إجتماعية

قصة الحب الأول الذي أيقظ جمرات الشوق من تحت رماد النسيان

 

 المستقلة خاص ليمنات :

 

حصلت أروى على شهادة الليسانس في الأدب الانجليزي وقد كان أباها فخوراً بها وبجميع أبنائه وكان حريصاً لأن يكونوا جميعهم ذكوراً وإناثاً مثلاً يقتدى بهم..

وكانت أروى قد نسجت بينها وبين عصام قصة حب أثناء الدراسة الجامعية لكن تلك القصة لم يكتب لها النجاح فعصام غادر الكلية في السنة الثالثة ولم يكمل تعليمه الجامعي حيث اختفى فجأة وانقطعت أخباره تماماً عن أروى التي حاولت جاهدة أن تنساه بعد أن سألت عنه كثيراً، لكنها في نهاية الأمر عملت على مداراة أشواقها وحبها لعصام بالنسيان واعتبرته جزء من الماضي وقد رفضت أروى في بادئة الأمر الكثير من العرسان الذين تقدموا لها لكنها في نهاية الأمر استسلمت للأمر الواقع وقبلت أحمد، كعريس لها فأحمد شاب مهذب ومشهود له بنبل الأخلاق، وميسور الحال مادياً فهو يعمل بوظيفة تدر له دخلاً كبيراً اقتنعت أروى بمواصفات الزوج وأوضاعه المادية.

تمت مراسيم الزفاف في احتفال بهيج أخذ طابع الفخامة لتدخل أروى حياة جديدة، في منزلها المستقل الواسع المحتوي على أثاث محاط بحوش واسع مزروع بالأشجار والزهور قضت فيه أروى اليوم الأول وعلى جنباته ارتشفت مع أحمد أول كاسات المتعة الزوجية..

وفي اليوم التالي غادرا أحمد وأروى المنزل  لقضاء شهر العسل خارج الوطن، وقد تنقلا خلال رحلتهم العسلية في أكثر من بلد  وحلقت أروى في فضاءات المتعة وارتوت من لذيذ النعيم وانجذبت لطبيعة الحياة وشدتها كافة المناظر والمشاهد التي لم تألف رؤيتها لأنها لأول مرة تخرج من بلدها وتسافر إلى بلد أوربية.. استمتعت أروى مع أحمد برحلتها لدرجة كبيرة لم تكن تتخيلها، بعد اكتمال شهر العسل عادت أروى مع زوجها إلى الوطن وهي تحمل ذكريات كثيرة لم تمتح من ذاكرتها بل إنها تركت أثراً على حياتها المستقبلية..

بدأت حياة أروى وأحمد تعود إلى طبيعتها بعد أن عاشا خلال ثلاثين يوماً من الترحال أجواء من البهجة والمتعة والائتلاف المليء باللذة والحميمية..

عاد عصام لممارسة عمله، وبعد مرور شهرين من زواجه تم تعيينه بوظيفة جديدة كانت تستدعي سفره الدائم وهو الأمر الذي أنعكس على حياة أروى حيث بدأت تعاني من الوحدة في ذلك المنزل الواسع فأخذت تقضي بعضاً من وقتها في منزل والدها أو على الانترنت والدردشة وأثر سفر عصام الدائم على حياة أروى ودفعها ذلك إلى تكوين صداقات جديدة مع نساء، مختلفات الطبائع، والسلوك.. لكي تؤنس وحدتها لكنها في نهاية الأمر عملت على إقناع أحمد بضرورة أن تبحث لها عن وظيفة لكي تكسر الملل والفراغ وشلل الوحدة التي تعيشها ولم يمانع أحمد عن ذلك، بل عمل على تسهيل إيجاد وظيفة لها في إحدى الشركات، لتعمل كمترجمة فيها ومع اليوم الأول للعمل في تلك الشركة، كانت المفاجأة الكبرى فقد شاهدت أمامها عصام حبيب سنوات دراسة الجامعة وتسمرت عيناها وهي تشاهد عصام وتزايدت نبضات قلبها المرتجف ليوقظ جمرات شوق ومحبة كان رماد النسيان قد طمرها، التفت عصام هو الآخر ليرى تلك العينين المحدقتين عليه ليثور هو الآخر في أعماقه شوق وحنين للعودة لمغازلتها والإبحار في تموجات الحب القديم.

اقتربا كل واحداً منهما من الآخر،وتبادلا التحية وسأل كل واحد منهما عن الآخر ومع مرور الأسابيع الأولى بدأ يعود الحب المطمور إلى السطح وخاصة بعد أن أقنع عصام أروى أن انقطاعه عن الدراسة وعن التواصل كان بسبب وفاة والده المفاجئ والذي ترك رحيله مسؤولية عليه بضرورة رعاية أخوانه الستة الذين لم يكن لهم عائل بعد والده سواه، وضرورة تفرغه للبقاء بجانبهم في الريف والذي سيشكل عائقاً إذا تقدم لخطبتها كون أروى أبنت مدينة فأقتنعت أروى بمبررات عصام ولكن أضحى الأمر لا يهم فهي أصبحت متزوجة وفي عصمة رجل آخر.. لكن التقاء حدقات اعينهما بشكل يومي في العمل حرّك لوعة الأشواق وانجذاب كل منهما للآخر فحاولت أروى أن تتغيب  من الحضور للعمل لمدة يومين لعلها تجد بذلك حلاً لتلاشي الوقوع في خطأ ما لكنها وجدت نفسها مرةً أخرى أسيرة الوحدة والتفكير أما عصام فقد تفاجأ بغياب أروى الذي دفعه للاتصال بها في المنزل فحاولت أن تختصر الكلام معه  لكنها لم تستطع لتدافع الأشواق الملتهبة إليه ووجدت نفسها تدعوه للمجيء إليها دون أن تدري ولم يتمالك عصام نفسه فهب مسرعاً إلى منزل أروى التي بدأت تفكر بخطأ دعوتها لعصام وهي في زحمة التفكير كان عصام يطرق باب المنزل وبشكل تلقائي وجدت نفسها تفتح باب المنزل ليدلف عصام إلى الداخل، وبدأ يثور عنفوان الأشواق إلى العناق ليجدا نفسيهما كلأ يحتضن الآخر.

تتالت اللقاءات وممارسة الحب أحياناً في منزل أروى عندما يكون زوجها مسافراً وأحياناً في منزل عصام سراً دون أن يعرف أحد بتلك العلاقة القائمة على ذكريات الماضي وسجن الحب الأول..

كانت أروى تتظاهر دوماً بأنها تلك المرأة الملتزمة دينياً لزوجها ولأسرتها، وكان والد أروى يعمل على تعميق الوازع الديني لديها وهي تتظاهر بأنها تلك الحريصة على الالتزام بكافة التعاليم الدينية..

ذات يوم قامت أروى بزيارة لأسرتها وبعد مرور دقائق رن هاتفها بمكالمة من عصام يطلب منها الحضور إليه لم تجد من مفر سوى أن تستأذن من أسرتها للذهاب لزيارة إحدى صديقاتها وغادرت  المنزل مسرعة وفي نفس الوقت غادر أبوها هو الآخر المنزل لغرض قضاء بعض الحاجات وفي احدى الشوارع تفاجأ الأب بأن أبنته المدللة في السيارة التي تقف أمامه مع شخص آخر لم يصدق عينيه أقترب إلى جانب تلك السيارة ليتأكد أن أبنته أروى الضاحكة التي تجلس بجانب ذلك الرجل وانطلقت سيارة عصام مسرعة وظل الأب يتابعه بسيارته، وقفت سيارة عصام بجانب أحدى المنازل وترجلا الاثنان ودخلا ذلك المنزل.

كاد الأب أن يفقد وعيه من هول ما شاهد لكنه حاول أن يقنع نفسه بأنها ليست أروى… فنزل من سيارته ليطرق باب ذلك المنزل..

 فيما كانت أروى لا تزال في فنائه وفتح عصام الباب ليجد الأب أروى بعظمها ولحمها أمامه فتسمر الأب وحارت أمامه كل التصرفات فانهار لتوه ليدخل في غيبوبة توقفت كل أعضائه عن الحركة فصرخت أروى مرعوبة من هول المشهد فيما وجد عصام نفسه، في ورطة لا يعرف كيف الخروج منها، تحسست أروى وعصام جسد والدها فاعتقدا أنه ميتاً واتفقا على نقله إلى المستشفى ومن ثم سيبحثان عن أي عذر لمدارة الفضيحة وفي المستشفى تفاجأ الاثنان أن والد أروى لم يمت بل دخل في غيبوبة وتم إدخاله غرفة العناية المركزة وبعد مرور أكثر من أسبوعين تم إخراجه من العناية المركزة وهو متعافياً لكنه كان قد وجه لعنة أبدية لأبنته أروى.. فقد تطلَّقت من زوجها وافتضح أمرها..

زر الذهاب إلى الأعلى