أخبار وتقارير

نور.. قصة مأساوية لطالبة ذگية في ريف تعز.. أجبرها العنف الأسري على العمل في ملاهي عدن

المستقلة خاص ليمنات

مسلسل عذابات العنف والقهر والاضطهاد  الأسري الذي تعرضت له الطالبة النجيبة ل. ق. م من كل أفراد اسرتها دون استثناء، نتيجة لحقد وحسد بعض اشقائها وزوجات أشقائها الناتج عن تفوقها الدراسي وما نجم عن ذلك من غنجها ودلالها اللامحدود دون توعية وارشاد بما لها وما عليها من حقوق وواجبات لها ولأسرتها وللمجتمع.. لينقلب ذلك الدلال ضدها رأساً على عقب.. الصدفة.. وحدها التي جمعتنا بها دون ميعاد وتحدثت ودموعها تنهمر على خديها كالمطر بمكنون مجموعة قصصها المأساوية..

<  تحقيق/ فؤاد أحمد

 

نور طالبة في الريف

بدأت قصة (نورهان) المأساوية من إحدى قرى مديريات محافظة تعز، حيث كانت وحيدة والديها وأشقائها السبعة، تميزت منذ نعومة أظافرها بالذكاء الخارق.. على حد قولها مضيفة بلسانها: ولأني كنت وحيدة والدي بين اخوة سبعة ولأني كنت أحصد دائماً المرتبة الأولى في الفصول الدراسية ابتداء من الصف الأول الابتدائي حتى الثاني ثانوي فقد كنت دلوعة أهلي وكنت أتعامل مع المجتمع المحيط بنا بشكل طبيعي وعفوي وبدون تكلف أو تحفظ وتحجب.. وكان الجميع ينظرون إلي بنظرات الإعجاب والتقدير باستثناء زوجات اشقائي الخمسة المتزوجين اللائي كنت ألمح في نظراتهن الكره والحقد والحسد والمكر.. وبخاصة زوجتي شقيقي الثاني والخامس فقد حاولن الكيد ضدي أكثر من مرة دونما ينجحن في ذلك، لأني كنت وبشكل اعتيادي وطبيعي بالنسبة لي أن أطلب منهن كل ما أريد من طعام أو شاي أو قهوة.. وحتى الماء الذي أشربه دونما أبذل أي جهد مثلي مثل أخوتي ودونما أجد من يوجهني أو حتى يلومني وينبهني بحقيقة أني ومهما بلغت من درجات التفوق والذكاء سأظل بنت.. وذلك ما زاد من تأجيج نار الحقد والكراهية نحوي من زوجات أخوتي، وذات مساء بحث والدي عن اخوتي في البيت، يحملوا العشاء والشاي والماء للشقيقين المكلفين بحراسة مزارع القات، في الوادي لم يجد أحداً في البيت من أجل أن فأراد أن يتوجه بنفسه إلى الوادي وكان أحد ساقيه متورماً نتيجة إصابته بالدمامل وبالكاد يحركها وبصعوبة بالغة فقد طلبت منه أن احملها عنه إلى الوادي فوافق والدي وحملتها واتجهت بها إلى اخوي في الوادي على مسافة تقدر بـ 1200 متر واثناء عودتي من الوادي، سمعت أذان صلاة المغرب وبعد صلاة المغرب بدقائق وأثناء مروري بطريق ضيقة رأيت شاباً من قريتنا تخرج العام الماضي من الثانوية العامة بتقدير عالي جداً، وقتها وبعفوية وسذاجة ولقلة معرفتي بالعادات والتقاليد المتعارفة في القرية والمجتمع فقد انتهزت فرصة لقائي به وطلبت منه أن يعرفني بطريقة حل إحدى المعادلات الحسابية التي عجزت عن حلها خاصة أن تواجده في القرية يعد نادراً جداً وبرغبة جامحة للعلم والتعلم كنت على يقين أن مثل هذه الفرصة، لن تتكرر ويجب عدم التفريط فيها، فوقفت أمامه وسألته، حينها رأيت الحياء مرسوماً على وجهه استند على جدار الطريق وأخرج قلمه من جيبه وكتب المسألة الرياضية على ظهر ورقة من أوراق الملزمة التي كان يحملها في يده ولأن الظلام كان قد بدأ يكسو الكون رويداً رويداً فقد اقتربت منه حتى تلامس كتفي بكتفه ورأسي برأسه كي استطيع قراءة ما يكتبه من خطوات الحل وأثناء ذلك مرت من خلفنا زوجتا شقيقي الثاني والخامس محملتين بالطعام  والعلف للمواشي اللتين جلبتاه من الوادي وبعد ما شرح لي المسألة شكرته وتركته واتجهت إلى البيت دونما أعرف عما خبأته الأقدار ضدي..

 

وشاية وقيود

بمجرد وصولي إلى باب بيتنا استقبلني والدي قائلاً مع من كنتي  في مخلف الحنش فقلت له مع فلان عندها صفعني خمس صفعات ولأول مرة يمد يده عليّ  وهو يردد “عشق واحتضان وتقبيل في الطريق وأمام الناس فكيف تعملي معه في الخلوة!” ومن شدة جور الصدمة باتهامي زوراً وبهتانا ومن شدة القهر والإذلال الذي تعرضت له من أحب الناس إلى قلبي أمام زوجات إخوتي اللائي طالما تدللت وتعجرفت عليهن فقد عجزت لساني عن الكلام للدفاع عن نفسي من شدة البكاء الغير منقطع ثم أمسك بشعري وركلني إلى الداخل وهو يقول “ هذا جزاء من يدلل (فشفشة)! كاسرة الظهر وقتها  وصل اثنان من اخوتي وسألا والدي عما يجري فقال، لهم كنتم على حق فأختكم المدللة الدلوعة كانت بعد المغرب بين احضان فلان تقبله ويقبلها وفي الطريق العام، عندها تقدم اخواي نحوي وقاما بصفعي وركلي وشد شعري وسبي غير أن والدتي تدخلت ودفعتهم عني وحمتني منهم وهي تقول “يكفيها الذي فيها من أبوكم”، أما أخواني الثلاثة الذين وصلوا إلى البيت سواسية فلم يكتفوا بضربي وشتمي بل ودخلوا إلى غرفتي وأخرجوا شهاداتي وكتبي ودفاتري واحرقوها، لكن أمي ظلت تدفعهم عني وتحميني ثم أخذتني إلى غرفتها وأغلقت الباب وفي صلاة الفجر فتحت الغرفة وخرجت منها إلى الحمام لتتوضأ لصلاة الفجر وأثناء ذلك دخل عليّ أخوتي الخمسة وسحبوني بشعري سحباً وأنا أصيح فصرخت أمي من داخل الحمام أتركوها.. ولكنهم لم يعيروها أي اهتمام فوصلوا جري إلى اسطبل المواشي واخرجوا سلسلة ووضعوا طرفها بساقي واقفلوه بقفل ثم وضعوا جزء آخر من السلسلة في القدم الأخرى واقفلوه قفل ثم أدخلوا الطرف الثاني للسلسلة في مربط البهائم الحجري واقفلوه بقفل ثالث ثم هربوا من أمي التي كانت تتجه نحوهم وهي تحمل بيدها عصى غليظة ثم حاولت فك القيد والأقفال دون جدوى عند إذ اجهشت بالبكاء ثم دخلت إلى غرفة مخزن البيت الطربال البلاستيكي الأزرق ثم فرشته لي فوق روث البهائم وجلبت لي فرش وبطانية ومخدة  فبقيت على تلك الحالة وعلى ذلك الوضع لمدة عشرة ايام بلياليها عرضة للسخرية واستهزاء وسب وشتم زوجات اخوتي واللعن وتهديد ووعيد وأبي رغم أن والدتي قد أقسمت لهم بالأيمان المغلظة أنها قد كشفت علي تلك الليلة المشؤومة فوجدت أني مازلت عذراء لولا ذلك لذبحوني تلك الليلة، وبعد محاولات وتوسل والدتي لهم بفك قيدي أو حتى تقييدي داخل غرفتها إلا أن الجميع لم يستجب لها وفي اليوم الخامس حملت امتعتها وخرجت بها من البيت بنية التوجه إلى بيت أهلها وفي فناء البيت التقت بوالدي الذي لم يفارقها أو يخاصمها منذ تزوجها  وحاول جاهداً إرجاعها بشتى الوسائل لكنها اشترطت عودتها إلى البيت بفك وثاقي، وفعلا فكوا قيودي الحديدية وابقوا قيودي المعنوية وتحولت من طالبة ذكية مدللة إلى خادمة مهانة لزوجات أخوتي وظللت أكثر من ثمانية أشهر أخدمهن جميعاً بوجه خاص وأخدم، البيت والأسرة بشكل عام دونما أجد من يرحمني ويرثى لحالي لأن والدتي تعرضت بعد أسبوع من فك قيودي للسقوط من ارتفاع شاهق خلال مسكها بشدة لحبل البقرة وهي (حاير) ما تسبب ذلك في إصابتها بشلل نصفي اقعدها الفراش الدائم وخلال الثمانية الأشهر ظلت زوجة أخي مع جارة السوء يحيكان المؤامرة الكبرى.

 

زواج مسن

تضيف ل. ق. ن قائلة: وأثناء عملي المتواصل في البيت سمعت أبي يتحدث مع اخوتي الأربعة في ديوان البيت أن الشخص الفلاني من القرية الفلانية الذي يكبره سناً تقدم إليه لطلب الزواج مني فردوا عليه جميعاً إقبله وزوجه بها وارتاح وريحنا منها، وقتها شعرت بالحزن والأسى، غير أني واسيت نفسي أن زواجي من ذلك الشائب افضل من العذاب الذي اتجرعه يومياً ومن البقاء تحت رحمة وإذلال زوجات أخواني وبعد أقل من ساعتين سمعت جارة السوء تكلم زوجة أخي الثاني أنها قد أوشت بقصتي لذلك العجوز المعروف بقريته باللؤم والمكر والخساسة وأنه قد تزوج بثماني نساء اربع منهن طلقهن وأربع متوفيات آخرهن توفيت منذ عام فقط وله منهن خمسة عشر ولداً و17 بنتاً منهم سبعة أولاد واحد عشر بنتاً مزوجين والبقية في سن الشباب اصغرهم يبلغ من العمر 16 عاماً أي قريب عمري، وبعد سبعة ايام من ذلك اليوم زفوني وساقوني إليه مثلما تساق الاضحية للجزار وعشت في ذلك البيت الكثيف بساكنيه من أولاد وبنات احفاد زوجي وعانيت الأمرين من فظاظة وازدراء وسوء معاملتهم لي، أما زوجي فقد تعامل معي خلال اسبوعين من زواجنا بطيبة وحنية ثم بدأ حنانه وطيبة يخفتان تدريجياً ليصبح بعد ثلاثة أشهر من زواجنا كالوحش الكاسر فتارة يسبني ويلعنني مع أهلي وتارة يصفعني خاصة بعدما أرسلت برسالة إلى أهلي مع ولد جارتنا وبعدما أتاني والدي وأخي الأكبر وبعدما اشتكيت لهما من سوء المعاملة ودموعي كالمطر فأنصفني أبي بوضع جنبيته على صدري وقام شقيقي بتوجيه مسدسه نحوي وهما يقولان (زواجة أو الموت) ثم تركاني ورحلا وفي ذلك الأسبوع بدأت أعاني من حالات الدوار والغثيان ثم التقيؤ وقتها صارت عذابات معاملة الجميع لي جحيماً لا يطاق لأن البيت والجيران اجمعن على أني حامل وذلك ما كان الجميع يخشاه، عندها أتاني زوجي إلى غرفتي وقال: هل صحيح أنك حامل؟ فقلت: لست متأكدة فقال: إلا حامل بس مش مني وإنما من حبيبك فلان يقصد ذلك الشاب الذي طلبت منه أن يعلمني حل المسألة الرياضية ثم صفعني أربع صفعات متتالية فجثيت على وجهي لأكثر من ثلاث ساعات وأنا أنتحب من شدة الألم والقهر المرير حتى غلبني النعاس الذي اراحني من العذاب لسويعات قلائل، غير أن تلك الراحة سلبت مني حينما دخلت أكثر من عشر نساء من بنات وزوجات أبناء زوجي اللائي مارسن ضدي مختلف الممارسات الوحشية حتى اصبنني بالاغماء وبعد ما استعدت وعيي وجدت أني أسبح في الدماء الكثيفة وقتها أيقنت أنهن قد قمن بإسقاط جنيني وتمزيق احشائي، ولظنهم أني قد شارفت على الموت ولمداراة جريمتهم أمام أهلي فقد أبلغوا أهلي بأني أواجه سكرات الموت، وبالفعل حضر والدي واخوتي الأربعة وزاروني فهم يقولون موتي أحسن لك ولنا حزن مقبور ولا حزن منظور فقلت لهم لقد تعرضت للتعذيب الوحشي حتى اسقطوا جنيني فقالوا خسارة أنهم اسقطوا جنينك وما أسقطوا روحك.. المهم قد سمعتيها من قبل وما زلنا نكررها (زواجة أو الموت) ثم غادروا وتركوني وخلال شهرين استعدت عافيتي شيئاً فشيئاً وأحسست أن مؤامرة أكبر من ذي قبل تحاك ضدي إن حصلوا على الضوء الأخضر من زوجي الذي كان وقتها يعاملني بلطف ويتودد لي ويعدني بمعاقبة النساء اللائي فعلن بي ما فعلن، فعرفت أن تلك المعاملة ليست بدافع تكفير اخطائه أو لصحوة ضميره الميت أصلاً أو بدافع الاشفاق وإنما لرغبته الجامحة في إقامة علاقة جنسية توقفت معه منذ ثلاثة أشهر وعلى مدى أسبوع ظللت أراوغ في تلبية طلبه بحجة المرض والنزيف وسواها من الأعذار .

 

هروب إلى الجحيم

في  آخر أيام الاسبوع وتحديداً  يوم الخميس توجه كل من في البيت إلى القرية المجاورة للمشاركة في زفاف ولدين من أولاد بنت زوجي فلم يبق في البيت سوى ثلاثة صبيان، لمراقبتي، ولأني وقتها كنت قد أقنعت نفسي واتخذت قراري بالهرب والعيش بسلام في أي مكان على وجه الأرض خاصة بعد تمزيق أهلي آخر خيوط الأمل خلال موقفهم السلبي الأخير لقد قررت الرحيل وأيقنت أن ذلك اليوم هو الفرصة السانحة التي لن تتكرر بدلا من مراقبتهم لي قمت بمراقبتهم حتى انشغلوا بمغازلة بنات المدرسة اللاتي كنا تخرجن من مدرسة القرية باتجاه منازلهن وقت الظهر وخرجت بعبايتي المحتشمة وبحقيبتي العلاقي النسائية وحقيبتي الجلد المتوسطة وقفزت من فوق حوش البيت إلى فناء منزل جارتنا التي تعاطفت معي من اللحظة الأولى التي عرفتها فيها حيث كنت قد اتفقت معها على أن تكلف ولدها الصغير بمرافقتي إلى منزل خالتي بتعز وفعلاً أخذني إلى تعز وهناك ودعت ابن جارتي وأعطيته اجرة تعبه، ثم طرقت باب شقة خالتي غير أني تفاجأت بأن خالتي وأسرتها قد انتقلت إلى منزل آخر لكن الأرملة التي كانت تسكن الشقة لم تتركني وأدخلتني الشقة وبقيت معها لمدة اسبوع عرفت مني على قصتي ومعاناتي وتعاطفت معي وخرجت يومياً معها أو مع إحدى بناتها أبحث عن  عمل دون جدوى وفي اليوم السابع تعرفت على إحدى صديقاتها أثناء زيارتها لها وبعد ما عرفت أني أبحث عن عمل وعدتني أن تأخذني للعمل معها في إحدى المؤسسات التجارية الخاصة بعدن، وفعلاً أخذتني معها وسكنت معها في بيتها وعرفت حينها أنها لا تعمل في مؤسسة تجارية كما أخبرتني وإنما في هذا الملهى الليلي وفي سواه من الملاهي، وقد حاولت التمنع من العمل فيه أو في سواه غير أن عدم توفر فرص العمل الشريف والوضع الاقتصادي الصعب الذي مررت به اجبرني على قبوله وانا مكرهة مرغمة.. وترد ل. ق. ن المعروفة في وسط الملاهي الذي تعيش فيه باسم (نورهان) على تساؤل إحدى الزميلات المرافقات في الرحلة: والله أني اتعذب من امتهان هذه المهنة القذرة التي لا أستطيع ممارستها إلا عندما أكون سكرانة ووالله لو أني وجدت عملاً شريفاً أو حتى أجده لتركت هذا العمل الدنيء إلى الأبد وتختم (نورهان) حديثها: لقد فكرت بالانتحار أكثر من مرة لأتخلص من العذاب الذي عشت وأعيش فيه غير أني تراجعت لمعرفتي التامة أني سأنتقل بانتحاري إلى عذاب الله الشديد لأن الرسول بشر قاتل نفسه بالنار ولأنني على أمل التوبة والمغفرة.

زر الذهاب إلى الأعلى