فضاء حر

الضالع ومهمة الإنقاذ

يمنات

تعترض طريق التسوية السياسية براميل بارود كثيرة تختلف ألوانها وأنواعها باختلاف الموقع والهدف منها،بعض هذه البراميل أنتجتها الأطراف التقليدية المتصارعة على السلطة لتحقيق بقائها الذي تعتمد استمراريته على حالة اللاستقرار وضعف الدولة بما يمكنها من الاحتفاظ بأدوات السيطرة والتحكم.

بعض هذه البراميل تم إبطال مفعولها وبعضها انفجرت وتركت جراحاً دامية كما حصل في أبين والبيضاء وأخرى تستخدم اليوم في التخريب بأنابيب النفط والغاز وخطوط نقل الكهرباء والاغتيالات، وبعضها لازال مدفوناً تحت الأرض كالبرميل المدفون تحت رمال حضرموت التي نحتتها الرياح وظهر جزءاً من هذا اللغم في صورة الأحداث الأخيرة والاغتيالات المستمرة لكوادر القوات المسلحة والأمن والمخابرات.

بيد أن هناك براميل بارود أنتجها تراكم طويل من الممارسات كان تاريخ بدايتها الأولى في 7 يوليو الأسود 1994م ولم تتم حتى اللحظة أي محاولات حقيقة لإبطال مفعولها عبر تنفيذ النقاط العشرين ووضع معالجات وإجراءات جادة تسهم في تهدئة الوضع المحتقن وتحافظ على استمرار النسق السلمي للاحتجاجات القائمة في الجنوب انتظارا لما سيخرج به مؤتمر الحوار الوطني من حلول مرضية للجميع.

 

تعيش الضالع اليوم وضعاً خطيراً للغاية تلوح منه بوادر انفجارا عنقودياً ستكون عواقبه وخيمة على الجميع، فالمحافظة معطلة منذ سنوات وتواجد الدولة فيها شكلي، مايوحي أن هناك فراغاً متعمداً لهذه المنطقة الحساسة والمهمة في الخارطة الوطنية والجنوبية و السياسية والجغرافية والأمنية, فإلى قبيل انتقال السلطة كان هدف إفراغها من وجود الدولة معروفاً وواضحاً،ولكننا لاندري ماهي مبرراته اليوم، فالمواجهات المسلحة تزداد كل يوم والمحافظ ليس متواجداً ومبنى المحافظة مغلق منذ أسابيع ومكاتب الوزارات معطلة ورواتب الموظفين لم تصرف إلى اليوم ولا تلوح في الأفق بوادر حلول للمشاكل القائمة في الضالع.

يدرك الجميع الدور القيادي الذي تحتله الضالع في الحراك الجنوبي السلمي والذي لايمكن الربط بينه وبين الانفلات الحاصل في المحافظة كون هذا الانفلات وغياب الدولة لايخدم اياً من الأطراف بما فيها الحراك السلمي المنادي لفك الارتباط لان الفوضى تعيق فعالياته السلمية التي يقيمها بما فيها المليونيات في عدن، كونها تعيق انتقال التدفق البشري الكبير الذي ينتقل من الضالع للمشاركة في المليونيات, كما أن أهل الضالع لايبحثون عن الفوضى والتي هي في متناول أيديهم إن أرادوها منذ سنوات خلت،فتكرار سيناريو أبين إن تم لاسمح الله فلن يكون بأيدي أبناء الضالع كما أن أحداث أبين لم تكن بأيادي أبناء أبين، فمأساة أبين أفشلت محاولات إدخال الضالع الحثيثة في هذه المعمعة حتى الآن.

وإذا أخذنا الموضوع من المنظور الرسمي للدولة فإن الفراغ الحاصل في الضالع يشكل تهديداً لعملية التسوية السياسية القائمة والحوار الوطني،وهو ما تم استشعاره مبكراً من بعيد انتخاب الأخ عبد ربه منصور هادي رئيساً للجمهورية, ووضعت العديد من مقترحات الحلول المستعجلة كان أهمها تعيين محافظ جديد للمحافظة وتعيين قاده عسكريين ومدنيين من أبناء المحافظة ودعم ميزانيتها ومنحها درجات وظيفية…الخ.

وقد تناولت وسائل الإعلام نبأ اعتزام رئيس الجمهورية تعيين الأستاذ فضل الجعدي محافظاً لمحافظة الضالع وهو الشخصية التي تحظى بإجماع فريد في الضالع من قبل عامة الناس ومن الأطراف والفعاليات السياسية بمافيها الحراك السلمي الجنوبي، فالأستاذ فضل الجعدي هو الشخص القادر على مسك زمام الأمور في المحافظة وإخراجها من الحالة الصعبة التي تعيشها،كونه المنتمي الأصيل لها والمعبر الحقيقي عنها والمسئول المقبول فيها،ولهذا فإن تعيين الجعدي محافظا لمحافظة الضالع بشكل سريع يعتبر مسألة ملحة وضرورية لنزع فتيل برميل البارود هناك.

الوضع في الضالع خطير وان لم يحظى باهتمام وسائل الإعلام ،وهو يزداد تفاقماً يوماً عن اليوم، وعلى السلطة العليا للدولة تحمل مسئوليتها قبل ان يصبح العنف هو المهيمن على المشهد الضالعي وقبل ان يعلو صوت الفوضى التي إذا أصبحت هي اللغة المتداولة في الضالع فإن تطويقها لن يكون يسيراً وستنتقل العدوى سريعاً الى المناطق الأخر، الأمر الذي سيؤدي إلى دخول البلد في متاهات غير المسالك المعروفة والتي لن يعلم احد منتهاها.

زر الذهاب إلى الأعلى