العرض في الرئيسةفضاء حر

عندما يتحول ترامب وقرارته الى “مسخرة” امام القضاء الامريكي

يمنات

عبد الباري عطوان

تحول الرئيس الامريكي دونالد ترامب الى مسخرة داخل بلاده والعالم بأسره في ايامه العشرة الاولى في السلطة، فقد خسر هيبته، مثلما اصاب هيبة بلاده في مقتل، وهو الذي قال انه سيعيد اليها عظمتها، عندما بدأ يتراجع عن قراراته الخاصة بمنع المسلمين، الواحدة تلو الاخرى، وبطرق مهينة، مرغما، بقوة القانون.

اليوم ابطل القاضي الامريكي الفيدرالي الشجاع جيمس روبارت في ولاية واشنطن قرار الرئيس الامريكي ترامب بفرض هذا المنع العنصري الطابع، واكد عدم دستوريته، وأمر الموظفين الفيدراليين في مختلف نقاط الحدود والمطارات الأمريكية عدم تطبيقه.
رد الرئيس ترامب كان “سفيها” على هذه الفتوى القانونية التي جرى العمل بها فورا، وقال “هذا المسمى بالقاضي الذي سلب اساس انقاذ القانون في بلدنا، امر مثير للسخرية، وسيتم ابطاله وبسرعة”.

***

اكثر الامور اساءة واهانة بالنسبة الينا ان ترامب لم يجد من يؤيده في خطواته العنصرية الكريهة هذه غير مسؤولين عرب للأسف، حيث قال في تغريدة اخرى في حسابه على “التويتر”، “امر مثير للاهتمام ان بلدانا في الشرق الاوسط تتفق مع الحظر المفروض لانها تعرف انه اذا ما تم السماح لبعض الاشخاص بالدخول، فسينتج عن ذلك دمار ووفيات”.
المشكلة ان سياسات ترامب هذه لن تتوقف عند منع مواطنين سبع دول اسلامية من دخول الولايات المتحدة فقط، وانما محاولة اشعال الحروب في الشرق الاوسط، وتأجيج التقسيمات الطائفية في المنطقة والعالم الاسلامي بأسره، وذلك من خلال قوله ان ايران تلعب بالنار، وتأكيد وزير دفاعه جيمس ماتيس اليوم في طوكيو بأنها اكبر راعية للارهاب في العالم، والبدء في تحشيد دول الخليج العربية في خندق السياسة الامريكية استعدادا لمواجهتها.

الرئيس ترامب يحاول التصعيد والتحرش وفرض عقوبات جديدة على ايران (وضع 25 شخصية وشركة على القائمة)، بإجراء الاخيرة تجربة لاطلاق صواريخ باليستية، واعتبار ذلك انتهاكا للاتفاق النووي، وقرارات الامم المتحدة، ولكن واقع الحال يؤكد انه تحدث عن فرض هذه العقوبات والغاء الاتفاق النووي برمته قبل هذه التجربة الصاروخية بأشهر، وفي ذروة حملته الانتخابية في سباق الرئاسة.

الولايات المتحدة تبعد اكثر من عشرة آلاف كيلومتر عن ايران، واي رد ايراني على اي تحرش من قبل رئيسها سيكون في الجوار العربي الخليجي، حيث توجد القواعد العسكرية الامريكية، وآبار النفط، ومضيق هرمز، مما يعني اننا كعرب ودولنا ومدننا ومواطنينا هم الهدف والضحية، وتحالف بعض البلدان او الحكومات العربية علنا مع ترامب يعطي المبرر والغطاء الشرعي لهذا الانتقام.
نحن هنا لا ندافع عن ايران، وان كان هناك من حاول، ويحاول، جاهدا الصاق هذه التهمة بنا، لاننا لم نقف في خندقه وحروبه في سورية والعراق واليمن وليبيا، وانما ندافع عن امتنا وشعوبنا، ونريد حقن دماء الابرياء التي تزهق بسبب سياسات تدخل حمقاء ورعناء في الدول المذكورة آنفا.

***

كنا وما زلنا مع الحوار مع الجار الايراني، للتوصل الى اتفاقات تضمن المصالح المشتركة للجانبين، وتحقق التعايش والاحترام المتبادل، واصطفاف البعض مع ترامب في تحرشاته وتصعيده ضد ايران، وضخ استثمارات مالية ضخمة في بلاده، وانفاق عشرات المليارات في شراء صفقات اسلحة تحت ذريعة مواجهة الخطر الايراني، في وقت تعاني شعوب منطقة الخليج من التقشف، لا يصب في مصلحة هذه الطموحات العقلانية التي نسعى اليها.

لا نعتقد ان مجلة “الايكونوميست” البريطانية العريقة ايرانية الهوى، وتتحدث باسم المجوس، وتحرص على مصالحهم، عندما قالت في افتتاحية عددها امس، بأنه على العرب الابتعاد عن ترامب والعمل من اجل السلام مع ايران.

رأي اليوم

زر الذهاب إلى الأعلى