أدب وفن

توعية مجتمعية بقضايا جوهرية خلال أكبر تظاهرة فنية بصنعاء

 

يمنات – عبدالرزاق العزعزي

 

"الإنسانية هي العظمة والرقي والتواضع بالتعامل مع الغير مهما اختلفوا معانا في الآراء والأفكار والأشكال واللهجات" إحدى الكلمات التي لاقت تصفيقاً حاراً بالوقت الذي كان الفنان الشاب أحمد عسيري يعزف لها خلفية موسيقية بجيتاره "الجبل"..

 

الكلمة واصلت "وإننا نتمنى من كل فرد في بلدنا الحبيب وفي هذا العالم الذي يحتوي بلدنا، نتمنى منه أن يصبح عظيماً ويتعامل مع الآخرين بكل إنسانية" كانت كلمة اللجنة التحضيرية للمهرجانات في فرقة النوادر الفنية التي نظمت -خلال إجازة عيد الأضحى- أكبر تظاهرة فنية ثقافية على مسرح حديقة السبعين بصنعاء..

 

وبدءً بالتطوع وأثره في خدمة المتطوع والمجتمع، مروراً بدور الإعلام في التنمية الشاملة وترسيخ الأمن، ثم الحفاظ على العاصمة ومنظرها والقضاء على كافة الأشكال العشوائية، وإلى جانب ذلك فالمشاركة السياسية للمرأة والفن ودوره في ترسيخ القيم الإيجابية، وأهمية التعايش والتسامح وترسيخ قيم المحبة والسلام لقبول الآخر كيفما كان؛ كانت ستة محاور رئيسة نوقشت في المهرجان الذي اختتم الأسبوع المنصرم وشهد اقبالاً جماهيرياً غير مسبوق..

 

كانت اللجنة التحضيرية للمهرجان قد دأبت منذ الشهر الماضي أن تكون النسخة التاسعة من المهرجان أكبر تظاهرة فنية يشهدها الوسط الفني في اليمن، وقالت إنها ستعمل على توعية المواطنين ببعض المظاهر والسلوكيات السلبية التي نعاني منها في العاصمة، كما تعزم حالياً على إنتاج بعض الأغاني والفلاشات التوعوية لمعالجة مثل هذه القضايا..

التطوع وفوائده..

بحضور حشد كبير من جهات حكومية ومدنية وإعلامية وقطاعات خاصة، إضافة إلى عددٍ من الأيتام وأطفال الأحداث؛ دشنت فرقة النوادر الفنية اليوم الأول من مهرجانها أعيادنا غير الذي يواصل مسيرته لتسعة مواسم، واستطاع أن يصل لرقم يفخر به..

ستون يوماً هي مسيرة المهرجان منذ انطلاقه لأول مرة، آنذاك لم يكن سوى حفلاً تجارياً عيدياً، بيد أنه استطاع أن يسخّر نفسه لخدمة قضايا الإنسان، والتوعية بالقضايا التي تهمه بدرجة رئيسة..

 

وخلال الحفل قالت اللجنة التحضيرية للمهرجان إنه كان حري بفرقة النوادر الفنية أن تعمل على تنظيم مهرجاناً ربحياً لا تهدف من خلاله سوى بيع أكبر عدد ممكن من التذاكر، وجمع الكثير من الأموال؛ لكنها لا تتخذ هذا الأسلوب اطلاقاً في برامجها المتعددة، بل من باب الخدمة الاجتماعية تحاول أن تقدم الفائدة مع المتعة، وترسل رسائلها الايجابية من خلال فقراتها المتنوعة..

 

"الإبداع بحجم المسئولية" الشعار التي تتخذه فرقة النوادر الفنية في عملها، بحيث تعمل على تقديم المفيد في فقراتها الفنية والاستعراضية والاستضافات المختلفة.، كما تحاول أن تقترب أكثر من هموم المواطن لمعالجتها بطبخة فنية راقية..

وبعد أن طيّرت خمسة ألف بالونة كتعبير على نشر السلام بين أفراد الوطن الواحد؛ استضافت نبيل الخضر المدير التنفيذي لمؤسسة إبحار للطفولة والإبداع لتوعية المواطنين حول القيمة المادية والمعنوية التي يستفيد منها أي شخص خلال عمله الطوعي..

وتم تقديم نبذة عن التطوع وأهميته من كل الجوانب خصوصاً الوظيفية، وكيف يمكن أن يعطي المجتمع شعوراً بالرضى عن النفس، نبيل الخضر من جهته نفسه كنموذج وكيف استفاد كثيراً من التطوع..

الدور الحقيقي للإعلام..

لأن الإعلام الأداة الأكثر فتكاً بالشعوب ومن يعمل على تأجيج أي قضية ويصنع منها قضية رأي عام؛ رأت اللجنة التحضيرية للمهرجان أن يكون هذا الموضوع هو القضية التي يناقشها في يومه الثاني، فاستضافت الزميل عبدالسلام الشريحي كأحد الإعلاميين المهتمين بالقضايا الاجتماعية والذي قال عن مهرجان أعيادنا غير إنه استطاع أن يصل للمقدمة خلال استمراريته وبرنامجه الترفيهي الذي يقدمه للجمهور الباحث عن أي متنفس فني..

وأشارت كلمة اللجنة التحضيرية للمهرجان إنها ترجو من وسائل الإعلام المختلفة ألا تعمل على تهويل القضايا التي لا تستحق ذلك، وأيضاً لا تهمل أي قضية تستحق النشر، متمنية أن يعملوا على إبراز الجوانب الإيجابية وعرض قصص نجاح الشباب المليئة بالتجارب التي من المحتمل أن يحتذي بها الآخرون..

مضيفة أن منصة "أعيادنا غير" تعمل بشكل مستمر على عرض عديد من المواهب الشابة في مجالات مختلفة، مؤملة من الإعلاميين أن يعملوا على عرضهم كمواهب تستحق ذلك..

وكنوع من الشكر لدور وسائل الإعلام؛ كرمت الفرقة -بشهادات وهدايا رمزية- عدد أربعين صحفياً ووسائل إعلامية مختلفة؛ لدورهم في إفراد مساحة لنشر أخبار الفن والفنانين، وأيضاً لتعاونهم في نشر الأخبار الفنية الخاصة بالفرقة..

 

الحفاظ على نظافة العاصمة..

في اليوم الثالث من أيام المهرجان؛ تم مناقشة قضية النظافة ودور المواطن في الحفاظ على منظر العاصمة، واستضافت محمد المرزوقي رئيس نقابة عمال البلدية الذي وعد بأن العاصمة لن تشهد إضراباً لموظفي البلدية في ظل بقاء عبدالقادر هلال أميناً للعاصمة الذي قال بأنه قام بتسهيل ومساعدة عمال البلدية من خلال نزوله المستمر للأسواق وقام بخلق وعي بأهمية نظافة العاصمة والحفاظ على منظرها..

وخلال استضافته على المنصة طالب الحاضرين من نقابة عمال البلدية التخاطب مع أمانة العاصمة لتفعيل البنود المتوفرة في القانون لمعاقبة من يقدم على رمي المخلفات أو تشويه المناظر الأماكن العامة، كما طالبوا بعودة براميل القمامة ووضعها بأماكن مخصصة في المناطق التي لا تصل إليها قلابات القمامة..

وتم تعريف الحاضرين بأن أمين العاصمة يزور شخصياً الأسواق بشكل مستمر ليعمل على توعية الناس بأهمية الحفاظ على النظافة ومنظر العاصمة، ويشارك في حملات نظافة متعددة ليعمل على رفع مستوى الوعي البيئي لدى أوساط أصحاب المحال التجارية والبسطات والباعة المتجولين والالتزام بأهمية النظافة والحفاظ عليها وعدم رمي النفايات في الشارع العام، وكان قد دعا خطباء المساجد والمرشدين ووسائل الإعلام المختلفة إلى القيام بدورهم لتوعية المواطنين بأهمية النظافة والحفاظ عليها..

جميعاً؛ ندرك أن العاصمة تعاني تكدس الأوساخ والقمامة في عديد من المناطق المتفرقة، سواء في الأحياء أو الشوارع العامة، وعادة ما نقوم بتحميل أمانة العاصمة وعمال البلدية المسئولية، متناسين أننا من يرمي تلك المخلفات دون أي شعور منا بتقديم أي مساعدة، بيد أنه تم التطرق لعدد من الصعوبات والمشاكل التي يعاني منها عمال النظافة أثناء عملهم..

وقالت اللجنة التحضيرية "وجد الباحثون أن هناك علاقة مباشرة بين النظافة العامة ونظافة البيئة من جهة، وبين شعور الفرد والمجتمع بالرضا والسعادة من جهة أخرى" مشيرة إن أهم الأسباب التي تؤدي لتكدس القمامة في الشوارع هي غياب ثقافة النظافة والتي تبدأ في البيت والمدرسة، وتنتهي حين يصبح المواطن جزءاً من عملية النظافة والمظهر الجمالي لبلدته أو قريته..

وخلال اليوم تم تكريم ثلاثين موظفاً من عمال حديقة السبعين –بهدايا عيدية- وذلك لدورهم الإيجابي في الحفاظ على منظر الحديقة..

مشاركة المرأة سياسياً ودعم مؤتمر الحوار..

"الوفاء للشهداء يأتي ببناء الدولة المدنية وصياغة اليمن الجديد بدعم مؤتمر الحوار الوطني" هذه الفقرة كانت ضمن كلمة اللجنة التحضيرية حين مناقشتها في اليوم الرابع؛ قضية المشاركة السياسية للمرأة ودعم مؤتمر الحوار الوطني..

وعمدت على عمل استطلاع للرأي مع الجمهور الأنثوي اللواتي قلن إن النساء يغلب عليهن الأعمال المنزلية بدلاً عن المشاركة السياسية، إضافة إلى عدم ايمانهن بفكرة المشاركة السياسية، وأخريات أيدن ممارسة حقهن في الانتخابات والترشيح، مضيفات أن أي امرأة تملك بطاقة انتخابية يتوجب عليها ممارسة حقها الذي يكفله الدستور والقانون..

الفنان نادر المذحجي رئيس اللجنة التحضيرية قال إن الخطابات الرسمية والحزبية والمدنية كلها تدعم المشاركة السياسية للمرأة وتؤكد أيضاً أن الشباب هم ثورة الحاضر ورجال المستقبلولكن في حقيقة الأمر نجد أن التمثيل الشبابي والتمثيل الخاص بالمرأة في كافة القطاعات ضئيل للغاية..

مضيفاً إن الأحزاب السياسية لا تؤدي دورها بشكل فاعل في تحقيق المشاركة السياسية للمرأة والشباب، وقال إن الأحزاب تعمل على حصر الشباب في دائرة "الشباب والطلاب" كما تعمل على المرأة بدائرة "المرأة والطفل" وهذا يعجزهم عن المشاركة في صنع القرار..

واستطرد بالقول "النظام اليمني يعاني من ضعف كبير في منظومته التعليمية غير القادرة علىدعم المشاركة السياسية للشباب بأي جهة من الجهات.. أيضاً تحاول عدم إدراج أي من المفاهيم الديمقراطية في الصفوف الدراسية، أيضاً تعاني المرأة والشباب في ظل النظام الحالي عوائق اقتصادية جمة تضعف دورهم في المشاركة السياسية وتصرف اهتماماتهم نحو المشاركة الاقتصادية بشكل كبير"..

وقالت اللجنة التحضيرية إن المجتمع المدني بدوره يسعى لتمكين المرأة والشباب اليمني سياسياً بخطوات سلحافوية تتقدم تارة وتتراجع تارات أخرى.. ويشكو الكثير في إطار المنظمات المدنية غير الحزبية من استغلال كبير..

 

دور الفن اليمني..

الحديث عن الفن اليمني ودوره في خدمة القضايا التنموية يجبرنا على وضع ألف علامة استفهام حوله، وبغض النظر عن الأدوار الموسمية والربحية للأعمال الدرامية أو أي أعمال مختلفة؛ فإن بعض الأعمال عادة تناقش بشكل يسيئ للفن اليمني أولاً ثم المجتمع والمتابع لها..

هذه القضية تم مناقشتها مع الفنان حسين الظفري الذي قال إن أغلب شركات الانتاج الإعلامي لا تهتم بجانب التنمية أو مناقشة القضايا المجتمعية، مشيراً أن أغلبهم يسعون للربح المادي..

 

الكوميديا مثلاً حين يتم تسخيرها لخدمة القضايا التنموية تتحول إلى عبث بوجوه الممثل وحركاتهم كمحاولة لإضحاكنا غصباً، ويتم نسيان القضايا المهمة في ذلك ذات البعد التنموي،أما الدراما الأخرى فمازالت لم ترتقي للشكل المطلوب، ناهيك عن غياب الأعمال السينمائية وموسمية الأعمال المسرحية الهادفة التي وإن وجدت فإنها لا تجد دعماً لتعمل على دعم أي قضية تحاول مناقشتها، أو ربما قد تتعرض لحرب عنيفة مقابل دولها الخادم لقضايا تنمية الشارع اليمني معرفياً وسياسياً واقتصادياً وغير ذلك..

اللجنة التحضيرية من جهتها ناشدت وزارة الثقافة الاهتمام بالفن اليمني ليظهر بالشكل اللائق، وتوجهت بالشكر لعبدالقادر هلال أمين العاصمة الذي قالت بأنه ألتقى مؤخراً بعدد من الفنانين والفرق الفنية ووعد بتقديم أي دعم مالي في حال وجود أي عمل توعوي هادف لخدمة العاصمة والحفاظ على منظرها الجمالي..

وأشارت اللجنة إن فرقة النوادر حين استعدادها لمناقشة أي قضية فإن أول المحبطين لعملها لها تكون الجهات الحكومية التي لا توافق على منح التمويل أو المساعدة والتسهيل لعملها إلى بعد شق الأنفس وبعد تكبد عديد من الخسائر المالية للمقربين من المانح..

 

وفي ختام اليوم تم تكريم عدداً من المعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة؛ كلفتة إنسانية لشريحة مهمة في المجتمع تكاد أن تكون مغيبة عن العمل التنموي والوسائل الإعلامية المختلفة، جاء التكريم بالتعاون مع صندوق رعاية المعاقين..

التسامح والسلام..

في اليوم الختامي تم مناقشة التسامح ونشر السلام، وتم استضافة الزميلة سارة البعداني والفنان سلطان الجعدبي والفنان إبراهيم الأشموري لمناقشة القضية من الجانب الفني والإعلامي..

 

البعداني قالت إن المجتمع اليمني بحاجة لنبذ مظاهر العنف والتطرف، لاسيما بعد الأحداث الأخيرة التي شهدتها اليمن.. ومن جانبه قال الجعدبي إن الشعور بالإنسانية وقيمة الفرد، لا يأتي إلا عبر التعايش المجتمعي والتسامح بين الجماعات والأفراد وترسيخ قيم المحبة والسلام لقبول الآخر كيفما كان فكره أو شكله أو معتقده.. واشار الأشموري إن الأعمال الفنية تهدف بشكل مباشر أو غير مباشر لغرس قيم السلام، ولكن الرسالة قد لا تكون واضحة في أحايين كثيرة..

البعداني أثنت على المهرجان وقالت إن المهرجانات العيدية لا تقتصر على رسم الابتسامة فقط؛ إنما يتعدى ذلك تقديم رسائل توعوية للحاضرين..

وتم أيضاً استضافة فرقة "على بعد ثلاثة أمتار" التي تغني من أجل الحب والسلام، وقدمت عدداً من أغاني السلام أهما أغنية "كنّاس" من ألبومها "إنسان" وأغنية "لا للعصبية والمناطقية" من ألبومها "بداية التغيير"..

 

اللجنة التحضيرية في كلمتها قالت إن السلام هي الرسالة الأكثر ترسيخاً في كل الديانات السماوية وأيضاً منهج كل الأحزاب والجماعات السياسية والدينية وحتى المتطرفة؛ بيد أن كل جهة تعتبر أن نشرها للسلام يأتي عن طريق الفكرة التي تؤمن بها..

 

مشيرة إن منصة مهرجان "أعيادنا غير" بالوقت الذي تنبذ فيه أي تصرف يسيء لآدمية الإنسان؛ فإنها تشعر أن السلام لن يتحقق إلا بترك المعتقدات التي تحرّم أي عمل منافٍ لمعتقد جماعة أو فئة ما، وأضافت " نشعر أن قبول الآخر بشكله وفكره ومعتقده يؤدي بنهاية المطاف إلى الصعود بسلالم المحبة والسلام"..

وأضافت "إن الدين الإسلامي الحنيف وكل الديانات السماوية الأخرى حثت على مبدأ قبول الآخر والدعوة إلى الدين الحق بالحكمة والموعظة الحسنة، ومن هنا نستغرب إقدام الجماعات المتطرفة دينياً بامتهان آدمية الإنسان وارهاب الآخرون بعمليات القتل والإبادة الجماعية التي تعمل على إخراج أي مرتكب ومخطط لهذه العملية من قائمة الإنسانية"..

 

متفرقات..

 

خلال اليوم الختامي تم تكريم الجهات والأشخاص المتعاونون لتنظيم المهرجان وكذلك الشركات الراعية له، أهما شركة سبأفون للاتصالات التي قدمت عدداً من الجوائز العينية للجمهور أهمها جهازين آي باد، وستة تلفونات جالكسي..

على منصة "أعيادنا غير" تم استضافة خمسين ضيفاً بينهم فنانون غناء وتمثيل وشعراء وإعلاميين، كما تم استضافة عدداً من فرق الرقص والغناء والعروض الخطرة والتايكواندو والكونغ فو.. وتم تخصيص فقرة خاصة بمسابقة الطبخ بين العائلات، وتم تنظيمها على مطبخ ماجي المتنقل..

وحصلت فرقة النوادر الفنية المنظمة للمهرجان بتشجيع من قيادة أمانة العاصمة على درع تكريمي من مؤسسة دار الرحمة للأيتام، تقديراً لدورها في استضافتها خلال مهرجاناتها لأطفال الدار..

 

وخلال الحفل تم توزيع المئات من الهدايا للجهور ومن ضمنها العشرات من الأجهزة المنزلة المقدمة من شركة آرتكس التجارية..


زر الذهاب إلى الأعلى