العرض في الرئيسةفضاء حر

تغاريد غير مشفرة (155) .. عندما يستولي رجال الأمن على وعي كبار الساسة

يمنات

أحمد سيف حاشد

(1)

كثير من الأخطاء السياسية التي تضاعف ما هو موجود من أخطأ ونتائج ثقيلة، يتم ارتكابها بسبب ما يرد في التقارير الأمنية، المدعومة بسلطة الخوف، والهواجس الأمنية الغير واقعية، وتعمد أصحاب تلك التقارير إلى المبالغة، وفعل كلما يمكن للتزلف والتقرب من رأس السلطة والحصول منه على مزيد من الصلاحيات واطلاق اليد، مستغلة خوفه وتوجساته، ولتبدو أمامه إنها حامي حماه، وتحجب عنه الوجه الآخر المثقل بالخفايا المرعبة، والفساد الكبير..

وتستهدف التقارير الأمنية وأصحابها من يرونه خطرا محتملا عليهم، في كشف فسادهم المريع، وانتهاكاتهم الحقوقية الفظيعة، أو ما يهدد النيل من رموز الأمن، وسمعة شخوصه وهيبتهم المكتسبة بالسطوة، أو يكشف ما يعتور أجهزتهم الأمنية من فشل ذريع، وأفعال وتصرفات تتنافى مع الدستور والقانون واللوائح، بل والحد الأدنى من الأخلاق والأدمية أيضا..

(2)

وبسبب خوف الحاكم وما تزرعه تلك التقارير الأمنية من توجسات وقلق لديه يزداد ويستحكم مع مرور الوقت، حتى يصير أسيرا للمخاوف، ومأسورا لتلك الأجهزة وشخوصها، وتجعل الحاكم يغض النظر عما ترتكبه تلك الشخوص والأجهزة من فساد وانتهاكات تبلغ بعضها حد الرعب والبشاعة..

وهكذا تكون قد أستولت الأجهزة الأمنية وشخوصها على ذهنية الحاكم ووعية حد التملك، ويبلغ شعور الحاكم مداه، وهو يرى أنه مدان لتلك الأجهزة وشخوصها بحياته وأمنه ومستقبله، ويرى أن مستقبل نظامه مرهونا بها..

وبالمقابل فأن الحاكم يرد هذا الدين الذي عليه، ويتجاوز عن فساد وانتهاكات تلك الأجهزة وشخوصها.. فيما تتنامى تلك الانتهاكات وتزداد فضاعه، ويتم ارتكابها بجرأة، ويكبر الفساد ويتغول ويتسلط،، وفي المقابل يتنامى سخط الناس، ويتراكم رفضهم، وتزيد الاحتقانات وتتضاعف، فيما تلك الأجهزة وشخوصها يزيدون في القمع والانتهاكات، ويحاولون تطمين الحاكم وإيهامه إن الأمور تحت السيطرة، وتسير على ما يرام.

ويستمر حال هذا وذاك، وتتأكل شرعية الحاكم، وتجلب عليه نلك الأجهزة وشخوصها، كثيرا من الاحتقان والغضب ويكتمون على الحاكم حقيقة ما يجري في الواقع، ويحولون دون أن يجري أي اصلاحات في تلك الأجهزة يمكنها أن تطال أو يترتب عنها الاطاحة بسلطات الأشخاص القائمين على تلك الأجهزة ومفاصلها..

وفجأة ينفجر الاحتقان والغضب الشعبي في وجه الحاكم وأجهزته ونظامه، ويتهاوى بضخامته، ويكون الوقت قد فات، وتكون الإطاحة به قد صارت قضاء لا يرد..

(3)

الأجهزة الأمنية ببطشها وما تخلفه من رعب ربما تنجح لبعض الوقت في إخماد ما يقلقها أو يقلق النظام، ولكنه في المقابل يخلق تنامي رفض ضد هذا النظام وتأكل شرعيته يوما بعد يوم..

الاقتصار على القمع، وعدم التوجه لإصلاح مكامن العطب والخلل مباشرة، وعدم الوقوف على الأسباب، لا يحل المشكلة، بل ويضاعفها ويزيد في تعقيدها، وإن نجح في تأجيل الحل لبعض الوقت، فيكون انفجارها أكبر وأوسع بعد التأجيل..

عندما يستمر فساد وانتهاكات الحقوق من قبل أجهزة الأمن، ويتم رعاية وتكبير هذا الفساد في حضرة السلطة ودعمها أو حتى تغاضيها، لا يكون القمع حلا، بل يكون إضافة تعقيد جديد إلى المشكلة، ويجعل انفجارها أقوى بعد تأجيل أو ترحيل الحلول لبعض الوقت..

(4)

ميزة أجهزة الأمن إنها تتعامل مباشرة مع المواطنين، ولذلك يكون لسوء تصرفاتها، والتسلط في فسادها، وارتكاب الانتهاكات الحقوقية حيال مواطنيها، تأثير مباشر على وعي المواطنين وجني العواقب ولو بعد حين.

القمع واستخدام السطوة في معالجة القضايا والمشكلات لا ينتزع رضى المواطنين وإنما معالجة القضايا وحل المشكلات هو من ينتزع هذا الرضا وينال الاستحسان..

الرشوة والابتزاز، وتجارة الأراضي والعقارات، والتدخل فيما ليس محل اختصاص، والاستيلاء على صلاحيات السلطات والأجهزة الأخرى، وممارسة النهب، والاستيلاء على أموال الناس بالباطل، والجباية خارج القانون، والاثراء غير المشروع، وسوء استخدام السلطة، والتمييز في المواطنة، وهدم شروط الوظيفة العامة، لصالح فئة معينة من الناس، وحرمان بقية المواطنين منها، وارتكاب الانتهاكات الحقوقية البشعة بحق المواطنين، وقتل بعضهم تحت التعذيب، وعدم محاكمة مرتكبي الانتهاكات البشعة، وتخلي الأجهزة الأمنية عن حماية المجتمع فيما يخص القضايا الملحة المتعلقة بمعيشته، وحماية وتسهيل التهريب والتهرب الضريبي والجمركي، والتجارة بالسموم والملوثات، والمبيدات المحظورة والمهربة، والعمل لصالح أباطرة الفساد، وهوامير تجار النفط والقطاع الخاص..

كل هذا هو ما نعيشه اليوم، ولا نجد من يتصدى له بجدية ومصداقية، وهو ما يؤدي إلى تأكل وفقدان الشرعية المدعاة ـ أي كانت ـ وتنامي السخط والاحتجاج الشعبي والاحتقانات التي حالما تجد لحظتها، تنفجر في وجه الحاكم ونظامه، أو تهب بغته بعد تراكم، عاصفة تقتلع الحاكم وأجهزته ونظامه الفاقد للشرعية، بعد أن ظن إن الشعب طوع بنانه، أو أنه صار بمنأى عن المساءلة والنيل منه..

#اوقفوا_الحرب
#stop_war_on_Yemen

من حائط الكاتب على الفيسبوك

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.

زر الذهاب إلى الأعلى