فضاء حر

في نقد الثورة والفعل الثوري!!

يمنات
الثورة تغيير جذري، ولا يمكن لهذا التغيير أن يحدث إلاّ بوجود برنامج فيه أهداف واضحة المعالم، ولكل ثورة رافعة ثورية “حزب أو تنظيم ثوري”، وكل الثورات في العصر الحديث والمعاصر اتخذت لها سمتين، فإما هي ثورات تقويض للأنظمة التقليدية الإقطاعية وشبه الإقطاعية وإقامة أنظمة جديدة رأسمالية, وهذه الثورات دشنت مرحلة الحداثة على كل المستويات السياسية والاجتماعية والاقتصادية أو هناك ثورات تحرر وطني من المحتل الاجنبي.
وكل ثورة – هي بالمحصلة- إحداث قطيعة مع الماضي بشروطه ومحدداته الثقافية، والثورة قبل كل شيء طرائق تفكير جديدة، وليس أجسام فيزيقية مختلفة، صحيح أنه لم يكن للبرجوازية أن تنجز ثورات التغيير في أوروبا لولا مساندة بعض طبقة النبلاء المتنورين في النظام القديم، لكن وفق برنامج وأهداف الثورة التي هيئها فكر التنوير الأوروبي.
وبناءً على ما تقدم، يمكن أن نحكم على ما أطلق عليه ب “ثورات الربيع العربي” ، فلم تحمل هذه الثورات برامج وأهداف محددة أو في أحسن الأحوال, كان لها برامج وأهداف مشوشة وركزت أكثر على شعار “ارحل” بما يحمله من معنى الرحيل الفردي للحاكم المستبد، لذا حمل الشعار هدف مغاير للثورة غذاءه لاحقاً تسلل الكثير من معاونيه إلى صفوف الثورة، والخطأ القاتل الذي وقع فيه الثوار يتمثل في أنه عوضاً عن تحييد هذه العناصر كتكتيك ثوري، أفسحوا لهم طريق لتصدروا المشهد الثوري.. ولهذا تراهم اليوم يمنون على الثورة ويبحثون عن استحقاقات هذا الفعل (1)، بينما كان تمردهم على سيدهم محاولة إنقاذ لذواتهم من السحق تحت أعقاب الثورة الحديدية..
الثورة التي تخطئ في تحديد برنامجها وأهدافها يكون مصيرها الفشل.
(1) شيخ يمن على الثورة ويقول لولا دفعه بقبائله إلى الساحات ما نجحت الثورة, في حين أخوه يمن على الثورة ويدعي بأنه صرف على الثورة نصف ماله, وعليه يطلب باستحقاقات هذا الفعل الثوري, ونسى أو تناسى أن تضحيات شهداء وجرحى الثورة لا يمكن تقديرها بثمن, ويكفي على سبيل المثال تضحية أحدهم ك باسم الأكحلي الأغلى ثمناً بالنظر ثروته كلها. وقائد الفرقة السابق يمن على الثورة باعتباره حاميها ولولاه لأجهضت الثورة, وبالتالي يطلب استحقاقاته من الثورية.

زر الذهاب إلى الأعلى