العرض في الرئيسةفضاء حر

هادي بين سطور تسوية

يمنات

وجدي الصراري

لا يمكن أن تفضي عودة ( هادي ) أو رحيله عن المشهد السياسي إلى حل حقيقي مهما طال الجدل حول الموضوع أو تفاوتت الآراء فيه بجدواه من عدمه ، فهادي لا يستطيع تحريك حجر على رقعة الشطرنج ( مجازاً ) فما بالنا بتحريك مكون إجتماعي أو قوة عسكرية على الأرض مثلاً .

هادي لا يحمل أكثر من قيمته الورقية و الصورية و لا يساوي شيئاً على الأرض ولكن قيمته الورقية قد تأثر على نفسيات من بذلوا الغالي و الرخيص في خدمة قضية التحرر الوطني وهنا تكمن الإشكالية النفسية لأبعاد القضية .

يمكننا القول : هادي لا يساوي شيئاً ( وبفم ممتلئ ) لآن القيم الواقعية على الأرض و التي تنتج على الجغرافيا حين يسمونها محررة لا تساوي هادي مطلقاً ، و أنما هي قيم مختلفة تماماً ، وما ينتج هو قيم تنتجها سياسات معينة (دولية ، و إقليمية ) تحت أي مسمى كان وسواءاً أكان هادي أو لم يكن قط ، و إشكال اليمن المركب و المعقد يتجاوز الأسماء و القوى السياسية عمقاً نحو مشاكل المجتمع أولاً ، و نحو تركيبة صراع العالم مجمله ثانياً بكل تناقضاته ومصالحه ومشاريعه .

يمكن إختزال مشكلة اليمن موضوعياً بالخبز ، فالخبز مشكلة كل الفقراء و المسحوقين في كل مكان ، وهو بطبيعة الحال مشكلة تعكسها السياسة حين تعبر عن إقتصاد ومصالح فئات إجتماعية مترفة على حساب غيرها و على حساب بؤسهم وشقائهم ، و إشكال اليمن هو إشكال السياسة على صعيديها الداخلي و الخارجي في آن ، أي إشكال تبعية سياسية لأنظمة العالم المتوحش التي تتحكم بالإنتاج و بالسوق وتوزيع البضائع و النقد مكرسة التخلف حالة عامة مختزلة في سياسة النظام و كل تراكيبه الداخلية ، و إشكال سياسة داخلية تفضي لتوزيع الناتج القومي بما لا يتناسب مع مصالح الفئات المعدمة من عامة الناس .

وبهذا يمكن ان نميز أن مشكلة اليمن و اليمنيين ليست ( هادي أو محسن ) و أنما السياسة التي تنتج أمثال ( هادي أو محسن ) ، و تنفي مصالح الفقراء لصالح حفنة أثرياء العالم و مترفيه ، السياسة التي تبلورت في المبادرة الخليجية لتحول كل صراعات الوطن ( إجتماعية و سياسية ) داخل جهاز الدولة لتصل نهايتاً لذلك التراكم الرهيب في الإنفلات الأمني و الفساد الإداري و تدهور مجمل مفاصل الحياة ، و هنا إذا لم تفضي مشاورات الكويت لناتج يغير مجرى السياسة و طريقة إدارة الدولة فيما سبق إزاء المواطنين بهذا الصدد، فهي لا تعد أكثر من مبادرة خليجية جديدة ستزيد تراكم المشاكل الموضوعية للمجتمع ، و في إطار نفس التحليل يبدو أن قوى العدوان الدولية لا تزال غير موحدة حسب مصالحها وطرح الحلول التي تتناسب مع مصالحها الآنية و الإستراتيجية في اللحظة الراهنة ، وهذا يبدو مؤشراً قوياً على إمكانية فشل المفاوضات ، مع عدم رغبتنا بإستباق الأحداث .

كما ويمكننا التسأل عن مصير الجنوب المحتل ؟

و الذي لم يحسم قضيته بشكل يتناسب مع طرحه العالي سقفاً ومزاجاً وعن إمكانية ضياع القضية الجنوبية بين سطور تسوية سياسية جديدة ؟

و إمكانية تغير جغرافيا الحرب بإتجاه الجنوب مرة آخرى ؟

فالمشهد السياسي وملامحه مجتمعه بتناقضاته وتعقيداته تنبئ أن الجنوب لا يزال ينتظر معركة أخيرة وحرباً واحدة كأقل تقدير ليحدد مستقبله وخط سيره ، ومن كل هذا لا يمكن إستباق الأحداث و الايام القادمة حبلى بالمفاجأت .

من حائط الكاتب على الفيسبوك

زر الذهاب إلى الأعلى