العرض في الرئيسةفضاء حر

في الموجة الثانية .. هل نرى طائرات تركية أو روسية في الدوحة..؟ وماذا يعني انهيار مخطط الانقلاب الذي فشلت دول الحصار في تنفيذه..؟

يمنات

عبد الخالق النقيب

[email protected]

موجة ثانية من إجراءات الحصار الأشد قسوة تنتظر دولة قطر، ما يعني دخول الأزمة الخليجية مرحلة جديدة من التوتير والتصعيد المفتوح، وبالتالي اتجاه الأزمة نحو الاستطالة ورص الصفوف، واستنفاذ ما تبقى من خيارات لدى المعسكرين إما كسباً للحلفاء وضمان اصطفافهم ، وإما من خلال اتساع رقعة التنافس في بناء قواعد عسكرية جديدة وتفعيل الاتفاقات الأمنية المشتركة مع أقوى الحلفاء تحضيراً لأي مواجهة محتملة بين المعسكرين ، وإن بقيت فرص الحرب ضعيفة ولربما غير واردة ، كون العواصم الغربية تجمع على الدفع باتجاه التفاوض والحل عبر الحوار، فيما يرى الكثير من المراقبون أن الدور الأمريكي يبقى الأساس في تحريك مسار الأزمة.

خرجت الأزمة الخليجية التي تم افتعالها في الخامس من حزيران/يونيو الماضي عن دائرة التضييق على قطر، فبعد أن انتهجت في بداياتها مسارا سياسيا واقتصادياً أخذت تحمل في طياتها أبعاداً عسكرية ، في مقابل أن معسكر دول الحصار “السعودية والإمارات ومصر والبحرين” فشل في توسيع دائرة المقاطعة وعزل قطر ، ما يعد إخفاقا استراتيجيا لمعسكر الحصار وعدم قدرته على تحقيق تعبئة خليجية وعربية لدعم سياسات إجراءاته المتخذه، وعجزه عن إقناع الأوروبيين بمساندة الحصار وعزل قطر كلياً ، كما تراجعت آماله في تبلور موقف أمريكي أكثر ضغطاً على قطر ، حتى وإن بدت مواقف الولايات المتحدة تميل في البداية باتجاه معسكر الحصار الذي تتزعمه “المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة” من خلال تغريدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ، إلا أن مواقف الولايات تحولت ومنذ وقت مبكر إلى تقديم دور متناقض ومتفق عليه بين المؤسسات الأمريكية والبيت الأبيض ، بمعنى أن الولايات المتحدة تسعى للربح من الطرفين وانتهاج “الانتهازية والابتزاز” ، فالبيت الأبيض يبيع المواقف لمعسكر الحصار وتسايره مندوبة الولايات المتحدة في مجلس الأمن ، بينما الخارجية الأمريكية ظلت تبيع المواقف لدولة قطر ويسايرها في ذلك البنتاغون ، وفي النهاية الخليجيون باختلافهم خاسرون والأمريكان باختلافهم رابحون.

المطالب الـ13 الذي تقدم بها معسكر الحصار هي من نقلت الأزمة الخليجية إلى أبعد نقطة عن الحل ، فيرى مراقبون أنها زادت الأزمة المفتعلة تعقيداً كونها مطالب تعجيزية وتنتهك سيادة الدوحة ، باعتبارها أقرب إلى الحرب النفسية والابتزاز السياسي ، وأنه في ضوء تلك المطالب التي قطعت الطريق أمام أي مقاربة ، فإن رفض الدوحة صار أمرً بديهياً ، كونها لا تهدف لحل الأزمة ولا تسعى لانخراط معسكر الحصار في حالة حوار وتفاوض حقيقي مع قطر وإنما تركيعها أولاً ثم النظر فيما لدى الإمارة الصغيرة من مطالب لاحقاً.

ثلاثون يوماً كانت كافية لانكشاف الكثير من المخططات التي أفصحت عن مكنونات معسكر الحصار ، كما كانت فترة مهمة لمنح قطر مجالاً للمناورة والتحرك الدبلوماسي والعسكري الذي كسبت من خلاله العديد من النقاط ، فلم يتوقع “بن سلمان وبن زايد” أن تصمد قطر كل هذا الوقت ، ما يعني أن معسكر دول الحصار بالغت في الثقة بقدراتها والتعويل على الموقف الأمريكي والتهوين من قدرات قطر التي تمتلك من الاحتياطي النقدي الضخم ما يمكن أن تواجه به الحصار كما أن لديها شركاء استراتيجيون لا يمكن التقليل من دورهم المحتمل كـ”تركيا وروسيا والصين وإيران “، وعبر تلك العلاقة تمكنت من استيفاد قوات تركية مزودة بالتسليح ، وعبر شراكتها مع كبار الاقتصاديات من حولها تمكنت من كسر الحصار البري والبحري والجوي وانتهجت بدائل استيراد عديدة خاصة من تركيا وروسيا وإيران إلى حدما.

المشهد الذي عملت فيه قطر كانت تحركاته حثيثة وساخنة وتدرك جيداً ما الذي تقوم به ، حتى تمكنت من التماسك والإصرار على موقفها وخيارها الوحيد الرافض للتركيع ، الذي اقتضى مجابهة إجراءات معسكر الحصار وتحركاتها الدبلوماسية والاقتصادية ولربما العسكرية على حد سواء.

لم يتوقع معسكر الحصار أن يفشل مخططه في إحداث إنقلاب داخل نظام دولة قطر والإيعاز لفرع من فروع أسرة آل ثاني ومساندته في الانقلاب على الأمير الصغير “تميم” والانقضاض على الحكم وبالتالي تغيير النظام كلياً وفق ما يريده معسكر الحصار ويتماشى مع سياساتها ، وهذا المخطط هو ما أشار إليه ضمنياً العطية وزير الدفاع القطري وفي اكثر من مناسبة ، وطالما وأنه قد تم إحباط عملية انقلاب ولم تنجح محاولاتها المتكررة طيلة شهر ، فمن المستحيل انجاز مثل هذه المهمة فيما تبقى من الأزمة ، ومثلما شهدنا جسراً جوياً ربط “أنقرة” بـ “الدوحة” في الموجة الأولى من محاولات عزل قطر وإجراءاتها المتهورة ، فمن المتوقع أن نشهد في الموجة الثانية من التصعيد وتشديد الحصار ضد قطر تحركاً قطرياً ونشاطاً اوسع مع حلفاءها ، وبقدر قساوة التصعيد سنشهد ردة الفعل ، ولربما سنرى طائرات عسكرية تركية أو روسية في الدوحة ، خصوصاً وأن ما تقوم به دول معسكر الحصار ‘السعودية والإمارات والبحرين ومصر” غير منطقي ومتعذر التنفيذ وفق وزراء خارجية العواصم الغربية وجلها.

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

زر الذهاب إلى الأعلى