فضاء حر

الكرة في ملعب النخب السياسية والحزبية في اليمن

يمنات

د. فؤاد الصلاحي

انسحبت امريكا بعد سنوات طويلة لم تحقق فيها اهدافها المعلنة الا بقدر محدودة وهنا اعلنت الادارة الامريكية -ادارة بايدن- ان التواجد العسكري لم يعد مفيدا والافضل انها تستبدله من خلال عمليات عسكرية من محطات -قواعد-تقليدية تابعة لها عبر طائرات بدون طيار او عمليات قصيرة ومحدودة . ومن خلال وكلاء محليين .. وهنا تحرص امريكا بعدم تعرضها لخسائر مباشرة من الجنود الذين تعتبرهم مجرد اعواد حطب في معارك لاطائل منها استمرت خلال مائة عام ثم تمنحهم نجمة تقدير ومكافأة مالية – لكن استمرار التدخلات بطرق سياسية واستخباراتية وان لزم الامر بالقوة العسكرية ستستمر لحماية المصالح الاقتصادية للشركات الراسمالية المعولمة ومعها حماية الادارات السياسية للحكومات التي تعتبر ادارت للرأسمالية بصورتها المتوحشة ..

الاصل ان تكف امريكا وحلفائها الاوربيين من التدخل في شؤون الدول الصغير -النامية- على الاقل احتراما لميثاق الامم المتحدة والمعاهدات الدولية التي تؤكد على احترام الدول وسيادتها وحقوقها في ثرواتها ..لكنه التوحش الرأسمالي الذي يهرول نحو الموارد الاقتصادية والاسواق والقوى العاملة رخيصة الثمن والتواجد في مناطق جغرافية مهمة لحركة التجارة والنقل وقريبة من تلك المصالح المعلنة ..

في هذا السياق تزداد تدخلات امريكا واوربا في القارة السمراء التي عادت الى الانقلابات العسكرية خلال السنوات الاخير في تشاد ومالي والنيجر واخيرا غينيا واصبح معروفا خلفية الانقلابات ودور فرنسا او امريكا وهذه الاخيرة عبث مرارا وتكرارا بدول امريكا اللاتينية مثل هندوراس ونيكاتراجوا وتشيلي واخيرا فنزويلا ..

اما الوطن العربي فامريكا اشعلت بؤر نزاع مستمرة منذ عشرة اعوام ولايبدو في الافق اي بوادر للحل او ايقاف شعلة تلك النزاعات وفق عمل سياسي يعزز من اعادة حضور الدولة وتحقيق الاستقرار ..ولعل الدرس الافغاني يشير بوضوح الى ان امريكا وحلفائها لم يقرروا بعد انهاء بؤر النزاع في المنطقة بل ستكون هناك بؤر نزاع جديدة ..وستزداد مع السباق المحموم بين امريكا والصين وروسيا حول الموارد الطبيعية والاسواق وحول التواجد الاستراتيجي للقوات الامريكية في اطار لعبة كبيرة مع روسيا التي نجح مشروعها بتصدير الغاز الى المانيا وبعض دول اوربا ضدا من ممانعة امريكا وهنا ستكون افغانستان مجال ميداني لدورة صراع اخرى ولكن عبر ظهور جماعات محلية تقور بأدوار عسكرية لصالح الخارج الاقليمي والدولي الصين وروسيا يقومان بملئ الفراغ الذي خلفه الانسحاب الامريكي من افغانستان ومعهما ادوار لكل من باكستان وايران ودول اخرى ..امريكا واوربا خاصة بريطانيا وفرنسا تجدد وسائل وطرق حضورها في المنطقة ووسائل واساليب تعميم الفوضى ايضا والاخطر هنا ان مساعي هذه الدول للحل السياسي وفق منهج يولد مزيدا من عدم الاستقرار ويزيد من الانقسام السياسي والمجتمعي -مثال ذلك العراق حاليا ومعها ليبيا وسوريا واليمن واخيرا ستظهر مشكلات جمة وصراعات متجددة في بلاد الافغان ..

فرنسا لديها اكبر مخزون من الذهب تم استخراجه من مناجم في مالي التي تعتبر دولة فقيرة جدا في افريقيا رغم ان جغرافيتها مليئة بالموارد الطبيعية ومثلها نيجيريا وغانا والكونغو بل ان دولة نفطية مثل فنزويلا في امريكا اللاتينية تم اشعال بؤرة نزاع فيها ودفع ملايين السكان للهروب واللجؤ نحو دول الجوار مع انها دولة ذات انتاج نفطي كبير .. .

افغانستان مثال جدير بالدراسة والتحليل الكاشف لفشل امريكا في بناء دولة او المساعدة في بناء هذه الدولة وفشلها في محاربة من جاءت لمحاربته بل سلمته كل افغانستان ووفق حوارات سياسية غير معلنة منذ سنوات عدة سبقت المشهد الاخير ..الكرة الان في ملعب طالبان التي يجب ان تتحول الى حزب او جماعة تحول دورها القتالي الى بناء الدولة وتنمية المجتمع فهذا الاخير لابد له لن يخروج من نفق الازمات التي عاشها اكثر من اربعة عقود وحان الوقت لدولة حديثة وهو رهان امام طالبان التي يبدو انها لم تتغير كثيرا ولم تستوعب الدرس محليا ولا الدروس من عموم منطقة الشرق الاوسط ..وسنكون امام دولة هشة لها حكومة من اعضاء طالبان ومرشد ديني أعلى وفق النموذج الايراني الامر الذي تغيب معه مظاهر حديثة للدولة والمجتمع .

وبالمثل الكرة في ملعب النخب السياسية والحزبية في اليمن اذا استطاعت ان تفهم دروس المنطقة ومتغيرات المشهد السياسي ..عليها ان تبادر نحو حوار وطني لاعادة بناء الدولة الجامعة لكل الشعب دونما اوهام باستملاك السلطة والثروة من طرف واحد ..

على الجميع الخروج من اوهام حزبية او قبلية او مذهبية للوقوف في مرتكز الوطن والشعب وبناء دولة حديثة وفق مبداء المواطنة والمساواة وحصر السلاح بيد الدولة دون غيرها ودون ذلك استمرار الفوضى واللانظام لصالح الخارج الاقليمي والدولي ..!

من حائط الكاتب على الفيسبوك

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

زر الذهاب إلى الأعلى