إجتماعية

تهاني: هربت من جحيم زوج أمي فوجدت نفسي في وكر وحشية عاقل الحارة

 

المستقلة خاص ليمنات

 

ما الذي يبقى في حياة هذه الفتاة بعدما حل الشقاء عليها وتحولت براءة أيامها إلى جحيم تزخر بالوحشية والعذاب والجراح التي لا تندمل ولا يمكن تضميدها..

تهاني.. فتاة يتيمة من محافظة المحويت وتعيش في صنعاء وتدخل بلا سابق إنذار نفقاً مليئاً بالعذاب والآلام والفجائع.. نفقاً موحشاً مرعباً قضى على كل آمالها بحياة كريمة، وأغلق أمامها كل أبواب السعادة.. توفى والدها فأظلمت الدنيا في عينيها.. وعندما وجدت أمها زوجاً تخيلت أن هناك فرصة لتستعيد ابتسامتها المفقودة وأن الأضواء ستعود إلى دنياها المظلمة.. استبشرت بحياة جديدة، وبدأت الآمال تعود إلى خيالها قليلاً.. قليلاً..

ولكن.. يا للتعاسة المزمنة التي اقترنت بحياة الفتاة ويا للحظ العاثر الذي يلاحقها.. ضاعت فرصة تهاني في استعادة الابتسامة، مع الأضواء التي اختفت منها لم تعد أبداً.. كان زوج أمها وحشاً كاسراً لا قلب له.. أو أن قلبه كان مجرد حجر.. أو أشد قسوة من الحجر بكثير..

تفاصيل القصة ترويها تهاني بنفسها بعد أن جاءت إلى مكتب “المستقلة” لتروي فصولاً من مأساتها المؤلمة.. وطلبت أن تنشر قصتها لعل وعسى تجد الإنصاف، أو تخفف قليلاً من وطأة القهر الذي يسيطر عليها.. والشعور بالحزن الذي يملأ قلبها..

تقول تهاني: بعد زواج أمي كنت على موعد مع الشقاء والحزن.. قام زوج أمي باغتصابي مستخدماً قوته الرجولية وعضلاته الصلبة وروحه المتوحشة.. كان يستغل خروج أمي من المنزل ليمارس رغبته الوحشية.. كان يختلق الذرائع والأعذار لإخراج أمي من البيت تحت أي مبرر.. لم أستطع أن أخبر أمي شفقة بها، فليس لديها سوى شقيق واحد يعاملها بقسوة وظلم بل منعها من دخول بيته وأنكرها من ميراث والدها المتواضع.. كنت أعتقد أنه ربما يشبع رغبته وشذوذه ثم يعود إلى عقله ويتوقف عن ذلك..

وتقول: عندما ضاق بي الحال وعجزت عن تحمل ما يحدث لي من زوج أمي الذي ظل آخر مرة نهاراً كاملاً يمارس معي فعله الفاحش بقسوة وجنون.. ذهبت صباح اليوم الثاني إلى قسم الشرطة القريب من المنزل.. وأمام القسم ترددت كثيراً وكنت أرتعش خوفاً من الحديث.. حتى أبصرني أحد الأشخاص الذي يبدو من ملابسه أنه شخص محترم، سألني عن سبب مجيئي إلى القسم وألح عليّّ كثيراً ليعرف السبب وقال إنه سوف يساعدني.. فلم أملك وأنا في موقف ضعف إلا أن أخبرته بقصتي..

وتواصل تهاني قصتها بالقول: أخبرني هذا الشخص أنه عاقل حارة وأنه سوف يساعدني وسوف يقبض على زوج أمي ويدخله السجن وسوف يعامل لأمي في اعتماد معاش لها تعيش به.. وطلب مني أن أركب معه السيارة ليضعني مع أسرته حتى يحل مشكلتي.. صدقته وصعدت السيارة.. وبدلاً من إيصالي إلى أسرته.. وجدت نفسي داخل عمارة دورين فيها بدروم غير مشطب.. حاولت الخروج دون جدوى.. تحوَّل فجأة إلى وحش كاسر مثل زوج أمي تماماً.. قام بالعبث بي بطريقة بشعة وكأنه حيوان مفترس.. أغلق عليَّ في غرفة لا فتحة فيها في البدروم سوى طاقة صغيرة عليها حديد وكان في الأيام الأولى يقيدني ويعطيني أكلاً بيده وعندما كنت أبكي يقوم بضربي.. وبعد أيام أصبح يصطحب معه أشخاصاً ويستلم منهم فلوساً ويقومون بممارسة ما يحلو لهم معي وأني ابكي واصرخ.. فأزداد تعبي وأصبت بالمرض حتى كدت أن أموت.. حينها قام بتعصيب عيني وأخرجني ولم أدر بنفسي إلا بعد أن رماني قرب المكان الذي أخذني منه أول مرة..

وتضيف الفتاة: عندما عدت إلى أمي تعرضت للضرب منها ومن زوجها الذي أقنع أمي بأنه عرف من المباحث أنني هربت مع شخص كنت على علاقة به، ثم طردني من البيت، وأنا الآن أقيم عند فاعل خير.. أنتظر فرجاً قريباً.. وأملي بالله أن يسخر لي من يعيد كرامتي المنتهكة.. وتختتم حديثها بالقول: عندما كنت في الأيام الأخيرة في حجز الرجل الذي خدعني وحبسني في البدروم، توقف عن ممارساته السابقة.. وكان فقط يتلذذ بتعذيبي إلى درجة أنه كان يطفئ سيجارته في أماكن حساسة من جسدي وفي ظهري وصدري، يقوم بضربي ضرباً مبرحاً، حتى كنت افقد وعيي.. ثم يتركني ليعود بعد ساعات ويكرر هذا التعذيب..

قالت تهاني إن عمرها 17 عاماً.. إلا أن حالها وشكلها يوحيان بأنها أكبر من هذا السن، خصوصاً مع الكدمات البارزة حول عينيها، وآثار التعذيب التي تبدو ظاهرة وواضحة في الأماكن المكشوفة من جسدها مثل اليدين والرقبة.. فهل ستجد هذه الفتاة طريقاً إلى الإنصاف.. هل ستجد فرصة واحدة للحصول على العدالة أم إنها في غابة كبيرة تضج بالوحوش وتدبرها الوحوش ولا كلمة فيها إلا لمن هم أكثر وحشية وقسوة..

تهاني لا تمثل حالة يمكن فصلها وتجاوز ما حدث لها تحت أي مبرر.. إنها قصة جيل كامل يواجه المخاطر نفسها والمصير ذاته.. وأن دس الرؤوس في التراب أو الاستهانة بما حدث سيجعل المأساة تتكرر والدائرة تدور ولا نعتقد أن إنساناً له قلب ينبض بالحياة يقبل أن يحدث هذا مع أبنته أو شقيقته.. لابد من كسر حاجز السلبية والتردد حتى نضع حداَ لتفشي مثل هذه الجرائم البشعة ولن يتحقق ذلك إلا بتطبيق العدالة غير المنقوصة وانتزاع البلاد من وحشية الغابة إلى دائرة الدولة التي تنتصر لتهاني وأخواتها الضحايا بأعدادهن المتزايدة كل يوم..

زر الذهاب إلى الأعلى