أخبار وتقاريرالعرض في الرئيسة

المجاعة الجماعية في اليمن: حيث لا يشتري المال الغذاء أو الماء أو الدواء

يمنات – خاص

كتبها: فيلسون

ترجمة عبد الله ناجي – ترجمة خاصة بـ”يمنات”

ترزح اليمن تحت وطأة أسوأ مجاعة وأزمة صحة عامة في العالم، فجميع المساعدات المقدمة إلى صنعاء والشمال عموماً معاقة من الوصول في الوقت الحاضر بعد إغلاق المطار و ميناءها الأقرب في الحديدة.

و جرى إغلاق مطار صنعاء في وجه الجميع باستثناء رحلات الإغاثة منذ أغسطس 2016، و حتى في وجه رحلات الإغاثة ذاتها منذ تجديد الحصار السعودي عقاباً على إطلاق صاروخ من قبل الحوثيين (الأنصار) على الرياض. و إضافة إلى ذلك، قام التحالف السعودي بعد ذلك بضرب برج الملاحة اللاسلكية في مطار صنعاء، و القضاء على إمكانية مرور المعونات، باستثناء الاعتماد الشجاع و الافتراضي على مرأى الطيارين فقط، بما إن المدارج و المحطة ما يزالان سليمان.

و قد تم بصورة احتفالية “إعادة فتح” ميناء الحديدة و هو ميناء البحر الأحمر الذي يعتبر أقرب و أقصر طريق مباشر إلى العاصمة اليمنية صنعاء، و لكن لم تحصل أي سفينة معونة حتى الآن علي إذن بالرسو و تفريغ حمولتها.

و تمثل مجموعات المعونة الدولية، بالنسبة لمعظم الملايين في اليمن، أملها الوحيد في الغذاء و المياه النظيفة و الأدوية و غيرها من الضروريات الحياتية.

لا يهدف الحصار الذي فرضه التحالف السعودي علي ميناء و مطار شمال اليمن إلى منع دخول الأسلحة، كما هو هدفه المعلن؛ لكن من المؤكد إن الثوار المشدودين بقضية الأنصار ليسوا مضطرين لقمع النشاط غير المشروع من خلال نقاط الوصول شديدة المراقبة عندما يكون ألفي ميل من الخط الساحلي.

و على العكس، فان الحصار المفروض على ميناء الحديدة و مطار صنعاء يحرم أكثر مناطق اليمن اكتظاظا بالسكان من الأغذية و المياه و الأدوية و الوقود. و قد وصفت النداءات اليائسة من جميع الجهود الإنسانية – التي تحافظ حاليا على شريان الحياة هذا للملايين – الوضع المنذر بكارثة بعبارات صارخة: المئات من الناس يموتون كل يوم كنتيجة مباشره للحصار.

بالنسبة للكثير من العالم، فان صنعاء هي مرحلة مجردة، نقطة تحول منبوذة لهذه المأساة العالمية القادمة، و سرعان ما أصبحت مرادفاً لمجاعات أليمة مثل دارفور في السودان و المناطق النائية في الصومال. زاوية في العالم الثالث حيث غامر البعض و أزالها من ضميرنا عبر المسافة، و الثقافة، و حتى الزمن أو العصر.

و بالرغم من ذلك، فان صنعاء كانت العاصمة الملكية لألف سنة لـ”العربية السعيدة”، و هو الاسم الذي أطلقه الرومان القدماء على هذه الزاوية الخصبة و المنتجة في الجنوب الغربي من شبه الجزيرة العربية. و تأسست صنعاء- كما تحكي الأسطورة التأسيسية – من قبل ابن نوح، و جعل منها التاريخ البشري اللاحق مركزاً سياسياً و تجارياً لطيفاً و محسناً مرادفا للرفاهية و التطور.

حتى قبل سنوات قليلة عندما بدأت الحرب، كان من الممكن مشاهدة الروائع الأسطورية لـ”العوائل الصنعائية” و محاسنها.

ليس بعد. الحرب هي حقا تسوية للجميع. و ببساطة لا يوجد غذاء أو مياه نظيفة أو أدوية للشراء لأن الشحنات التجارية قد جمدت لأشهر إلى الآن وتم منع تسليم المعونة عن عمد.

أضحى مصير أولئك الذين يعيشون في صنعاء و في مدن الشمال- الأغنياء منهم و الفقراء- مرتبطاً معاً بمحنتهم الشديدة، و القصة المؤرقة لأميرة حميرية قديمة ذات أهمية كبيرة في هذا الموضوع.

كتب الهمداني و هو مؤرخ اليمن في العصور الوسطي عن ديباجة ابنة نوف ذي شقر بن ذي مراثد، التي أحاطت نفسها بالجدران في برجها حتى الموت. تم نقش مرثية على طبق من ذهب تقول: “لقد أمرت عبدي أثناء المجاعة أن يشتري لي بمكيال من اللؤلؤ مكيالاً من الطحين، لكنه لم يستطع”.

إذا كان نعتها يقودنا إلى بعد ميؤوس منه، فمأزقها بات مألوفا جدا في واقع اليمن اليوم: ليس هناك ماء أو طعام أو دواء يمكن الحصول عليه بأي مبلغ من المال.

لقد مات الآلاف و الملايين معرضون للخطر و يجب رفع الحصار فورا؛ و بدون ذلك، يتحتم علي وكالات المعونة والطيارين التحلي بالأخلاق الملحة لتحدي عقوبة الإعدام التي فرضتها السعودية.

هل سيقوم السعوديون بإسقاط طائره معونة بصدق..؟ يحدونا الأمل في أن تظل هذه السيناريوهات القاتمة افتراضية.

 و مع مضى كل يوم، تفوق احتياجات الملايين أكثر بكثير الإملاءات القاسية لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.

المصدر: 

رابط المقال باللغة الإنجليزية انقر هنا

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

 

زر الذهاب إلى الأعلى