العرض في الرئيسةفضاء حر

تعدد لجان الحوار .. تفكيك قضايا اليمن وتغييب السعودية عن الحرب ابرز ما يسعى العدو لتحقيقه في الكويت

يمنات

محمد محمد المقالح

الاتفاق في الكويت على تشكيل عدد من اللجان يعني ان المفاوضات ستطول و تتحول الى مؤتمر حوار موفمبيكي أخر يحقق فيه الطرف الاخر (العدو) تنازلات في كل لجنة على حدة، دون أن يحدث اي تقدم فعلي في حل القضية الاصلية للمفاوضات.

منهج الغرب “الأوربي الأمريكي” في المفاوضات يعتمد على تفكيك القضية الواحدة الى عدة اجزاء، ثم تحويل كل جزء الى لجنة أو حلقة نقاش، بحيث تعالج كل جزئية لوحدها دون ربطها مباشر بالأجزاء الأخرى او بالقضية الأم، و في كل جزئية لا يحدث فيها اتفاق يتم تأجيلها إلى نهاية المفاوضات. لكن دون ان يؤثر عدم الاتفاق عليها على ما اتفق عليه في الجزئيات الاخرى. الأمر الذي يتيح فرصة للطرف الاخر في الحصول على تنازلات مهمة في كل جزئية من جزئيات القضية، دون ان يتنازل هو في القضية التي يعتقدها رئيسية أو يصعب بدون حلها حل بقية الاجزاء المنبثقة عنها.

و اخطر ما يحدثه في  مثل هذا النوع من طرق المفاوضات هو حاجتها الى زيادة و كثرة عدد المفاوضين، و بالتالي اللعب على تباينات اطراف الفريق الواحد و امكانية اختراقهم او على الاقل دفع كل شخص من الفريق نفسه الى التمسك بما انجزته اللجنة التي هو فيها دون ربطها بإنجازات أو اخفاقات اللجان الاخرى، و لو من باب الشعور بالإنجازات الشخصية في هذه الجزئية!

و لكن ما هو البديل..؟

البديل هو الاصرار على عدم تجزئة القضايا، بحيث لا يمكن الحديث عن وجود لجنة لمعالجة سحب السلاح الثقيل مثلا قبل الاتفاق على تشكيل حكومة او سلطة انتقالية اولا، بل انه اذا شكلت حكومة انتقالية يصبح الحديث عن لجنة نزع الاسلحة بدون جدوى، لأن الحكومة هي الآلية نفسها اذا احسنت النوايا هذا اولا، و ثانيا رفض توزيع فريق التفاوض الى جزر منفصلة عن بعضها البعض و جعلهم معا ضمن لجنة واحدة على الاقل من جانب الفريق نفسه، بحيث يضل يطلعهم و يوجه  اليهم الاوامر رابطا بين كل اجزاء القضية و محددا القضية الرئيسية التي ينبغي ان يعنى بها جميع اعضاء الفريق الواحد!

ثالثا: تحديد زمن للمفاوضات بحيث لا تبقى مفتوحة و بغير سقف يحدث خلالها نعث كل القضايا على الواقع وتقرير وقائع جديدة على الارض يصبح التفاوض فيها بدون جدوى  بعد ان تغير سياقها في الواقع كاملا.

و في هذا السياق نفسه يصبح الاتفاق على سلطة انتقالية وما يخص العدوان السعودي وحلفائه على اليمن و معالجة الاوضاع الامنية والاقتصادية والارهاب والتدخل الخارجي والاسرى والمفقودين هي اولويات المفاوضين و قبل الانشغال بموضوع نزع السلاح او الانسحاب من المدن و حل المليشيات المختلفة التي هي في الاصل تحصيل حاصل لحل مشكلة السلطة الانتقالية، هذا ان كان هنالك جدية و إلا فهي السيرة ذاتها لمؤتمر موفمبيك!

ففي مؤتمر الحوار الوطني ظل المتحاورون اكثر من تسعة اشهر في موفمبيك مشغولين بزواج الصغيرات والعدالة الانتقالية والهيكلة بينما ظل موضوع تشكيل السلطة وطبيعة الدولة وهي القضايا المصيرية الاهم مؤجلا الى الايام الاخيرة من اعمال المؤتمر و قبل مناقشتها جديا تم “كلفتة” الاقلمة و رفض تشكيل حكومة وغيرها. و كان ان مرروا كل القضايا المصيرية بدون اتفاق او بدون موافقة انصار الله والحراك والاشتراكيين على الاقل وكل ذلك تم تحت ضغط ضرورة الاجماع و ضيق الوقت، اي اعتمادا على “الاجماع القسري” و تهديد كل من يعترض او يرفض بالحرب والفصل السابع!

اثناء الحوار الطويل كانت الاطراف المبيتة للتآمر تواصل هيكلة الجيش والاستحواذ على الوظيفة العامة و ممارسة جرائم الاغتيال و الاعمال الارهابية و تفجير الحروب في اكثر منطقة و محافظة دون اي اعتبار للقضايا التي كانت تناقش في موفمبيك بما فيها هيكلة الجيش وقضايا بناء الدولة والاقلمة التقسيمية، اي ان الاطراف الاخرى كانت تغير كل شيء على الواقع ويصبح اي شيء يتوصل اليه المتحاورون بدون جدوى ولا معنى!

و بتلك الطريقة من الحوار التي ضمت عشرات اللجان واكثر من الف متحاور ناقش ضيوف “موفمبيك” كل صغيرة وكبيرة وكل ما يخطر و لا يخطر على بالك  من قضايا الدنيا والاخرة، لكن ما خرج به المؤتمر هي ثلاث قضايا خطيرة فقط و هي الاقلمة (مسودة الدستور) و التمديد لسلطة هادي (سلطة المبادرة) و الفصل السابع و جميعها لم يخض فيها اي حوار جدي داخل مؤتمر الحوار بدليل انها لا تزال محل خلاف حتى الان!

و لكن هذا الثلاثي البغيض (الاقلمة – سلطة المبادرة الخليجية – الفصل السابع) لم يكن وفقا للرغبة السعودية و أدواتها في اليمن، لم يكن هدفا بحد ذاته بل هو ايضا وسيلة و من خلاله  و تحت غطائه  كان الجميع يحضرون للحروب ضد انصار الله و الحراك وغيرهما ممن لم يلتحق بمشروع تقسيم اليمن و اقلمتها و وضعها تحت الوصاية الدولية، و هذا ما تم و هو بالضبط ما اوصلنا الى ما نحن فيه..

فهل ينسى انصار الله والمؤتمر في الكويت مدري في ظهران الجنوب طبيعة المؤامرة الاولى في موفمبيك..؟ 

*تغريدة

ما يحدث في الجنوب وفي مدينة المكلا من حرب عدوانية سافرة على بلادنا خارج الشرعية الوطنية، و دون ان نجد اي طرف يمني في الكويت يعمل على  ربطها بما يجري في الشمال من عدوان سعودي سافر أو فصلها عن ما جرى  و يجري في نجران و جيزان و عسير هي الخطوة الأولى في الخيانة  الوطنية و في تجزئة القضايا الوطنية و في اشغالنا عن المؤامرة بلجان ميدانية و اخرى نظرية لا تحل المشكلة اليمنية و تداعيات العدوان السعودي على وحدة و أمن واستقرار بلادنا  بقدر ما تكرس المشكلة وتفاقمها ارهابا وارتهانا وتمزقا وانهيار وفوضى عارمة!

للاشتراك في قناة موقع “يمنات” على التليجرام انقر هنا

زر الذهاب إلى الأعلى