فضاء حر

من ذاكرة الاغتيال والاحتيال .. حلفٌ وصالهُ زورا وفصالهُ بهتاناً !

يمنات
في خضم الثورة الشبابية الشعبية في اليمن التي لم تكتمل فاستحقت بامتياز مع مرتبة الشرف وصف (نصف ثورة) لتنتظم مع جملة عديدة ومتعددة من الأنصاف في حياتنا .. أنصاف أحلام .. أنصاف حكام ، أنصاف معارضين ، أنصاف سياسيين،أنصاف مثقفين ، أنصاف صحفيين …إلخ .
كانت الحيرة حاكمة لمسار الأحداث الشائكة لاسيما تلك الدراماتيكية التي وصفتها غير مرة ب (الكوميديا السوداء) والمتصلة بانقسام النظام الحاكم في صنعاء بإعلان انشقاق الجنرال علي محسن الأحمر عن النظام و (انضمام الثورة إليه ! ودعمها وتأييدها له!!) .. وما لحق ذلك من يوميات بعضها كان واضحاً بالنسبة لي ولكثيرين فيما كان غائباً أو مُغيّباً عن أذهان شباب (حيّا بهم حيّا) الذين اتضح فيما بعد أنهم كانوا (أنصاف ثوار) لا ريب أن تصدر عنهم (نصف ثورة) ..
دعتني تلك الوقائع إلى وصف الفريقين اللاعبين في المشهدين الثوري والسياسي بفريقي (الاغتيال والاحتيال) .. لم أفكر في انتقاء هذا التوصيف بل هبط من المحل الأرفع ، ولكن ليس ك (عينية) إبن سينا التي كان يصف بها النفس وهبوطها إلى الجسد .. هبطتْ إليك من المحل الأرفعِ ورقاء ذات تعزز وتمنعِ محجوبة عن مقلة كل عارف وهي التي سفرت ولم تتبرقعِ بل كان ذلك وأنا في استديو قناة (العالم) الفضائية مشاركاً في برنامج يناقش على الهواء مباشرة مجريات الثورة في اليمن من العاصمة المصرية القاهرة ..
كل يوم يقدم لنا المشهد اليمني برمته دليلاً جديداً على صحة ذلك التوصيف ودقّته ، والأدهى أن توضح الأيام أنهما فريق واحد يتبادل الأدوار ، فتارة الأول يأخذ دور الاغتيال ويتموضع الثاني في مربع الاحتيال والعكس صحيح حسب الحاجة وحيثيات الواقع والمستجدات المتساقطة على اليمنيين كقطع الليل المظلم .
لن أسجل هنا الأدلة التي قدمها المشهد الكارثي منذ 2011م وحتى اليوم فهي أكثر من أن تُحصى وأمر من أن تُذاق ، وأوضح من أن تُرى .. وعلى حد وصف الصوفي ( من فرط وضوحه لا يُرى ) !. على أنّ التأمل البسيط فيما يحدث مؤخراً يكشف عن وضاعة المشهد والذي يبدو فيه الفريقان (الاغتيال والاحتيال) في حالة إرباك شديدة تدفعهما إلى التنافس على ممارسة الدورين عوضاً عن تبادلهما.
وحتى تبادل الاتهامات على نحو تراشقي لا يبعث على التسلية لا يصيب أحداً منهما كالعادة ( كأن يتراشق باسندوة والحجري وتُصاب (جبهة إنقاذ الثورة) ففي بيان الحكومة دفاعا عن باسندوة ( الغبي) رداً على شتائم الحجري ( الأحمق ) والوصفين من منجزات المتراشقين لا من معجزاتي ، في البيان الرسمي ما مفاده أن من يعارض هذه الحكومة ( شاذ ) ، وبالتالي الوصف الأخير استحقه بامتياز كل من يعارض الحكومة بمن فيهم كاتب هذا المقال ..
ولقد حقّ القول أن المساواة في الظلم عدل ، ولكن الشذوذ أقسى من الحمق والغباء فأي عدالة في الظلم نرتجي ..؟!..
دوماً المتضرر من أدوار ومسرحيات فريقي الاغتيال والاحتيال هو طرف ثالث لا علاقة له بهما البتّة وغالباً هو الشعب وبعض الرموز التي تدافع عنه حقيقة لا تلفيقاً .. والأدهى والأمر أن يحافظا على هذا النسق ((التوافقي)) حتى وهم في ذروة الإرباك الذي يعيشانه حلواً ويذيقانه إيانا مُراً وعلقماً .
دور الاحتيال الأمثلة كثيرة عليه ولا معنى لإيراد ما يثبت اشتراكهما معاً وفي آن واحد في ممارسته ، وأما دور الاغتيال ، فقد نعثر على فرز اختصاصي في لعب هذا الدور، ففريق تخصّص بالعسكريين والآخر بالمدنيين ، وإن كان الرابط بينهما واحد وهو مايسمونه ( القاعدة ) كشماعة لاغُبار عليها أمريكياً ، وفي آخر العمليات مقتل خمسة جنود في المكلا ، بالتزامن مع محاولة اغتيال السياسي والأكاديمي المدني إسماعيل الوزير وسط العاصمة صنعاء ومقتل مرافقيه (في يوم واحد) تعبير واضح عن حالة الإرباك تلك لقوى متحالفة وغير متحالفة ، حلفها لم يكن إلا زوراً ، وانفكاكه لم يكن سوى بهتاناً ..
لكزة …
قد يكون من تعبيرات حالة الإرباك تلك اتجاه الشيخ حميد الأحمر إلى محاكاة تجربة خصمه الرئيس السابق علي عبد الله صالح الأحمر باللجوء إلى “السوشيل ميديا” ، والتعبير عن هواجسهم المضطربة عبر فيس بوك وتويتر ، مع توافرهم على مكنة إعلامية ضخمة : فضائيات ، صحف ، وكالات أنباء ، مواقع إخبارية إلكترونية ، طواقم صحفية ..!!!
[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى