أخبار وتقارير

طلاب اليمن في ماليزيا فقر بلا حدود

يمنات – وديع اليوسفي

هل هو قدرنا ان نعيش فقراء وان يلاحقنا الفقر الى "حُفر الملح" ؟ هل الفقر مكتوب على جوازات السفر ام انه مقرون بكل يمني حاضر في "واق الواق" او مسافرا بعيدا عن الديار؟ تكتض بوابة وزارة التعليم العالي اليمنية بطلاب يريدون الخروج للدراسة وفي مقدمة البلدان التي يريدون التوجه اليها ماليزيا نظرا للسمعة التعليمية الطيبة لجامعاتها المرموقة.. لكن بمجرد تحقق حلم الطالب ووصوله الى جنة الله في الارض ماليزيا يدرك كم كان مخطئا في هذا الاختيار ! أهم سبب لخيبة امال معظم الوافدين الى ماليزيا هو الغلاء المعيشي الذي لا يكفيه الراتب السخيف بل الاسخف بين رواتب الزملاء من كل الدول، فراتب الطالب اليمني الذي يستلمه في ثلاثة اشهر لا يساوي راتب طالب ليبي او سعودي يستلمه في الشهر الواحد.. انها قسوة الحياة من أن تنتظر طلاب اليمن هنا ليعشوا الفقر بكل الوانه الملعونة.

الراتب لا يكفي للإيجار واكل خبز وزبادي طوال "الربع"- والربع ثلاثة اشهر وزارية وشهر تأخير في احسن الحالات – بالإضافة الى احتياجات اساسية :فواتير كهرباء وانترنت وتلفون.. كثيرة هي المطالب والربع جامد ويا ليته يصل بحسب الموعد.. في الفترات السابقة امنا جميعا اننا بين فكي كماشة الفساد والنهب المنظم، لكن التغيير الان قد حل، فهل يمكن لوزارتنا وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ان تنظر بعين العطف او بعين الانصاف او بعين الانسانية ؟ هل يمكن لمعالي وزير التعليم العالي ان يفعلها ويزيح الهم والقترة من على وجوه الطلاب الافقر في ماليزيا.. ربما يكون ذلك وخاصة وان الوزير ونائبه الدكتور محمد مطهر لديهما ابناء يدرسون هنا في ماليزيا، فهل سألوهم عن الوضع وعن حقيقة المعاناة التي يعيشها زملائهم؟ ونسالهم هل ابنائكم فقط معتمدين على منحهم ام انكم تستقطعون لهم من رواتبكم وترسلون لهم لتغطية النفقات المعيشية؟

هل يعلم السيد باسندوه والسيد صخر الوجيه ان طلاب اليمن في ماليزيا يقضوها وجبة واحدة في اليوم معظم ايام الشهر وفي نهاية الربع يجوع الطلاب لأيام وليالي لا يعلم بحالهم الا الله ؟ ندرك ان البلد فقير وان الثورة كلفت البلد وان النصابين اخذوا ما خف وزنه وما ثقل حمله ولم يتركوا شيئا يذكر ، لكن من حق الطلاب ان يأكلوا ويشربوا.. لا نطالب بغير رفع الراتب من 300 دولار للبكالوريوس و500 للعليا الى 1000 دولار لكل طالب- ولا فرق بين بكالوريوس او دكتوراه فالحال واحد- في الشهر كي يستقيم الحال، انا شخصيا لا اعلم من اين سيأتون بهذه المبالغ لكني اعلم ان هذا هو الاحتياج الحقيقي للطالب الذي لا يريد مساواة مع زميله الطالب السعودي او الليبي ونعلم انهم قادمين من دول نفطية ولذلك لم نطلب الا ان نعيش بثلثي راتبهم في الشهر لا نريد مساواة بهم نتيجة لظروف بلدنا .

اتت لجان وتأتي لجان لتحل مشاكل الطلاب المتعددة من مديونية الجامعات والاستمراريات او اضافة او تنزيل لكن أيا من هذه اللجان حاشا لله انها نظرت للمشكلة الاساسية وهي قلة الراتب وضآلته المتناهية، واكيد ان هذه اللجان لا تعرف ان الطالب مهان بقدر راتبه المسحوق ويعيش حياة مسحوقة ،لم تكلف هذه اللجان نفسها بزيارة اي مجموعة من الطلاب في مساكنهم القريبة من العاصمة كوالالمبور حتى من باب الشجن او زيارة الرحم، لكنها تأتي لعمل روتيني لا يتسم باي طابع اجتماعي ولو من باب جاءكم ضيف من اليمن السعيد.

يئن الجميع هنا في ماليزيا من تأخر المرتبات مع ان اصحاب الشقق لا يتحملون الانتظار وعندما تخبرهم انك منتظر للراتب تكون محل ضحك وسخرية، الناس هنا لا يعرفون امهلني وانتظرني وانما كل شيء بموعد واظن ان السيد باسندوة رئيس الوزراء تكلم عن التجربة الماليزية التي يريد ان ينقلها الى اليمن، نساله عبر من ستنقلها؟ اذا كان عبر السفن القادمة الى اليمن او الطائرات فانا نقول له انها لا تنتقل بهذه الوسائل وانما ستنتقل عبر سفراء اليمن وهم طلابها الذين يطلبون لقمة عيش حتى يتمكنوا من نقل التجربة والخبرة الماليزية الى اليمن ولن يكون ذلك وهم فقط مشغولين بالإيجار والخبز والفواتير.

ما شدني هو تندر الطلاب عن تأخر الارباع وقلة الراتب على صفحات حوائطهم في الفيسبوك وهنا دعوني انقلكم الى عالم الطلاب والى قلب المعانة والمأساة التي يعيشونها..

كتب رائد المصري في صفحته: "مصدر موثوق: سيتم صرف 2 ارباع كاملة لجميع الطلاب الدارسين في ماليزيا، وصرف 2500 دولار لكل خريج وذلك لتحسين الحالة الاجتماعية ضمن الظروف الصعبة التي يمرون بها" وفي اخر الصفحة اضاف: " استخرج من القطعة مايلي: فعل ماضي، مفعول به، جمع مذكر سالم".

وفي صفحته كتب الطالب سيف القيري:" يا ملحقيتنا الموقرة اعطوني حق السفر، لأسافر الى اليمن، مليت من هذا الحياة و الارباع ،قد كنت على راس مالي، ودفت بي وزارة التعليم العالي بالمنحة الى ارض الجن" ويناشد رئيس الوزراء والسفارة والملحقية " يا باسندوه يا سفارة يا ملحقية تعبنا و كدرتوا حياتنا اكثر من اللازم.. الطلاب ماتوا جوع".

ويكتب اخر على صفحته: "ياملحقية معانا كمبيوترات وتلفونات للبيع هل تشتروا منا؟؟ تعبنا نشتي نعيش اين الربع الله يهديكم".. فقلنا له امين مادام فيها هداية. وزميل اخر يعرض كليته للبيع من شدة الجوع ويقول: "يا ملحقية معي الكلية حقي اشتي ابيعها لما يجي الربع" وان كان لا يعني ما يقول الا ان هناك جوعا جعله يقول ذلك.

وفي صفحة "انشتاين علي" وهو اسم لصديق عزيز احب ان يخلد ذكرى خبر اطلع عليه فى صفحة القنصل اليمني بماليزيا عبدالله الجبوبي منذ ايام فأورد التالي:" لن يفارق هذا الخبر خيالي فهو ذكرى لأحلى خبر ولو تم انكاره لكنه جميل: "عبدالله الجبوبي.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. اسعد الله صباحكم اين ما كنتم أعزائي واخواني الطلاب.. أزف اليكم اليوم بشرى ساره تنتظروها منذ سنوات . لقد تمت الموافقة من وزارة المالية على رفع منحة الطالب اليمني في ماليزيا (480دولار دراسات جامعية، 700 دولار للدراسات العليا) شهرياً وسيتم الصرف من الربع الجاري بتاريخ 16-1-2012 " لكن مع الاسف قيل فيما بعد ان حساب القنصل على الفيسبوك مخترق ويا فرحة ما تمت.

ويورد محمد ناصر مايلي على صفحته: "مابش فايدة مامعانا الا نصبر ونحتسب.. الصبر.. الصبر ياخبرة"

هذا هو حال طلاب ماليزيا فهل هناك من يسمع ام ان الجميع مشغولين بما هو اهم؟ وهل هناك ما هو اهم من طلاب اليمن وشبابها ومستقبلها ؟ لا اعلم ولا احب ان اعلم ان هناك شيء اهم من المستقبل.

زر الذهاب إلى الأعلى