حوارات

مشهور : نظام صالح استغل القاعدة لاعتقال معارضيه.. وقمع السلطة للثورة خلّف ألفي قتيل وأكثر من 29 ألف جريح

يمنات – القدس العربي

 تعرضت وزيرة حقوق الانسان في اليمن السيدة حورية مشهور مؤخرا لحملة إعلامية واسعة من قبل الإعلام الموالي للرئيس علي عبدالله صالح واضطرت بسببها إلى تعليق عملها في مجلس الوزراء إثر وصول الحملة حدا غير مقبول.
وتعالت الحملة الاعلامية ضد مشهور إثر مطالبها المستمرة بتعليق النشاط السياسي لصالح وأركان نظامه وكذا المطالبة بإصدار قانون العدالة الانتقالية الذي يمنح الثوار حقوقا تتوازى وقانون الحصانة القضائية الذي مُنح لصالح والعاملين معه خلال فترة حكمه.
وبرزت مشهور في عملها الحكومي كأقوى الوزراء المحسوبين على قائمة تكتل احزاب اللقاء المشترك المعارض لصالح، رغم أنها ليست عضو في هذا التكتل، حيث لعبت دورا بارزا في معارضة السياسات التي تتنافى وتوجهات العهد الجديد الذي أنجزته الثورة الشعبية وسعت إلى تحقيقه الجماهير اليمنية.
هنا نص اللقاء الذي أجرته (القدس العربي) بصنعاء مع وزيرة حقوق الانسان في اليمن حورية مشهور، الذي لا يخلو من الصراحة والشفافية:

خالد الحمادي


 ترددت قبل أيام أنباء مقاطعتك لأنشطة واجتماعات مجلس الوزراء، ما هي حيثيات وأسباب ذلك؟ وهل لا زلت؟


 أسبابها تلك الحملة غير الأخلاقية التي شنها (المؤتمر نت) وهو الموقع الإلكتروني الرسمي لحزب المؤتمر الشعبي العام، أحد طرفي التسوية السياسية و الوفاق الوطني، ومواقع أخرى ذات صلة بالمؤتمر قامت بترويج أكاذيب للتضليل على العامة والخاصة وكانوا يستهدفون استعداء المجتمع ضدي بإثارة قضايا تتصادم مع ثقافة المجتمع اليمني المسلم والمحافظ مرددين كذباً وزيفاً وتدليساً بأني أدعو للحريات الجنسية وإلغاء آيات قرآنية وقد علقت حضوري إلى اجتماعات مجلس الوزراء حتى أدان المجلس واستنكر تلك الحملة ثم أستأنفت حضوري للاجتماعات بعد ذلك وزاد إيماني بالدفاع عن حقوق الإنسان مع إعتزازي بهويتي الثقافية التي هي أصل الحقوق الإنسانية، كما أن هذه الحملة قد ارتدت عليهم بالإستهجان لهذا الأسلوب الرخيص لتصفية خلافات سياسية بيني وبينهم.


 أشرت إلى أن إعلام حزب علي صالح أثار حولك حملة كبيرة بمبرر اتخاذك لبعض الخطط الحقوقية التي قيل أنها تضمنت المطالبة بالحرية الجنسية ومنع تعدد الزوجات وإلغاء تشريعات قرآنية، ما حقيقة هذه التهم وما دوافع هذه الحملة؟


 طبعاً إعلام صالح لم ينقطع عن هجومي منذ ان استقلت من رئاسة اللجنة الوطنية للمرأة في 12 آذار (مارس) 2011، كأول مسؤول في الحكومة اليمنية وانضممت للثورة وازدادت حملتهم شراسة مع إنتخابي كناطق رسمي للمجلس الوطني لقوى الثورة السلمية والآن تجاوزوا الخطوط الحمراء في الهجوم والتحريض ضدي لأشياء لا أساس لها من الصحة وحقيقة القول أنهم انزعجوا من تقديمي لمشروع تشكيل لجنة مستقلة للتحقيق في أحداث 2011 وهي توصية من مجلس حقوق الإنسان صدرت عن دورته الثامنة عشر في جنيف في أيلول (سبتمبر) من عام 2011 بعد زيارة بعثة من المفوضية السامية لحقوق الإنسان لليمن واطلاعها على حجم الإنتهاكات التي حدثت ضد المعتصمين السلميين من شباب الثورة وضد المسيرات السلمية التي تم مواجهتها بعنف مفرط، أدى إلى سقوط آلاف الضحايا بين شهيد وجريح ناهيك عن تدمير البنى التحتية والمنشآت المدنية في كل من عدن وتعز وصنعاء ومدن أخرى. والسبب الثاني تقديم مشروع لإقرار توصيات اللجنة الخاصة بالحقوق المدنية والسياسية التي اطلعت على تقرير اليمن الخامس حول إنفاذ العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية بما في ذلك طبعاً حقوق المرأة وهي أسئلة متكررة للجنة الدولية عند تقديم تقارير اليمن في مجال إنفاذ حقوق الإنسان وكنت قد رديت على اللجنة بأن هذه القضايا محكومة بالشريعة الإسلامية. وحقيقة الأمر أن ما أزعج المؤتمر هو التوصية الأولى المتعلقة بإلغاء قانون الحصانة للرئيس السابق علي صالح ومن عمل معه بالرغم من أني وضّحت للجنة الدولية بأن ذلك جاء ضمن تسوية سياسية وافق عليها فرقاء العمل السياسي لتجنب دخول البلاد في دوامات العنف والصراع وربما حرب أهلية لن تبقي ولن تذر.


هل مطالبتك بإلغاء قانون الحصانة للرئيس السابق علي صالح وأعوانه كان السبب الرئيس وراء شن هذه الحملة الاعلامية ضدك من قبل إعلام حزب صالح؟


 أجزم ان ذلك أحد الأسباب كما أني وبعد موافقة مجلس الوزراء على قانون الحصانة كنت قد طالبت بتعليق النشاط السياسي لصالح والمشمولين معه بالحصانة، ولم يلتفت أحد لإقتراحي آنذاك وها هم جميعاً اليوم يعانون الأمرين من حضور وتدخل الرئيس السابق وأنصاره ومحاولاتهم الحثيثة لإرباك وتعطيل التسوية السياسية والوفاق الوطني.


 ما هو مضمون مشروع القرار الجمهوري الذي تقدمت به إلى مجلس الوزراء لتشكيل لجنة مستقلة للتحقيق في الانتهاكات التي ارتكبها النظام السابق ضد شباب الثورة في العام 2011؟

أولاً هذا إجراء ليس من بنات أفكاري بل هذا توصية من توصيات مجلس حقوق الإنسان وقد ورد أيضاً في قراري مجلس الأمن 2014 و2051 كما أنه مطلب شعبي وأسر الضحايا تلح عليه وإلا سيبدو الأمر وكأن منتهكي حقوق الإنسان سيرتكبون جرائمهم وسيفلتون من العقاب ولابد أن نعزز القانون وسلطة القانون، مالم فإن الناس يمكن أن يلجأوا للإنتقام إذا ما شعروا بالغبن وأنهم لم يستطيعوا الوصول إلى العدالة. وعدم تشكيل هذه اللجنة أدى إلى إستمرار أقصى وأقسى صور العنف مثل ما حصل في ميدان السبعين بتاريخ 21 أيار (مايو) حينما تساقط أكثر من 100 شهيد من جنود الأمن المركيز وأكثر من 200 جريح وماحصل قبل ثلاثة ايام من تمرد في وزارة الداخلية وسقوط 15 شهيد ونهب محتويات الوزارة باستخدام الأسلحة الخفيقة والمتوسطة، لأن هذه اللجنة ستكشف عن كثير من الخيوط حول المخططين والمنفذين لتلك الأعمال الإجرامية التي تهدد أمن وسلامة المجتمع وتقوض فرص الاستقرار والتوجه لإعادة البناء والتنمية.

 هل يعني هذا أن أعضاء مجلس الوزراء غير منسجمين، ويعيش المجلس حالة من المواجهات السياسية والصراعات الداخلية؟


 للأسف الشديد ما زال بعض الوزراء يرجح مرجعياته السياسية التي تتعارض مع المهنية والاحترافية والوفاق والمهمة الأساس التي قبلنا بها جميعاً وهي إنقاذ الوطن من كارثة محققة، ويلقي ذلك الإختلاف بظلاله على أداء المجلس والدليل على ذلك عدم قدرتنا على إجازة مشروع قانون العدالة الإنتقالية والوصول إلى إتفاق حول لجنة التحقيق المستقلة وقرار إنفاذ توصيات مجلس حقوق الإنسان وغيرها، وكلها قضايا تستند إلى الآلية التنفيذية وقرارات مجلس الأمن.

 ما الذي حققته حكومة الوفاق الوطني التي جاءت بها الثورة على صعيد تحسين وضع حقوق الانسان في اليمن؟


 طبعاً لم يمض على حكومة الوفاق سوى أشهر قليلة وهناك صعوبات وتحديات جمة تواجه الحكومة وأبرزها محاولات الإرباك المستمر للحكومة وإشغالها بقضايا جزئية وجانبية بما في ذلك وزارة حقوق الإنسان وكثير من القضايا الحقوقية معلقة مثل قانون العدالة الإنتقالية، وإطلاق السجناء السياسيين وتشكيل لجنة التحقيق المستقلة ولكن هناك مؤشرات نجاحات أهمها الشروع في تأسيس هيئة مستقلة لحقوق الإنسان، تطوير الهيئة الإستشارية لحقوق الإنسان والمكونة من المنظمات المعنية بحقوق الإنسان ويعول عليها في لعب دور كبير في الدعم والحشد والمناصرة لقضايا حقوق الإنسان، كذلك سنستمر في تطوير البني المؤسسية والتشريعية لحقوق الإنسان.

 أثيرت أرقاما متفاوتة حيال عدد الحالات للقتلى والجرحى خلال فترة الثورة اليمنية، ما هو الرقم الذي توصلت إليه وزارة حقوق الانسان؟

 حتى الآن ليس هناك رقماً رسمياً صادراً عن الحكومة ولكن مصادر المستشفيات الميدانية في الساحات أشارت إلى حوالي 2000 شهيد وأكثر من 29 ألف جريح بعضهم إصاباتهم بالغة وقد أدت إلى إعاقات جزئية أو كلية.

 هل جميع هذه الحالات من ساحات الثورة فقط أم من مختلف الأطراف؟


 هولاء من ساحات الثورة لأن الشباب كانوا عزّل وصمموا أن تكون ثورتهم سلمية وبيضاء وتحملوا تضحيات جسيمة، ولو كان الشباب استخدموا أسلحتهم لتضاعف العدد ووصل ربما إلى أعداد مقاربة لما يحدث في سوريا أو ليبيا. بالنسبة للعسكرين والمواجهات المسلحة في أبين وصنعاء فإن عددهم غير معروف. لقد حاول النظام السابق مراراً وتكراراً جر الثوار أو أنصارهم إلى مربع المواجهات المسلحة وفشلت كل محاولاته.

 لا زالت ساحات الثورة تشكو من استمرار اعتقال الكثير من شباب الثورة واختفاء بعضهم لدى الأجهزة الأمنية، ما ذا فعلتم بهذا الصدد؟


 ستستمر الظاهرة إذا ظلت المؤسسة الأمنية والعسكرية مقسمة ولا تأتمر بأوامر من مصدر واحد أي من القائد الأعلى للقوات المسلحة، رئيس الجمهورية ثم من وزرائهم (الداخلية والدفاع)، خاطبنا وناشدنا ورفعنا الأمر لرئيس الوزراء ورئيس الجمهورية رئيس اللجنة العسكرية المنشأة بموجب الآلية التنفيذية للمبادرة، كما أن المبعوث الأممي إلى اليمن السيد جمال بن عمر مهتم بالموضوع وجعله أحد نقاط متابعاته ورفع تقرير بذلك للأمم المتحدة.

 لما ذا لم يتم الافراج عنهم خاصة وأن وزارة الداخلية محسوبة على تكتل أحزاب اللقاء المشترك المعارض لعلي صالح؟


مازالت قيادات وأفراد في الوزارة خارج نطاق السيطرة ومازال ولائها للرئيس السابق و مازالت تشكيلات أمنية في هذه الوزارة تدار بعناصر من أسرة الرئيس وحادثة اقتحام وزارة الداخلية قبل ثلاثة ايام كشفت الغطاء عن وضع غير سوي وعن تصرفات غير مسؤولة وغير قانونية في مؤسسة يفترض بها أن تكون حامية للأمن العام فإذا بها تهدده بل وتتجاوز في ذلك التهديد أبعد مدى بإستخدام القوة والعنف.


 ما هو مبرر استمرار اعتقال هؤلاء الثوار، في اعتقادك، طالما وصالح قد تنحى عن السلطة، ولم يعد في معارضتهم له أي خطر؟

 

 بعض الأجهزة التي اتهمها شباب الثورة صراحة أنها مارست هذا الإعتقال غير القانوني لشباب الثورة أنكرت أنها أعتقلت الشباب.'الخوف أن يكون بعضهم قد تعرض للأذى الشديد الذي ربما يكون قد أثر على سلامته البدنية والعقلية والنفسية ولدينا نماذج من هولاء الذين وجدوا وقد نسوا أسمائهم وأسماء أبائهم وأمهاتهم وبعضهم أطفال مثل الطفل نهاري النهاري (15عاماً) الذي اختطف في المواجهات التي تمت في أيار (مايو) من العام الماضي في منطقة حي الزراعة أمام بنك الدم ووجد في عدن الشهر الماضي وهي تبعد عن صنعاء بحوالي 360 كم جنوباً وعليه آثار تعدذيب.

هل دوركم في وزارة حقوق الانسان، رصد حالات الانتهاكات فقط، مثل أي منظمة مجتمع مدني، أم تحاولون العمل على إزالة حالات الانتهاك وتحسين وضع حقوق الانسان؟


 دور الوزارة وفقاً لقرار إنشائها رسم سياسات حقوق الإنسان ومتابعة إنفاذها ورصد الإنتهاكات والتخاطب مع الجهات المعنية للإلتزام بحقوق الإنسان، كما أننا نتلقى البلاغات والشكاوى حول إنتهاكات حقوق الإنسان لنقوم بتنبيه تلك الجهات وأخيراً أنشأنا وحدة للدعم القانوني لتقديم العون القانوني لضحايا الإنتهاكات.


كان نظام صالح يتخذ من رمضان موسما للافراج عن الكثير من المعتقلين والسجناء، هل من خطة لدى وزارتكم للضغط على الأجهزة الأمنية لسرعة الافراج عن المعتقلين السياسيين؟

 نحن ننظر لهذه المسألة من زوايا حقوقية وعدلية وإنسانية لا من زوايا سياسية وبالفعل قامت الوزارة بمخاطبة جهات رسمية وقطاع خاص لإطلاق المعسرين من السجناء المحكومين قضائياً. أما المسجونين سياسياً فما زلنا نبحث عنهم والأجهزة المختلفة تنكر وجودهم.


هناك حالات اعتقالات تعسفية تتنافى ومبادئ حقوق الانسان، ارتكبت منذ ما قبل اندلاع الثورة، ما الذي عملتم من أجل وضع حد لها؟


 نعم ومنهم نشطاء الحراك الجنوبي ونشطاء الرأى، كما أن موضوع القاعدة والإرهاب استغل إستغلالاً كبيراً من قبل نظام صالح للزج بمعارضين في السجون دون محاكمات عادلة ونتابع بصورة حثيثة هذه المسألة على الرغم أننا نواجه صعوبات كثيرة في ظل عدم إعتراف الأجهزة المدعى عليها بأنها تعتقلهم وإلحاح أسرهم وأصدقائهم واستمرار ترددهم علينا للمطالبة بالإفراج عنهم.

أصدرت السلطات اليمنية قانون الحصانة من الملاحقات القضائية لصالح وأركان نظامه، ولم يواكبه صدور قانون العدالة الانتقالية الذي'يوجب الاعتراف بالانتهاكات ضد شباب الثورة، والاعتذار عما جرى وتعويض أهالي الضحايا، كيف تفسرون ذلك؟


هذا الموضوع هو أحد المواضيع الذي ظل مثار خلاف داخل مجلس الوزراء ووفقاً للآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية فإن حكومة الوفاق تتخذ قراراتها بالتوافق فإن لم تصل إلى إجماع وتوافق فإن الأمر يؤول إلى رئيس الوزراء ورئيس الجمورية وإذا لم يتفقا فإن صاحب القرار النهائي هو رئيس الجمهورية وقد تم إحالة مسودة قانون العدالة الانتقالية لرئيس الحكومة ورئيس الجمهورية منذ أكثر من شهرين وحتى الآن لم يتم البت فيه علماً بأن هذا القانون جاء متزامناً وملازماً ومكملاً لقانون الحصانة الذي أقر على وجه السرعة في كانون ثاني (يناير) الماضي. 

زر الذهاب إلى الأعلى