العرض في الرئيسةتحليلات

اغتيال قائد جيش الفتح هل سيكون المقدمة لتصفية الجماعات الجهادية بتفاهم روسي تركي امريكي سوري؟ وكيف تمت عملية الاختراق الامني التي قادت اليه ومن يقف خلفها؟

يمنات

عبد الباري عطوان 

مقتل ابو عمر سراقب، القائد العسكري لقوات “فتح الشام”، او “جبهة النصرة” سابقا، وذراعه الايمن ابو مسلم الشامي، لا يشكل ضربة كبيرة للتنظيمات “الجهادية” في سورية فقط، وانما يؤشر الى طبيعة التفاهمات الروسية الامريكية، والسيناريو المتفق عليه للحل السياسي بين القوتين العظميين.

واذا كان الجانبان الامريكي والروسي قد تنافسا على ادعاء كل منهما مسؤولية اغتيال ابو محمد العدناني، الناطق باسم “الدولة الاسلامية”، بغارة جوية في مدينة الباب في محافظة حلب قبل اسبوع، فانهما لم يختلفا هذه المرة حول اغتيال “رفيقه” في الدولة الاسلامية في العراق السيد سراقب، واتفقا على “عدم التنافس″، وادعاء البطولة، وظلت الطائرات التي نفذت عملية الاغتيال “مجهولة”، اي ان “دمه” تفرق بين الطائرات الروسية والامريكية والسورية.

خطورة عملية الاغتيال هذه لقائد “جيش الفتح”، الذي قاد عملية الاستيلاء على مدينتي ادلب وجسر الشغور، واخراج الجيش السوري منهما، انها تشكل اختراقا امنيا كبيرا على غرار آخر مماثل للقيادات العسكرية لـ”احرار الشام” قبل عامين، حيث تم اغتيال القائد العام للحركة، ورئيس الهيئة السياسية بالجبهة، حسان عبود المعروف، باسم أبو عبد الله الحموي، إضافة لأكثر من 30 عضوا بالقيادة العامة ومجلس الشورى، وذلك إثر انفجار غامض خلال اجتماع لهم في مستودع سري في إحدى المزارع بالقرب من بلدة “رام حمدان” شمالي إدلب.

***

المعلومات حول كيفية حدوث عملية الاغتيال لابو عمر سراقب شحيحة جدا، وكان لافتا بالنسية الينا ان اول تسريب حولها جاء من الجانب السوري، ومما يرجح ان يكون التحالف الروسي السوري هو الذي يقف خلف تنفيذها.

السؤال المطروح حاليا، هو كيفية حصول التحالف الروسي السوري على المعلومات التي اكدت وجود القائد ابو عمر سراقب في المكان السري الذي تعرض للقصف، وكان يبحث فيه مع هيئة اركان جيشه شن هجوم مضاد لكسر حصار الجيش السوري عن حلب الشرقية، واستعادة منطقة الراموسة والكليات العسكرية جنوب حلب؟ وهل يقف التنسيق الاستخباري الثلاثي التركي السوري الروسي المتصاعد خلف هذا الاختراق؟

لا نملك اجابة عن هذا السؤال، ولكن ما يمكن قوله في هذا الصدد ان الروس والامريكان، ربما يختلفون على امور عديدة في الملف السوري من بينها مدة ابقاء الرئيس السوري بشار الاسد في السلطة، وصلاحيات المرحلة الانتقالية والمشاركين فيها، ونوعية الهيكلة للقوات الامنية والعسكرية السورية، ولكنهم يتفقون على امر رئيسي، وهو تصفية جميع الجماعات والفصائل الجهادية السلفية في سورية.

ما يؤكد هذه الحقيقة، رفض الولايات المتحدة الامريكية كل محاولات الاقناع من حلفائها السعوديين والقطريين، بأن “جبهة النصرة” فصيل سوري معتدل، وان نقض زعيمها ابو الجولاني لبيعته للدكتور ايمن الظواهري، وقطع صلاته بالكامل مع تنظيم “القاعدة” جدي وحقيقي، وهذا ما يفسر تصريحات جون كيربي، المتحدث باسم الخارجية الامريكية، التي اكد فيها ان تغيير اسم “جبهة النصرة” الى “فتح الشام” لا يعني شيئا، ولا يغير من النظرة الامريكية اليها كحركة “ارهابية”.

المطالب الروسية لـ”الشريك” الامريكي بالفصل بين الفصائل السورية المعتدلة والارهابية في حلب، ومناطق اخرى تحققت عمليا، حيث التحقت معظم الفيالق والفصائل الموالية لتركيا، وعملت تحت مظلة الجيش السوري الحر، بالقوات التركية في جرابلس، والباب ومنبج، وقد تخوض معركة “تحرير” الرقة تحت مظلة القيادة التركية في الايام القليلة المقبلة.

***

احد المفارقات في المشهد السوري تأكيد الجنرال جون دوريان، الناطق باسم التحالف الدولي ضد الارهاب “ان بلاده (امريكا) تتعاون مع تركيا وقوات سورية الديمقراطية ذات الغالبية الكردية لوضع خطة لتحرير الرقة من قبضة “الدولة الاسلامية”.

نسأل المستر دوريان حول كيفية الجمع بين العدوين اللدودين اي الاتراك والاكراد للقتال جنبا الى جنب لتحرير الرقة؟ يجيب “سيادته” بالقول ان بلاده تسعى حاليا من اجل انهاء النزاع بين الجيش التركي ووحدات حماية الشعب الكردية.

السيناريو الاكثر منطقية، هو ان اجتماع كيري لافروف في جنيف هو لتنفيذ الجانب المتعلق بتصفية “جبهة النصرة”، و”جيش الفتح”، وكل الفصائل السلفية الاخرى تحت اجنحتها في غضون الايام او الاسابيع المقبلة، لتمهيد الطريق لاستئناف العملية التفاوضية مجددا، وبشروط جديدة.

هذه “الفصائل الجهادية” تتجمع حاليا في بقعة واحدة، واغتيال ابو عمر سراقب هو “كلمة السر” لانطلاق عملية التسوية هذه.

حلفاء النصرة، و”جيش الفتح” و”احرار الشام” نفضوا ايديهم، وتخلوا عن هذه الفصائل، وتركوها لمواجهة مصيرها بعد ان انهي دورها.

انها “لعبة امم” ضحاياها دول وشعوب وفصائل كلها عربية واسلامية، ايا كان الخندق الذي تقف فيه في الصراع على سورية والمنطقة بأسرها.

المصدر: رأي اليوم

زر الذهاب إلى الأعلى