فضاء حر

الخلفية التاريخية لما يحدث اليوم من احتلال وغزو لليمن

يمنات
هناك حتميات جغرافية وحقائق تاريخية لابد من معرفتها لكي يتسنى لنا فهم حقيقية الصراع السياسي والطبقي والدولي الدائر اليوم على ارض اليمن، منها ان اليمن نظراً لطبيعة تضاريسه ومناطقه الجغرافية، يتعرض من حين الي اخر للتفكك وانفصال بعض اطرافه مما يعود اساسا الي ضعف حكومته المركزية، وليس الى تعدد مناطقه الجغرافية، وسار تاريخ اليمن منذ اقدم العصور والي الان علي هذا المنوال ،اي بين المركزية والحكومة الموحدة احياناً وبين التفكك وانفصال مناطقه واطرافه احياناً اخرى.
ويتساوى في ذلك عسير ونجران شمالاً او عدن ولحج وحضرموت جنوبا، ولم تفقد هذه المناطق يمنيتها على طول التاريخ،وان اختلفت درجة علاقتها بالمركز ،بين تمرد وامتناع عن دفع الزكاة والضرائب للمركز او زيادة قوة عناصرها المحلية واعلان الحكم الذاتي، او اعلان استقلالها وانفصالها عن المركز، وتعرف مناطق الاطراف عادة الميول الانفصالية طالما كانت حكومة المركز ضعيفة او عندما يوجد فراغ سياسي بالمركز، مما يعزز الميول الانفصالية، وتؤدي هذه الميول الانفصالية الي طمع القوى الخارجية في امتلاك هذه المناطق ، كا هو حاصل اليوم في بعض المحافظات الجنوبية من طمع ال سعود وال نهيان وبقية امارات النفط الرجعية المتحالفة مع ال سعود اللذين اتوا للغزو والسيطرة واحتلال عدن ولحج وشبوة،وجزء من مأرب ومحاولة احتلال مضيق باب المندب امس مسنودين بمئات المرتزقة، إذ قد ترمي هذه المناطق بنفسها في احضان قوى خارجية لتستعين بها ضد المركز في تحقيق تلك الميول .
كما هو حاصل اليوم في تعز وعدن ولحج ، وذلك الخروج علي السلطة المركزية لم يمنع تلك السلطة من ان تعود لتبسط نفوذها علي تلك المناطق دون ان تشعر هذه الاخيرة بان هناك احتلالاً او ضماً. بما تحمله هذه التعبيرات الحديثة من معنى..
وقد فهم الاتراك العثمانيون أثناء احتلالهم لليمن(1538-1635) هذا المغزى في تاريخ اليمن ، فحرصوا علي ان يضعوا حاميات عسكرية في جيزان ونجران بنفس القدر من الحرص اللذي اظهروه في عدن وحضرموت.
ولاغرابة ان يتوجه اليوم الجيش واللجان الشعبية بقيادة قائد الثورة اليمنية ،السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي اليوم لتحرير عسير ونجران وجيزان اليمنيات من احتلال ال سعود الممتد منذ ما يقارب ثمانين عاماً، فالتاريخ يعيد نفسه ،فقد امتدت النظرة نفسها-الي خريطة اليمن -الى الدولة القاسمية التي ورثت الحكم العثماني عام 1635م،فقد اتى حينها اهالي جيزان الى اللامام المنصور القاسم ،وشكوا حاميتها العثمانية ،فعمل القاسم على اخراج الحامية من بلادهم قبل خروج العثمانيين كلية من اليمن ،واهتم القاسم ثم ابنه المؤيد محمد بإخضاع عسير ونجران إلى حكمهما قبل أن يكمل المؤيد إخراج العثمانيين من زبيد اخر مواقعهم بالبلاد،ويعني هذا ان الدولة القاسمية في بدايتها قد سيطرت على مناطق حدودها الشمالية قبل ان يتمكن المتوكل إسماعيل من إخضاع باقي جهات اليمن الجنوبية مثل لحج وعدن ويافع وحضرموت وغيرها تحت سيطرته ويوحد المناطق الجغرافية المتعددة لوحدة سياسية وحكومة مركزية واحدة.
وهذه الامثلة القليلة – وهي من كثير -تدل على شعور الحكومات اليمنية القوية بيمنية تلك المناطق فضمتها الى المركز،كما لم ترفض تلك المناطق الانضمام إلى المركز شعوراً منها بيمنيتها ايضاً طالما كان المركز قويا.
وعلي ضو هذا يمكن رفض الاقوال الذاهبة الي ان عسير ونجران قد مرا بكثير من مراحل الفراغ السياسي وانهما بالتالي يصبحان لقمة سائغة لمن يضع يده عليهما ،إذ ان هذا يدل علي عدم إدراك طبيعة هذه المناطق اوفهم تاريخها.
وما علي قائد الثورة عبدالملك الحوثي سوى ان يقرر تحرير جيزان ونجران وعسير ومن ثم ضمها لليمن الكبير، لان جماهير الشعب اليمني المسلحة تخوض اليوم حرب دفاعية حرب تحرر واستقلال وطني من تبعية ووصاية اسرة ال سعود ، وقد حققوا انجازات مذلة في محافظات الشمال المحتلة ، جيزان ونجران وعسير، وكبدوا العدو السعودي خسائر فادحة في الارواح قتلوا عشرات القادة والضباط ومئات الجنود ودمروا احدث الاسلحة والدبابات الامريكية المتطورة اعطبوا منها المئات وداسوها باقدامهم ،الجبهة الشمالية تاريخياً يحقق فيها اليمنيون انتصارات سهلة وسريعة ويحرروها من الغزاة المحتلين ثم ، يتجهوا جنوباً ، وهو ماسيحدث في قادم الايام ستحرر محافظات الشمال ثم يتجه القائد وجماهير الشعب المسلحة، لتحرير عدن ولحج وحضرموت من الغزاة المحتلين والشعب خلفه ،ولن يخذله ابداً.
اليمن هو البلد الحضاري الوحيد في شبه الجزيرة العربية ودولته هي الدولة الطبيعية الممتدة من “حلى بن يعقوب”شمالاً الى خليج عدن جنوباً،دولة ضاربة بجذورها الى ما قبل فجر التاريخ.
ومن سخرية الاقدار ان تاتي دويلات طارئة ولقيطة لاحتلال وغزو هذا البلد الحضاري العريق.
العدو السعودي يدرك هذه الحقائق التاريخية وفي محاولة يائسة منه ، لتخفيف الضغط على جبهات الشمال نجران وعسير بعد ان فشل فشلاً ذريعاً في تحقيق أي انجاز ملموس في مأرب ، حاول فتح معركة بالجنوب واعاد ادواته واذياله واذنابة هادي وباحاح الى عدن ، وبالامس حاولوا فتح جبهة جديد تحت غطاء جوي كثيف وقصف بالبوارج الحربية في منطقة باب المندب الممر المائي الاهم في العالم.
تاريخياً تغزى اليمن من شريطها الساحلي ،وفي حروبنا التاريخية مع الدرعية ،كانوا يتوغلون عبر الساحل الغربي لتهامة من ميدي واللحية والى ان يصلوا للحديدة وزبيد والمخاء،وواخرهم فيصل ابن عبد العزيز تقدم من ميدي ووصل الي الحديدة،وهو ما اضعف موقف الامام يحي حميد الدين في حرب اليمن مع ال سعود عام 1934م وجعله يخذل ابنه السيف احمد ويأمره بالانسحاب رغم توغله الي قرب الطائف.
ومن ثم وقع اتفاق مجحف وانهزامي هو معاهدة الطائف،لذلك يفترض اليوم التركيز علي تلك الجبهة ورفع الجاهزية القتالية والاستعداد لاي انزال او توغل.
لكي لانلدع مرتين..،
لان نقطة تفوق الغزاة البحر والجو،سيما بعد تدمير اسطولنا الجوي وتفكيك عملاء ال سعود هادي ومحسن والاخوان للدفاعات الجوية للجيش اليمني ،خدمة لاولياء نعمتهم ال سعود.
،اليوم انتقلت حرب اليمنيين الدفاعية الى عمق اراضي العدو السعودي ،تحولت الحرب في الحدود الي حدث يومي يتم تداوله عبر وسائل الاعلام العربية والدولية،رغم التكتم الشديد من ال سعود والتعتيم الاعلامي الممنهج،وشراء المنابر الاعلامية بااموال نفط شعب نجد والحجاز،وبعد ان عجزوا عن تحقيق اي هدف،تحولت اهدافهم الى تقتيل العزل وتدمير بيوت المدنيين التي تنهار فوق رؤس الاطفال والنساء،وسقط من المدنيين العزل مايقارب ستة الف ضحية جلهم اطفال ونساء ،وضرب الاسواق،وقاعات الاعراس والمدارس والطرقات ومخازن الغذاء،وبرغم ذلك لم ينجحوا في تحقيق شيء،فلجائوا الى استخدام الحيل والمكر،واعادوا هادي وباحاح الي عدن لنقل المعركة مجدداً للجنوب وعدن بهدف تخفيف الضغط على جبهة الحدود،وفشلوا في ذلك،واليوم يخططوا لاحتلال باب المندب والمخاء والحديدة ،باب المندب من اهم الممرات في العالم،وهم يدركوا ان اهتمام العالم الامبريالي ،قد تحول اليوم من السيطرة علي الجزر الي السيطرة علي الممرات.
وصفوة القول ،ان حربنا كيمنيين ضد عدوان ال سعود هي حرب دفاعية عادلة،ولايمنع ذلك من ان تتحول الي هجومية في عمق ارض العدو حتي يهزم ويكسر،فالمعلوم ان سياسية واستراتيجية ال سعود الخارجية تجاه اليمن منذ خمسين عاماً تفكيكية تمزيقية،هدفها يمن منقسم مجزاء هش ضعيف يحكمه نظام تابع لاسرة ال سعود، التي تحكم شعب نجد والحجاز ونجران وعسير بدعوى الحق الالهي ، وبقاء اليمن مفكك ممزق هش ضعيف يعتبروه حق مكتسب مقدس لتلك الاسرة الكهنوتية الرجعية المغتصبة لحكم واسم شعب نجد والحجاز ،ولذلك شنوا حرب عدوانية انتقامية ضد اليمن لسحق ثورته ومعاقبته لانه ثار على اذنابهم بالداخل ، نظام المبادرة السعودية،لاعادة ذلك النظام العميل الخائن، لانه خير من يمثلهم ويحقق رغباتهم في اهانة واذلال وتركيع اليمن الجمهوري الحضاري العريق ،وحربنا ضدهم يفترض ان تكون قائمة علي استراتيجية ،هزيمة الفاشية السعودية ،وكسر هيبتها وغطرستها،عبر اسقاط مدن والسيطرة عليها،عندها ستنهار المملكة الثالثة وتتداعى من الداخل لانها اسد من ورق، وستتوحد اليمن وتنهض تلقائياً وسيكون عبدالملك الحوثي قائد ثورة الاستقلال والتحرر الوطني ،واذا لم تهزم الفاشية السعودية لن تقوم لليمن قائمة،ستستمر ممزقة مفككه متصارعة محتربة لعدة عقود وربما اجيال،ولن تنعم اليمن بالسلام والوحدة والاستقرار،ابداً اذا لم تكسر الفاشية السعودية وتهزمها. مستقبل اليمن ونظام ال سعود متوقف علي نتائج هذه الحرب،فالمنتصر هو من سيكون له المستقبل.

زر الذهاب إلى الأعلى