أخبار وتقارير

هادي يحتفي بمجلس الأمن والمشترك يطالب برحيل صالح عن المؤتمر

يمنات – الأولى

غادر رئيس وأعضاء مجلس الأمن الدولي, ليل أمس, العاصمة صنعاء, بعد زيارة قصيرة, تاركين وراءهم عاصفة زادت فيها حدة الانقسام السياسي مع تصعيد أحزاب اللقاء المشترك مطلب مغادرة الرئيس السابق علي عبدالله صالح, موقعه على رأس المؤتمر الشعبي العام, وفي ضوء انهيار«الثقة» بين الرئيس هادي ورئيس حكومته باسندوة, بمحضر من الضيوف الدوليين.

باستثناء احتفاء الرئيس عبد ربه منصور هادي, الكبير بالرسالة التي حملتها زيارة مجلس الأمن له, باعتبارها «ذروة الدعم والإسناد الدولي» لحكمه, وعدا الدلالاتالمقتضبة لبعض الضيوف والتي شددت على مساندة «التسوية السياسية», فإن أي إنجاز للزيارة على مستوى تحريك الراكد في مياه الأزمة السياسية, لا يبدو أنه قد تحقق, وبالعكس تبدو الأزمة مرشحة للتصاعد.

أحزاب اللقاء المشترك أصدرت بيانا شديد اللهجة لخصت فيه مطلبا رئيسا طرحته على طاولة مجلس الأمن والرعاة الدوليين, وهو «رحيل صالح» عن رئاسة المؤتمر الشعبي اولا, ملوحة بعدم إمكانية الذهاب إلى مؤتمر «الحوار الوطني» دون تحقيق هذا المطلب, وقد ترتب على ذلك انزعاج كبير لدى المؤتمر الشعبي العام, وانعكست أولى نتائج هذا التأزم على «اللجنة الفنية للتحضير والإعداد لمؤتمر الحوار الوطني», طبقاً لتأكيدات مصادر متعددة فيها لـ"الأولى".

المشترك قال في بيانه إن إصرار «الرئيس السابق علي صالح على البقاء في السلطة كرئيس للمؤتمر الشعبي, يشكل خرقاً للاتفاقية الموقعة التي مُنح بموجبها الحصانة هو ومن عملوا معه لمدة 33سنة, مقابل مغادرة السلطة», مضيفا أن تمسك صالح «بالبقاء كرئيس للمؤتمر الشعبي الشريك الأساسي في السلطة بموجب الاتفاق, يعني استمرار ممارسته للسلطة, وهو ما يجعل العملية السياسية كلها عرضة للفشل بسبب ما يمارسه من هذا الموقع من أعمال تعطيل وعرقلة طالت كافة المجالات, كما أن المؤتمر الشعبي بوضعه القيادي الحالي المزدوج لم يعد قادراً على أن يكون شريكاً فاعلاً في العملية السياسية والوفاء بالتزاماته إزاء ذلك, وتحول إلى معرقل حقيقي لهذه العملية بصورة منسجمة مع ما يخطط له الرئيس السابق المتمسك برئاسته».

بكل أوضح, اعتبر المشترك أن «الحوار الوطني الذي يعول عليه اليمنيون لوضع اليمن على طريق التغير, لا بد من توفير شروط كافية لنجاحه, وأهمها أن يكون المتحاورون مؤمنين بعملية التغيير, ولا يمكن أن يكون الرئيس السابق الذي يَعْتبر العملية السياسية والمبادرة مؤامرة عليه, كما أعلن ذلك مرارا وتكرارا, مؤمنا بعملية التغيير, ما يعني أنه سيزرع العراقيل والمصاعب أمام الحوار, الأمر الذي من شانه أن يعيد اليمن إلى مربع الصراع والعنف, ولذلك فإن اللقاء المشترك الذي يدعم جهود الرئيس هادي في إنجاز عملية التغيير وإنجاح الحوار الوطني, يرى أن بقاء صالح على رأس المؤتمر الشعبي, وممارسته للعمل السياسي من خلاله, يتعارض كليا مع اتفاق نقل السلطة, وأن تمسكه برئاسة المؤتمر يهدف إلى عرقلة العملية السياسية وإفشال مؤتمر الحوار».

وختم المشترك: «إننا نرى في هذه الزيارة التاريخية لمجلس الأمن إلى اليمن, فرصة هامة واستثنائية لنضع أمامه الأهمية المطلقة لاستكمال نقل السلطة التي قام عليها الاتفاق السياسي, وفي مقدمتها التخلي الكامل للرئيس السابق عن ممارسة السلطة وأي عمل أنشاط سياسي بصورة مباشرة أو غير مباشرة عن طريق بقائه رئيسا للمؤتمر الشعبي, وإلزامه بذلك لضمان تنفيذ مهام المرحلة الثانية من الاتفاق وإنجاح الحوار الوطني, ووضع مقاليد الأمور بيد الشعب اليمني على طريق الديمقراطية والتقدم والسلام».

وكان المشترك مهّد لموقفه هذا الذي أراد له أن يكون محور مطالبه السياسية على طاولة مجلس الأمن؛ مهّد له خلال لقائه بالأمين العام لمجلس التعاون الخليجي, أمس الأول السبت, وطبقاً لمصادر "الأولى" التي حضرت اللقاء, فقد شدد كل من الدكتور ياسين سعيد نعمان, أمين عام الحزب الاشتراكي, وعبد الوهاب الآنسي, أمين عام التجمع اليمني للإصلاح, في حديثها إلى الزياني وسفراء الدول الخليجية, على أن العقبة الرئيسية أمام استمرار التحضير لـ«الحوار الوطني» هي بقاء صالح رئيسا للمؤتمر, مؤكدين على أن مخرجات المؤتمر ونتائجه في ظل وجود صالح, ستكون «انقسامية»ظل وستعمق الشرخ القائم في البلاد.

وشدد نعمان والآنسي على أنه ليس مفترضا أن يتم الحوار بين فريقين متنازعين هما (المشترك والمؤتمر), وهذا ما سيكون عليه الحال في ظل بقاء صالح, وأن المطلوب هو أن يغادر صالح أولا لكي يجلس الجميع إلى طاولة الحوار كـ"شركاء في اتفاقات التسوية وليس كخصم", بحسب تعبير المصادر نقلا عنهما.

وانتزع المشترك بعض التلميحات من رئيس مجلس الأمن الدولي الذي قال في مؤتمره الصحفي في دار الرئاسة, إن المجلس لن يتساهل أمام أية «عرقله للمبادرة», ملمحا إلى أن المجلس سيقف أمام ذلك خلال جلسة له قادمة في نيويورك.

مصادر سياسية أشارت لـ "الأولى" إلى أن المشترك وخصوصا «الإصلاح, نجح في توجيه كامل الحدث المتمثل في زيارة مجلس الأمن الدولي, إلى الناحية التي تصب في مصلحته, وهي «رحيل صالح», مغطيا بذلك على الطرف الآخر في مشكلة الانقسام السياسي والعسكري, وهو اللواء علي محسن الأحمر, الذي تزايدت مؤخرا المطالبات برحيله عن منصبه العسكري».

المؤتمر الشعبي العام وجد نفسه محاصرا لحد ما بالتكتيك الذي اتبعه الإصلاح لذلك غادر فعاليات استضافة مجلس الأمن «مغاضبا», طبقا لتعبير مصدر رفيع.

يأتي ذلك في ظل استمرار مقاطعة أحزاب المشترك, وعلى رأسها الإصلاح والاشتراكي, اجتماعات اللجنة الفنية للتحضير لمؤتمر الحوار, منذ أسابيع, وقد حمل البيان الأخير للمشترك تلويحا واضحا في أن لا إمكانية للمضي قدما في (الحوار).

الجلسة المغلقة التي عقدها الرئيس هادي مع رئيس وأعضاء مجلس الأمن, كرست, بحسب مصادر سياسية, لإيجاز مطول قدمه هادي إلى ضيوفه بشأن مجمل تفاصيل الواقع السياسي والأمني الذي تعيشه البلاد في هذه المرحلة, وكان ابرز ما طرحه هادي هو قضية«ضعف حكومة الوفاق الوطني», معتبرا أن هذا الضعف ابرز ما يعيق انجاز مهام المرحلة الانتقالية, مبلغا الضيوف أنه بصدد إجراء تعديلات وزارية قد تطال رئيس الحكومة محمد سالم باسندوة.

ولاحقا عرف باسندوة خلال مأدبة الغداء التي أقامها هادي على شرف الضيوف الدوليين, ما دار بشأنه في الجلسة المغلقة, فغادر المأدبة في منتصف الغداء, ساخطا.

في السياق القريب, احتج الدكتور عبد الكريم الإرياني, نائب الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي العام, على حزبه بسبب تسريب أسماء ممثلي الحزب إلى مؤتمر الحوار, دون استشارته.

وقالت مصادر إن الإرياني عبر عن احتجاجه بإعلان الانسحاب من قائمة ممثلي الحزب. غير أن مصادر في المؤتمر قالت لـ "الأولى" في المساء إن مساعي بذلت لتهدئة الإرياني, وقد يتراجع عن انسحابه.

على هامش ذلك, علمت "الأولى" أن دول الخليج, وعلى رأسها المملكة العربية السعودية, تبذل جهودا لإقناع «المؤتمر» و«المشترك» بعقد اجتماع في الرياض لمناقشة القضايا العالقة بينهما, وذلك في محاولة من المملكة لتعزيز دورها في ترتيب الفترة الانتقالية التي ساهمت في تحديد ملامحها سابقا عبر«المبادرة الخليجية».  

زر الذهاب إلى الأعلى