أخبار وتقارير

الحكيمي في مواجهة هادي: التوافق على تسميتك “رئيسا” لا يعني أن تصبح أسير التوافق السياسي وتتناسى الشعب وأوجاعه

 

يمنات ـ متابعات 
وجه رئيس الهيئة الاستشارية العليا للمجلس الوطني المستقل لشباب الثورة اليمنية المناضل الوطني والسياسي المعارض/عبد الله سلام الحكيمي من منفاه بمدينة شيفلد بالمملكة البريطانية رسالة إلى الرئيس عبد ربه منصور هادي مخاطبا" إياه بالقول:التوافق على تسميتك رئيسا"لا يعني أن تصبح أسير التوافق السياسي وتتناسى الشعب وأوجاعه وتتجاهل ثورته, ولا يوجد أمامك سوى النجاح والنجاح وحده أو السقـوط المهـــين, واصفا "السلطات الاستثنائية الممنوحة لهادي لم يسبق أن حظي بمثلها رئيس" قبله من رؤساء وحكام دول العالم الثالث كله..مضيفا"بالقـول لهادي لا يجود لك أي إمكانية أو مجال بالإخفاق أو الفشل أو التقاعس تحت أي أعذار أو مبررات أو أسباب من أي نوع،لأنه ما سيكون حينها هو أننا استبدلنا مركز قوة واحد عائلي فاسد متخلف بمراكز قوى متعددة ومتصارعة.. وجاء في الرسالة:

مضى حتى الآن منذ انتخابكم رئيسا"لليمــــــــن ستة أشهر أي نصف عام من الزمن،أو ربع مدة رئاستكم الانتقالية المتوافق عليها..ولذا فإن روح المسئولية التاريخية الجسيمة التي قبلت بها كرئيس توجب عليك أن تكون رئيسا"لليمن ولكل اليمنيين وليس للأحزاب وقواها ومراكز القوي والنفوذ وما تفرضه عليك بل يجب أن تدرك بأن حالة ومشاعر خيبة الأمل والإحباط واليأس وانسداد الأفق التي بدأت تنتشر وتتعمق في أوساط قوى الثورة وجماهيرها المليونية الواسعة لا تعتبر بشير خير للسلطات الحاكمة في الغالب الأعم، بل نذير شؤم وشر يتهيأ ويتفاعل تحت السطح للإطباق على البلاد والعباد، مما يفرض عليك استيعاب المطالب والأهداف المشروعة التي حركت الثورة وفجرتها،والتسريع في جدية وشمول خطوات وقرارات التغيير الجذري المنشود، لتحاشي الوقوع من حيث تدري أو لا تدري،في شباك وأغلال سياسات التوازن ومراعاة ومداهنة وإرضاء القوى السياسية ومراكز القوى والنفوذ العسكرية والقبلية والمناطقية والدينية المعيقة للتغيير والتحول والانتقال السياسي الحقيقي في البلاد,والمجهضة لنواياك وسمو مقاصدك وغاياتك المشروعة النبيلة كما يتمناها وينشدها ويهفو إليها شعبنا اليمني من خلال إعادة بناء دولته ونظامه السياسي وفقا"للمعايير الوطنية والديمقراطية الحديثة والعادلة.

ولتعلم بان واقع حال البلاد والعباد اليوم، يا فخامة الرئيس، بات أكثر سوءاً مما كان عليه قبل الثورة الشبابية الشعبية السلمية في ظل تركيبة السلطة الحاكمة السابقة واللاحقة..فالأمن في البلاد منفلت، والأمان مفقود، والمليشيات المسلحة تنتشر في عاصمة البلاد وتبسط سيطرتها على مربعات أو "كانتونات" خاصة بها فيها وكذا الحال في مدن البلاد الرئيسية، وعصابات قطع الطرق والنهب والسلب والقتل والاغتصاب وانتهاك الحرمات تسرح وتمرح في طول البلاد وعرضها.. والتمردات وحركات العصيان المتعمدة والمنظمة داخل وحدات عسكرية تزحف من أقصى البلاد إلى عاصمة البلاد مدعومة بمجاميع مسلحة قبلية أو بلطجية وتقتحم وزارة الداخلية وتنهبها وتحاصر وزارة الدفاع وتقتل جنودا"وتستعرض عضلاتها أمام منزلكم دون أن يعترضها معترض أو تحال إلى محاكم عسكرية ميدانية حسب القانون العسكري.. واقتصاد منهار وفقر وبطالة في ازدياد والبلاد على أبواب الإفلاس..والخدمات الأساسية العامة شبه معدومة، والنسيج الوطني ووحدته يتمزق وتعمل فيه معاول التمزيق والتدمير والنسف على قدم وساق.. وحكومة ما سميت"بالوفاق الوطني"عاجزة ومشلولة وغارقة في دوامة الصراع المرير على تقاسم وظائف الدولة على اختلاف مستوياتها وأنواعها والمصالح والمغانم بين طرفيها وهي مصالح شخصية أو حزبية أو فئوية على حساب الأموال والمصالح العامة المملوكة للشعب أصلا",ومكونات هذه الحكومة،وبوضعها المزري ذاك، قبلت أو طلبت من مراكز قوى ومليشيات مسلحة خارج نطاق الدولة وقوانينها ونظمها، حراستها وتوفير الحماية لأفرادها أو مكوناتها وأعضائها، مقابل استرضائها بالاستجابة وتنفيذ مطالبها وإملاءاتها سواء في تعيينات الوظائف القيادية أو صرف اعتمادات مالية ضخمة لها دون وجه حق، و… و… و…الخ..مما لا يتسع المجال لذكره، وأنت، يا فخامة الرئيس، بعد إصدارك لعدة قرارات مهمة وشجاعة، بعضها لم ينفذ، عدت لتجد نفسك، بحكم طبيعة الموقع"الجيوبوليتيكي"لمقر إقامتك، مجبراً أو مضطرا"إلى اختزال دورك التاريخي الذي حملت شرف النهوض بأعبائه، مكتفيا"بإدارة "لعبة توازن القوى" بين مراكز قوى قديمة ومستحدثة والحرص على استرضائها وتحاشي إثارة غضبها وذلك تحت وهم إمكانية ترويضها، وتلك لعبة عقيمة سبق أن مارسها حكام سابقون فكانت سببا"لإسقاطهم!! لأنها بحكم طبيعة تركيبها الأقرب إلى تركيبة وعقلية العصابات لا تقنع ولا تشبع، ولا تؤمن بقضية أو مشروع وطني كبير ذي رؤى وأبعاد إستراتيجية بعيدة المدى، بل تحكمها وتتحكم بعقلياتها ومواقفها وأساليبها مقتضيات اللحظة الراهنة وما تتيحه لها من فرص وعروض "الفيـــــــد"و"الفيــــــد"فقط دون وضع أي اعتبارات أو حسابات لمستقبل أو رؤية إستراتيجية بعيدة المدى وهكذا فإن القانون الذي تتبعه تلك القوي هو تحقيق مصلحتها الذاتية كيفما أتت ومن أية جهة أقبلت ولأي هدف عرضت!!

ولا يساورني، يا فخامة، الرئيـــس، أدنى شك بأنك تعي تمام الوعي وتدرك تمام الإدراك أن "الجيش والأمن" في بلد كبلادنا اليمـن كان ولا يزال أداة السيطرة على الدولة والحكم، وهو بمثابة المفتاح الرئيس أو بالتعبير الإنجليزي "الماستركي" الذي تفتح به إمكانيات تحقيق التغيير الجذري والشامل لأوضاع البلاد وواقعها المتردي والسيئ الراهن، وكل الأوضاع المشابهة ماضيا"وحاضرا"وعلى مدى المستقبل المنظور،يكون هناك لها دورا" إيجابيا"وحاميا"للمشروع الوطنـي النهضــوي إذا ما بني على أسس علمية ووطنية صحيحة وسليمة، أو يصبح دورها سلبيا" ومدمرا" ومعوقا" لتطور ورقي الكيان الوطني والشعب إذا سيطرت على مفاصله وقياداته أهواء وطموحات العصبويات الأسرية العائلية أو المناطقية والقبلية والطائفية..

فخامة الرئيــــس..إن نظرة خاطفة لتاريخنا الوطني الحديث والمعاصر بل وحتى الوسيط يثبت ويؤكد هذه الحقيقة وتبرهن عليها بشكل واضح وقاطع، ولا شك أنك، يا فخامة الرئيس، تعلم ذلك يقينا كعسكري وسياسي ذي تجارب ،وإذن، وبناءً على هذه الحقيقة، فلتكن -يا فخامة الرئيس- على قناعة راسخة لا تتزعزع، بأنك لن تستطيع أن تحقق أي نجاح، ولو كان بسيطا"، في أداء دورك التاريخي حقا"في قيادة وإدارة مهام ومسئوليات مرحلة الانتقال أو التحول التاريخي بالغ الأهمية والخطورة..أو لربما تدرك ذلك متأخرا" وبعد فوات الأوان وحينها ستعرف أنك فشلت فشلا" ذريعا"وكاملا" في أن تكون من صناع التاريخ،ما لم تبادر بأقصى سرعة محسوبة ممكنة إلى اتخاذ قرارات شجاعة وحاسمة تفتح الطريق الآمن والمأمون لإعادة بناء قوات الجيش والأمن على أسس وطنية وحديثة وسليمة من القاعدة إلى القمة باعتبار معايير الكفاءة العلمية والخبرات المتراكمة والتجارب الميدانية..الخ.

واسمح لي -يا فخامة الرئيس- أن أصدقك القول أنه إذا ما ظلت الأوضاع القائمة حاليا"تراوح في مكانها، ولم يحدث أي تغيير جوهري وشامل، سوى أننا استبدلنا مركز قوة واحد عائلي فاسد متخلف بمراكز قوى متعددة ومتصارعة،وهو ما يفسح أمامها الطريق لإعادة إنتاج سلطته المتهاوية،وهو ما يجب الحيلولة دون إمكانية تحققه.
زر الذهاب إلى الأعلى