إختيار المحررالعرض في الرئيسةقضية اسمها اليمن

أزمة المرتبات .. بنكان وسلطتان في صنعاء وعدن جميعهم عاجزون عن الصرف

يمنات

علي أبو علوه

فجّر ترحيل أطراف الصراع أزمة المرتّبات من شهر لآخر موجة استياء عارمة في أوساط موظّفي الدولة في العاصمة صنعاء. فحكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي التي جدّدت التزامها بصرف المرتّبات للجميع، لا تزال عاجزة عن الوفاء بتلك الالتزامات، و”المجلس السياسي” لـ”أنصار الله” و”المؤتمر الشعبي”، الذي اعتبر قرار هادي بنقل البنك عدميّاً، عاجز أيضاً.

نزوح من الدولة

توقّف مرتّبات موظّفي الدولة منذ شهرين دفع بعشرات الآلاف منهم إلى العزوف عن العمل في مؤسّسات الدولة المختلفة، والبحث عن بدائل ممكنة تلبّي أدنى متطلّبات العيش الكريم. استاد علم الإجتماع في جامعة صنعاء، البروفيسور عبد الله الحكيمي، لم يجد حرجاً في ممارسة بيع القات في أحد أسواق العاصمة، بعد فقدانه الأمل بصرف مرتّبه الشهري، إلّا أن الحكيمي الذي قدّم اعتذاراً لطلّابه عن توقّفه الإجباري عن مواصلة التدريس في كلّية الآداب، لم يكن الأكاديمي الوحيد الذي أجبرته الظروف المعيشية القاسية على امتهان بيع القات، فالدكتور طه حسين الروحاني أكّد عزوف العشرات من الأكاديميّين عن نشاطهم الجامعي، لمزاولة أعمال بديلة مختلفة، بعدما اضطر عدد منهم إلى بيع أثاث منزله ليواجه متطلّبات البقاء.

بنكان عاجزان

موظّفو الدولة، وعبر مختلف الوسائل، حاولوا إيصال مطالبهم المشروعة بالحصول على رواتبهم إلى الجهات المعنية، ولكن جوبهوا بتجاهل الطرفين الردّ على تلك المطالب حتّى الآن. فعلى الرغم من وجود بنكين؛ الأوّل في صنعاء التي ترفض الانحناء لقرار هادي والآخر في عدن؛ إلّا أن عشرات الأكاديميّين يعزفون عن نشاطهم الجامعي لمزاولة أعمال بديلة مختلفة.

اتّهامات متبادلة

في ظلّ تصاعد مطالب موظّفي الدولة، تبادل الطرفان الاتّهامات بشأن عجز البنك المركزي عن الوفاء بالتزاماته، تجاه مليون و200 ألف موظّف. فالمجلس السياسي الأعلى اتّهم، مؤخّراً، حكومة هادي بالوقوف وراء تأخّر دفع المرتّبات، و أكّد أن الإجراءات التي أتّخدتها بشأن البنك المركزي، ووقف التعامل المالي مع البنك في صنعاء، مسّت كلّ مواطن يمني في الجنوب قبل الشمال في لقمة عيشه.

في المقابل، اعتبرت حكومة هادي ما آلت إليه الأوضاع المالية للبلد نتيجة لما وصفته بالعبث المالي لـ”أنصار الله”، و رأى رئيسها، أحمد عبيد بن دغر، منتصف الأسبوع الماضي، أن نقل البنك المركزي إلى عدن كان ضرورة لوقف عبث “أنصار الله” بالإحتياطي النقدي، البالغ خمسة ملايين دولار، وتسخير المال العام للمجهود الحربي، و وعد بأن حكومته ستعمل جاهدة لدفع كافّة مرتّبات موظّفي الدولة.

نذر كارثة

يتّهم الضابط المتقاعد، محمّد إبراهيم الآنسي، في حديثه إلى “العربي”، أطراف الصراع بعدم تحمّل المسؤولية الأخلاقية والإنسانية تجاه موظّفي الدولة، الذين يواجهون ضائقة مالية غير مسبوقة، بسبب عدم صرف المرتّبات التي تمثّل مصدر الدخل الوحيد لمئات الآلاف من الأسر. و يحذّر الآنسي من أن الوضع ينذر بكارثة إنسانية، في حال استمرار طرفي الصراع بالتهرّب من مسؤوليّاتهما تجاه أكثر من مليون موظّف، وهو ما قد يضاعف معاناة ما يزيد عن خمسة مليون مواطن يمني، أصبحوا لا يستطيعون توفير قوت يومهم، منبّهاً إلى إمكانية حدوث انهيار مفاجئ للمنظومة الاجتماعية والأمنية في العاصمة والمحافظات، نتيجة تردّي الأوضاع المعيشية وتوقّف كافّة مصادر الدخل.

فقدان السيولة

مصدر مسؤول في الهيئة الاقتصادية المعيّنة من قبل “المجلس السياسي الأعلى” أكّد، لـ”العربي”، عدم قدرة البنك المركزي في صنعاء على الوفاء بالتزاماته تجاه موظّفي الدولة في الظرف الحالي. و أوضح أن البنك المركزي في صنعاء بحاجة إلى 110 مليارات ريال لصرف مرتّبات موظفي الدولة للشهرين الماضيين، مشيراً إلى أن ما بحوزة البنك من سيولة لا يتجاوز الـ20 مليار ريال، ولا يكفي لصرف مرتّبات العسكريّين البالغة 35 مليار ريال.

و اتّهم المصدر حكومة هادي بصرف مرتّبات الموظّفين في المناطق الشرقية والجنوبية ومنعها عن موظّفي المناطق الشمالية و الوسطى، مبيّناً أن ثلثي المرتّبات تُصرف في المناطق الشمالية لأن عدد سكّانها يتجاوز الـ20 مليون نسمة، والثلث المتبقّي يُصرف في المناطق الجنوبية والشرقية. و وصف المصدر أزمة المرتّبات بالتحدّي الكبير، قائلاً، في الوقت نفسه، إن “المجلس السياسي الأعلى” يعمل على إيجاد حلول وبدائل في هذا الجانب، دون أن يحدّد موعداً لذلك، وهو ما يعني أن أزمة المرتّبات ستطول.

المصدر: العربي

زر الذهاب إلى الأعلى