أخبار وتقارير

صعدة .. ستة حروب وتعقيدات مذهبية

يمنات – إذاعة هولندا – عثمان تراث

ستة حروب طاحنة بين الدولة والحوثيين، ومئات الآلاف من القتلى والجرحى والنازحين والمعتقلين، وأضرار فادحة في الممتلكات العامة والخاصة، وصراع سياسي ومذهبي لازال يعتمل على الأرض، بجانب ضعف التنمية وقلة الاهتمام، إضافة الى المزاعم المستمرة بالتدخل الإيراني في شؤون اليمن، ووجود صراع بالوكالة بين السعودية وإيران داخل اليمن. هذه، باختصار، أهم مظاهر ما يعرف بـ "قضية صعدة"، التي تعد من أهم القضايا المعروضة على مؤتمر الحوار الوطني اليمني المنعقد بصنعاء, وأكثرها تعقيداً.

تقول نبيلة الزبير رئيسة فريق قضية صعدة في المؤتمر: "قد تكون قضية الجنوب أكثر أهمية على الصعيد المحلي والدولي، إلا أن قضية صعدة أكثر تعقيداً وصعوبة.

وتضيف في حديثها لإذاعة هولندا العالمية: "هناك تداخل كبير وتعقيد، ومرور السنوات جعل القضية أكثر صعوبة، وكبرت القضايا الصغيرة، وتراكمت المشكلات، وأصبح جزء من المظلومين متهمين بالظلم، وتسلحت جميع الأطراف، وانقسم المواطنين بين مناصر لهذا الطرف أو ذاك".

في مرجعيات الحوار: سمت الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية قضية صعدة بالاسم من بين القضايا التي ينبغي أن يعالجها مؤتمر الحوار، كما سمت "الحوثيين" من بين القوى التي تشارك في المؤتمر. وبموجب ما توصلت إليه اللجنة الفنية للإعداد والتحضير لمؤتمر الحوار الوطني، نال الحوثيون 35 مقعدا من مقاعد المؤتمر البالغ عددها 565 مقعدا.

ومن بين تسع فرق عمل تم تشكيلها في المؤتمر، يوجد فريق عمل قضية صعدة الذي يتكون من 50 عضواً، منهم 10 أعضاء من الحوثيين، و6 ممثلين كحد أعلى لكل من المكونات الأخرى.

النقاط العشرون: تبنت المكونات السياسية اليمنية خلال مشاركتها في اللجنة الفنية التحضيرية لمؤتمر الحوار عشرون مطلبا رفعتها لرئيس الجمهورية، واعتبرت أن تنفيذها ضروري للتهيئة للحوار، وتعلق جزء مهم من تلك المطالب بقضية صعدة، وتضمن: وقف التحريض الطائفي والمذهبي والمناطقي، وإلغاء ثقافة تمجيد الحروب الأهلية تحت مبررات مذهبية وطائفية، والاعتراف بالتعددية المذهبية، ووقف تغذية الحروب والصراعات في صعدة والمناطق المجاورة، إضافة الى وقف إجراءات العقاب الجماعي ضد أبناء صعده, واعتماد الدرجات الوظيفية المخصصة للمحافظة, و إعادة الموظفين المدنيين والعسكريين الموقوفين قسرا جراء الحروب السابقة إلى أعمالهم, ودفع كامل مستحقاتهم القانونية، ومعاملة كافة ضحايا حروب صعده كشهداء، ومعالجة الجرحى و تعويضهم، فضلا عن توجيه اعتذار رسمي لأبناء صعدة والمناطق المتضررة الأخرى من قبل الأطراف المشاركة في تلك الحروب، واعتبار تلك الحروب خطأ تاريخيا لا يجوز تكراره، وإعادة أعمار ما دمرته الحروب، والإفراج الفوري عن بقية المعتقلين، والكشف عن المخفيين قسراً.

وفي أبريل الماضي نقلت جريدة "الثورة" عن صالح هبرة قوله إن لدى "أنصار الله" رؤية واضحة لحل قضية صعدة تتلخص في تطبيق النقاط العشرين بدون استثناء، بالإضافة إلى تضمين مخرجات الحوار ما يمنع عن اليمن التدخلات والوصاية الخارجية.

توقعات وتحليلات: يرى بعض المحللين، أن واحدا من أسباب تعقد قضية صعدة، أن الحوثيين، واسمهم الرسمي "أنصار الله"، لا يطرحون أجندة أو مطالب أو برامج سياسية واضحة.

ويبدو البعد المذهبي في القضية أكثر وضوحا من البعد السياسي، إضافة الى وجود بعد عرقي باعتبار أن الحوثيين ينتمون الى السلالة الهاشمية التي يطلق عليها اسم "السادة" في اليمن.

ويتوقع هؤلاء أن يشهد المؤتمر مواجهة بين أجندات الحوثيين كفرقة مذهبية زيدية، في مواجهة الجماعات الدينية السنية ممثلة في حركة الأخوان المسلمين التي يمثلها حزب التجمع اليمني للإصلاح ، وفي التيار السلفي السني الذي يمثله في المؤتمر حزب الرشاد اليمني.

من جانبه ينفي علي البخيتي, المتحدث الرسمي باسم ممثلي أنصار الله في مؤتمر الحوار, تحرك الحوثيين انطلاقا من مواقف مذهبية ويقول: "البعد المذهبي كان نتاجاً لتلاعب الرئيس السابق صالح وشركاه بهذا الملف واستخدامه في استقطاب الدعم من دول الخليج"، ويوضح في حديثه للإذاعة: "ليس لأنصار الله نظرية جديدة في الحكم، هم جزء من هذا المجتمع تعرض للظلم ويريد إقامة دولة عادلة يتوافق عليها كل اليمنيين".

مطالب متوقعة من المرجح أن يطالب الحوثيون في المؤتمر بتغيير المناهج الدينية المدرسية بحيث لا تعبر عن موقف المذهب السني وحده، وأن يكون للمذهب الزيدي وجوده في تلك المناهج، كما يتوقع أن يطالبون بمنحهم الحق كاملا في إقامة المساجد والمراكز العلمية التابعة لهم لتدريس المذهب الزيدي.

كما يتوقع أن تطالب بقية الأطراف المشاركة في المؤتمر الحوثيين بالتخلي عن السلاح والتحول الى تنظيم سياسي مدني، وهو مطلب يستبعد أن يستجيب له الحوثيون استجابة فعلية، في ظل الصراعات السياسية والمذهبية التي يواجهونها مع خصوم مسلحين، في مجتمع تنتشر الأسلحة بصورة واسعة بين أفراده وجماعاته القبلية. تقول نبيلة الزبير: "هناك تدخل في القضية بين ما هو مذهبي وعرقي واجتماعي وثقافي وسياسي وعسكري".

مقدمات الحوار يناقش مؤتمر الحوار قضية صعدة ضمن أربعة محاور رئيسة، يتناول الأول منها جذور القضية، والثاني محتوى القضية، ويختص الثالث بمعالجة القضية، والرابع بسبل ضمان عدم تكرار ما حدث.

وظهرت الهوة الكبيرة الماثلة بين الحوثيين وخصومهم، عندما استمع فريق قضية صعدة إلى رؤى القوى المشاركة في المؤتمر حول جذور القضية، فقد حملت الرؤى التي قدمها حزب الرئيس السابق علي عبدالله صالح (المؤتمر الشعبي العام) وحزبي الإصلاح والرشاد، الحوثيين المسؤولية الرئيسية عن حروب صعدة الستة، وما تبعها من حروب واشتباكات فرعية.

ويعتبر علي البخيتي أن المواقف التي عبرت عنها تلك الأحزاب "تُعد تراجعاً عن ما سبق وتم الاتفاق عليه في النقاط العشرين"، ويتساءل: "هل سيتم التعامل مع مخرجات الحوار بتلك الطريقة؟" الحل المرجو: يلخص البخيتي الحل الذي يرجوه الحوثيون للقضية: "هناك جانب حقوقي عبر التعويضات وجبر الضرر والاعتذار، وقد تم الاتفاق عليه في النقاط العشرين وإن تأخر التطبيق, وهناك جانب سياسي يتمثل في غياب الدولة, المطلوب وجود دولة عادلة, دولة مواطنة متساوية, تحمي الجميع, ويشارك الجميع في كل أجهزتها المدنية والعسكرية.

 ولكن هل مؤتمر الحوار قادر على تجاوز كل الصعوبات والتعقيدات الماثلة وإيجاد حل لهذه القضية المعقدة ؟.

تجيب الزبير: "نعم.. إذا التقينا على الغد وليس على الأمس، على وطن وليس علي حزب أو جماعة..إذا صرنا شركاء في الحل". أما البخيتي فيكتفي بالتمني الذي يعقبه استدراك: "نتمنى ذلك، وإن كانت مراكز القوى التقليدية القبلية والدينية والعسكرية تحاول إفشال مؤتمر الحوار، أو على الأقل إفراغه من محتواه، أو عدم تطبيق مخرجاته".

زر الذهاب إلى الأعلى