فضاء حر

عن اليمن .. قبل ان يهدم المعبد

يمنات
اذا كنت من الجنوب وتقوم بتبرير القتل الذي يحدث في الشمال وتستصيغة فلا تزعل او تغضب من سكوت ابناء الشمال عما يحدث في الجنوب.
واذا كنت من الشمال وتقوم بتبرير القتل الذي يحدث في الجنوب وتستصيغة فلا تزعل او تغضب من سكوت ابناء الجنوب عما يحدث في الشمال.
تعز صعدة عدن الجنوب الشمال الشرق الغرب السنة الشيعة الروافض التكفيريين …الخ لو فكرتم قليلا بصدق لوجدتم ان كل هذه التوصيفات ليست سوى اسماء سميتموها انتم وأبنائكم ما انزل الله بها من سلطان ويتم استخدامها اليوم لتفريقنا ولتبرير وتجميل جريمة القتل الذي ارتكبها جدنا الاول قابيل وما زلنا نمارسها حتى اليوم بنفس البشاعة وان البسناها اقنعة الوطنية والدين والنضال والثورات التحررية والمقاومة.
الاعلام المأجور يشتغل ليل نهار على تعزيز وتغذية هذه الهويات الا انسانية الضيقة التي تفرقنا حولها وتكدسنا كقطعان حمقى لا نمتلك الحد الأدنى من مقومات التفكير المتوازن الهادئ والبعيد عن التشنجات الغير متأثرة بالانفعالات العمياء .
للاسف ايضا راينا الكثير من المثقفين والأكاديميين والمتعلمين (او من كنا نعتقد انهم كذلك) انجروا او جرجروا لهذا المربع المجنون الذي تضيق فيه مساحات العقل والسلام بالتوازي مع اتساع مساحات الجهل والتحريض والقتل.
لن يستطيع طرف الانتصار في هذه الحرب حتى وان حسم المعارك العسكرية لصالحه لكنه سيكون خاسرا في كل الجوانب الاخرى سياسيا واقتصاديا وثقافيا ومجتمعيا .. قد ينتصر السلاح ولكن الانسان لا ينتصر ولن ينتصر في معارك كهذه التي نراها تدور في اليمن.
المقاتلين الذين ماتوا في الجبهات لن ينتصروا، المدنيين الذين ماتوا في بيوتهم رجالا ونساء واطفال بطلقات المتقاتلين وقذائفهم لن ينتصروا، المواطنين الذين يجاهدون كل يوم ويعانون ليس لشيء الا ليعيشوا يوما آخر في هذه الحياة التي رأوا أنفسهم فجأة دون اختيار منهم موجودون فيها.. كل هؤلاء لن ينتصروا ولن يشعروا باي انتصار قد يتحقق في المستقبل.
حتى السياسيين الذين نراهم اليوم يدندنون بالوطن والوطنية من خارج البلد الذي يتم طحنه وهربوا بانفسهم وارواحهم وابنائهم واموالهم منه لن ينتصروا لانهم ان عادوا للحكم باي صيغة (وهذه كارثة اخرى اتمنى الا تتحقق) فلن يجدوا امامهم الا بلد مدمر منهك ابنائه منقسمون مشتتون يعيشون في بقايا انقاض ما كان يسمى وطن.
ثلاثة اشياء رئيسية يجب ان نعمل جميعا عليها بشكل عاجل وأساسي وهي ايقاف كل الحروب الداخلية في كافة المناطق اليمنية بشكل عام ايا كانت اسبابها ومبرراتها وكذلك الوقوف صفا واحدا امام العدوان الخارجي الذي يشن على بلدنا ككل دون تمييز فنحن نرى جميعا يوما بعد يوم لا يفرق بين شماليين او جنوبيين ولا بين سنة وشيعة ولا بين مقاتلين مدنيين وايضا مواجهة الاوضاع الانسانية الذي سببها الحصار الممنهج الذي يفرضه على الشعب تحت غطاء شرعية واهية ضعيفة متسلقة فاسدة لم يستفد منها احد لا في الداخل ولا في الخارج..
ثلاثة اشياء رئيسية علينا ان نتوجه اليها بعيدا عما نمارسه بوعي او بدون وعي من تحشيد وتحشيد مضاد ان اردنا النجاة فعلا وقبل ان يهدم المعبد…
امنياتي ومحبتي للجميع.

زر الذهاب إلى الأعلى