إختيار المحررالعرض في الرئيسةتحليلات

ما وراء البيان عالي الحدة لـ”روسيا وايران” بشأن الضربة الامريكية في سوريا..؟ ولماذا صدر البيان عن غرفة العمليات المشتركة..؟

يمنات

عبد الوهاب الشرفي

أعلنت غرفة العمليات المشتركة الروسية الايرانية والقوات الرديفة في سوريا اليوم الاحد 9 ابريل 2017م بيانا ساخنا وجهت فيه رسائل قوية للولايات المتحدة بعد الضربة الصاروخية الامريكية لسوريا.

ليست اللغة العالية التي استخدمت في البيان هي وحدها الملفت فيه بل ان صدوره عن غرفة العمليات المشتركة لروسيا وايران والقوات الرديفة في سوريا، و ليس عن مستوى سياسي هو بحد ذاته رسالة قوية مضمونها ان الامر التنفيذي بالتصدي قد بات لدى القوة العسكرية في حال تكرار الهجوم ولم يعد امرا يتدارس لدى الادارات السياسية.

هذا البيان العالي الحدة هو انعكاس لما يعنيه التدخل الامريكي بتصرفات احادية بالنسبة لروسيا وايران و مدى انعكاس لخبطة الاوراق من قبل الادارة الامريكية في سوريا، و هو يحمل رسالة ايضا بأن الوضع في سوريا لا زال احد المتعلقات المباشرة و عالية الحساسية بالنسبة للأمنين القوميين لروسيا و ايران، و ان اللعب في هذا المربع لا زال يمثل استهدافا مباشرا لامنهما القومي و على الولايات المتحدة ان لا تنظر اليه باعتباره مهاجمة  للنظام السوري و حسب.

الارهاب

تركيز البيان على مسألة الارهاب و دور النظام السوري في محاربته و ان ما يقوم به النظام السوري في هذا الجانب هو نيابة عن العالم كله، و ان عناصر  الارهاب في سوريا هم من كثير جنسيات في العالم و ليسوا سوريين فقط ما يجعل المواجهة معهم على الارض السورية هي تضحية كبيرة تقدمها سوريا في سبيل محاربة الارهاب نيابة عن كل الدول التي بين الارهابيين من يحملون جنسياتها، و هذا الامر من حقه ان يلقى التقدير و اخذه في الاعتبار عن اتخاذ القرارات و تحديد المواقف، و هذه الرسالة بدورها هي موجهه للاوروبيين بدرجة رئيسية ليتفهموا و لو بلغة التقريع مالذي يقوم به النظام السوري كون عدد كبير من بين تلك العناصر الارهابية هي من حاملي الجنسيات الاوروبية و أي اضعاف للنظام السوري سيترتب عليه ارتداد الارهاب باتجاههم هم ايضا.

تقريع للولايات المتحدة

تقريع البيان للولايات المتحدة بشكل يتجاوز مسألة الضربة التي وجهتها لسوريا و يتجاوز حتى مسألة سياساتها في سوريا ليصل الى السياسات الامريكية في المنطقة و التعرض للموقف الامريكي تجاه الملف الفلسطيني الذي لعبت الولايات المتحدة دورا كبيرا في الدفاع عن الكيان الصهيوني و ابطال حقوق الفلسطينيين هو الاخر امر ذو دلالة بأن وجهت النظر الروسية الايرانية لطبيعة الصراع في المنطقة أنه يدور في ساحة صراع واحدة ليست فيه سوريا الا زاوية من زواياه، و بالتالي يمكن الفهم ان تداعيات اي عمل أمريكي منفرد في سوريا ستكون في كل ملفات المنطقة التي سترتفع بصورة آلية حدة المنافسة و المواجهه فيها جميعا.

القضية الفلسطينية

الحديث عن دور الولايات المتحدة الظالم في الملف الفلسطيني و بهذه المباشرة و الحدة هو بالنسبة للإدارة الروسية أمر لا يخلو من توظيف القضية الفلسطينية في صالح المواجهه مع روسيا، و كان المندوب الروسي في مجلس الامن قد تحدث في جلسة المجلس الاخيرة التي انعقدت لمناقشة الضربة الامريكية في سوريا واضحا ان احد الاهداف التي تعمل عليها الولايات المتحدة و حلفائها هي توريط روسيا في عداوت مع دول المنطقة، و التعرض بهذا الشكل للدور الامريكي في الملف الفلسطيني في هذا التوقيت و بهذه الحدة و المباشرة لابد ان يكون حاملا بُعد توظيف القضية الفلسطينية بقدر ما لكون روسيا كانت قد تحدثت انها تقوم بدراسة طلب نقل سفارة روسيا الى القدس و هو موقف متراخي تجاه الكيان الصهيوني، و في ذات الوقت مثل هذا الحديث عن الدور الامريكي من القضية الفلسطينية سيكون له انعكاساته على تشكل المعسكرات داخل المنطقة و انزياحها غربا او شرقا بشكل اكبر من ذي قبل و محاولة لاستنهاض معسكر اللاتطبيع في وجه الانتهاكات الامريكية في سوريا في ذات الوقت.

تجاوز مهين

البيان الروسي الايراني تعرض بصورة مباشرة لطبيعة التصرف الذي اقدمت عليه الولايات المتحدة، فكون ماقامت به هو تصرف احادي في شأن دولي يفقد هذا العمل شرعيته و يمثل تجاوزا مهينا للمجتمع الدولي و خروجا على القانون الدولي، و مع ان النظام العالمي لا زال يراوح في حالة قطبية واحدة فإن الرسالة الروسية الايرانية كانت حادة و مؤكدة بأكثر من فقرة بأن تصرفات الولايات المتحدة هي تصرفات هيمنة متفردة بالعالم وبالنسبة لروسيا القطب العالمي الاخر فهذا الكلام يعني ان روسيا عازمة على استمرارها في التكسير في القطبية الاحادية للنظام العالمي القائمة حاليا بوتيرة اعلى من ذي قبل، كما يرسل انطباعا للجميع ان روسيا تعمل لاستعادة حضورها العالمي و ان منافستها للولايات المتحدة هي عنوان السياسات الروسية كاطار عام لتلك السياسات.

جريمة خان شيخون

احتفاظ البيان الروسي الايراني بإدانة جريمة خان شيخون كان امرا طبيعيا لابراز جوهر موقفهما المراد التشويش عليه من قبل الولايات المتحدة و حلفائها، فالجريمة مدانة من قبلهما تماما كما هي مدانة من قبل الاخرين لكن المسألة متعلقة بمن يقف ورائها، و القول في البيان بأنهما يؤمنان اي روسيا و ايران بأن جريمة شيخون عملية مدبرة من دول و منظمات لمهاجمة روسيا هو تورية بتورط الولايات المتحدة و حلفائها في تلك الجريمة بتخطيط مسبق لايجاد ذريعة لمهاجمة روسيا بقرار منفرد بعد فشل استصدار قرار اممي يجيز مهاجمة سوريا.

الربط بين دعم الجماعات الارهابية و بين موقف الولايات المتحدة في القضية الفلسطينية يحمل مضامين الاتهام المباشر للولايات المتحدة بهذا التورط و انها تمارس ممارسات و تقوم بادوار لدعم الارهاب و توظيفه لصالح سياساتها في المنطقة، و ان كل ما تقوم به من دور تحت مسمى محاربة الارهاب ليس الا لستر قبح هذا التورط و التمويه على الرأي العام بشأن الارهاب و من يقفون ورائه. و هذا الاتهام ستجد روسيا و ايران له شواهد كثيرة ان تطّلب الامر – سيرا على اسلوب روسيا عند التعرض لمسألة الارهاب – اعلان الادلة و الاثباتات  لاجهاض اي محاولة للولايات المتحدة و حلفائها قلب طاولة التهمة على روسيا، و بالتالي سيكون هذا الاتهام غاية في الازعاج و غاية في الاحراج ايضا للبيت الابيض خصوصا مع ترامب الذي جعل من محاربة الارهاب سلما لوصوله الى البيت الابيض و كان اهم وعوده للشعب الامريكي.

تهديدات روسية ايرانية

الاستمرار في دعم النظام السوري و الاستمرار في محاربة الارهاب هو احد تعهدات الروس و الايرانيين في بيان غرفتهما المشتركة و هذان العنوانان هما عنواني الوجود الروسي و الايراني في الملف السوري، ما يعني انهما يستوعبان تماما ان المعركة في سوريا لازالت طويلة بل يستوعبان انها ستكون اكثر احتداما من ذي قبل، و ان ذلك لن يكون سببا في ثنيهما او تراجعهما على خلفية الرسالة الامريكية التي حملتها ضربة سوريا و انها ستدخل مرحلة التصرفات بقرار منفرد في سوريا و انها ستجذب الصراع في سوريا من دائرة السياسة فيما يتعلق بالادوار المباشرة لها الى دائرة التصرفات العسكرية و نحوها دون الحاجة للتشريع الاممي لذلك.

نبرة تهديد ووعيد

بيان غرفة العمليات المشتركة لروسيا و ايران بيان غاية في الحدة و في المباشرة و التصريح و حمل بوضوح نبرة تهديد و وعيد و ان على الولايات المتحدة ان تنتظر الرد في حال تكرار تصرفاتها في الملف السوري او في غيره بقرارات منفردة بعيدا عن القانون الدولي، و ان ذلك يعتبر مقارعة للهيمنة الامريكية العالمية قبل ان يكون رد على العمليات في حدودها، و الحديث عن الولايات المتحدة تعرف ان لهما القدرة على الرد هو حديث يعكس ان هناك ترتيبات تمت بالفعل للرد الروسي الايراني في حال معاودة الولايات المتحدة انتهاكها للقانون الدولي، و ان هناك من الاهداف ماهو موضوع على قائمة الاستهداف و ليس الامر عناوين عريضة و حسب.

سياسيا ليس البيان الروسي الايراني من ناحية مضامينة الا الضربة الامريكية لسوريا، او بعبارة اخرى ان الاندفاع الامريكي الخطير بضرب قاعدة الشعيرات في سوريا هو الذي ولد الاندفاع في مضامين البيان الروسي الايراني.

قرصة أذن

البيان في طبيعته و حدّته و مضامينة اذا ما تم ربط كل ذلك بالخطوات العملية التي سبقت من التعهد الروسي الايراني بتعزيز القدرة الدفاعية لسوريا و كذا توجه روسيا لزيادة حضورها العسكري في المنطقة و انسحاب روسيا من اتفاقيات مهمة متعلقة بالوجود في سوريا، فكل ذلك لا يمثل ردا قتاليا بالطبع  و لكنه يمثل  “قرصة اذن” لـ”ترامب” بل قرصة موجعة بالفعل، و السؤال الآن هو هل ستدعو هذه القرصة ترامب للهدوء ام ستزيد من هيجانه و مجازفاته، و الفترة القريبة القادمة هي وحدها الكفيلة بالاجابة على هذا السؤال.

هشاشة الأمن

و امام تهور ترامب و استنفار بوتين تكون المنطقة قد شهدت ضربة تزيد من هشاشة الأمن فيها و رد ضربة كذلك ستزيد من تلك الهشاشة و ستكون كل نقاط الاحتكاك في المنطقة اكثر احتمالا لاشعال فتيل صراعات أوسع ستوصل بدورها الى حرب عالمية جديدة ان حدثت، و ما يزيد من خطورة نقاط التماس في المنطقة هو الانسحاب الروسي من اتفاقات كانت تعتبر من ضمن ضوابط الامن في المنطقة ما يرفع من مستوى الخطر في المنطقة ككل و يجعلها بالفعل على صفيح ساخن اكثر من اي وقت مضى.

المصدر: الغاية نيوز

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

زر الذهاب إلى الأعلى