فضاء حر

حمدين صباحي.. ثــورة 25 ينايــر الثانيــــــــة

 

حمــــدين صـــباحي في مواجهـــــة الإخـــــوان المســــلمين، هذا يذكرنا بهذا الشاب المصري وهو يقفز بكل قوته وكرامته في وجـــه نظام حسني مبارك لحظة إقتحام شعب مصر لميدان التحرير في 25 يناير 2011.

لم أتوقع أن يصل الأمر بالإخوان المسلمين في مصر إلى درجة أن يركزوا حملتهم المضادة لحمدين صباحي على كونه نصيراً للأقباط المسيحيين، فهذا هو ما يفترض به أن يكون: نصيرا لكل المصريين أقباطا ومسلمين. معروف عن الإخوان أنهم يستخدمون الصراع السني الشيعي لتكريس سلطاتهم ونفوذهم في البلدان العربية تبعاً للسياسة الاستراتيجية السعودية والخليجية، أما أن يصل الأمر إلى افتعال صراع إسلامي مسيحي من أجل الوصول الى الرئاسة، فهذا لا يعني إلا أمراً واحداً: لقد بدا أن المرشح حمدين صباحي يغذ الخطى كتفاً إلى كتف مع ثورة 25 يناير نحو الرئاسة، وهذا أمر بدا في الوقت نفسه مستبعداً في ظل بحر من الدقيق وزيت الطبخ.

من الحملة الدينية الضارية على حمدين صباحي التي تناقلها الإعلام أمس الأول الخميس، بدا أن الرجل يتقدم، وتقدمه من النصر بدا بالنسبة إلي تقدماً لثورة 25 يناير من النصر. لكن، مهما يكن، سيظل صباحي "واحد مننا" كما يقول شعار حملته الانتخابية، فهو رجل أمضى عمره كله في النضال ضد القمع والتفاهة من أجل قضايا وطنية سامية وليس من أجل قضايا جماعة محددة بعينها لا تقل تفاهة عن قضايا الأنظمة القمعية، وقد رشح نفسه باسم الناس المصريين كلهم وليس باسم جماعة بعينها.

وبعيداً عن النضال، بحقائقه وأوهامه، حمدين صباحي فرد مصري. وثورة 25 يناير، مثلها مثل ثورات الربيع العربي (السلمية)، ثورة أفراد ضد المنظومات الجماعية الديكتاتورية التي تصادر حقوق وكرامة الأفراد لصالح وهم الحق والكرامة الجماعية.

ألم يكن بوعزيزي، المواطن التونسي الفرد، بطل ثورة الياسمين التونسية؟ وخالد سعيد، المواطن المصري الفرد، ألم يكن بطل ثورة 25 يناير؟

لا عجب أن تؤيد والدة خالد سعيد المرشح حمدين صباحي. فهي بذلك، تؤيد ابنها.

فالربيع العربي هو، بشكل عام، ثورة المواطن الفرد ضد المنظومات الديكتاتورية الجماعية سواء كانت ديكتاتوريات أمنية أو أيديولوجية أو أياً كانت هوياتها.

والربيع العربي، بالتأكيد، ليس دوري كرة قدم ينتهي بجدول زمني محدد وقواعد محددة تحكمها "الفيفا" وليس هناك كأس وميداليات ذهبية وفضية وبرونزية.

فالثورات ليست مباريات تنتهي في 90 دقيقة بتفوق فريق على آخر، أو بالتعادل بين الفريقين، أو بضربات الترجيح. الثورات هي على الأرجح مواجهة بين جبهتين أخلاقيتين، بين جبهتي قيم. والمواجهة بين جبهات القيم لا تحسمها الإشاعات وأكياس الدقيق وزيت الطبخ.

حمدين صباحي، المواطن المصري الفرد، قاد حتى نهاية هذا اليوم ثورة 25 يناير الثانية في مواجهة نظام حسني مبارك نفسه، ولكنه هذه المرة نظام مسلح بلحية وطوفان من الدقيق وزيت الطبخ ولا حول ولا قوة إلا بالله.

ومهما تكن النتيجة، فحمدين صباحي قد انتصر. لأنه ليس عليك أن تكسب انتخابات ما لكي تكون منتصراً، بل عليك أن تكسب قضية. وسواء كسبها أو خسرها، صباحي سيخرج من هذه الانتخابات منتصراً.

زر الذهاب إلى الأعلى