غير مصنف

دراسة جديدة: السعي لاشباع الفضول يجعل المرء أقل سعادة

يمنات – متابعات

من منا لا يراوده الفضول بين الحين والآخر لمعرفة أمر أخفاه عنا أحدهم، أو لمعرفة شريكنا السابق ماذا يفعل الآن، هل تزوج أم لا وغيرها من الأشياء التي نسعى لمعرفة خباياها في محاولة لاشباع فضولنا، والغريب بالأمر أننا نعلم أن الإجابة عن تساؤلاتنا ستصيبنا بالأذى أو الحزن ومع ذلك نسعى لمعرفتها.

الفضول

كشفت دراسة علمية جديدة قام بها مجموعة من الباحثين من جامعة شيكاغو، وكلية ولاية ويسكونسن للأعمال، أن الفضول لا يسبب مقتل القطط فقط، لكنه أيضا يقتل سعادتنا. مجلة “ساينتفيك أمريكان” لخصت الموضوع بكلمات بسيطة؛ إذ قالت “إن الحاجة إلى معرفة قوية، قد يصل لدرجة أن الناس سوف تسعى لإرواء فضولهم، حتى عندما يكون من الواضح أن الجواب سيصيبهم بأذى”.

الأشخاص المشاركين في هذه الدراسة، والذين من المحتمل أن يواجهون التعرض لمحفزات غير سارة “مثل صدمات كهربائية صغيرة، أو صوت احتكاك الأظافر على السبورة” والتي يتم ربطها بإجراءات معينة “النقر بالقلم، على سبيل المثال”، هؤلاء الأشخاص لم يتمكنوا من تجنب إغراء القيام بهذه الإجراءات المزعجة على أية حال، على الرغم من يقينهم بأنها أمور ستسبب الإزعاج لهم.

ومن خلال هذه التجربة يمكننا أن نعرف شدة الشغف الموجودة لدينا تجاه المعرفة، وضعفنا تجاه مشاعرنا، وهو ما يطرح تساؤلا وتعجبا: هل نحن على استعداد لإصابة أنفسنا بالأذى من أجل محاولة إرضاء أنفسنا في نفس الوقت؟

إذا كان لم يسبق لك أن أضعت أي وقت في حياتك في التحديق في صور أصدقائك السابقين على فيس بوك، فيمكننا أن نفترض أنك يمكن أن تشعر الآن بأنك شخص معتد بنفسه أو متعجرف جدا في الوقت الحالي. لكن بالنسبة للغالبية منا، فإنه من المريح قليلا أن نعرف – على سبيل المثال – أن لديك الرغبة لمعرفة ما إذا كان شريك صديقتك الجديد يمكن أن يكون بالفعل شخصا أفضل منك، هل يمكن أن حبيبتك السابقة تشعر بالسعادة الآن مع حبيبها الجديد أكثر من السعادة التي كانت تشعر بها معك؟

الرغبة وعمقها

إن الرغبة لمعرفة خفايا الأمور لا تقلل منك أبدا ولا تعني على الإطلاق أنك شخص مثير للشفقة وضعيف الشخصية؛ وذلك لأن الرغبة في إشباع الفضول هي رغبة عميقة داخل النفس البشرية، والتي مهما حاولت كبتها، فهي ستطفو على السطح بشكل أو بآخر، أو في وقت ما، هذا بالإضافة إلى أنها رغبة عالمية، تخص جميع البشر الموجودين، ولا تستثني منهم أحداً.

وتكمن المشكلة الأساسية حول هذا الموضوع، بأن هذه الرغبة يمكن أن يشعر بها الإنسان، وتتم تغذيتها بسهولة في هذا العالم، حيث المعلومات التي تتوفر لنا هي معلومات لا نهائية لا يوجد لها حد من حيث الكم أو طرق الوصول لها، فكيف يمكنك أن تكبت هذه الرغبة الهائلة داخلك. وجود الإنترنت في حياتنا يعني أن العائق بيننا وبين إيجاد الإجابة على أي سؤال تثيره عقولنا، هو عائق قليل جدا، وهو ما يعني أننا يمكننا الإجابة على كل سؤال يطفو في عقلنا كلما أردنا ذلك، أو على الأقل، محاولة العثور على الجواب.

هذا الأمر هو ما اكتشفته دراسة حديثة أخرى، وما يؤكدها بالفعل هو رغبتنا المستمرة في استخدام محرك البحث “غوغل”، على عجل، كلما أثير تساؤل ما، بدلا من التروي والانتظار لسماع رأي الخبراء. هذا الأمر يمكن أن يكون له تأثير حقيقي للغاية، وسلبي للغاية على صحتنا.

ومن هنا يمكننا القول بأن جميعنا تقريبا مر بمثل هذه التجارب من قبل، الحاجة الملحة لمعرفة أمر ما، والقيام بالمستحيل عينه في محاولة منا لإشباع هذا الفضول والوصول للمعلومة، وبعد أن نصل إليها، تصيبنا بالصدمة والحزن والإحباط، ونعود لنقول لأنفسنا، ما الذي جعلني أسعى لمعرفة هذا الأمر، فقد كنت متأكدا من أن الإجابة لم تكن ستعجبني أو تريحني؟.

وفي هذا الصدد كشفت دراسة جديدة بأن التطفل على البريد الالكتروني لشخص آخر أو وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة به حتى لو كنت تملك كلمة السر خاصته ستجعلك أكثر حزنا، لذلك ينصح الباحثون بأنه يجب علينا أن نتعلم كيف نحشد قوتنا للابتعاد عن الهواتف المفتوحة للشركاء الآخرين أو أجهزة الكمبيوتر الخاصة بهم، وعدم التطفل عليها، حتى ولو كان الوصول لها سهلا. في بعض الأحيان، يكون هذا هو التحدي الحقيقي للعقل البشري بالفعل. فاكتساب معرفة مؤلمة ومثيرة للقلق والمخاوف هو أمر لا يمكن التراجع عنه لاحقا.

زر الذهاب إلى الأعلى