العرض في الرئيسةفضاء حر

من نظام العائلة إلى نظام العوائل

يمنات

محمد المحفلي 

كان انضمام علي محسن الأحمر، لشباب الثورة أمام جامعة صنعاء في 2011م هو أهم متغير سلبي في مسيرة ثورة الشباب وما بعدها، فمنذ ذلك التاريخ تحول الأمر من ثورة على النظام الحاكم بكل رموزه وشخصياته، ومن ضمنهم أهم أعمدته علي محسن، إلى صراع داخل النظام نفسه، لقد تحولت الثورة الشبابية النقية إلى جزء من صراع شخصيات داخل النظام تحاول أن تعيد ترتيب مقاعدها على وفق المتغيرات ووفق المصالح التي برز فيها لاعبون من أجيال جديدة. 

لم يكن حينها علي محسن فقط هو من أثقل كاهل تلك الثورة وشوه سمعتها، بل أيضاً انضمام الرموز القبلية التقليدية التي شاركت النظام القديم ودعمته من أجل مصالح ونفوذ شخصي على حساب المصلحة العامة للناس، وعلى حساب التنمية المجتمعية. وما إن أعلن علي محسن حينها انضمامه لتك الثورة حتى تم رفعه بوصفه حامياً للثورة ورمزاً من رموزها، وتم شطبه من كل سجلات الانتهاكات التي شارك فيها النظام السابق على مستوى قمع المعارضين أو على مستوى الفساد المالي والاستحواذ على مقدرات البلاد ومواردها. 

كانت أهم تهمة توجه للنظام السابق هي أنه سعى ويسعى إلى تأسيس نظام عائلي، من خلال وضع مقاليد السلطة بأيدي أبنائه وأقربائه وأصهاره والدائرة الصغيرة المحيطة به، بتجاوز كل معايير الكفاءة والخبرة والمعايير الدستورية والقانونية التي تنظم ذلك. إنتهت الثورة واندثر مشروع الدولة بالحرب التي تعيش الآن عامها الثالث، وتحاول قوى الثورة نفسها وبمشاركة علي محسن العودة إلى السلطة التي اختطفها منهم الحوثيون بقوة السلاح، ولكنهم يمارسون المحاصصة العائلية ذاتها التي ثاروا عليها.

يسأل المواطن البسيط نفسه، كيف يمكن لنظام هو الآن عملياً ما زال خارج السلطة ويقود حرباً ضروساً من أجل استعادة قيادة البلد، وهو يمارس أبشع صور الفساد التي ثار في السابق من أجل إزالتها؟ إذا كانت هذه هي صورة النظام الذي يحاول أن يستعيد الشرعية وهو ما زال خارجها، فكيف سيكون حاله في المستقبل حين يصبح كل شيء بيده؟

علي محسن الأحمر، هو الخطأ القاتل الذي أصاب جسم الثورة الشبابية، فهو لم يخيب آمال كثير من شباب الثورة، بل وآمال الكثير من الجنوبيين الذين تحمسوا مبكراً لهذه الثورة بوصفها خطوة جادة باتجاه إصلاح الخلل الذي أصاب جسم الدولة اليمنية التي حلموا بها ودخلوا في وحدة طوعية في العام 90 من أجل بناء بلد قوي وحديث يحكمه الدستور وسلطة القانون. فانضمام علي محسن حول هذه الثورة إلى خلاف عائلي، بين الإخوة غير الأشقاء بعد أن تنافس الأبناء على تقاسم المحصول. وإعادة علي محسن نائباً للرئيس في هذه الفترة الحرجة هو أهم نقطة ضعف لسلطة الشرعية، فهو ليس شخصية إشكالية وسلبية بالنسبة للكثير من اليميين في الشمال والجنوب فحسب، بل إنه يدير الدولة الآن وبنفس عقلية النظام السابق وباستعمال أسوأ ما فيها من محاصصة عائلية. منها كما يروج تسليم ألوية عسكرية كاملة لأبناء قيادات قبلية لا يتجاوز أعمارهم العشرينات بلا مؤهلات ولا خبرات إلا أنهم أبناء مشائخ وزعماء قبائل، وهي في ألوية عسكرية وبأسماء وهمية لتمارس بذلك أسوأ أشكال الفساد في زمن الحرب.

إذا كان هناك من أمل في تغيير كفة المعادلة فليكن ذلك بتغيير بنية النظام نفسه، واعتماد سلطة القانون ومحاربة الفساد وإلا كيف يمكن أن ينجح بلد ثار من أجل إزاحة السلطة عن نظام العائلة ليسلمها إلى نظام العوائل؟

المصدر: العربي

زر الذهاب إلى الأعلى