أخبار وتقارير

الكشف عن أخطر عصابة نصب تستلم الحوالات الخارجية بتزوير وكالات مستحقيها

يمنات – الشارع – محمد مسعد

حيلة أخرى للنصب ابتدعتها عصابة تستولي على حوالات الضمان الاجتماعية لأسر عمال يمنيين توفوا خلال عملهم في دول خارجية, على رأسها أمريكا والسعودية, أو تقاعدوا من أعمالهم في بلاد الغربة.

كان احمد الخطابي يعمل في شركة سعودية لديها تأمين على العاملين فيها. توفي الخطابي في 2009م, وكان مستحقه التأميني 744‚10 دولارا؛ غير أن هذا المبلغ لم يصل الى أفراد أسرته في اليمن.

أمس الأول, زار مقر صحيفة "الشارع" أخوه, محمد الخطابي, وقال إن عصابة نصب زورت واستلمت هذا المبلغ المحول في شيكات لورثة أخيه.

قال محمد: "تواصلنا مع المؤسسة العامة للتأمينات السعودية, وطلبت منا حكما بحصر ورثة أخي المتوفي, كي توزع المبلغ التأميني الخاص به, وترسل باسم كل فرد من الورثة شيكا بالمبلغ المستحق".

استمر الخطابي في تواصله مع التأمينات السعودية حتى يناير من العام الحالي, حين اكتشف أن شخصا آخر قد استلم الشيكات المرسلة باسم ورثة أخيه, (3 شيكات باسم كل من والده ووالدته وزوجة المتوفي).

سافر محمد الى السعودية لمتابعة مستحقات أخيه, ووصلت القضية الى المحكمة هناك, حيث أحضر مندوب التأمينات السعودية للمحكمة ما يثبت إرسال المبلغ الى اليمن.

قال الخطابي, بنبرة تجمل العناء وقدرا من نشوة الانتصار: "ضبطنا العصابة بعد أن تعبنا كثيراً؛ لكن ماذا لو لم يكن لأبناء أخي الايتام من يتابع حقوقهم, مثل الكثير من الناس الذين لا يعرفون عن حقوقهم شيئا".

لم يكن ورثة أحمد الخطابي ضحية وحيدة لعصابات النصب, ولعلهم أوفر حظا من كثير لا يعرفون شيئا عن حقوقهم كـ"الحجّة عزيزة" من تعز, التي تسخر من يتصل بها مستفسراً عن استلامها 5 ملايين 869 الفا (299‚27$), هي المستحق التأميني لزوجها الذي توفي في أمريكا, قبل 23 عاماً, حسب ما تتذكر.

وفي اتصال أجرته معها الصحيفة مساء أمس, قالت "الحجّة عزيزة" إنها لا تستطيع متابعة حقوقها, وليس لها سوى ابن وحيد مغترب في بريطانيا.

حصل الخطابي على صورة شيك باسم "الحجّة عزيزة" وصورة شيكات أخرى, لدى أنور أحمد عبده مقبل, صاحب محل الصرافة, الذي استلم منه (ب. ف. ر), أحد أفراد العصابة, شيكات ورثة أخيه.

أنور أحمد عبده مقبل, صاحب محل العالمية للصرافة في محافظة إب, أكد أنه صرف الشيك الخاص بـ"الحجّة عزيزة" في يناير 2011م لـ(ر. ف. ر) شقيق المتهم الأول الذي استلم الشيكات الخاصة بورثه احمد الخطابي.

وقال أنور, في اتصال أجرته معه "الشارع" مساء أمس: "كنت أعرف (ب. ف. ر) لأنه يعمل في محل صرافة معروف, وبعدها كان يأتي إلي ويقول إنه أصبح وكيلا للمغتربين, وكنت أصرف له الشيكات بموجب الثقة بيننا, وبعض مرات كان هو وأخوه يأتون بوكالات مزورة".

وعن الشيكات ومبالغها التي صرفها للمذكورين, قال أنور إنها "بحدود 150 شيكا, بمبلغ يصل الى 000‚120$ (25 مليونا و800 الف ريال), غير أنهم متعاملون مع محلات صرافة أخرى لا يدري أنور عدد الشيكات التي صرفتها للعصابة.

"أغلقت محلي قبل سنتين وغرقت ديون, دفعت 25 ألف دولار تعويضا للناس الذين وصلوا للمطالبة بحقوقهم, وبعضهم عادهم ما طالبوا, لم يكن لدي وكالات المستحقين لمن صرفت لهم المبالغ؛ لأني وثقت بهم, وبعدها ضاعوا. الآن هم بالسجن؛ لكني ضيعت عملي والقضية عادها طويلة". قال أنور, وهو أحد المتهمين في القضية.

حصلت الصحيفة على قائمة بـ30 شيكاً تتضمن مبالغ استلمها أفراد العصابة, وتقول المعلومات إن الأجهزة الأمنية عثرت, عند اقتحامها غرفة أنور, على صور شيكات تم صرفها لأفراد العصابة, ومظاريف رسائل من افراد العصابة لأنور توقع الخطابي أنها مظاريف من الشيكات المرسلة.

للعصابة قضايا سابقة في النصب والتزوير وكالات المستحقين, وتتكون هذه العصابة من أشخاص عدة, على رأسهم (ب. ف. ر) و (ر. ف. ر) تتحفظ الصحيفة عن ذكر اسميهما حتى صدور الحكم القضائي. وفيما المؤكد أن أفراد هذه العصابة قاموا بعمليات نصب وتزوير عدة؛ إلا أنه تم القبض عليهما, قبل نحو شهرين, مع شخص آخر, في واحدة من قضيتين فقط وتم الإفراج, الأربعاء الماضي, عن (ر. ف. ر) فيما لايزال أخوه (ب. ف. ر) وشخص أخر يدعى (ب. ع. ق) مسجونين في السجن الاحتياطي التابع لنيابة الأموال العامة في العاصمة صنعاء.

عام 2011م اتهمت نيابة الأموال العامة, في القضية (8), الأخوين, اللذين يُعتقد أنهما يتزعمان العصابة, وخمسة آخرين (تتحفظ الصحيفة عن ذكر اسمائهم), بينهم صاحبا محلي صرافة, وموظف في الهيئة العامة للبريد, تهما متعددة, بينها الاشتراك في "اصطناع محررات عرفية موجهة الى الضمان الاجتماعي في أمريكا", وتزوير وكالات ووثائق رسمية تمكنهم من استلام مستحقات الضمان الاجتماعي الخاص بأسر العمال الذين يتوفون أو يتقاعدون من عملهم في الخارج. واتهم الموظف في الهيئة العامة للبريد بالتواطؤ مع أفراد العصابة واستلام رشاوى منهم.

يدخل أفراد هذه العصابة, عبر شبكة الانترنت, المواقع الخاصة بشركات الضمان الاجتماعي في امريكا والسعودية وبريطانيا, وغيرها من الدول, ويطلعون على أسماء المستحقين اليمنيين لتلك الضمانات, ثم يراسلون مؤسسات الضمان الاجتماعي بأسماء المستحقين لتلك الحقوق.

يرسل أفراد العصابة الى مؤسسات الضمان الاجتماعي, وثائق مزورة, وعناوين صناديق بريدية يزعمون أنها تتبع أفراد هذه العصابة. بموجب ذلك, ترسل تلك المؤسسات الى صناديق البريد شيكات المستحقين للضمان, التي تقوم العصابة باستلامها, وصرفها عبر أصحاب محلات صرافة, التي بدورها تتقاضى تلك المبالغ المستحقة من بنوك معتمدة بموجب تلك الشيكات دون حاجة لتقديم الوثائق التي تثبت أن مبالغ الشيكات ذهبت الى المستحقين لها.

وطبقاً لقرار الاتهام, فقد فتح المتهم الأول (ر. ف. ر), صناديق بريدية باسمه الحقيقي, وباسم عبد الجبار, الذي انتحل اسمه, وباسم المتهم الرابع (م. ش), بقصد الحصول على شيكات الضمان الاجتماعي الخاصة بالمجني عليهم.

أضاف قرار النيابة, الذي حصلت "الشارع" على نسخة منه, تهماً لأفراد العصابة بينها تزوير بطاقات شخصية, ووكالات المستحقين في القضية (3 أشخاص كانوا ورثة أحد الحاصلين على الضمان الاجتماعي في أمريكا).

في هذه القضية, لم يتم القبض سوى على متهم واحد, وتم الإفراج عنه بحجة عدم تقدم المجني عليهم بشكوى ضده, وضد بقية أفراد العصابة. وتقول المعلومات إن إفراد العصابة قاموا بتعويض المجني عليهم خارج الأطر القانونية والرسمية, وهو الأمر الذي جنبهم مواصلة السير القضائي في القضية.

"المتهمون في قضية أخي عليهم سوابق؛ لكن لم تصل النيابة سوى قضية واحدة, عام 2011م وقضية أخي هذا العام", محمد الخطابي, يُبدي حرصاً على إيقاف عمل هذه العصابات كي لا يكون هناك قائمة جديدة من الضحايا.

زر الذهاب إلى الأعلى