أخبار وتقارير

بشمرجة العصيمات.. جيش خاص بأولاد الشيخ

المستقلة خاص ليمنات
الاختراق الكبير الذي حققه مقاتلو أنصار جماعة الحوثي في العصيمات ليس مجرد هجمة مسلحة، أو جولة حرب عابرة، لكنه تحول تاريخي له ما بعده، فأتباع الحوثي ومناصروه الذين وصلوا إلى العمق الاستراتيجي للعصيمات معقل آل الأحمر وسيطروا على مناطق مهمة فيها، ليسوا قادمين من جبال مران في صعدة، بل هم من رجال قبائل عمران، ومديرية عُذُر، وهي المديرية التي كانت تحسب خلال الفترة الماضية تحت هيمنة آل الأحمر وإحدى دوائرهم الانتخابية المغلقة.
وتبدو الهدنة الحالية بين الطرفين التي نجحت اللجنة الرئاسية في تحقيقها، هشة وقابلة للانهيار في أية لحظة خصوصاً مع الحديث عن اختراقات هنا أو هناك، ومن الصعب التكهن بالمدى الزمني الذي يمكن للهدنة أن تصمد خلاله، وما إذا كانت ستتحول إلى هدنة طويلة الأجل، أم أنها ستتعرض للانهيار في لحظة مباغتة، إلا أن المؤكد أن المواجهات ستكون في حال انهيارها أكثر قوة وشمولاً وعنفاً..
سنة كاملة تعني الكثير للطرفين، باعتبارها فرصة لإعادة ترتيب الأوضاع، والاستعداد لأية حرب قادمة، في حال عدم قبول الطرفين أو أحدهما بالواقع القائم، وبالحقائق على الارض، وما لا شك فيه وبغض النظر عمّا سيحدث مستقبلاً إلا أن كلا الفريقين سيعمل على الاستعداد أكثر لأي طارئ وامتلاك كل عناصر القوة سواء عبر التحشيد البشري، أو الحصول على العدة والعتاد، أو التحالفات مع جهات أخرى، بما يضمن لهما القدرة على مواجهة التحديات القادمة .
ومن البديهي الاعتقاد أن آل الأحمر بعد تعرضهم لهزة قوية وضربة غير متوقعة في عقر دارهم، وخسارتهم لمناطق نفوذ خاصة بهم، سيشعرون بأن صورتهم قد تشوهت ومكانتهم قد تعرضت للتراجع، لذا فهم في قرارة أنفسهم غير راضين بالوضع الحالي، وسوف يسعون بطريقة أو بأخرى لتغييره، واستعادة ما فقدوه من خسائر على الأرض وتعديل موازين القوى, حيث لا يوجد مكان آخر يمكن أن يعوض ما سلب منهم.. لكن، السؤال المهم هو ما الذي يمكنهم فعله تجاه قواعد اللعبة، واستعادة مكانتهم من جديد؟!
مراقبون أكدوا أن الشيخ حميد الأحمر وإخوانه سيلجأون لأكثر من طريقة من أجل لملمة أوضاعهم واستعادة نفوذهم، وإنهم سيلجأون إلى اللعب بأوراق طائفية ومناطقية، وسياسية من أجل أن تصب المتغيرات القادمة في صالحهم، إلا أن الأخطر في هذا الجانب ما تحدثت عنه مصادر سرية حول سعي الشيخ حميد الأحمر لتأسيس قوة مزودة بالسلاح والتدريب تكون خاصة بآل الأحمر، وهي شبيهة بقوات الدرك في بعض البلدان، أو البشمرجة وجيش بدر في العراق، وذكرت المصادر أن حميد كلف شقيقيه حسين وهاشم بتنفيذها عبر إعداد جيش خاص وقوي يمكن آل الأحمر من مقارعة الحوثيين وإعادة توازن القوى،واستعادة المناطق التي خسروها مؤخراً وفي حال تأكد ذلك فإن البلاد أمام مرحلة جديدة من مراحل الصراع سيضع حداً لكل التطلعات الشعبية والسياسية.
لقد تغيرت مفاهيم كثيرة بفعل المواجهات الأخيرة، ومعها تبدلت موازين القوى، وتعقدت قواعد اللعبة، واختلطت الأوراق، لكن الغريب في الأمر أن الدولة غائبة عن كل ما جرى ويجري، واكتفت بجهود المصالحة الرئاسية بين الطرفين، دون أن تسعى إلى فرض تواجدها ونفوذها كدولة، ابتداء من حي الحصبة الواقع في قلب الجزء الشمالي من العاصمة، كما أنه لم يصدر عنها أي رد فعل حول الحديث عن القوات المسلحة المزمع إنشاؤها من قبل آل الأحمر..
وبالعودة إلى موازين القوى، نكتشف عدداً من الحقائق المهمة التي فرضت نفسها على أرض الواقع ومن هذه الحقائق الولاءات القبلية داخل الإطار الكبير لقبائل حاشد، والتي ظلت طيلة عقود طويلة من الزمن مرتبطة بالعصيمات ومشائخ آل الأحمر، خصوصاً في عهد الشيخ الراحل عبدالله بن حسين الاحمر، والذي كانت قبائل حاشد جميعاً تدين له بالولاء والطاعة- إلا أن الفترة الأخيرة، تغيرت فيها خارطة الولاءات وتعددت اتجاهاتها، وهذا ما كشفته المواجهات الأخيرة، حيث وقفت قبائل معروفة بولائها لآل الأحمر، إلى جانب الحوثيين، وهذا هو النصر الحقيقي الذي حققه الحوثيون وبعضها اختارت الحياد ورفض مساندة العصيمات، وهو الأمر الذي ينذر بتصدع القاعدة القبلية الصلبة لحاشد وتمزق نسيجها القبلي، الأمر الذي جعل آل الأحمر ينظرون إلى الحوثي باعتباره الخطر المحدق بهم كونهم يمثلون رمز حاشد وحاشد رمز قوتهم، وبالتالي فإن تفككها يعني نهاية لنفوذهم أو على الأقل ضعفاً كبيراً لهم، فهم خلال المواجهات ظهروا في أضعف حالتهم وتحولت العصيمات من مركز نفوذ إلى منطقة هزيلة مفككة أمام تماسك ووحدة قبائل عذر، بل إن آل الأحمر بكل ما يمثلونه من استعلاء وهيمنة باتوا يطلقون صرخات الاستغاثة ويرفعون أصواتهم بالشكوى والتذمر والتحذير من مخاطر الزحف الحوثي القادم، متهمين الجماعة “بالسعي إلى تدمير قبائل حاشد، وجعلها طريقاً سهلاً للوصول إلى صنعاء لاستعادة أملاك بيت حميد الدين” ولم يحدث في أي وقت مضى أن تعالت أصوات آل الأحمر بمثل هذا التباكي والشكوى واستعطاف الآخرين.
لقد استغلت جماعة الحوثي تقدمها على الأرض، وفرضت حضورها في معقل أبرز خصوصها، ولا شك أن هذه الحقائق ستزعج بعض الأطراف التي ستحاول مساندة آل الأحمر أو تشجيعهم على المواجهة والدفاع عن هيبة أسرتهم ولن يتسنى ذلك إلا من خلال امتلاك زمام القوة المنظمة وغير التقليدية.. فما الذي يدور في ذهن حميد الأحمر الآن وما هي خطواته القادمة. وهو يرى اسطورة آل الأحمر تكاد أن تطوى من التاريخ على يد جماعة يزداد نفوذها وانتشارها كل يوم في حاشد وخارجها نظراً لثباتهم على مواقفهم ودعمهم لبناء دولة مدنية تتسع للجميع .

زر الذهاب إلى الأعلى