حقوق وحريات ومجتمع مدني

الگازمي.. مأساة مواطن يمني في السجون العمانية

المستقلة خاص ليمنات

وحدهم اليمنيون لا يتم التعامل معهم بصفتهم ناساً لهم كرامة واعتبار، وإذا كانت أقدار الفقر والبطالة وتدهور الحياة المعيشية قد دفعت أعداداً كثيرة منهم إلى مغادرة بلادهم والبحث عن لقمة عيش كريمة وراء الحدود، يعبرون الحدود إلى دول الجوار ظناً منهم أنهم سيجدون لدى الأشقاء والجيران الأثرياء بعض مشاعر الود والمعاملة الحسنة فهم لا يريدون أكثر من لقمة العيش الكريمة، لكنهم هناك يصطدمون بواقع مؤلم فلا يجدون لا لقمة العيش ولا الكرامة الإنسانية، وكثير منهم يزج بهم بين جدران زنازين مظلمة، يسامون فيها سوء العذاب، تنتهك كرامتهم، ويفقدون آدميتهم ظلماً وعدواناً، ومن هؤلاء المعذبين في الأرض فقط لأنهم يمنيون محمد عوض سالم الكازمي من محافظة أبين والذي يتحدث عن تجربته المؤلمة في السجون العمانية وأبرزها سجن بوشر قائلاً:

بدأت قضيتي بعد أن بعت البوفية الخاصة بي في مدينة الغيظة لأن دخلها صار قليلاً ومحدوداً لا يكفي نفقات المعيشة، فأخذت قيمتها وغادرت إلى سلطنة عمان للبحث عن عمل هناك، وبعد خمسة أيام من وصولي فقط تفاجأت وأنا في إحدى المقاهي أتناول فطوري، بهجوم ستة أشخاص، حيث أمسكوني وقالوا إنهم تحريات من الإدارة العامة لمكافحة الجريمة، فسألتهم “وما هي المشكلة”، وبدلاً من الإجابة طلبوا مني مرافقتهم إلى القيادة العامة فذهبت معهم وأنا مستغرب، ولم أكن أدري أنه لديهم قضايا مجهولة يريدون تلبيسها أي شخص، لأنهم يريدون أن يتخارجوا منها، وللأسف كنت أنا الضحية، فلبسوني بعض هذه التهم، ومنها اقتحام منزل سفير إحدى الدول، وتهريب سيارات… الخ، لكنني أنكرت التهم، واخبرتهم بعدم معرفتي أو علاقتي بأي شيء مما ذكروه، لكنهم كانوا قد بيتوا النية ضدي، فلم يسمعوني وقاموا بإدخالي إلى السجن وأنا مكلبش اليدين والرجلين، لمدة ثلاثة أيام حتى أغمي عليَّ بسبب الوقوف والضرب المستمر الذي لم يتحمله جسدي من شدة الألم الناتج عن هذا التعذيب، وبينما أنا في غير وعي وكنت لا إرادياً أردد كلمات فاستسلمت لتجنب التعذيب واعترفت للتخلص من الألم الذي لا يطاق، ثم بقيت في الحجز عندهم لمدة شهر كامل، ثم رحلوني إلى سجن بوشر في مسقط، وهناك بقيت شهرين، وبعدها ذهبوا بي إلى المحكمة، وفي المحكمة قدمت تظلمي للقاضي لكنه رفض سماعي في الجلسة الأولى، أما الجلسة الثانية فكانت للنطق بالحكم، فشكوت إليه ما تعرضت له من التعذيب الشديد، والضرب فسألني القاضي هل تعرف من قام بضربك؟ فقلت له “نعم والله”، فلو دخل هؤلاء الأشخاص وسط أهل عمان كلهم فأنا قادر على معرفتهم وتحديدهم من بين الجميع، لأني تلقيت منهم أشد العذاب، الذي لا يقوم به حتى الإسرائيليون، ولكنني اكتشفت أن سؤال القاضي لم يكن إلا بغرض في نفسه، وليس للدفاع عني، حيث صدر الحكم ضدي في الجلسة الثانية، وقضى منطوقه بسجني خمس سنوات ظلماً وعدواناً، وعندما قمت بالطعن في دائرة الطعون تفاجأت بأن قيمة الطعن تتجاوز الثلاثة آلاف ريال سعودي، ويلزمني أن أوكل محامياً وأتكفل بنفقته، فأدركت حينها بأنه لا فائدة مما أحاول عمله، فأنا لم أكن أجد إلا الألف ومائتي ريال عماني، نهبها مني الأشخاص الذين ألقوا القبض عليَّ، كما نهبوا أيضاً تلفوني غالي الثمن (N95)، حينها رضيت بالحكم، رغم محاولاتي البائسة بعدها، رفعت مذكرة للسفارة،لكن دون جدوى، ومرت السنوات وأنا في السجن، وفي السنة الثالثة أصبت بمرض “الضغط” ونقلت إلى العيادة في صلالة، حيث عالجوني بطريقة غير لائقة بإنسان، فلم يعطوني إلا باندول وبروفين فقط، رغم احتياجي لعلاجات أخرى.

بعد رجوعي إلى السجن صرفوا لي أدوية تخدير اسمها “امزدي” وكانوا يشربونني غصباً عني، وأنا أقبع في السجن مع المجانين ومكلبش، وكانوا يعاملونني كحيوان متوحش ينبغي تعذيبه، واستمروا يجبرونني على تناول هذا المخدر 11 شهراً حتى أدمنت عليه، فلم استطع الامتناع عن تناوله، ثم قاموا بإعطائي مخدراً آخر يسمى “بي أن”، وهي حبوب لا يتم صرفها إلا للمدمنين على المخدرات، وإلى حد الآن لا أستطيع النوم إلا بهذه الحبوب المخدرة، وكنت كلما رفعت صوتي رافضاً تناول هذه الحبوب يكلبشوني ويضربونني ويمنعونني من الجلوس..

إنني أطالب بإنصافي ممن ظلموني كل هذا الظلم وعذبوني كل هذا العذاب، وصادروا حريتي وسجنوني وأهانوني، وأناشد المنظمات الحقوقية والإنسانية وكل الناشطين بتبني قضيتي ورفع الظلم عني، فقد أصبحت مدمناً على الحبوب المخدرة لا أستطيع النوم بدونها، وأنا في حالةٍ سيئة.

كما أتوجه إلى السفارة العمانية وسفيرها وأقول لهم: لقد انتهكت كرامتي وآدميتي عندكم، لقد عذبت أشد التعذيب في سجونكم، وإنني أطالبكم برد اعتباري ورد ولو جزءاً مما سلب مني ظلماً وعدوانا.

زر الذهاب إلى الأعلى