حوارات

القيادي في حزب الرابطة ( علي الكثيري) : قضية الجنوب قضية وطن وسياسية بإمتياز

 

اكد القيادي الرابطي علي عبدالله الكثيري أن القضية الجنوبية سياسية بامتياز، وأضاف في حديث لأسبوعية «المنتصف» أنه «لا يمكن أن تختزل القضية الجنوبية، في مكون واحد أو عدة مكونات، فزمن فرض الوصاية واحتكار الحقيقة وادعاء التمثيل قد ولى، وأن أبناء الجنوب قد قاسوا الكثير من الويلات نتيجة لمفاعيل الإقصاء وفرض الوصاية والاختزال».
 

واعتبر نائب رئيس دائرة الفكر والثقافة والإعلام في حزب رابطة أبناء اليمن (رأي)، أن «الفعل الجماهيري هو الحاضر والمقتدر على إنتاج التحولات ولم تعد الآلية العسكرية هي المهيمن على المشهد والفاعل الأوحد في الساحة العربية عموما».

وفيما يلي يعيد موقع "عدن الغد" نشر نص المقابلة التي أجراها الزميل إبراهيم طلحة…

 

– من يمثل القضية الجنوبية على المستويات السياسية والاقتصادية؟

– لا شك في أن القضية الجنوبية هي قضية سياسية بامتياز وأبناء الجنوب كافة بمختلف مكوناتهم السياسية والاجتماعية هم من يمثلونها على كافة المستويات، ولا يمكن أن تختزل القضية في مكون واحد أو عدة مكونات، فزمن فرض الوصاية واحتكار الحقيقة وادعاء التمثيل قد ولى، وأبناء الجنوب قد قاسوا الكثير من الويلات نتيجة لمفاعيل الإقصاء وفرض الوصاية والاختزال، لذلك فإننا في حزب رابطة أبناء اليمن (رأي) لا ندعي تمثيل الجنوب ونرفض أن يدعى طرف جنوبي حق التمثيل، ونؤمن بأن شعب الجنوب هو المرجعية وصاحب القرار والقول الفصل في تحديد ما يرتضيه.

 

 

– هل هناك انقسامات داخل تمثيلات القضية الجنوبية نفسها؟

– هناك خلافات بين القوى والأطياف الجنوبية حول سبل تحقيق ما يرتضيه أبناء الجنوب، والخلاف أمر طبيعي إذا نظرنا له بصفته نتاج للتنوع الذي هو ثراء وإثراء، لكن الخلاف يصبح مذموما وخطيرا إذا لم نحسن إدارته على قاعدة التعاون في إطار التنوع، وهذا ما سعى حزبنا ولا يزال يسعى لتأصيله كثقافة بناءة على أنقاض ثقافة الإقصاء والاستئصال والتخوين التي نكبت الجنوب على مدار الستين عاما الماضية، ولعلكم تابعتم إعلان التكتل الوطني الجنوبي الديمقراطي في عدن بتاريخ 12 مايو الماضي، حيث ضم إلى جانب حزب رابطة أبناء اليمن (رأي) عددا من المكونات الجنوبية والشخصيات السياسية والاجتماعية والحكام السابقين، حيث جاء ليعلي من ثقافة التعاون في إطار التنوع، ورفض إقصاء الآخر وادعاء الوصاية، خاصة أن المكونات التي يضمها التكتل ذات رؤى مختلفة بخصوص سبل تحقيق ما يرتضيه أبناء الجنوب، إن ما عاناه ويعانيه شعبنا من فرقة قواه السياسية والحراكية والشبابية الجنوبية في الفترة الأخيرة قد جعلت هذا النظام، ومن يفكر بعقليته، يتوهّمون أن المد الشعبي في الجنوب سينحسر، وأن الجنوب لن تقوم له قائمة، وهو الوهم الذي جعلهم يستمرؤون ممارسات الاستعلاء والعنجهية ويصدقون دعاوي الفرع والأصل. وقد رأينا أن استمرار هذه الحالة هو الخطر بعينه على قضيتنا ومستقبل أجيالنا.

 

ولذلك فإننا بذلنا، وبذل غيرنا، جهوداً كبيرة لفترة طويلة، لم تنقطع ولن تتوقف، من أجل لم الشمل وتحقيق اصطفاف جنوبي لمواصلة المسيرة نحو الوصول إلى الغاية الأسمى وهي: حقُّ شعبنا في الجنوب في أن يحقق طموحاته في حياة حرة كريمة وفق خياره الحر.

 

وقد تم التواصل مع كثير من القوى السياسية والاجتماعية الجنوبية على قاعدة الجنوب لكل أبنائه بغض النظر عن رؤاهم وخياراتهم في ما يتعلق بقضية شعبنا الجنوبي وقد توصلنا إلى نقاط تفاهم تربط بيننا في هذا الاصطفاف وتجعلنا ندير تبايناتنا بإدارة راقية تتلاءم وتطورات العصر الحديث وبعقلية اليوم وليس بعقلية الماضي المؤسف وقد اتفق جميع المنضويين في إطار التكتل أن يكون سقف هذا التكتل هو «الخيار الحر لشعبنا باعتباره المرجعية الأصيلة» مع التعامل مع كل الوسائل السلمية والتوجهات المؤدية إلى هذا الخيار دون انتقاص من تضحيات شعبنا الجنوبي التي قدمها من أجل حريته وعزته وكرامته.

ومن هذا المنطلق فقد توافقت عدة قوى سياسية ومكونات حراكية وشبابية وشخصيات مستقلة على العمل المشترك في تكتل واحد وفق منطلق العصر القائم على «التعاون من أجل بقاء الأرض والإنسان»، ونبذ منطلق الماضي الذي قام على «التنازع من أجل بقاء الذات الشخصية أو الحزبية» الذي أنتج الصراعات والمآسي، ووفقا لسمة العصر القائمة على «التعاون في إطار التنوع والرأي الآخر».

وفي السياق ذاته تم إشهار الهيئة التنسيقية الجنوبية العليا بين التكتل الوطني الجنوبي الديمقراطي وعدد من المكونات الجنوبية الفاعلة ومنها الهيئة الوطنية العليا لاستقلال الجنوب التي يرأسها العميد ناصر النوبة مؤسس الحراك الجنوبي السلمي، وقد استهدفت الهيئة بحسب بيان الإشهار (العمل على تحقيق إجماع وطني جنوبي يؤمن الوصول إلى الغاية الأسمى المنشودة  بعيداً عن الإقصاء والتهميش أو الانفراد برسم مستقبل الجنوب الذي قد تترتب عليه أخطاء تاريخية لا تغتفر فشعب الجنوب هو المرجعية).

 

 

– ما هو الدور الذي ينبغي أن يقوم به مثقفي الشمال وعناصر الفكر والسياسة نحو القضية الجنوبية؟

– من المؤكد أن إخواننا المثقفين في الشمال مطالبون بتفهم القضية الجنوبية بكونها قضية سياسية وأن يقدروا الجنوب وخيارات شعب الجنوب وأن يقفوا معه ومع حقه في اختيار ما يرتضيه فبذلك يبقون على ما تبقى من أواصر فالأواصر هي الأهم في ظل أي أوضاع قادمة، بل أنهم ينبغي أن يدركوا أن وحدة بدون أواصر مودة خير منها أواصر مودة بدون وحدة، ونعول كثيرا على النخب المثقفة في الانتصار للحق جنوبا وشمالا، وأن ينتصروا لقضية الجنوب العادلة وحق أبناء الجنوب في تقرير ما يرتضونه، فقد ثبت باليقين القاطع أن عمليات الفرض والإخضاع والإكراه لا تبقي على وحدة ولا وئام بل تشحن الساحة بالضغائن والأحقاد والصراعات والجراح التي لا يرجى منها غير الكوارث للجميع.

 

 

– كيف ترى حالات تشظي الكيانات النقابية، حتى تلك التي ولدت موحدة، وهل يمكن أن تكون الكيانات الثقافية فيدرالية على غرار الفيدرالية السياسية اذا ما طبق النظام الفيدرالي؟

– حالة تشظي الكيانات النقابية هي دون شك انعكاس وتجل لحالة التشظي العامة التي تفتك باليمن نتيجة لممارسات التسلط والاجتياح والمركزية والاستلاب والإقصاء، وبالتالي فإن ما ستؤول إليه الأوضاع مستقبلا هو الذي سيحدد مستقبل هذه الكيانات.. هناك الكثير من النقابات والاتحادات التي أعلنت بصفتها الجنوبية معلنة إنهاء ارتباطها بالنقابات والاتحادات في صنعاء، ومن المفارقة أن بعض هذه التكوينات ولدت موحدة قبل إعلان الوحدة عام 1990م، لكن في التحليل الأخير نجد أن ما جرى على مدار الاثنين والعشرين عاما الماضية من ممارسات تسلطية حولت الجنوب إلى فرع عاد لأصل وحفرت أخاديد من الآلام والمواجع في نفوس الجنوبيين،كان لا بد أن يؤدي إلى كل هذا التشظي، وبالتالي فإن هذا الأمر يؤكد أن الحاجة ملحة للعمل باتجاه المعالجة الجذرية للقضية الجنوبية من خلال الاعتراف بها أولا والإقرار بحق شعب الجنوب في اختيار ما يرضاه لمستقبله.

 

 

– هل تغيرت مواقف مثقفي الجنوب اليوم تجاه الهوية الوطنية «اليمنية».. وما السبب؟

– أولا دعني أوكد أن هناك هويات متعددة في اليمن أدى عدم الاعتراف بها ومحاولة صهرها بل وقمعها ونسفها إلى كل هذا الخراب.. بل أن هناك تعددا للهويات في الشمال والجنوب حاول الحكام نفيها وطمسها وكأنها عار يجب مسخه، مع أن في التعاطي الإيجابي معها ومع التنوع بشكل عام ما يثري ويغني، لذلك فإنهم بتعاملهم المدمر هذا لم يستطيعوا فرض هوية واحدة هم ابتدعوها، ولم يستطيعوا القضاء على الهويات المتجذرة في الجنوب والشمال، ومن هنا فإن المطلوب اليوم هو الإيمان بأن التنوع نعمة لا نقمة، وإن امتلاك ثقافة وعقلية جديدة تحسن إدارة هذا التنوع هو السبيل للخلاص من كل هذا الخراب، ونعتقد جازمين أن على الجميع في الجنوب والشمال أن يدركوا حقيقة أن التشظيات الراسية والأفقية مرشحة للاتساع والتعمق إذا لم نعي هذه الحقيقة سواء ظل اليمن موحد على أساس فيدرالية الإقليمين أو انقسم إلى دولتين.

 

 

– ما هو دور الموقف العربي حيال ثورات الربيع العربي.. أم تراه تفاجأ بها هو كما غيره؟

– هناك الكثير من المواقف تجاه ما بات يعرف بالربيع العربي سواء مواقف عربية رسمية أو شعبية أو نخبوية، ولكن المؤكد أن كل المعطيات في الساحة العربية كانت تؤشر إلى أن الغضب الشعبي مرشح للتفجر، لكن المفاجأة كانت في ما اتسم به هذا الانفجار من حراك ثوري شبابي سلمي فرض حالة جديدة غير مسبوقة وهي التغيير السلمي لأوضاع تجذرت على مدار عقود، وفي هذا السياق يبقى الترقب سائدا لما سيتمخض عن هذا الفعل المدني، لأن ما حدث حتى الآن في معظم دول الربيع العربي هو تغيير رؤوس الأنظمة مع بقاء هياكلها ومنظوماتها، وصورة ذلك واضحة في اليمن وتنفتح على مآلات عديدة ومختلفة، بعد أن تم احتواء الثورة الشبابية السلمية من خلال ما يوصف بالتسوية السياسية التي حققت مغانم ومطامع ومطامح بعض الأحزاب والقوى وأحبطت ممكنات التغيير الجذري الشامل.

 

 

– العصر الآن.. هل هو عصر الثقافات الجماهيرية بعد عصر الثقافات النخبوية؟…

– نعم بات الفعل الجماهيري هو الحاضر والمقتدر على إنتاج التحولات ولم تعد الآلية العسكرية هي المهيمن على المشهد والفاعل الأوحد في الساحة العربية عموما.. إن الميزة التي لا تضاهيها ميزة في ثورات الربيع العربي أنها اتسمت بالعصرية وامتلاك ناصية المعلوماتية والتقنيات من حيث إعلاء التنوع على عكس ثورات القرن الماضي التي اتسمت برفض التنوع وتجريمه وتمجيد العنف وسفك الدماء، ومما لا شك فيه أن ذلك لا يمكن أن يقلل من أهمية ما أسميتها بالثقافات النخبوية التي تتعاظم أهميتها لترشيد الحراك الشعبوي وتصويب الأداء وتأصيل ثقافات التعايش والاعتراف بالآخر والاحتكام إلى الآليات الديمقراطية.

 

 

– ما موقف أو رؤية حزب رابطة أبناء اليمن «رأي» نحو ما يعتمل على امتداد الوطن –شمال وجنوب- ؟

– لقد سعى حزبنا – رابطة أبناء اليمن (رأي) – على مدار العقدين الماضيين للعمل باتجاه إصلاح كل الاختلالات التي أدت باليمن ووحدتها إلى ما هي فيه اليوم من مهاوي ومنزلقات مدمرة وقدم الحزب في سبيل ذلك الرؤى والبرامج التي كان من شأن الأخذ بها أن يرسي مداميك وحدة قابلة للاستمرار وحدة تجمع ولا تفرق تعز ولا تذل، ولكن كان من بيدهم مقاليد التسلط يستكبرون ويمضون في استعلائهم وإصرارهم على تعميق الاختلالات وبناء أسوار الكراهية بين أبناء الجنوب والشمال، واليوم نرى أن لا مجال أمام الجميع في الجنوب والشمال إلا اعتماد نظام الدولة المركبة (الفيدرالية) على أساس إقليمين (جنوب وشمال) لمدة ثلاث أو خمس سنوات، يعقب ذلك استفتاء أبناء الجنوب ليقرروا ما يرضيهم سواء البقاء في دولة اتحادية فيدرالية مع الشمال أو الاستقلال، مع ضرورة أن تكون في كل إقليم فيدراليات فرعية تؤمن شراكة أبناء كل إقليم في السلطة والثروة، ونعتقد جازمين أن هذا هو السبيل للخروج من المأزق بأقل التكاليف، مع أن المزاج الشعبي العام في الجنوب لا يرى سبيلا سوى الاستقلال الفوري والناجز، ونحن نحترم كل أصحاب الرؤى المخالفة لما نراه في الجنوب والشمال، ولكن قرأتنا للأوضاع تجعلنا أكثر اقتناعا بأن ما نراه هو الأصوب.

 

 

– كلمة أخيرة..

– أشكركم على إتاحتكم لي هذه الفرصة وأتمنى من المولى تعالى في هذا الشهر الفضيل أن يرينا ويري الجميع الحق حقا ويرزقنا ويرزقهم اتباعه وأن يرينا وإياهم الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه لخير الوطن والأمة.

 

عن صحيفة المنتصف

زر الذهاب إلى الأعلى