العرض في الرئيسةفضاء حر

من جبهات الحدود .. ميدي وحرض والطوال (2)

يمنات

أحمد سيف حاشد

“4”

في المرة السابقة حاول العدوان السعودي وبمعاونة أكثر من 11 دولة فضلا عن المرتزقة ولمدة 26 يوما احتلال “ميدي” واخضاعها لسيطرته ولكنه عاد مكسورا وهو يجر خيبة الدنيا بطول الآخرة.

في ميدي شبابنا يصنعون تأريخ اليمن بدمائهم والروح..

فتية اليمن في ميدي يغلبون كل تكتيكات الحروب وجنرالاتها ومستشاريها وأخر صيحات تكنلوجيا العصر وسلاح الدمار..

العدوان السعودي بعقله البدوي يجرب المجرب ولا يتعلم ويظل يغرق في الغباء حتى النهاية .. هذا ما سيكتبه التاريخ ويسطره أبناء اليمن الميامين..

العدوان السعودي يعدي من معه ويصيبهم بالغباء والخطل مثله مرتين وثلاث..

العدوان السعودي عاود محاولة احتلال “ميدي” أيام متتالية ولم يتعلم من 26 يوما من الزحوفات المكسورة والمثقلة بالهزائم في المرة السابقة..

ستكون هزيمته واقعا وعمَّا قريب درسا قاسيا لمن لا يتعلمون من الهزائم.. ستكون هزيمته ليست بعرض ميدي ولكنها بعرض السماء..

أيام متتالية وفتيتنا تكسر زحوفاته، وستكسره مرارا حتى وإن ظل يحاول إلى ما بعد يوم القيامة .. نحن قوم لا يمل القتال ولا نرضى أمام العدوان غير الانتصار..

اليمنيون في قتال العدوان لا يهزمون ولا يتعبون إنما هم الساسة غالبا من يتعبون ويهزمون ويستسلمون..

كم نحن فخورين بكم أيها الأبطال الأشاوس في جبهة الحدود..

قبل 12 عام كتبت “مستعد أن أبيع جنسيتي بحذاء”..

اما اليوم فسأقول للتاريخ وأكتب: قف أيها التاريخ وسجِّل أنا يمني..

“5”

في طريقنا الى ميدي كانت السيارة التي تقلّنا ورفقتنا تضاعف سرعتها وتجاوزت الدراجة النارية التي تقل صديقنا “محمد المقالح” و الذي كانت معنوياته مرتفعة وكان أشبه بالأطفال الذي يخرجون من بيوتهم ليلعبوا ويتمازحوا تحت المطر المنهمر .. فتركناه يركض خلفنا بدراجته ونحن مسرعين حتى غاب عن النظر.

أما أنا وصديقي القاضي عبد الوهاب قطران فكنّا نحاول أن نسرق خلسة من خطر مُخيم في السماء وننتزع فسحة لنتمازح مع رفقتنا في السيارة المكتظة، وأخبرهم إننا لمخذولين ولا نجاة لنا إلا برب الأنصار .. قطران تاب وصلى وترك في بيته وصية، فيما أنا لم أوصي أو أفكر بوصية، بل رددت بصوت كتوم بيت من الشعر تنسب للشافعي رددها “عبد الحميد الكاتب” عندما تم محاصرته وأميره وأرادا أن يموتا مطمئنين:

“دَعِ الأيَّامَ تفْعَـلُ مَـا تَشَاءُ *** وطِبْ نفسًا إِذَا حَكَمَ القَضَاءُ”.

وفي الطريق كانت تدهشنا وتخطف انظارنا العربات المحطمة على جنبات الطريق ومدى النظر في الصحراء لعدوان كسره أبطالنا الشجعان باستبسال منقطع النظير وتركوا للعين أثرا وعبرة .. نعم كان الحطام شاخصا وشاهد على انكسار عدوان سعودي مر من هنا.

و قبل أن نصل إلى مدينة “ميدي” سمعنا تحليق طيران العدوان واستشعر السائق القائد المكلف بمرافقتنا بالخطر دون أن يكشف لنا عن مخاوفه، ثم دخل بسرعة طريق فرعية داخل المدينة، وطلب منا النزول سريعا من السيارة، ثم ذهب بالسيارة الى مكان أخر مموه يخفيها تحت ضلاله فيما دليل أخر تولى اكمال مشوارنا راجلين بين الازقة الى الموقع الذي يُفترض أن نصل إليه وفيه عدد من أبطالنا الأشاوس المرابطون فيه.

وما لبثنا بعد عناق أن سمعنا صوت انفجار قريب ظنناه انفجار صاروخ من طائرة استهدفت صديقنا المقالح..

انتابنا قلق شديد وتخيلنا فيها اللحظة .. تخيلنا أن الدراجة النارية التي تقل رفيقنا المقالح قطع محترقة ومتناثرة على جانبي الطريق .. تخيلنا رفيقنا اشلاء مبعثرة ومتفحمة على الرصيف ونحن نحاول بالكاد التعرُّف عليه أو على بقاياه..

صارحنا الشباب الموجودين في الموقع بمخاوفنا وقلقنا الذي لم نعد قادرين على السيطرة عليه، فحاولوا تطميننا إن الانفجار ناتج عن قذيفة مدفعية معادية وليس بصاروخ طائرة وأرسلوا شخصاً منهم لانتظار المقالح والمجيء به إلينا.

وفي اللحظة نفسها كان صديقنا المقالح قد شاهد دخان الانفجار من مسافة، وظن أن سيارتنا قد استهدفها الطيران وأنتابه فزع وتخيل اللحظة التي وجدنا فيها مبعثرين، بعضنا أشلاء وبعضنا يستغيث وقد مزق الانفجار أطرافنا وفيما هو مذهول بالمشهد المروع كان عاجزا عن تقديم ما ينقذ حياة من لا زال منّا حيّا يستغيث ويرجو الحياة..

انها لحظات مروعة عاشها مخيالنا المتوجس والقلق..

وبعد عشر دقائق طل علينا رفيقنا المقالح بهيا وفرحا وأخذنا بعض بالأحضان وكأننا ولدنا من جديد..

حاشد في ميدي

للاشتراك في قناة يمنات على التليجرام انقر هنا

زر الذهاب إلى الأعلى