قضية اسمها اليمن

خولان الطيال بين نارين .. السلاح والثأر!

يمنات – خاص – الصحيفة الورقية – احمد داود

منذ أكثر من 20 عاماً  ومنطقة جحانة بمديرية خولان الطيال شمال شرق العاصمة صنعاء لا تتوقف عن بيع السلاح للقبائل.

تتواجد في المنطقة العشرات من الدكاكين، وفي كل دكان، تتواجد أنواع مختلفة من الأسلحة (مسدسات، رشاشات.. إضافة إلى بيع الذخيرة).

وجحانة هي مركز مديرية خولان ، وهي عبارة عن قرية تقع في أعلى وادي مسور، وتشتهر كسوق لخولان، حيث يأتي إليها الأهالي القاطنون في الجبال والقرى المجاورة لاقتناء السلع التجارية ، وكذلك لبيع بعض المصـنوعات الحرفية كالنسيج المصنوع من صوف الغنم، كما تتواجد دكاكين كبيرة لبيع المواد الغذائية، وصيدليات لبيع الأدوية.

 

وتعيش القبائل في خولان الطيال في دوامة صراع متواصل، بسبب خلافات بسيطة تحدث بين قبيلة وأخرى، لكن سرعان ما تتحول إلى مواجهات مسلحة تؤدي إلى حدوث مزيد من القتلى والجرحى، ليستمر بعد ذلك مسلسل العداء والثأر بين القبائل إلى الآن.

مساحة خولان تتجاوز 12 ألف كيلو متر ، فيما يبلغ سكانها أكثر من 200 ألف مواطن، يتوزعون على أكثر من 20 قرية متناثرة على هذه المساحة.

 

أسواق للموت

ويعتبر الكثير من أبناء خولان الطيال أن سوق جحانة للسلاح  من أكبر العوامل المساعدة في تأجيج الصراع بين القبائل.

يقول محمد عبد الولي   أحد المواطنين إن أبناء قبائل خولان تظل حاملة للسلاح باستمرار، أينما ذهبوا، حتى أصبح جزءاً من العادات المتوارثة في المديرية.

ويضيف : «لا يكاد يمر شهر دون حدوث مشاكل بين القبائل سواء داخل القبيلة ذاتها أو بين قبيلة وأخرى، غير أن القبائل تلجأ إلى حل الخلافات فيما بينهما عن طريق وساطات تأتي من مناطق أخرى لحل الخلاف، وتكون الواسطة بمثابة القاضي الذي يحكم بين الناس.

ويؤكد عبد الولي أن سوق جحانة عامل مهم في حدوث المشاكل والصراع بين الناس، فالقبائل تحصل على السلاح والرصاص بسرعة، ما يجعلها قادرة على خوض الحروب في أي وقت.

وشراء الرصاص والسلاح لا يستخدم فقط في الحروب بين القبائل، بل تستخدمه القبائل في الأعراس.

ويشير عبد الولي إلى أن معظم قبائل خولان كانت تلجأ إلى إطلاق الرصاص في الهواء بكثافة أثناء زفاف أبنائها، إلى درجة أنك عند حضورك زفاف شخص ما تعتقد أنك في معركة مسلحة.

وعلى الرغم من الإعلان أكثر من مرة عن إغلاق سوق السلاح في جحانة من قبل الحكومة إلا أن تجار السلاح ما زالوا إلى الآن يهربون الكثير من الأسلحة لبيعها في سوق جحانة.

ويتهم البعض تجار السلاح وبعض القيادات الأمنية ببيع الأسلحة في هذا السوق بعد تهريبها من معسكرات تابعة للدولة، وهو ما تم تناقله في خولان أثناء اعتقال قائد اللواء 62 حرس جمهوري مراد العوبلي الذي تم اختطافه قبل أشهر في خولان، و قيل إنه كان في السوق لغرض بيع بعض الأسلحة.

وحتى الآن ما يزال الكثير من التجار يمارسون مهنتهم بكل حرية في جحانة، يبيعون الأسلحة للمواطنين ويتفاخرون بذلك، بل إن الكثير من الدكاكين تحمل أسماء مواطنين وكأنك تدخل سوبر ماركت أو صيدلية أو محل مواد بناء.

ويرى الكثير من أبناء قبيلة خولان أن السلاح في جحانة يعتبر عاملاً مساعداً في تأجيج الصراع بين القبائل.

من جهته يحمل المواطن علي الخولاني الحكومة المسؤولية الكاملة عن كل المشاكل التي تحدث في خولان، مشيراً إلى أن غياب الدولة هو السبب الرئيس لحدوث الاقتتال بين القبائل.

ويضيف : «صحيح أن سوق جحانة عامل مساعد في تأجيج الصراع بين القبائل..لكن  يجب أن نحمل الحكومة المسؤولية الكبرى عن هذه المشاكل».

ويؤكد:» إن ما يؤرقنا في خولان هو أن الأجهزة الأمنية غائبة تماماً ولا وجود لها إطلاقاً» في المنطقة، لافتاً إلى أن الكثير من القبائل تدخل في صراع قبلي وحروب تستمر لساعات بمختلف الأسلحة، دون أن تتدخل الأجهزة الأمنية لحل الخلاف.

ويزيد : ما يؤلمنا في خولان أن التعليم متدهور جداً في المديرية، كما أن المراكز الصحية شبه منعدمة، والقضاء غير موجود، والكهرباء غير متوفرة للكثير من المناطق.. ومع ذلك تتجاهل الدولة ما يحدث في خولان ولا تهتم بتتبع مشاكلها.

 وتظل مشاكل القبائل قائمة باستمرار منذ عدة سنوات –كما يؤكد الخولاني- ويظل سوق جحانة للسلاح، هو مصدر القبائل الوحيد للتمويل وشراء الذخيرة أثناء حدوث الاشتباكات فيما بينهم.

ويتفق جمال الحميدي مع الخولاني بأن سوق السلاح عامل مساعد في تأجيج الصراع بين القبائل، و يشير إلى أن عدداً من المواطنين قتلوا في هذا السوق خلال السنوات الماضية بسبب خلافات بين القبائل.

 

  متاعب إضافية

وبسبب مشاكل الثأر وعدم وجود أعمال في خولان، يلجأ الكثير من أبنائها إلى الهجرة، قاصدين المملكة العربية السعودية، ويدخل الكثير منهم عن طريق التهريب.

ويقول علي فيصل إن معظم المهاجرين إلى السعودية، حين يعودون إلى قراهم يلجؤون إلى شراء كميات كبيرة من الذخيرة والسلاح وتخزينها في المنازل كنوع من الاحتياط والاستعداد في حال حدوث أي مواجهات قبلية بسبب الثأر.

ويضيف أن معظم المواطنين في خولان يمتلكون أسلحة وذخيرة، وهو ما يساعد في اندلاع المواجهات بين القبائل.. لكنه يشير إلى أنه خلال العامين الماضيين انخفضت المشاكل والمواجهات بين القبائل بسبب ارتفاع سعر الأسلحة والذخيرة، وتردي الأوضاع الاقتصادية بشكل كبير والتي أثرت بشكل كبير على المواطنين.

ويؤكد الكثير من تجار السلاح في خولان ارتفاع أسعار السلاح بشكل كبير هذه الأيام، إضافة إلى ارتفاع أسعار الذخيرة، فالرصاصة الواحدة التي كانت تباع العام الماضي بمائة ريال، أصبحت الآن تباع بـ 250 ريالاً، والسلاح الآلي الذي كان يباع بـ 100 ألف ريال أصبح الآن يباع بـ 300 ألف ريال.

ارتفاع أسعار السلاح أثر بشكل كبير على حركة بيع الأسلحة في خولان، بحسب التجار، كما  أن تدفق المواطنين إلى السوق تضاءل بشكل كبير، بعكس ما كان عليه العام الماضي، أثناء أحداث ثورة الشباب السلمية عام 2011، وهو ما أدى إلى تراجع المشاكل بين القبائل وانخفاض وتيرة الثأر.

أثناء أحداث الثورة كان المواطنون يتدفقون بشكل كبير على سوق جحانة لبيع السلاح، ويقول بعض التجار إنهم باعوا كميات كبيرة من السلاح ومن الذخيرة، سواء لقبائل خولان أنفسهم ، أو لمواطنين قدموا من أمانة العاصمة ومحافظات أخرى والسبب في ذلك هو مخاوف الناس من حدوث مشاكل كبيرة بسبب أحداث الثورة، ما دفعهم إلى اللجوء إلى شراء السلاح للدفاع عن أنفسهم في ظل الأوضاع المضطربة التي شهدتها البلاد.

زر الذهاب إلى الأعلى