العرض في الرئيسةفضاء حر

استراتيجية آل سعود التفاوضية مع اليمن

يمنات

عبد الوهاب قطران

استراتيجية السعودية مالم يؤخذ بالميدان سنأخذه بالمفاوضات و السياسة.

اذكر انني انتهيت قبل اشهر من قراءة كتاب العلاقات اليمنية السعودية لسيد مصطفى سالم، و الذي وضح مكر و دهاء سعود في طريقة المفاوضات مع الادريسي والامام يحيى، بعد و قبل الحرب اليمنية السعودية عام 1934م، و كيف كان ابن سعود صارما و حاسما و قويا في مفاوضاته مع الامام يحيى، فيما يتعلق بنجران و عسير، و في المقابل كان الامام يحيى لين ودود لغة رسائله تصالحية، مغلفة بالإسلام و العروبة.

كان سعود قد طرح علي الامام ان تكون نجران محايدة فرفض الامام، ثم طرح ان تقسم نصفين فرفض الامام قبل الحرب. اما بعد الحرب فقد فرض سعود شروطه كطرف منتصر. كان ممثل الامام متواجد بالسعودية و محتجز، و مورست عليه ضغوط، ما ادى الى استيلاء ابن سعود على نجران و عسير و توقيع اتفاقية الطائف، و منذ ذلك الحين اذلت اليمن، و دخلت تحت الوصاية السعودية، و لا يستطيع ان يحكم اليمن الا من رضيت عنه السعودية.

إلى اليوم لم يجرؤ الحوثي على ملئ فراغ السلطة بتشكيل الدولة و الحكومة بصنعاء، منتظر تسوية و مصالحة مع السعودية لتعترف به، حتى صالح قال في مقابلته مع قناة الميادين في بداية هذه الحرب، هم لا يفاوضوا علي ما تحت ايديهم، و انما على ما تحت يدك.

كان انصار الله قبل الحرب يرفضون الذهاب للرياض، و ارسل السيد وفد مفاوضات برئاسة محمد عبدالسلام، قبل وفاة الملك عبد الله، لطرح علاقات ندية مع السعودية و عدم التدخل في الشئون الداخلية لليمن.

كان الحوثيين، على وشك توقيع اتفاق تقاسم السلطة مع بقية الطبقة السياسية العميلة للرياض، فشنت السعودية الحرب حسب ما اكده بن عمر في تقريره لمجلس الامن.

كان محمد قحطان يقول لا توجد لدينا اي اعتراضات علي المشاركة، بس شوفوا السعودية، شنت السعودية حرب عدوانية غاشمة، هدفها المعلن اعادة الشرعية، و سحق الانقلابين، و بعد مرور ما يقارب سنة على وحشيتها و تدميرها لكل شيء باليمن، و تقتيلها لالاف من المدنيين، و احتلال الجنوب ومأرب و جزء من تعز، و فشلها الذريع بعدن و اغراقها بأنصار الشريعة و داعش، اتضح لها انه يستحيل تهزم انصار الله الحوثيين بالحرب، لأن الشعب سيما في الشمال يقف خلفهم و يؤيدهم.

و بعد تصعيدها ضد حزب الله وامينه العام، بسبب موقفه الشجاع الرافض للحرب علي اليمن، و تصنيفه حزب ارهابي، ارادات ان توجه صفعه لحزب الله، و تقول له، هاهم الحوثيين قد هرولوا الينا بمجرد ان اشرنا اليهم، و اتوا يفاوضوا و قبلوا وقف العمليات العسكرية بحدودنا الجنوبية، و نحن مازلنا نقصفهم بطائراتنا، و لم يتضامنوا معكم حتى بمسيرة بصنعاء، و السعودية تعرف ان الحوثيين تنظيم عسكري قوي، خبرته السياسية ضعيفة، و هم بالفعل كذلك.

كلنا نذكر كيف حكومة بحاح، وهي ابأس حكومة، على اكتاف الحوثيين، خدعوهم و شكلوا حكومة عميلة، هي الآن بالرياض، تساهلوا حتى هرب هادي، اطلقوا سراح بحاح، فلحق به إلى الرياض.

ظهروا متحالفين مع صالح، لم يردوا على العدوان، الا بعد مرور اكثر من اربعين يوما، تركوا العاصمة و الى الآن في حالة فراغ سياسي، منتظرين لعودة من بالرياض ليعقدوا معهم تسوية، و بالتالي ما خسرته بالحرب ستمرره بالسياسة و بسهولة.

الحوثيين لا يمانعون من تسوية و مصالحة، تعيد شرعية الرياض الى صنعاء تحت مسمى حكومة ائتلافية وحدة وطنية، و لا بأس ان يذهب هادي و يعود بقية العملاء و احزابهم للشراكة بالسلطة و من خلالهم ستعود الوصاية على اليمن، و ستكون مصالحة برعاية سعودية كما كانت المصالحة بين الملكيين و الجمهوريين، بعد جمهورية 5 نوفبر 1967م، و بعدها ستعود الاغتيالات و العمليات الارهابية الى صنعاء، و تدخل اليمن في دوامة و احتراب و صراعات دامية، و سيحركون مسيرات و مظاهرات في صنعاء ضد الحوثيين، بعد ان ينكشفوا شعبيا، و بعد ان فشلوا في تحقيق اي انجاز اقتصادي يحسن حياة اغلبية الشعب الفقيرة، و هي تدعم من الخلف.

نجحت السعودية عندما اخضعت انصار الله للاختبار عن طريق قبولهم بوقف العمليات العسكرية بالحدود، في حين تستمر في قصفها بالطيران و دعم المرتزقة، بالتزامن مع ضخ اعلامي و حملات تشوه الحوثيين، و تقدمهم كحركة خيانة وطنية، بما يؤدي الي عزلهم شعبيا، و ارتخاء الجبهات الداخلية، و مطلوب منهم التخلي عن ثوريتهم و التهدئة الاعلامية تجاه السعودية، في مقابل التصعيد تجاه امريكا، و اقناع الشارع ان الحرب امريكية، اما السعودية جارة عربية مسلمة مستهدفة بمؤامرة تمزقها.

و قد قال محمد عبدالسلام في مقابلة له مع المسيرة قبل جنيف اثنين مستعدين لبناء علاقة مع السعودية ذات طابع خاص.

السعودية تراوغ و تستخدم الحيل و الخدع لتمرير ما عجزت عنه بالحرب عبر التفاوض، و المفاوض اليمني لا توجد لدية استراتيجية واضحة المعالم و لا خط سياسي واضح و لا وجهة محددة.

هل استقلال اليمن و وحدتها و سلامة اراضيها و سيادتها حاضرة في ذهن المفاوض اليمني؟

كيف قبلوا إبتداءا وقف جبهات الحدود، و لا زالت الطائرات تقصف اليمن و تنتهك سيادتها.

في الحرب المنتصر يفرض شروطه فهل انتصرت السعودية حتى تفرض شروطها..؟

زر الذهاب إلى الأعلى