العرض في الرئيسةفضاء حر

شبح “رواندا” يخيم على اليمن..!

يمنات

عبد السلام الفقيه

في تسعينيات القرن الماضي كنا نرى في رواندا مثالا للهمجية و صورة مرعبة لحرب الابادة الجماعية و نموذج لأسوأ العصبيات القبلية و المناطقية .. لازلت أتذكر مشهد رأيته في إحدى النشرات الاخبارية قيام بعض المسلحين المنتمين لقبيلة التوتسي برمي احد أفراد قبيلة الهوتو من أعلى أحد الجسور ثم يتبعونه وابلا من الرصاص .. مقابر جماعية وقتل أسر بكل أفرادها .. اختطاف النساء و اغتصابهن .. تعذيب الأسرى قبل قتلهم بأبشع الطرق ثم صلبهم.

لم تشعر بلجيكا بالارتياح و هي الدولة التي استعمرت رواندا عندما رأت ان العلاقة بين قبيلتي الهوتو والتوتسي بدأت تتحسن فسعت إلى تغذية الخلافات القديمة بين القبيلتين و تحريضهما ضد بعضهما و قامت بإلغاء بطاقة الهوية الموحدة و استحدثت بطائق جديدة بحيث تكون لقبيلة الهوتو بطائق مستقلة و مختلفة عن بطائق التوتسي .. رحلت بلجيكا عن رواندا لكن الصراع و الأزمات بين القبيلتين لم تنتهي و ظلت في مد و جزر حتى بداية التسعينيات حيث اندلعت الحرب الأشد بينهما و بلغ عدد القتلى أكثر من مليون شخص خلال مائة يوم فقط.

من خلال المعطيات التي أنتجتها الحرب المستمرة على اليمن بعدوان دولي و اقليمي و اقتتال داخلي فهنالك تشابه بين المراحل التي مرت بها رواندا حتى وصلت إلى حروب الابادة الجماعية و بين الاحداث في اليمن، و اذا مابدأنا بالهوية الشخصية و التعامل المناطقي و القبلي و السلالي سواء في نقاط العبور أو مرافق الدولة فهي متشابهة مع ما حدث في رواندا مع اختلاف ان لدينا متفرعات أكثر, فهناك كان الأمر قبلي فقط (هوتو وتوتسي) لكن لدينا أكثر من مسمى و كلها تصب في مخطط قتل اليمنيين لبعضهم.

بطاقة اليمني أصبحت مشكلة و محل ميلاده أيضا و كل يوم تتعقد هذه المشكلة و تتزايد الأحقاد، و هنا يأتي الدور الإماراتي و السعودي بتغذية هذه الأحقاد و ما يحدث في عدن و مأرب دليل على ذلك .. ترحيل أبناء المحافظات الشمالية من عدن و معاملة المسافرين بطريقة مهينة لأنهم شماليين فقط و إلقاء القبض على المسافرين بعضهم طلاب و البعض الآخر أطباء في مأرب لأن ألقابهم (المتوكل والديلمي) رغم عدم ارتباطهم بالحوثيين.

إقصاء الآخرين من أعمالهم و وظائفهم و التعامل مع الوظيفة العامة بمعايير مناطقية و سلالية و مذهبية سيكون له أثر كبير في تمزيق النسيج الاجتماعي و تغذية النعرات المناطقية و المذهبية، و هذا يجري في صنعاء و عدن وتعز و مأرب .. كذلك استخدام المدارس العامة و المعاهد و الجامعات و المساجد لتنفيذ أجندة تنظيمية و تعبوية لصالح طرف ضد آخر سلاح و وقود لتأجيج الحرب بين اليمنيين.

فشل الحكومات المتعاقبة في تشكيل جيش وطني مؤسسي يضمن سلامة و أمن الوطن ترك المجال خصبا للقوى السياسية و الجماعات الدينية بتشكيل أجنحة مسلحة خاصة، و بعد هيكلة الجيش التي جاءت به المبادرة الخليجية و ضعف الادارة السياسية أصبحت هذه الاجنحة المسلحة هي المسيطرة على القرار السياسي و استفادت من تفكك الجيش بالاستيلاء على مقدراته العسكرية ليبدأ الصراع المسلح بين هذه الأجنحة في مدينة عمران صيف 2014.. لتتصاعد بعدها الأحداث في صنعاء و عدن و تعز و البيضاء حتى وصلنا إلى العدوان السعودي الإماراتي، لتدخل اليمن ولاتزال في فصل جديد و مشهد دامي ممتلئ بالموت و المرض و الفقر.

اليمن أصبحت شمالي وجنوبي (هوتو توتسي) .. أهل مطلع و أهل منزل (هوتو توتسي) .. حوثي و إصلاحي (هوتو توتسي) .. واذا زاد التخندق خلف المذاهب فسيكون لدينا شيعي سني (هوتو توتسي) .. و مالم تتدارك القوى و الفعاليات السياسية اليمنية الأمر و تذهب لطاولة المفاوضات و توقف نزيف الدم اليمني فستكون اليمن أسوأ من رواندا.

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى