فضاء حر

اليمن في انتظار “غودو” .. اي حل سياسي لن يأتي من بائسين..؟

يمنات
من عامين كتبت مقالين متتابعين عن اوضاع اليمن وقياداتها البائسة التي تتحدث بوعود عن الاستقرار وبناء الدولة ومنع الفوضى، وكان ردا على فشل مؤتمر الحوار الذي انتقدته من اول ايامه.
و حالنا في اليمن مع كل العبث السياسي كحال انتظار ابطال رواية الكاتب الآيرلندي صمويل بيكيت في مسرحيته التي تدور حول رجلين يدعيان “فلاديمير” و”استراغون” ينتظران شخصا يدعى “غودو”.
و أثارت هذه الشخصية جدل وحوار كبيرين حول مسألة الانتظار ل”غودو” و هناك من قال بان الانتظار مظهر لمسرح عبثي تزداد مظاهره العبثية عندما يكون الشيء الذي ننتظره لا وجود له ولا مظهر محدد له.
و هو تجسيد حقيقي للازمة اليمنية بكل بؤسها وعبثها الناجمة عن قيادات لا وطنية بائسة في تفكيرها وسلوكها وممارساتها. فمنذ اليوم الاول لتوقيع المبادرة البائسة وهرولة احزاب المشترك نحوها وفرحهم بالمحاصصة والغنيمة ومع تشكيل اللجنة الفنية واختيار اعضاء مؤتمر الحوار كتبت حول كل هذا بأنه مسرحية لمراكز القوى الفاسدة التي تفرض وجودها على المسار الجديد لتعيد انتاج اوضاعها و أدوارها وممارساتها بشكل مظهري يقدم للناس انه تغيير.
و كان لهم ما ارادوا خاصة وان هادي كان مجرد لعبة بيد مراكز القوى (صالح وحلفائه من جهة والمشترك وحلفائهم والخارج الاقليمي والدولي). فقد استقلاله بل هو لم يستطع ممارسة دوره كرئيس حقيقي، ثم تبع ذلك المسار المعروف من تقدم الحوثيين بخطوات منتظمة ومحددة بداية من دماج الى عمران وحصار العاصمة واحتلالها وانتشارهم في كل اليمن، ثم ما لحق ذلك من اجراءات وصولا الى العاصفة التي كان مخطط لها من السعودية من يوم طرد السلفيين من دماج وانتصارهم في عمران.
و لتحقيق ذلك عملت مخابراتها في اخراج هادي من صنعاء الى عدن ثم الى الرياض والحديث باسمه انه طلب عملا عسكريا مننهم.
و تزداد العبثية السياسية عبر مؤتمر الرياض لأناس هرولوا نحو الغنيمة والفنادق السياحية وهم يدركون ان مقرراتهم لن تجد من يطبقها او يهتم لها.
و هكذا تكون الوعود السياسية والاعلانات والبيانات والمبادرات كلها مشاهد لمسرح عبثي يجسد مسألة الانتظار لغودو. و هو هنا انتظار الشعب اليمني للاستقرار والتنمية و اعادة بناء الدولة وحماية وحدتهم الجغرافية وسيادة وطنهم وكلها تشكل مفردات للهوية الوطنية والسياسية التي تمثل الشعب والوطن.
و الشعب اليمني لا يزال في مخياله المجتمعي والشعبي يعيد انتاج القصص التاريخية حول المخلص البطل الذي يأتي من خارج السياق لينقذ المجتمع..
صفوة القول .. ان مآساة اليمن تتجسد في عبثية الانتظار لعودة الدولة الوطنية فخلال مائة عام (القرن العشرين) فجر اليمنيون اربع ثورات وكان لهم حيوية في الفعل السياسي الشعبي لكن القيادات الحزبية والقبلية والعسكرية كانت اقل وعيا واقل فاعلية واقل ارتباطا بالشعب والوطن.
و خلال السنوات الثلاث الاخيرة تزداد معاناة اليمنيين و آلامهم وتتدمر معيشتهم وبلادهم وتلك النخبة تتاجر بالوطن في مختلف دول الاقليم عربا وعجما ومن تفاهتها تشدقها اعلاميا بالحديث للشعب بانتظار الفرج وحل الازمة وبناء الدولة. و هنا ينتظر الشعب كله ويحدق في الافاق و لا يجد الا الخراب واليباب الذي يحاصرهم من كل جانب و “غودو” لم يأتي ولن يأتي لان المخرج في روايته لم يضع له وجود ولا حضور وهنا ما لم تتغير هذه القيادات البائسة والتابعة للخارج التي كانت و لا تزال سببا رئيسيا في مشكلات الوطن. فان اي حل سياسي لن يأتي من خلال هؤلاء البائسين..؟
من حائط الكاتب على الفيسبوك

زر الذهاب إلى الأعلى