانترنت

زر الذهاب إلى الأعلى