فضاء حر

داعش والقاعدة في تعز عن شاهدة عيان

يمنات
يعرف أبناء محافظة تعز أن داعش متواجدة وبقوة في مدينتهم، وتسيطر وبشكل علني على مربع مهم في قلب المدينة، يمتد من الباب الكبير وباب موسى وشارع جمال وشارع 26 والحوض، وهذه المنطقة هي قلب المدينة التجاري.
داعش لهم لبس مميز، اللون الأسود يغلب عليه، وسياراتهم الفرد الأمريكي ذات اللون الأسود علامة مميزة كذلك، إضافة الى القناع الذي يرتديه عناصرها، ولا يظهر من وجوههم الا ألأنف والعيون والشفتين.
تفرض داعش على التجار وأصحاب الباصات اتاوات يومية، ويدفعها الجميع دون ابداء أي مقاومة، فداعش هي السلطة في المنطقة وتوفر الأمن والحماية فيها، ولا يتمكن أي طرف آخر من ازعاج او ابتزاز أصحاب المحلات، فداعش صارمة في التعامل مع من يخل بأنظمتها.
***
القاعدة كذلك لها مربعها الخاص ويبدأ من المستشفى الجمهوري، المجلية، الدمغة، ويتميز أعضاء القاعدة عن داعش كثيراً، حيث أنهم أكثر وداً ووداعة في التعامل مع السكان، ومهذبين حتى عنما يتحدثون مع النساء، فنظرهم لا يرتفع عن الأرض، بعكس الداعشيين الذين يعد تعاملهم أكثر خشونة وصرامة مع المواطنين ولا يحرمون النظرة الى المرأة عند التحدث اليها.
الفصيل الثالث هو فصيل “مقاومة” حمود المخلافي ويتواجد في التحرير الأسفل، التحرير الأعلى، شارع العواضي، عصيفرة، الروضة، زيد الموشكي، الثورة، يتميز فصيل حمود أنه الأقرب الى ثقافة المواطن في تعز، الثقافة الدينية والاجتماعية، وسلوكه كسلوك أي مجاميع قبلية يمنية مسلحة قبل ظهور القاعدة وداعش ومظهرهم المتميز.
***
الثلاثة الفصائل هم عمود القتال ضد الحوثيين ووحدات الجيش والأمن الرسمية، وينسقون في معاركهم، وهناك ضابط اتصال بينهم، ويشعرون أنهم في معركة واحدة ضد الحوثيين ومن والاهم، وتحدث بينهم إشكالات اثناء الهجوم والسيطرة على المواقع التي كانت في أيدي الحوثيين، تكون غالباً على الغنائم ومناطق السيطرة، وسرعان ما يتم حل تلك الإشكالات بدافع أن أي خلاف أو انقسام هو في صالح العدو الحوثي، الا أن القلوب تبقى متورمة، وغالباً تصدر تهديدات من الطرفين يتبادلها قادة مجموعات صغيرة قائلين: نخلص من الحوثيين وبعدها سنصفي حسابنا معكم.
الجميع ينضوون تحت لواء المقاومة، ومعترفين بأن حمود المخلافي هو القائد الأعلى على اعتبار أنه الأقدر على التواصل مع التحالف العربي وجلب الدعم منه، بحكم أنه من الصعوبة على داعش والقاعدة عمل مثل تلك الاتصالات، لكن وعلى أرض الواقع كل فصيل له قيادة منفصلة، وما يجمعهم هو الخصم المشترك، واعترافهم بقيادة حمود المعنوية هو مقابل ما يتلقونه من دعم مالي منه بين الحين والآخر، كلما وصلت مبالغ من الرياض عن طريق نجل المخلافي المقيم في السعودية، والذي يعتبر حلقة الوصل المالية بين والده وبين العاصفة.
***
الجرائم الإرهابية التي حصلت غالباً المسؤول عنها فصيل داعش، لكنها تحدث على مرأى ومسمع من فصيل حمود وفصيل القاعدة، ولا يتمكنون من ايقافها، حمود يخاف كثيراً من داعش، ويعرف أن أي اجراء قد يتخذه ضد داعش قد يكون ثمنه حياته، لأن مجاميع حمود مفخخة بالكثير من عناصر داعش الذين لا يظهرون الانتماء لها، ولا يلبسون لباسهم المعروف، لكن حمود يدرك أن رأسه قد يطير من على كتفيه في أي لحظة إذا ما فكر في مواجهتهم.
هناك حتماً معركة مؤجلة بين تلك الفصائل، وبالأخص بين داعش وحمود، لأن القاعدة أضعف تلك الفصائل وتتجنب الدخول في مواجهات لأنها تعرف قدراتها.
***
الحوثيون خرجوا من أغلب أحياء تعز الرئيسية، وتواجدهم يبدأ من القصر الجمهوري ويتجه شرقاً باتجاه الحوبان، ولا صحة للأنباء التي تناقلتها المواقع المحسوبة على انصار الله عن استعادتهم للمحافظة والمواقع التي خسروها مؤخراً، هم كذلك وفصيل حمود المخلافي يفرضون اتاوات على السيارات والناقلات المحملة بالمواد الغذائية والغاز وبقية المشتقات النفطية والمساعدات الإنسانية.
تمكن حمود المخلافي خلال الأيام القلية من كسب الكثير من الذين كانوا مع أنصار الله، وبالأخص من المنتمين للجيش والأمن، ويستخدم المال والأمان لهم مقابل ذلك، حيث يشتري منهم أطقم الجيش ويظمهم الى صفوف “المقاومة” ويمنحهم رواتب.
***
أنصار الله في انكفاء متواصل وتراجع واضح في المحافظة بسبب مناخ التحريض الطائفي المذهبي والمناطقي، ولولا المجاز الإرهابية الأخيرة التي ارتكبت بحق أسرة بيت الرميمة وذبح بعض الأسرى وسلخهم والاعدامات الميدانية التي نفذتها داعش لكان وجودهم انحصر وبشكل كبير في تعز، لكن تلك الجرائم جعلتهم يتماسكون أكثر وبالأخص الذين هم من أبناء المحافظة لأنه لم يترك للكثير منهم خيار آخر، اما القتال أو الذبح على يد داعش، كما أن الكثير من أبناء المحافظة وبالأخص من اليسار واللبراليين وغيرهم الكثيرين بدأوا يتخوفوا على مستقبل المحافظة اذا ما سيطرت عليها تلك المجموعات المتطرفة، إضافة الى أن الكثير من المتخوفين من سيطرة الاخوان والقاعدة وداعش وغالبيتهم من المؤتمريين لا يزالون يبدون مقاومة قوية في المناطق التي يسيطرون عليها هم وأنصار الله.
***
بعد خروجهم من أهم الأحياء يقصف أنصار الله الكثير من المناطق بشكل عشوائي بمجرد أن يشعروا أن هناك أي تحرك، يتخوفون أنه موجه ضدهم، وجزء من تلك التحركات هي لمدنيين، لكن الخوف من المفاجئة ووجود المقاتلين التابعين لخصومهم في تلك الأحياء مختلطين بالمدنيين يصعب عليهم المهمة، الا أن ذلك لا يعفيهم من مسؤولية المجازر التي ترتكب بحق المدنيين، وبالأخص عند القصف بالأسلحة الثقيلة التي يصعب تحديد أهدافها بدقة.
ما ورد في المقال أعلاه استخلصت جزء مهم منه من دردشة مع شاهدة عيان وصلت صنعاء مؤخراً وثقتي فيها وفي ما ترويه عالية جداً، إضافة الى أن طرحها موضوعي، وستلاحظون ذلك بين سطور المقال.

زر الذهاب إلى الأعلى