أخبار وتقارير

الهبة الشعبية و تقاطعات القوى المتصارعة على الساحتين المحلية و الاقليمية

يمنات
باتت الهبة الشعبية التي دعا لها حلف قبائل حضرموت، محل اهتمام الكثير من القوى على الساحة المحلية و الاقليمية.
ويرى محللون أن الهبة الشعبية في حضرموت، ليست ببعيدة عن الصراع السعودي الأمريكي في المنطقة، على خلفية تقاطع مواقف البلدين فيما يخص الملفين السوري و الايراني.
و اعتبروا أن السعودية استغلت الغضب الشعبي في حضرموت، جراء مقتل الشيخ سعد بن حبريش، و استخدمته في صراعها مع الأمريكان، ملوحة بقدرتها على خلط الأوراق على الأمريكان في المنطقة التي يسعون إلى التواجد فيها و الاستفادة من موقعها الاستراتيجي.
و يرى متابعون أن تحريك الأسطول الأمريكي المتواجد في البحر العربي باتجاه سواحل عدن، تلويح أمريكي في وجه السعودية، بالتدخل في حال عجز الجيش اليمني عن السيطرة على الأوضاع.
و أشاروا أن تحريك الأسطول الأمريكي، قد يخلط الأوراق على الاجندات التي رسمتها السعودية، لفرض واقع جديد في حضرموت، التي تطمع أن تصل إليها لضمان حصولها على منفذ على البحر العربي.
و يبدو أن ذلك سيخفف كثيرا من التحركات التي كان ينوي القيام بها قبليون مسلحون للسيطرة على المقار الأمنية و العسكرية و الحكومية في المحافظة.
السعودية تلعب بعدد من الأوراق في حضرموت، بينها مشائخ و شخصيات اجتماعية و تجار، حاصلين على الجنسية السعودية، و تسعى بقوة لأن يتصدروا المشهد في حضرموت، فضلا عن قيادات حراكية تم استمالتها خلال العامين الماضيين.
خلط الأوراق من قبل السعودية، ورقة ترفعها في وجه الأمريكان، الذين باتوا أكثر تركيزا على الجنوب، الغني بالنفط و ذو الموقع الاستراتيجي كبوابة للخليج.
الهبة بدأت اليوم، غير أنها لا تزال حبيسة الساحات، و لم تتحرك صوب اسقاط المؤسسات، باستثناء بعض المناطق التي تسلم فيها مواطنون و قبليون مقار أمنية و مدنية، حسب بعض الأنباء.
القوى المحلية تحاول الاستفادة من الهبة لتثبيت و جودها و خلط الأوراق، و استخدامها في صراعاتها على السلطة و اجندات أخرى تعمل عليها.
فالإخوان يحاولون الاستفادة من الهبة باتجاه اضعاف الحراك كحامل للقضية الجنوبية، و الذي صعب عن طريقه تمرير حلول منتقصة للقضية الجنوبية، برفضهم الجلوس على طاولة الحوار في صنعاء، و انسحاب من وافق منهم بعد أن اكتشفوا أن وجودهم مجرد محلل لشرعنة حلول منتقصة تبقي قوى النفوذ حاكمة و مستبيحة لثروات الجنوب و أرضه.
و يسعى الإخوان من خلال ذلك إلى ترتيب أوضاعهم مع قيادات قبلية، بهدف استخدام الهبة كما استخدمت ثورة الشباب السلمية في الشمال.
و كما يبدو أن الاخوان و جناح صالح في المؤتمر الشعبي، يسعون بقوة، وعن طريق اعلامهم، لأن تتصدر قبائل حضرموت المشهد، سعيا لتطبيق التجربة على عموم الجنوب، استنساخا للنموذج الشمالي، بهدف ابعاد الحراك عن تصدر المشهد.
و لا يستبعد أن تكون الأجندات التي يعمل عليها جناح صالح في المؤتمر، بعيدة عن الاجندات السعودية، التي تسعى للتعامل مع المكونات التقليدية بعيدا عن النخب السياسية في الجنوب.
قيادات الحراك، هي الأخرى، ترى أن التعامل بسلبية مع الهبة الشعبية، سيبعدها عن الأضواء، و سيعمل على ضرب الحراك شعبيا، فتسعى إلى التواجد و توجيه الهبة بما يخدم القضية الجنوبية التي باتت معترف بها على المستوى الدولي.
و في الوقت الذي يلعب فيه الاخوان على وتر الهبة الشعبية، يعملون باتجاه تغلل مليشياتهم المسلحة في الجنوب، و الزج بعناصر في أوساط المحتجين، لضمان تواجدهم في المشهد القادم، في حال فرضت القبائل أمرا واقعا في الجنوب.
و في الوقت ذاته تمكنوا من نقل قوات عسكرية إلى مناطق في حضرموت، تضمن لهم التواجد أيضا، في حال تم اللجوء إلى الخيار العسكري، خاصة و أن أحد أكبر الألوية العسكرية الموالية للجنرال محسن يتواجد في أكثر من منطقة في المحافظة الأكبر مساحة في البلاد.
الرئيس هادي يبدو واقعا بين كماشات عدة لهذه القوى، و يسعى نحو لملمة الأوضاع، التي يبدو أن زمامها بدأ يفلت منه، خاصة و أن أي تطور على الأرض، سيضع الحوار في مهب الفشل.
و لا يستبعد أن تكون عمليات التخريب التي تعرضت لها الاتصالات، و بالتالي عزل الجنوب على العالم، تقف خلف بعض القوى، بهدف تأجيج الشارع الجنوبي، و دفعه باتجاه العنف.
و هكذا تبدو الهبة الشعبية أسيرة لأجندات قوى مختلفة في الساحة المحلية و الاقليمية، و التي تسعى لركوب موجتها للاستفادة منها في تثبيت وجودها على الأرض، و استخدامها في صراعاتها القادمة.

زر الذهاب إلى الأعلى