أخبار وتقارير

آل الأحمر.. البكاء على أطلال مجد زائل

يمنات – أبو نظمي
استطاع آل الأحمر خلال ما يزيد على قرن من الزمن أن يفرضوا سيطرة كاملة على قبيلة حاشد سواء في عمران أو مناطق تواجدهم في المحافظات الأخرى الأمر الذي مكن لهم لعب دور اقتصادي تنامى بفعل استخدامهم لسياسة النهب المعزز بالبطش بكل من حاول رفع صوت احتجاجي في مواجهة نفوذهم النهبوي خصوصاً في محافظة عمران معقلهم الرئيس ليتنامى هذا الدور خصوصاً في ظل قيادة الشيخ عبدالله الأحمر للقبيلة مولداً دوراً سياسياً استطاعوا من خلاله التأثير على سياسة اليمن في مختلف مراحل الدول والحكومات التي تعاقبت على اليمن وبالذات منذ ثورة ال26 من سبتمبر 1962م إلى درجة لا يمكن معها إيصال شخص إلى سدة الحكم ما لم يمر على ديوان الشيخ للحصول على الموافقة وتلقي الممنوع والجائر والمباح الذي يجب عليه مراعاته سياسياً واقتصادياً وثقافياً… الخ
هذه الأدوار المحورية التي لعبها آل الأحمر صنعت لهم هالة اسطورية محلياً وإقليمياً شكلت في غالبية الوعي الجمعي قناعة باستحالة تبدل أحوالهم لصالح آخرين مهما كانت قوة تغير الظروف وتأثيرها عزز من تلك القناعة الامبراطورية الاقتصادية العظمى التي بنوها بفعل النفوذ والتأثير الكبير في صناعة القرار أياً كان مصدره ومجاله..
والسؤال الذي يفرض نفسه بعد التوطئة السابقة والتي لاشك لم تكن جامعة لكل ما كان يجب أن تحتويه هو: كيف تبدل الحال إلى أسوأ مآل خلال فترة وجيزة تبددت الهالة وخارت القوة وتحطمت الأسطورة وأضحى آل الأحمر يطالبون الدولة ببسط نفوذها في كل الربوع وسحب أسلحة المليشيات من كل مراكز القوة والنفوذ؟! وهو الأولى كان من المستحيل أن يتحدث إليهم كائن من كان في أمر كهذا؟!.
وللإجابة على هذا السؤال لن تتوفر إلا من خلال الخوض ولو يسيراً في بعض دواعي حرب عمران وأسبابها وصولاً إلى بعض عوامل السقوط المدوي لإمبراطورية آل الأحمر.. وعليه فقد شكل تنامي حركو أنصار الله الحوثية وتوسعها المضطرد خصوصاً في محافظتي عمران وحجة بصورة متسارعة تهديداً حقيقياً لنفوذ آل الأحمر في معقلهم الرئيس عمران ما يترتب عليه سقوط في كل محافظات النفوذ بل ويترتب عليه بروز قواعد لعبة جديدة على مختلف الصُعد لم يكونوا أحد لاعبيها وهو ما أدركه الحوثي وعمل من أجله وحققه فعلاً.
سيناريو الحرب..
بهدف تحقيق ضربة استباقية للحوثي استغل آل الأحمر حرب دماج وعملوا مع حزب الإصلاح واللواء محسن على فتح أكثر من جبهة فارضين حصاراً على صعدة بمليشيات سلفية إصلاحية مدعومة بقوات وأسلحة وذخائر الفرقة بل و أعلنوا تسننهم لكسب تأييد أتباع السنة في اليمن وخصوصاً أنصار الشريعة الذين خاضوا معارك كتاف ضد الحوثي غير مدركين عواقب حصارهم لصعدة ودخول أنصار الشريعة معهم لقتال الحوثي الذي بدوره استغل هذا الخطأ الاستراتيجي لتحقيق النصر بالضربة القاضية فعلاً..
فحصار صعدة اكسبه تعاطفاً محلياً واسعاً وشرعية خوض غمار معركة دفاع عن النفس مستغلاً في الآن نفسه تحالف آل الأحمر ومحسن والإصلاح مع القاعدة ضده لتأكيد حقيقة أن القاعدة تعمل بدعم من هذه القوى بل هي وليدتها منذ أن عمل نفس التحالف على القضاء على الحزب الاشتراكي والسيطرة على كل مربعاته الحزبية والعسكرية دافعاً بقوى التطرف إلى محافظات تواجده للقضاء على ما أسموه حينها الفكر الإلحادي الشوعي..
لقد أدرك الحوثي سيناريو القضاء عليه وثغراته التي لا يمكن جبرها محولاً إياه إلى سيناريو لتحقيق نصر له في حين تجاهل آل الأحمر وحلفائهم ماضيهم المظلم وظلمهم المفرط لقبيلة حاشد وممارسة القتل والنهب والاقصاء والاستحواذ على ثروات الوطن من قبل كل مكونات التحالف ومن لف لفهم الأمر الذي خلق رأياً عاماً مؤيداً لانزال أقسى هزيمة بهم أو حتى التخلص منهم نهائياً إن أمكن وهو ما لم يعملوا حسابه حين التهيئة للدخول في معركة ضد الحوثي الذي حقق انتصارات كبيرة في مختلف الجبهات أهمها تلك الاتفاقات التي ضمنت له الحرية الفكرية كشرط لإيقاف القتال الذي فجرته القوى التقليدية للقضاء عليها كواحد من أهم الأهداف التي هدفت إلى تحقيقها من خلال الحرب.
عوامل هزيمة آل الأحمر:
هناك عوامل داخلية وخارجية تأزرت جميعها في عملية إسقاط نفوذ وهيمنة آل الأحمر على حاشد أبرزها عامل التسلط والاستكبار اللذين مارسوه خلال العقود المنصرمة ومن ثم حصارهم لحاشد تنموياً ومعرفياً بغية بقائها طيعة لينة وفق حسابات مغلوطة أبعدتهم عن إدراك ضرورة انتاج مثل هذه الممارسات لتراكمات كمية ستؤدي إلى تحويل نوعي بالضرورة وهو بدأ وقعاً ونتيجة حتمية خلال المعارك التي أظهرت تراخي حاشد عن مؤازرتهم بل ومؤازرة بعضها للحوثي كما هو الحال مع قبائل عذر وبعض من مشائخ العصيمات والغولة وغيرها..
كما أن عامل الرأي العام المؤيد لسقوط الأسطورة القبلية المتعثرة لتقدم اليمن واستقراره كان له دور حاسم في المعارك وذلك كنتاج طبيعي لأساليب الهيمنة والاستكبار والنهب والاستحواذ الممارس من قبلهم في المحافظات الجنوبية والشمالية وبطريقة استعلائية فجة.. بالإضافة إلى تنكرهم حتى لمذهبهم الزيدي وإعلانهم تسننهم بهدف كسب تأييد ومؤازرة سنية ومثل اعلانهم والسلفيين النفير ضربة قاصمة لهم على المستوى المحلي والإقليمي والدولي, كون اعلان النفير استقطب إلى جانب تحالفهم حليفاً آخر تمثل بالقاعدة التي خاضت إلى جانبهم معارك كتاف الأمر الذي رأي فيه المجتمع المحلي والإقليمي والدولي محاولة خطيرة لتوسيع رقعة القاعدة كتهديد حقيقي لأمن المنطقة برمتها وهو ما يفسر تخلي الملكة العربية السعودية عن حلفاء لم يلتزموا بقواعد التحالف المتفق عليها منذ عقود بالإضافة إلى انصهارهم في حركة الإخوان التي ترى فيهم المملكة السعودية خطراً على أمنها ومصالحها لا يدانيه خطر وكان لتصريح الملياردير حميد الذي جلد فيه موقف المملكة من سقوط الإخوان في مصر دور حاسم في تخلي المملكة عنهم وتركهم لقمة سائغة لأنصار الله..
كل تلك العوامل وغيرها عجلت وتيرة السقوط المريع والانهيار الفظيع لسيطرة ونفوذ آل الأحمر الذين اصبحوا يبكون اليوم على أطلال مجد زائل ما كان له أن ينهار لو تم تحولهم إيجابياً باتجاه تأييد ودعم طموح اليمنيين ببناء دولة مدنية حديثة تقوم على أساس قواعد الحكم الرشيد خصوصاً وأنهم أعلنوا انضمامهم للثورة والذي تكشفت حقيقته فيما بعد أنه إعلان تكتيكي لاحتواء الثورة وتجييرها لصالحهم وحلفائهم الإصلاح واللواء محسن.

زر الذهاب إلى الأعلى