العرض في الرئيسةفضاء حر

من أرشيف الذاكرة .. النهوض مجددا والنشاط المضاعف

يمنات

أحمد سيف حاشد

– كان السقوط مدويا، و كان الذئب أرفق على يوسف من أخوته .. كان صوتي داميا و مثخنا بالجراح .. صلبوا صوتي الموحش بالوحدة، و علقوه على مأذنة .. و لكن الحياة لا تتوقف لأحد، و البكاء على اللبن المسكوب لا يفيد، و الزمن كفيل بالنسيان..

– يجب أن ألملم أشلائي المبعثرة، و أتجاوز ما ألم بي من مصاب .. فخيبتي مهما كبرت، و إخفاقي مهما أشتد، فالأهم هو التعافي من المصاب، و أن لا أفقد الأمل، و لا يتلاشى الحماس، فالأقوياء هم الذين يتعافون من صدماتهم، و الفشل كما قالوا “ليس أن تسقط، و لكن أن لا تستطيع النهوض مجددا”، و طالما لا زلت أحاول، فأنا لازلت بمنأى عن الفشل، و عصيا عليه، أو كما قال جورج برنادشوا “أنت لا تفشل أبدا إلى أن تتوقف عن المحاولة”.

– القادم حافل بالفرص، و الانتصارات ممكنة، و ما يتوجب أن افعله هو أن أمضي نحو المستقبل بإصرار أكثر مما مضى، و لا بد من أن أشد حيلي، و أحشد إرادتي لأنتصر، فأجمل الأيام كما قال الشاعر ناظم حكمت هي تلك التي لم تأت بعد .. من يدري! ربما الانتصارات التي تنتظرني هي من الكثرة لا عد لها ولا حصر .. هكذا فكرت و أنا أتعافي و أتخطى أول نكسة في مجلس النواب، و أتجاوز أكبر هزيمة أتلقاها في إحدى لجانه، و هي لجنة الحريات وحقوق الإنسان ..

– يجب أن أثبت لنفسي و للناس استحقاقي لما هو أكبر من هزيمتي، أو مما هُزمتُ لأجله، و التأكيد أنني أستطيع أن أكون الأكثر جداره و إخلاصا لقضايا الحقوق و الحريات، بعيدا عن المسميات و المناصب .. أستطيع أن أكون فاعلا أينما كنت .. أستطيع أن أكون كثيرا بنفسي مهما كنت وحيدا .. و من يصنع نفسه كما يقول أحد الإخصائيين النفسانيين يجد نفسه و يجد الآخرين .. أستطيع أن أكون أكثر من الرئيس و المقرر و أعضاء لجنة الحريات و الحقوق مجتمعين .. هكذا فكرت وحشدت لأجل ذلك كل عزيمة و إرادة امتلكها..

– جاء في المثل “الجرس المكسور لا يصدر رنينا”، و أنا لن أكون الجرس المكسور .. يجب أن اتجاوز خجلي و رهابي قدر الاستطاعة .. يجب أن أعوّض عيوبي بإحراز نجاحا مضاعفا .. الانتصارات مهما كانت صغيرة ستاتي أكلها الكبيرة مع الصبر .. الحمقى هم الذين يستعجلون النتائج الكبيرة، و الضربات الصغيرة و المتكررة كما قال بنجامين فرانكلين تسقط السنديانة الكبيرة .. يجب أن أخرج من خجلي و رهابي، و أطلق صيحاتي المتكررة التي يحتاجها الناس .. يجب أن أحدث ما أستطيع من الضجيج، لأسلط الضوء على كثير مما أتبناه من القضايا المسكوت عنها، أو المحاصرة بالكتمان، أو المنسية و البعيدة عن الواجهة، أو تلك التي تحتاج إلى الاهتمام..

– يجب أن امتلك الجُرأة و الشجاعة لانتزاع ما استطيع من حقوقي، و انتزاع حقوق الآخرين من الاغتصاب، و قطعا لن يكون الصمت هو السبيل إلى ذلك، و في هذا الصدد أطربني ذلك الذي قال: “لقد تعلمت باكرا إن الحق لا يُعطى لمن يسكت عنه، و أن على المرء أن يحدث بعض الضجيج حتى يحصل على ما يريد”.

– أردت أن أسجل حضور أوسع مما هم عليه النواب الآخرين .. كنت أحضر جلسات المجلس، أو ما تيسر من وقتها، و أحضر فعاليات و ندوات و ورش عمل متنوعة، و اتابع مشاريع دائرتي الانتخابية، و أداوم عصرا و ليلا في جمعية التعاون الخيرية لمديرية القبيطة، التي كنت أشغل أمينا عاما لها، و أتولّى رئاسة تحرير نشرتها “القبيطة”، و أحرر بعض موادها، و أقوم بزيارات ميدانية حقوقية إلى بعض السجون و المعتقلات، و مراكز التوقيف و الاحتجاز، و أحاول اقتحام الممنوع، و أغامر أحيانا إن لزم الأمر، بعيدا عن فخامة الهيبة و الوقار التي يحرص أن يظهر فيها كثير من زملائي النواب.

– كنت أدون ملاحظاتي و مشاهداتي اليومية، و اهتم بها، و أحرر ما يقوله المظلومين، و المنتهكة حقوقهم، و حرياتهم، و أنشرها للرأي العام ما أمكن، و أتحمل مسؤولية ما أنشره ..

– كنت ألتقي ببسطاء الناس و المهمشين و البؤساء و المعذبين، بل و حتى المجانين .. أجرى حوارات و لقاءات و وقفات معهم .. ألتقي بمن أثقلتهم الحياة بالمعاناة، و من سحقهم الواقع و شردهم الحال .. ألتقي أينما كنت بالضحايا و المثقلين بالأحزان و المآسي..

– كنت ألتقي بالمتسولين و المتشردين و المتعبين المكدودين .. أكتب معاناتهم بإحساس و كثافة .. بضمير حي، و وجدان متأجج .. ثم أنشرها للرأي العام عبر صحيفة “المستقلة” و قبلها نشرة “القبيطة” و أذكر أن صحف الشورى و الثوري و الناس كانت تنشر لي ما أرسله إليها من مقالات و تقارير عن بعض المشاهدات و ما أجده من انتهاكات خلال زياراتي الحقوقية .. و إجمالا كنت أسجل حضورا جيدا أو راضيا عنه في الفضاء العام..

– كنت أزور مع أعضاء لجنة الحريات و حقوق الإنسان بعض المحافظات، و معي مذكرتي و القلم، أدون ما استطعت من المشاهدات و التفاصيل، و ما أمكن مما تراه العين و يلتقطه السمع و تحفظه الذاكرة..

– كنت أتمرد على اللجنة في بعض زيارتها، و أطلب من الجهات أكثر مما تطلبه اللجنة، و أقتحم بعض ما هو في حكم المحظور، و أشرد عن اللجنة أحيانا، و أنهمك في البحث عن المعلومة، و أختط أحيانا طريقا مغايرا للحصول عليها دون اللجنة، ثم أنشر ما وجدته و عرفته للرأي العام بصدق و دون إبطاء أو تأخير..

– كانت تقارير لجنة الحريات في جلها تأخذ شهورا عند إعدادها و مناقشتها و رفعها، و كانت تلك التقارير، لا تتجاوز محددات الخطوط الحمراء، و لا تتناول المواضيع الحساسة أو غير المسموح بتداولها أو تناولها، و حتى ما هو ممكن تناوله كان يُجهض أغلبه في معظم الأحيان.

– كانت بعض تلك التقارير تظل شهورا طويلة، و أحيانا سنوات في أدراج هيئة رئاسة مجلس النواب، و على نحو مقصود و متعمد منها .. و من أمثلة تلك التقارير، على سبيل المثال لا الحصر، تلك المتعلقة بالزواج السياحي، و تهريب الأطفال إلى دول الجوار “المملكة”، و الاتجار الجنسي بهم، رغم أن تلك التقارير لم تكن تحتوي إلا على عُشر الحقيقة، فيما تسعة أعشارها يُجهض أو يُحجب أو لا يصل من المصدر إلى اللجنة..

– كانت لجنة الحريات و حقوق الإنسان في أول عهدها، و أوج نشاطها، متواضعة جدا من حيث مخرجاتها، و كانت تقاريرها في معظم الأحيان تمر بمخاض و ولادة متعسرة قبل أن ترى النور .. و على تواضعها كانت تعاني تقاريرها بعد رفعها من اللجنة إلى هيئة رئاسة مجلس النواب، من المطل و التأخير و الإعاقة قبل الجدولة في أعمال المجلس، ثم يتم ترحيلها مرات عديدة بعد الجدولة، و من دورة إلى أخرى، و لا تنزل إلى قاعة البرلمان إلا بعد ضنك و مشقة و انتظار طويل.

– كانت تلك التقارير تفقد بالمطل و الإعاقة و التأخير كثيرا من حيوتها و أهميتها، إلى درجة كان يتبدل الواقع التي تحكيه تلك التقارير، و بالتالي تصير عديمة الجدوى و الفائدة، حتى في حدودها الدنيا، و يكون الواقع قد تجاوزها كثيرا بما أستجد، و بالتالي تحتاج لزيارات و تقارير جديدة، بعد أن تقادمت التقارير السابقة أو يبست و فقدت صلاحياتها .. و إذا ما ذيلت تلك التقارير ببعض التوصيات المتواضعة، فإنه لا تتم الرقابة و المتابعة على تنفيذها من قبل اللجنة.

– كان الهاجس الأمني عند جل أعضاء اللجنة مرتفع و معيق لمهام اللجنة، و كانت سكرتارية اللجنة محكومة أيضا بهذا الهاجس، و كان الأداء معاقا أو كسيحا، و مخرجات اللجنة كانت بائسة أو متواضعة جدا؛ و ذلك بسبب السلطات الواسعة للأجهزة الأمنية و قبضتها الحديدية، و الهاجس الأمني المستولي على وعي معظم أعضاء اللجنة، و كان الدور الرقابي للجنة و للمجلس عموما قليل الأثر، و هذا القليل أيضا محدود و مشوّه للغاية، إن لم يكن منعدم، بل أن بعض السنوات مرُت دون أن تعقد اللجنة اجتماعا واحدا لها، فضلا عن انقطاع تقاريرها خلال تلك الفترة التي لا تجتمع فيها .. أما اليوم و في عهد أنصار الله بصنعاء فقد تمت الاطاحة بكل شيء، و قد تحللت اللجنة و ماتت تماما..

– كانت هيئة رئاسة مجلس النواب في جلها لا تعي أهمية و خطورة و أولوية قضايا الحقوق و الحريات، بل كانت تقف ضدها، و في الغير معلن تنحاز و تصطف إلى جانب أجهزة الأمن و ممثلوها، و في المعلن تداهن ممثلي الأجهزة الأمنية إذا ما تم سؤالهم أو استجوابهم في المجلس، و تسمح لهم بالإفلات بسهولة من أي سؤال أو استجواب..

– و لطالما دأبت هيئة رئاسة المجلس، في إحباط أي مساءلة أو محاولة جادة و صادقة و شفافة للرقابة الفاعلة على ممارسات الأجهزة الأمنية و المسؤولين عنها، و تحامي بهذه الدرجة أو تلك عنها، و تفشل في المحصل العام من تحقيق أي نتائج إيجابية، أو تكون النتيجة ما ينطبق عليه المثل “و كأنك يا أبو زيد ما غزيت”، و كل شيء تقريبا ينتهي إلى لا شيء..

– و تتذرع هيئة الرئاسة بذرائع شتى، بعضها معلن، و بعضها غير معلن، و منها على سبيل المثال لا الحصر، عدم الإساءة للأجهزة الأمنية و المسؤولين عليها، الذين يخرجوا بفضلها عقب كل سؤال أو استجواب كالطواويس منفوشين الريش و مكللين بالانتصار، انتصارات تتم و بأقل كلفة .. و أحيانا تتذرع بما قد يصيب الشعب من عارا و شنار و إساءة.. لازلت أذكر زيارة نائب رئيس المجلس يحيي الراعي لمقر اللجنة و الالتقاء بنا و حثنا على الإحجام عن تناول و ذكر كثير من المعلومات و التفاصيل التي زعم أنها مسيئة لشعبنا، مثل تلك المتعلقة بالزواج السياحي، و تهريب الاطفال و الاتجار الجنسي بهم..

– أما أنا فكنت أمارس ما يشبه الرقابة على رقابة لجنة الحريات و حقوق الإنسان و هيئة الرئاسة و المجلس إجمالا، فضلا عن كشف انتهاكات الأجهزة الأمنية نفسها، و انتهاكات المشايخ، و أفضح كثير من تواطؤ اللجنة أو المجلس و هيئة رئاسته حيالها، و حيال قضايا التعذيب و الرهائن و السجون الخاصة و غيرها..

– كنت أنشر مشاهداتي، و ما أحصل عليه أولا بأول، و أكشف أوجه القصور و الاختلالات في الأداء، و أعلق و أضيف على ما يرد في التقارير، و أنشر تقارير خاصة بي من واقع زياراتي، و أنشر ما لم تتناوله اللجنة في تقاريرها، و أذكر أنني نشرت في صحيفتي الشورى و الناس بعض التقارير الخاصة من واقع نزولي الميداني، و أنشرها أحيانا في سياق و تناول اعلامي، و أعلن فيها مواقفي منها، و آرائي حيالها، و بُجرأة .. و جدير بالإشارة هنا أن مقتل صهري عادل صالح يحيي و هو أيضا سائقي و مرافقي، كانت في هذه الظروف، في العام 2004

– سأستعرض لكثير من ذلك في مواضع و تفاصيل شتى قادمة، و لكن لا بأس هنا أن أورد و استعرض بعض النماذج مما تناولته أو نشرته في إطار نشاطي الحقوقي، و بعض اللقاءات ذات الطابع الحقوقي و الإنساني خلال شهري مايو و يونيو في العام 2004

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

في سجن جعار .. رهائن في السجن من ثلاث سنين .. و القاتل طليق

– المرء يقتل واجهزة الأمن تعجز عن إلقاء القبض على القاتل ومتابعته فتلجأ تلك الاجهزة وعبر بعض جنودها وضباطها إلى السهل، فيلقون القبض على أخيه وأبنه وتمر السنين والحال هو الحال، وخروج الرهينتين من السجن يبدو في حكم المحال..

– ففي سجن جعار بمحافظة أبين افاد الرهينتان أنهما محبوسان من ثلاث سنوات وافدتنا معلومية السجن وبياناته أن الذي أمر بحبسهما مدير أمن المحافظة … وأن القاتل لازال هارباً .. وافاد الرهينتان ان المتهم فار من وجهة العدالة، وان النيابة قد قدمته في صحيفة إتهام والمحكمة اصدرت حكمها وقالت كلمتها.. وناولونا صورة من الحكم وقرار الاتهام ووثائق أخرى..

– أفادنا القائم على الأمن في المحافظة، أن القاتل لازال فاراً من وجهة العدالة وخروج ابنة أو أخية من السجن يعرض حياتهما للخطر والثأر..

– هكذا يبدو أن الامان قبل الإيمان وأن الأمان حريص من رأسه إلى اخمص قدمية في الحفاظ على أرواح الأبرياء, وان استبقاء الرهائن في السجن يجلب لهم الدعة والسكينة والطمأنينة والحفاظ على اروحهما أن تطالهما يد الانتقام..

 ،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،

ركل وضرب في البحث

– جاء في تقرير لجنة الحريات وحقوق الإنسان لمجلس النواب ما نصه (شكوى شخصين محتجزين في إدارة البحث الجنائي بالحديدة من إنهما تعرضا لضرب وسوء المعاملة أثناء استجوبهما في إدارة البحث وقد لاحظت اللجنة وجود أثار ضرب على جسديهما)

– هكذا اختزلت اللجنة جريمة انتهاك صارخة في سطرين اثنين ولا زيادة .. غير أن الأسوأ أن يمضي قرابة العام ولم تحرك جهة ساكنا لمعاقبة المنتهكين والقائمين على إدارة البحث المعنين.. والأكثر حزنا أن اللجنة لم توص بالتحقيق بالموضوع ولم توص باتخاذ إي اجراء من إي نوع كان صد المنتهكين

،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،

تمييز .. وسجن غير قانوني

– في السجن المركزي في تعز والسجن المركزي بالحديدة وأماكن اخرى بالوطن نساء أخطئن كما يخطئ الرجال.. غير أن الرجال يخرجون بعد انتهاء فترة السجن المحكومة بها عليهم بينما النساء لا يطلق سرحهن، ولا يسمع لهم أن يبرحن السجن خصوصاً أن كن مما ليس لديهن أهل، أو رفض أهلهن استلامهن، او رفضن هن الكشف عن اهلهن.

ولذلك لا خلاص ولا مهرب لهن من السجن حتى يأتوا رجال خير يتزوجوهن، أو تبني الدولة لهن دور إيواء بعد أن يكن قد شبعن من السجن موتا ونعمن بالسكينة ..

وبالمناسبة وللعلم أن بعض تلك النساء لم يرتكبن جرائم عار أو مخله بالحياء او بالآداب العامة.

،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،

نساء خلف القضان

– في قسم النساء بسجن المنصورة وجدنا نساء ممن جار عليهن الدهر في أوطانهن ولذن مع أزواجهن أو اقاربهن لليمن ليستقر بهن الحال في سجن المنصورة…

– شهدنا نساء حاملات ونساء مرضعات .. وشدت نظرنا فتاة في مقتبل العمر لم تكترث بنا وربما خجلت من عرض محنتها علينا، ولاحظنا نساء يحثثنها على أن تقول لنا شيئاً ولم تبح لنا بشيء … كان صمتها أبلغ من خطاب .. أدركنا فحواه ومعناه ..

– لقد حكم عليهم القاضي وله سند من الشرع والقانون بالرجم حتى الموت , ولا زالت تنتظر بعد فترة سجن قاربت السنة والشهرين .. بدت لنا غير عابئة بالحياة وربما صار الموت لها طوق نجاة مما هي فيه .. فما جرى لها ربما صار أكثر مما تنتظر .. وشعرت بغصة تجز حنجرتي وتقول: (من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر ) وتسأل الضمير : وهل من البشر من ليس له خطيئة..؟!

– وفي سجن النساء وجدنا أيضاً نساء يشكين من التأخير في البت في قضاياهن , ويطلبنا سرعة اصدار الأحكام وتنفيذ الجلد..

– وهكذا دخلنا السجن وخرجنا منه والحزن والألم يعصرنا وما قلناه عن الناس في السجن قليلاً لا يذكر من كثير لا يوصف , ولم يسمح لنا الوقت أن نمر على كل آه تبلع سكينة وغصة تخنق فيل , وعصارة الم تحرق الأحلام والآمال..

،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،

جوع ودموع

نور الدين موسى واحد من قوام (46) شخصا ضاقوا من وطنهم وضاق وطنهم بهم.. غامروا وركبوا البحر وبدت لهم اليمن طوق نجاة وبوابة فرح ينطلقون منها الى ارض الله الفسيحة الواسعة.. ارادوا السعودية معتقدين ان الغربة في بلاد النفط تحقق لهم بعض آمال واحلام كثيرا ما يفكروا بتحقيقها ولكن ضاقت عليهم الدنيا بما رحبت ووجدوا انفسهم واحلامهم حطاما وشظايا في عنابر سجن المنصورة ، وصار الحلم والعودة للوطن بعيد المنال.

نور الدين موسى يحكي لنا بعض محنته بكلمات صعبة وطافحة بمرارة لا تطاق .. كل كلمة قالها تحمل حكايات حزينة وجراح غائرة ومأساة تتسع لأكثر من وطن .. حيث يقول:

اربعة شهر سجن .. حكم ما في .. قضية مافي .. ما قتلنا .. ما سرقنا .. ماجت هنا شغل .. ما نشتي هنا .. نشتي سعودية .. في مشكلة هنا .. في زوجه في سجن نساء حامل .. دم .. مستفشى مافي .. فحص مافي .. زوجة حامل في سجن نساء .. صابون مافي .. ملابس ما عندنا .. زيارات مافي .. اكل ما نقدر.

ويضيف شخص اخر اسمه عبد حسن يبدو من كلامه انه صومالي بالقول:

اكل قليل رز صغيرة ثلاثة ملاعق .. اكل لو يزيد للصومال قليل ..

ويتدخل سالم احمد سالم احد نزلاء السجن ليعينهما على التعبير فيقول : الرز حق الثلاثة نفر لا يكفي نفر .. والدجاجة الف ومائة جرام لاثني عشر نفرا .. ويستدرك. الف جرام – نحن زودناها مائة جرام من عندنا على شأن الخبرة ما يزعلوش .

،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،

زحمة يارب زحمة .. لماذا..؟!

– أشار تقرير لجنة الحريات العامة وحقوق الأنسان المقدم لمجلس النواب أن الطاقة الاستيعابية لسجن المركزي في تعز خمسمائة شخص بينما السجناء الموجودين فيه ألف ومائتين وستة وعشرين شخص وكذا الحال بالنسبة للسجن المركزي في الحديدة حيث تبلغ طاقة السجن الاستيعابية اربعمائة شخص غير أن السجناء الموجودين فيه قد بلغ ثمانمائة وستون شخصاً.

– والأسئلة التي تتبادر للذهن .. لماذا التقصير في متابعة تنفيذ الأحكام بمجرد انتهاء فترات الحبس المحكومة بها عليهم بل لماذا لا تفعل المادة (506) من القرار الجمهوري بالقانون رقم (13) لسنة 1994 والتي تنص .. (يجوز الافراج على المحكوم عليه بعقوبة سالبه للحرية إفراجاً مشروطاً بعد مضي ثلاثة ارباع المدة المحكوم بها إذا تبث أن سلوكه خلال المدة التي قضاها بالمنشأة يدعو إلى الثقة في تقويم نفسه) .

– لماذا لا يتم اتخاذ الإجراءات الكفيلة بسرعة ترحيل الداخلين أراضي الجمهورية بطريقة غير مشروعة، والذين يتم حجزهم والتحفظ عليهم بتلك السجون شهوراً طويلة .

– لماذا لا يتم اعمال نص المادة (10) من القرار بالقانون رقم (48) لسنة 1991 بشأن تنظيم السجون والتي تنص : لا يقبل بالسجن الا الشخص المحكوم عليهم بعقوبة السجن بموجب أحكام قضائية نافدة باستثناء المتهمين ذات الخطورة الاجتماعية البالغة الصادرة بحقهم اوامر بالحبس الاحتياطي من النيابة العامة أثناء مرحلة التحقيق أو من المحكمة المختصة أثناء فترة المحاكمة .. لماذا.. ولماذا ولماذا..

،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،

عدالة مهترئة .. مشاهدات وشكاوي من خلف القضبان

– عبد القوي عبدالرحمن العزاني وعصام السريحي شكوا للجنة حقوق الانسان في مجلس النواب. اثناء زيارتها للحديدة في إطار مهمة عملها ، أنهما مسجونان في البحث منذ أسبوع وقد تعرضا للركل واللكم والضرب المبرح بالعصى من قبل بعض ضباط المباحث في البحث الجنائي في الحديدة حتى تم إكراههما وإجبارهما على الإدلاء باعترافات غير صحيحة وغير مطابقة للواقع.

و قد عاينت اللجنة أجساد المذكورين ووجدت آثار العصي على ظهر ومؤخرة عبدالقوي عبدالرحمن العزاني وبعض الجروح والسحجات والكدمات في وجهه ويده وقدميه، كما وجدت بعض الآثار المماثلة في جسد محمد السريحي وقد أثبتت ذلك في محضر، وقد أوردت اللجنة في تقريرها المقدم لمجلس النواب في تاريخ 7/3/2004م ما نصه: ( شكوى شخصين محتجزين في إدارة البحث الجنائي بالحديدة من أنهما تعرضا للضرب وسوء المعاملة أثناء استجوابهما في إدارة البحث وقد لاحظت اللجنة وجود أثار ضرب على جسميهما)

– صفاء احمد محمد عبدالله في السجن المركزي بالحديدة حكم عليها بالاكتفاء بالمدة التي قضتها بالسجن غير انه لم يفرج عنها، والمبرر عدم وجود ولي أمر يستلمها

– وشكى على احمد هادي العذري في السجن المركزي في الحديدة أنه صدر عليه حكم من المحكمة الابتدائية في تاريخ 11/5/2002م بالاكتفاء بالمدة التي قضاها في السجن وكذا حكم المحكمة الاستئنافية في تاريخ 4/8/2003م والذي قضى بتأييد الحكم الابتدائي ، غير ان الحكمين لم يتم تنفيذهما ، والملف لم يتم إعادته للنيابة المختصة رسميا.

وعندما طلبنا الاستيضاح من رئيس نيابة الحديدة عن هذا الامر افاد بان سبب عدم تنفيذ الحكم الاستئنافي يرجع الى التأخير في كتابة الحكم.. وأضاف ان بعض الاحكام تبقى أربعين يوما في المحكمة بعد صدورها بسبب تأخر كتابة الاحكام.

– فاطمة صالح احمد اسماعيل في السجن المركزي في الحدية شكت بان الحكم الابتدائي قضى بحبسها سبع سنوات، والحكم الاستئنافي قضى بحبسها سنة واحدة فقط، والنيابة طعنت بالنقص بحكم المحكمة الاستئنافية.

وأضافت : ان سبب بقاءها بالسجن منذ ثلاث سنوات وحتى الان يرجع الى استئناف النيابة التي رفضت تنفيذ حكم المحكمة الاستئنافية.

،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،

سجين ينتظر رصاصة الرحمة بعد 22 سنة سجن

– ورد في تقرير لجنة الحريات العامة وحقوق الإنسان المقدم لمجلس النواب ما نصه: (السجين عبد الرقيب صالح عثمان الاثوري له اثنين وعشرين سنة في السجن المركزي في تعز على ذمة قضية قتل حيث صدر حكم ابتدائي ضده بتاريخ 13/1/1987م بالقصاص الشرعي وتم تأييده من قبل محكمة الاستئناف بتاريخ 17/10/1987م مع وقف التنفيذ حتى يبلغ القصار سن الرشد وقد افاد وكيل النيابة ومدير السجن بان ملف قضة المذكور مفقود).

– تعليقنا ان الرجل امامه ثلاث احتمالات :

الاول أن لا يعثر على الملف ويضل بالسجن إلا أن يرحمه الله.

الثاني ان يعثر على الملف ولكن لن ينتظر عمر الرجل إلا أن تنتهي القضية بحكم بات لعلمنا إن إجراءات المحاكمة في بلادنا أبطئ من سلحفاة .

والثالث أن يعدم بعد أن يقضي بالسجن ما يقل عن 45 سنة وهو سجن مؤبد في العديد من الانظمة القانونية ويكون قد جمع عليه فعلياً توقيع عقوبتين المؤبد والإعدام

،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،

تصنيف وفصل السجناء

يشير القانون النافذ في بلادنا بتخصيص مكان في السجن يسمى مركز الاستقبال تكون مهمته مقابلة السجناء عند دخولهم السجن ويتولى تصنيفهم وعزل السجناء الذين يدخلون لأول مره السجن عن ذوي السوابق, وعزل السجناء مرتبين الجرائم ذات الخطورة الاجتماعية البالغة عن غيرهم , وعزل السجناء الاجانب عن السجناء اليمنيين .

ومن خلال نزولنا للسجون ولأكثر من محافظة وجدنا أن هذا النص لا يطبق في بلادنا.

،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،

مشتبه في الزنزانة

في البحث الجنائي في عدن رجل في العشرين من عمره يتم حبسه مدة اسبوع في قسم النساء الممنوع من الزيارة في قسم شرطة كريتر دون ذنب اقترفه أو تهمه وجهة إليه غير الاشتباه فيه لعدم وجود وثائق هويته … وافاد أن جوازة محجوز في أحد الفنادق على ذمة ستة عشر ألف ريال …

وأضاف انه رحل من شرطة كريتر إلا البحث الجنائي للاشتباه بعد اسبوع من حبسه دون سؤال..

وعندما سألنا احد القائمين على البحث عن سبب حبس المذكور وعما إذا كان يوجد أمر قضائي بتوقيفه أو حبسه أو اقترف جرماً أو جريرة؟

افاد أنه موقف لاشتباه بسبب عدم وجود وثقيه لديه تفصح عن هويته..

فهل كل مشتبه سيتم إيداعه حجز النساء في شرطة كريتر أو زنزانة البحث الجنائي حتى يثبت براءته بالدليل .

،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،

محرمون من حق الاستئناف

– تفيض الروح وتلقي باريها اقرب لسجن من أن يطول نسخة حكم رغم أن ذلك حق كفله القانون , والسبب مرده أن القائمين على القانون .

– لقد شكى لنا عدد من النزلاء المحكوم عليهم في سجن المنصورة أنهم لا يستطيعون استئناف الأحكام التي تصدر بحقهم أو ضدهم بسبب عدم تمكينهم أو إعطائهم نسخ من الأحكام الصادرة ضدهم ..

– قال لنا احدهم أطالب بنسخة من الحكم من أجل الاستئناف ما حد أعطاني مافيش معي حق القات … ويقول اخر محكوم عليه بست سنوات سجن : لي سنة أطالب بصورة من الحكم لكي أستأنف مافيش فائدة .. وأشار أحد نزلاء السجن الى عدم قدرة المساجين استئناف الأحكام الصادرة ضدهم بسبب عدم إعطائهم صورة من الأحكام وأن بعض القضاة لم يحددوا في منطوق أحكامهم المبالغ المحكوم بها عليهم وهو ما يؤخر تنفيذ الأحكام ويكون ذلك غالباً على حساب المحكوم ضدهم .

،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،

مقال ساخر ردا على ردة فعل ما نشرناه .. تم نشره في صحيفة “الناس” بعنوان:

إن أخطأنا فالمسامح كريم

– نشرنا في أكثر من مناسبة غيض من فيض وقليل من كثير عن أوضاع السجون وأحوال السجناء والموقوفين ، ولم يشفع لنا ما بذلناه من حيطة وحذر لاتقاء مضض وامتعاض البعض ممن لا زالوا يعيشون عقلية السبعينات والثمانينات رغم ان بعضهم ما زال طري مولد وحديث عهد..

– ووجدنا كثير من العتب واللوم دون ان يكلف العاتبون انفسهم مشقة البحث لبرهة زمن في صحة ما قلناه او أثرناه من انتهاكات تدمي القلب وتفقئ العين.

– ويحز في النفس اكثر ان نجد بعضا ممن يفترض ان يذودون عن الحقوق والحريات لا زالوا عديمي القدرة على استيعابها او التعاطي معها بروح مسؤولة وشفافة، ولا زال البعض ينظر لنا بمنظار الذي يخترق الحجب وجدران الاسمنت ويهدد الامن وينسف الثوابت ويعبث بالمألوف لهذه الامة التي اصطفيت لتكون المثل والقدوة لأمم المشارق والغارب..

– وذهب أخرون الى وصف ما نشرناه بالعيث فسادا بالحقوق والحريات التي يرفل بها السجناء والموقفين في سجون النعيم ومراكز الحجز المشبع فضاءاتها بالحقوق والحريات..

– كل ذلك وغيره مما لا يتسع المقام هنا لذكره حملنا على طلب الصفح والغفران ممن طالهم (هرانا) ونعد بعدم المساس مستقبلا بجلال المسؤولية وهيبة المسؤولين، بل وهيبة أبنائهم أيضاً.. فالرجوع الى الحق خير من التمادي في الباطل والذي سنقوله يأتي في هذا الإطار وان بلعنا من غصصه حراب وسكاكين.

– فالإقامة في مركز الاحتجاز في شرطة البساتين فيه من الرخاء والنعيم ما لا يوجد في فندق الخمسة نجوم.. وما ينقصه إن كان يوجد ثمة نقصان غير الترويج السياحي بالدعاية والإعلان عبر وسائل الإعلام المختلفة.. ومساهمة منا في هذا الترويج نقول:

الماء سلسبيل ، والأكل فاخر، والخدمة ممتازة، والإقامة مجانية، والحجز مقدماً ، والعرض محدود؛ فسارعوا بالحجز حتى لا تفوتكم الفرصة والمتعة.. فما تحلمون به من عدل ورخاء صار في شرطة البساتين حقيقة تلمس في الواقع وتبصر في الأين إلا من عماه ربي .. كلما تتمنوه تجدوه .. كل شيء هناك رهن إشارتكم حتى وان كان المستحيل .

أما ما ذكرناه بصدد الرهائن المسجونين في سجن جعار منذ ثلاث سنوات وهم : محمد قاسم على حزام ومحمد منصور قاسم فنقول: لقد التبس علينا الأمر، فهم ليسوا رهائن ولكنهما مسجونين لثلاث سنوات على ذمة قضية أرتكبها غيرهم .. سبحان الله ونعم التصحيح.. وشر البلية ما يضحك.

– أما بصدد ما ذكرناه عن الجوع والدموع.. وما نسبناه للصومال والأحباش والأقباط والأكراد وغيرهم من الأقليات التي نزلوا ضيوفاً في سجن المنصورة فنقول بعد التصحيح : انهم في عيش هانٍ وحياة وثيره ورغدة وسفرات عامرة لا تشبهها غير سفرات وموائد بلاط الخليفة العباسي هارون الرشيد.. وأعربوا بصوت جهوري وكلام عربي فصيح عن رغبتهم التي لا حدود لها أن لا يبارحوا السجن شبراً واحداً..

وحملوني الامانة ان لا أنسى نقل زجي شكرهم للجنة حقوق الانسان في مجلس النواب التي كانت قد أشادت بمستوى الغذاء في السجون الغني بالمعادن والفيتامينات.. وأبلغوني استيائهم من (المعارضين الدخلاء) في اللجنة الذين أعترضوا على تلك الإشادة وأخرجوا الفقرة المذكورة من متن التقرير الذي قدم بعد التعديل لمجلس النواب..

و في هذا المقام لا يسعنا إلا ان نشكر حكومتنا الرشيدة على الاعتماد الإضافي الذي اقترحته في موازنتها لهذا العام، ولمجلس النواب الذي أقره دون تردد، ووزارة الداخلية التي تنفذه باهتمام ومثابرة منقطعة النظير، ونسال الله ان يكون في عون الجميع..

– اما ما كتبناه عن حلم السجناء بتطبيق القانون النافذ الغير منفذ والمتعلق بحقهم في الحصول على نسخة من الأحكام الصادر ضدهم ليتسنى لهم استئنافها فنقول : ان جميع المحكوم ضدهم سجناء ومواطنين على السواء يحصلون على نسخ الأحكام بمجرد صدورها دون انتظار للخمسة عشر يوماً الذي حددها القانون كموعد اقصى للحصول على نسخ الأحكام الصادرة ضدهم ، ودون ان يدفع احدهم ريالاً واحداً، ومن كذب جرب، ونتمنى للمجرب ان لا يرى أمه عروسة من فرط الفرحة عند حصوله على نسخة الحكم الصادر ضده وكلنا في الهوى أضداد..

– اما بصدد النص الذي يجيز الإفراج على المحكوم ضده إذا ما ظهر صلاحه واستقامة سلوكه فهو نص يجري تطبيقه على قدم وساق .. ولذلك نجد السجون غير مزدحمة بل نجد لكل سجين عنبراً مريحاً يمارس فيه شتى أنواع الرياضة ابتداء من الشطرنج وانتهاء بكرة القدم ورمي الزانة، وبالتالي علينا ان لا نضيق بحق السجون في ان تفرح وتحتفل وتقدم علبة تونة لكل نزيل جديد..

– لن نطيل عليكم، ونتمنى من الله ان يداوي ويعافي كل مريض..

 

حائط الكاتب على الفيسبوك انقر هنا

***

يتبع

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.

زر الذهاب إلى الأعلى