حقوق وحريات ومجتمع مدني

السامعي رحلــــــــة في أرض الجحــيـــــــــــم

المستقلة خاص ليمنات

ماجد جميل السامعي  يبلغ من العمر 24 عاما من مواليد عزلة الخضراء مديرية سامع ، يتخذ من النجارة مهنة له حيث عمل في العديد من ورش النجارة داخل اليمن.

وبسبب الظروف المعيشية الصعبة التي عانى منها ماجد نتيجة ضآلة راتبه الشهري الذي لا يغطي مصاريفه وأسرته قرر ماجد قبل عامين  أن يدخل  السعودية بغية البحث عن عمل يحسن من مستوى معيشته .لم يفكر السامعي بالدخول الشرعي والبحث عن فيزة لكلفة ثمنها الذي يتراوح مابين خمسة عشر إلى عشرين ألفاً سعودياً يقول ماجد (قررت السفر إلى السعودية  ولا أملك حتى فلساً واحداً).

 اتصل بأحد أصدقائه وأخبره أنه عزم  الدخول إلى السعودية عن طريق التهريب  من أجل أن يعمل هناك، طالبا منه أجرة المهرب ، اتفق صديق ماجد مع احد المهربين بأن يقوم المهرب بتسفيير ماجد مقابل ثلاثة ألف ريال سعودي تكفل بها أحد أصحاب العمل على أن يعمل ماجد معه.

    استلف من احد أصدقائه  100 دولار مصاريف السفر إلى حرض  ليبدأ رحلة شاقة تكتنفها المعاناة وتصحبها المخاطر يرويها قائلا:

أقمت في حرض يوما واحدا وكان صديقي قد نسق مع المهرب وفي اليوم الثاني  الساعة الخامسة عصرا بدأنا نمشي للحدود ركبنا سيارة  إلى آخر مكان توصل فيه السيارة وبدأنا بالمشي علي الأقدام حوالي 3ساعات  وصلنا الحدود السعودية بعدها طلب منا المهرب الجلوس صامتين استمر جلوسنا حتى الساعة الواحدة بعد منتصف الليل لنبدأ بالمشي الهادئ جدآ بدون أحذية حتى لا يسمعنا  حرس الحدود السعوديون.

ذل في أرض الحرمين

 مشينا حوالي ساعة ونصفاً  تفاجأنا بأحد الجنود يوجه السلاح علينا وطلب منا الجلوس وسألنا هل باقي ناس وراءكم ؟ أجابه أحدنا  لا

 اتصل الجندي بطقم وجاء وأخذنا ليوصلنا إلى أحد الأحواش وعند وصولنا قام أحد الجنود بإنزالنا من الطقم وقال لنا :أبو يمن كل ما في جيوبكم ارموها علي الأرض والذي سأجد معه أي حاجه في جيبه يا ويله وبلعن والد والديه)  أخرجت كل ما في جيبي وأمر واحداً منا أن يأخذ الذي في الأرض ويرميه في الزبالة  وأدخلنا السجن وأنا أول ما دخلت باب السجن  انقطع علي الأكسجين  من الرائحة الكريهة ،  لم استطع الجلوس لأن السجن كان مكتظا بناس كلهم واقفون، لم يتعبنا الوقوف بقدر الرائحة الكريهة.

  وأثناء ما نحن في السجن طلب عدد من النزلاء من الجندي أن يذهبوا إلى الحمام أجابهم الجندي : كل واحد يروح لزاوية ويقضي حاجته ولا اسمع صوت.

ظللنا في هذا المكان المليء بالأوساخ والقاذورات، كأنه زريبة أغنام  إلى الساعة 7صباحآ  ثم أخرجونا إلى الحوش وظلينا تحت أشعة الشمس الحارقة  إلى وقت الظهر بدون أكل ولا شرب .

 وبعد الظهر قدموا لنا بقايا طعام العسكر من اليوم الأول لكل خمسة اشخاص 3حبات خبز وقليل من بقايا طعامهم من رز  ومشكل، وفاصوليا .

   وبعد الغداء بدأوا يبصموننا  بالدور  كل واحد  يدخل بمفرده  وعندما وصل دوري دخلت والله العظيم قبل ما يكلمني العسكري صفعني بدون سبب ويسألني أيش جابك إلى هنا،أجبته: دخلت اشتغل  وبعدين بصمني وخرجت انتظر في المكان نفسه في عز حرارة الشمس وبدون أكل لأني حينما شفت الأكل لم أستطع أن آكل رغم أن الذين بجواري أكلوا والله  كنا نتمنى شربة ماء ـ أي ماء ـ ولو من حنفية الحمام  لكننا لم نجد.

السجن كان ممتلئاً فكلنا واقفون لا يوجد مكان للجلوس مع زحمة الناس   في هذا السجن كلهم يمنيون  عددهم مابين 100 إلى 120 شخصاً.

وعندما كنا قاعدين في حوش السجن أوصل الجنود ناساً يمنيين مكلبشين لكني لم  أسألهم عن قضيتهم لأن الذي يتكلم يضربه الجنود.

8 ساعات من المشي حافيا

وعلى الرغم مما لقيت صممت بعد ترحيلي إلى حرض أن أحاول مرة ثانية  وعدت في نفس اليوم للحدود   بنفس الطريقة السابقة  بدأت المشي  حافي القدمين حتى لا يسمعني  حراس الحدود مشيت  من المغرب حتى الساعة 8 صباحآ وكانت ليله أشبه بفلم رعب.

وصلنا إلى المهرب السعودي وركبنا السيارة  حشرونا فيها مثل الأغنام كانت السيارة كامري رصونا فيها خلف السواق وكان عددنا 12 شخصاً كل واحد فوق الآخر.

أربع أيام بدون أكل

وأثناء سفرنا من الحدود إلى الرياض ظللنا 4 أيام بدون أكل والمهرب يرفض أن يعطينا أكلاً  وكانوا يقولون لنا : اجلس أبو يمن يلعن والديك، والذي يقول له أنا أشتي غدا يجيبه ( انا باغديك  ويقوم بضربه بالسوط ضربا مبرحا ويلتفت إلينا :من الذي يشتي غدا ثاني؟

وطول الطريق والمهربون يعدوننا ( الآن با نجيبلكم أكل)  ونظل منتظرين حتى يأتي مهرب ثاني يقول لنا استعدوا أبو يمن بسرعة نسأله : أين الأكل فيرد علينا بقوله: (يلعن والديكم تبو أكل اطلع فوق السيارة بسرعة) .

وأثناء تنقلنا من سيارة مهرب إلى سيارة مهرب آخر كانوا  ، يحشرونا فوق السيارة الجيمس 40 شخصا مثل التمر تمامآ ، وعندما ننزل من السيارة لا نستطيع المشي كنت أنزل امشي علي ركبتي  للمكان الذي يجلسونا فيه.

وقبل أن نصل الرياض بمائه كيلو هناك تسليم الفلوس يقول لك المهرب (اتصل بخويك  يعطي الفلوس  لصاحب هذا الرقم ) والذي ما يسدد بعد نصف ساعة. والله انه يعلقه و يضربه ضربا مبرحا ويقول له: :تبي تنحش؟ ـ يعني تهرب ـ

سجن الاقامة

أما أثناء إقامتي بالسعودية أنا وأمثالي من الداخلين إلى السعودية تهريب عانينا معاملة سيئة جداً من أصحاب العمل فإذا ما استغنى عنك وباقي لك راتب يقول لك كذا بكل صراحة ما بجيبلكش ولا فلس  طبعآ أنت بدون إقامة ولا تستطيع  إلا أن تصمت.

كما لا نستطيع أن  نخرج من المكان الذي نحن فيه ابدآ، يعني أننا نعيش بسجن.

 وإذا ما أصبت بمرض لا مستشفى تقبلك حكومية ولا أهلية، بالرياض كلها مستوصف واحد يقبل المجهولين ويكون عليك خطر كبير ولا تسعف إلا عند الضرورة القصوى كما لو أصبت إصابة بالغة.

قررت يوم الثلثاء قبل حوالي شهر  أن أخرج إلى الصناعية وهي قريبة من الورشة التي كنت أعمل فيها ففوجئت بدوريتين بجواري وقالوا أين إقامتك قلت لهم ما عندي  نزل العسكري من الدورية وقام بتفتيشي تفتيش دقيقاً وجد مبلغ 5400 كانت بحوزتي لصاحب الأخشاب  والجوال ودخان اخذ كل ما معي وسألني من أين هذه الفلوس؟ أنت تاجر؟ أجبته لا هذه الفلوس حق الورشة كنت سأسلمها لصاحب الخشب،  قال لي اسكت، يالله اطلع فوق الدورية ، طلعت  وطاف بي في الصناعية حوالي ساعتين بعدها أوصلني  قسم الشرطة.

وظليت في السجن أربعة أيام والسجن صغير 4 *4 متر وداخله 85  بالتمام والكمال من جميع الجنسيات رأيتهم ينامون في الحما م.

وبعد مضي 4 أيام حولونا سجن الترحيل مكلبشين كل اثنين مع بعض .

ترحيل جماعي

   وجدت في سجن الترحيل يمنيين مقيمين  قاموا بترحيل كل يمني يشتغل في الجوالات بغية أن يشغلوا سعوديين  بالأعمال الخفيفة

وهؤلاء الذين رحلوهم منهم من كان معه عائلته  وبدون سابق إنذار أخذوهم ومنهم أصحاب محلات رحلوا دون أن يأخذوا شيئاً من محلا تهم.

يرفض ماجد فكرة العودة إلى السعودية مفضلا العيش في اليمن رغم المعيشة الصعبة والأزمة الإقتصادية التي تعيشها البلاد لأن  القانون السعودي كما قال ماجد :لا يحمي الأجانب ولو كانوا مقيمين،  أما المجهول لا يجد له سوى الإهانة والسجن والضرب والترحيل.

زر الذهاب إلى الأعلى