فضاء حر

بين الشطح والتهديد والهدوء والتوازن

يمنات
مقابل خطاب الشطح والتهديد والوعيد، الذي تبناه “مؤتمر الرياض” أمس، ظهر زعيم أنصار الله، الليلة، بخطاب هادئ.. متوازن.. غير متشنج، لكأن يديه في ماء بارد، أوكأنه لا عدوان سعودي قائم، ولا قصف من السماء، ولا أرض محروقة في صعدة، ولا مؤتمر ل”سورنة” اليمن عقد لتوه في الرياض.. ولا يحزنون.
السعودية وحلفاؤها، بخطاب “الإرهاب”، أو ب”إرهاب الدولة” الممارس من قِبَلها على الأرض؛ يصطدمون بجبل الجليد هذا..
والرسالة المقصودة بوضوح: لم ننهر، ولسنا على وشك الانهيار، وكل ماتفعلونه في سبيل ذلك عبث في عبث. (أين ذهب كل ذلك القصف السجادي لصعدة إذاً؟؟؟؟ على السعودية أن تقضي الليلة وهي تحاول الإجابة على السؤال الأقرب إلى الفضيحة).
……………………………
لم يحمل خطاب الليلة تهديدا ولا وعيدا، وخاطب بقية من “عقل” يفترضها لدى حكام السعودية، مع تلميح إلى العواقب، وإشارة تحمل اعترافا هو الأول من نوعه بالعمليات التي شهدتها الحدود وسقطت خلالها مواقع سعودية (الخطاب يأتي بعد ساعات من بث قناة المسيرة للمرة الأولى أيضا مشاهد من إحدى عمليات السيطرة على أحد المواقع السعودية).
أبدى استعداده للحوار مجددا برعاي أممية في بلد محايد ولم يضع أي شرط له، على عكس السعودية وحلفائها الذين يظهرون كل يوم بشرط جديد وشروط جديدة لإجراء هذا الحوار (من شرط موافقة الحوثيين على قرار مجلس الأمن 2216، إلى شرط انسحابهم أولا.. إلى غيرها من الشروط).
هذا الخطاب يذكرني بآخر خطاب لعبد الملك الحوثي قبل سقوط الفرقة الأولى مدرع ودخول جماعته صنعاء.
كان خطابا يحاول مخاطبة عقل السلطة بغية إقناعها بالاستجابة لمطالب المعتصمين من تياره ضد الحكومة آنئذ، ولكنه كان يعرف ضمنا أن السلطة لن تستجيب، فكان بذلك الخطاب يحاول الإلقاء بآخر حجة فيما هو على الأرض يعد العدة لتنفيذ “خيارات أخرى” كما يسميها.
وهنا أعتقد أن أنصار الله وصلوا إلى قناعة بأن مشروع المملكة في اليمن، من خلال ماظهر في مقررات المؤتمرين في الرياض، مشروع طويل ومضمونه “تدمير اليمن” على النحو القائم في المثال السوري (أشار الحوثي إلى ذلك)، وبالتالي لا جدوى إلا للذهاب في الحرب إلى النقطة التي تريدها السعودية.. ولكن في حدودها وعلى أراضيها، مع عدم إغلاق باب الحوار أيضا، أو الإبقاء عليه مواربا على الأقل.
ومن هذه الزواية يبدو الخطاب متناغما مع دعوات الأمين العام للأمم المتحدة، اليوم، إلى تجديد الهدنة، وإلى عقد مؤتمر في جنيف 28 من الشهر الجاري.
بينما تلميحه إلى عمليات الحدود (المتزامن مع المادة المصورة التي بثتها قناة المسيرة)؛ يتناغم مع التصعيد العسكري السعودي على الأرض.
آمل، من ناحيتي، أن يكون الخيار السياسي هو الأكثر حظا… وهذا مايتمناه كل عاقل أيضا.
من حائط الكاتب على الفيسبوك

زر الذهاب إلى الأعلى