العرض في الرئيسةعربية ودولية

هل جاء مقتل ثلاثة عسكريين أمريكيين في قاعدة تدريب بالأردن استجابة لخطاب البغدادي الأخير..؟ ولماذا يستهدف الأردن بالذات اكثر من اربع مرات في اقل من عام..؟

يمنات

شحيحة تلك التفاصيل الواردة من الأردن حول حادث الهجوم الذي وقع امام بوابة قاعدة تدريب عسكرية في جنوب البلاد (الجفر)، واستهدف قافلة من السيارات لخبراء عسكريين أمريكيين، مما أدى الى مقتل ثلاثة منهم واصابة رابع، علاوة على ضابط اردني خامس، ولكنها ليست المرة الأولى التي يكون فيها العسكريون الامريكيون هدفا لمثل هذه الهجمات، وفي قواعد تدريب الامر الذي يبعث على القلق، سواء بالنسبة الى السلطات الأردنية او نظيرتها الامريكية، ويعكس مدى خطورة هذه الهجمات وتكرارها.

قبل عام فتح جندي اردني النار في مركز لتدريب الشرطة في مدينة الموقر جنوب المملكة، مما أدى الى مقتل عسكريين أمريكيين اثنين، واصابة آخرين، وقيل ان المهاجم اطلق النار على نفسه لاحقا، كما شهد الأردن هجوما آخر في شهر حزيران (يونيو) الماضي نفذه مواطن اردني ينتمي الى جماعات إسلامية متشددة على مركز للمخابرات الأردنية قرب مخيم البقعة للاجئين الفلسطينيين اسفر عن مقتل خمسة اشخاص، وتعرض الكاتب والناشط السياسي ناهض حتر الى عملية اغتيال امام قصر العدل (المحكمة)، أدت الى وفاته، وتم اعتقال منفذ الجريمة الذي تردد انه ينتمي الى جماعة أصولية متشددة.

من السابق لأوانه توجيه أصابع الاتهام الى جهة محددة وتحميلها مسؤولية هذا الهجوم الأخير الذي يحمل كل مواصفات العمل الإرهابي، فالتحقيقات ما زالت في بداياتها، لكن من غير المستبعد ان تكون خلية إسلامية متشددة، تتبنى فكر “الدولة الإسلامية” او “داعش” هي التي تقف خلفه استجابة للشريط الصوتي المسجل الذي أصدره أبو بكر البغدادي يوم امس وحث فيه أنصاره على شن هجمات ضد “الصليبيين”، والمقصود هنا القوات الامريكية التي تقود الهجوم على مدينة الموصل عاصمة تنظيم “الدولة” في العراق.

ابو بكر البغدادي، وفي الشريط المذكور، شن هجوما شرسا على الدول العربية والإسلامية السنية، وخاصة تركيا، وطالب أنصاره من “الاستشهاديين” بغزوها او شن هجمات فيها، مثلما حرض على مهاجمة “الصليبيين”، ولكنه لم يذكر الأردن مطلقا في هذا الخطاب، الذي يعتبر الثاني من حيث الأهمية منذ خطابه الذي القاه من على منبر الجامع النوري الكبير في الموصل قبل عامين، واعلن فيه قيام “دولة الخلافة”.

المنطقة تعيش حالة من الغليان، والأردن بات في عين العاصفة، حيث يجاور بلدين يشهدان حروبا طاحنة، وفوضى دموية، هما العراق وسورية، وصراع بين قوى إقليمية، وأخرى عظمى في اطار الحرب المعلنة على الإرهاب، ومن الصعب ان يكون الأردن محصنا من ذيول هذه الحرب وتداعياتها، خاصة ان الجماعات الإسلامية المتشددة اخترقت معظم المجتمعات العربية والإسلامية في المشرق والمغرب معا، ولا نستطيع ان نتجاهل في هذه العجالة، ان أبو مصعب الزرقاوي الذي وضع حجر الأساس لـ”الدولة الإسلامية”، وولد وعاش في الأردن، وتتلمذ على يد مرجعيات سلفية اردنية، وما زال له الكثير من الأنصار والمريدين في الأردن.

الأردن يمر بظروف اقتصادية صعبة، ويتعرض لضغوط كبيرة من الولايات المتحدة ودول غربية أخرى للعب دور عسكري وامني اكبر في حروب دول الجوار، التي يشارك فيها في اطار قوات التحالف المناهض للارهاب، ولعل هذه الهجمات وما سبقها، تدفع بالذين يمارسونها الى تخفيفها (أي الضغوط)، ومد يد العون المالي والاقتصادي لتخفيف عبء الديون التي وصلت الى 35 مليار دولار، واقساط فوائدها (2 مليار دولار سنويا)، وتحسين الظروف المعيشية للمواطنين كخطوة أولى لتحصين المجتمع الأردني واسواره من اختراقات الجماعات المتشددة، ولعل السلطات الأردنية التي اظهرت شفافية في التعاطي مع هذه الهجمات، واطلاع الرأي العام الأردني على الكثير من تفاصيلها، بعد اكتمال التحقيقات وتحديد الجهات المتورطة، والانتظار هو الخيار الأكثر نجاعة في هذه الحالات.

افتتاحية رأي اليوم

زر الذهاب إلى الأعلى