فضاء حر

“هولا الجن أين عيسيروا؟!”

يمنات

كنت في زيارة قبل سنوات لجمهورية مصر، وظللتُ مقشعراً طيلة متابعتي لامتحانات الثانوية العامة هناك.

المجتمع المصري (كله) يعلن حالة الطوارئ أيام امتحانات الثانوية العامة.

العمارة التي يسكن فيها طالب أو طالبة يستعد أحدهما للامتحان تتحول إلى مسجل خطر، والكل يضرب لهم تعظيم سلام، والكل في خدمتهم، وأتحدى واحداً من سُكان العِمارة يرفع صوته أثناء "المذاكرة"، سيصرخ الكل في وجهه : إختشي يا عم، الأولاد في ثانوية عامة.

الصحافة كُلها تنشغل بسير امتحانات الثانوية العامة، المحافظون والوزراء وحتى الشغالات كلهم يتابعون سير عملية الامتحانات.

في اعتقادي أن البلد الذي لا يزال فيه للطالب حجماً، لا خوف عليه ولا هم يحزنون.

وأما عند إعلان النتائج، "يالهويييي"، يسمع الواحد الزغاريد تتقافز من نوافذ البيت والعمارة بأكملها، كما تُسمع الموسيقى وأغنية حليم "وحياة قلبي وأفراحه" تنط من كل النوافذ ومن داخل مسجلات التكاسي والحافلات، وتسمع سيلاً من عبارات "أحمدك يااااارب" تتلفظ بها الأمهات وهن يبكين لمجرد أن ابن جارتها نجح في الثانوية!!

وأما الأم الفرحانة بنجاح ابنها أو ابنتها، وكذلك الأب، كلاهما يتلقى التهاني ويردان على كل من هنأهما : "الحمد لله، وعُقبال عندك يا رب"، ويرد الٌمهنئ بسرور: إن شاء الله من بؤّك لباب السماء يارب. حتى وإن لم يزل ابنه أو ابنته مجرد طفل يدرس في الروضة!

إنها في رأيي ثقافة الفرح، ثقافة التقدير، ثقافة الإحساس بالمسؤولية، وثم ماذا؟

تعالوا بلادنا وشوفوا الفرق، يذهب إلى امتحانات الثانوية العامة عشرات الآلاف كل عام، ولا حس ولا خبر غير أخبار الغش واختطاف مراكز امتحانات من قبل بعض المسلحين! أما الجانب الحكومي فإنني أعتقد أن وزارة التربية والتعليم والخدمة المدنية وربما رئاسة الوزراء بأكملها، جميعهم يعيشون – أثناء سير الامتحانات – على أعصابهم وهم يرددون بينهم وأنفسهم : "ذلحين هولا الجن أين عيسيروا؟!".

[email protected]

عن: الثورة نت

زر الذهاب إلى الأعلى