العرض في الرئيسةفضاء حر

ماذا حدث في ميدان التحرير؟!

يمنات

محمد العودي

وصلنا الى ميدان قبل العاشرة صباحا، لم نجد من اصدقائنا الكثير بل وجدنا مجموعة من الأطقم العسكرية ومجموعة من المسلحين، بعضهم يرتدي الزي العسكري وبعضهم بالزي المدني، تظاهرة تتبع انصار الله في الجانب الآخر من الميدان ومعهم خالد المداني واظن أنه قائدها لأنني لا أعرف غيره (خالد المداني كان معنا في ساحة التغيير في ثورة فبراير وكان يحضر اجتماعاتنا في التحالف المدني للثورة الشبابية- طبعا كان يرفع راية المظلومية حينها )، وجدت أيضا الأستاذ محمد حيدرة أحد قيادات أنصار الله وهو صديق قديم (كان معنا أيضا في ساحة التغيير أثناء ثورة فبراير المغدورة والمسروقة )، تحدثنا عن المطالب وعن حقنا القانوني والدستوري في التظاهر السلمي، أبدى الرجل ترحيبه واستعداده لحمايتنا بعد أن لفت نظره الى التظاهرة المضادة لنا وكان ودودا معنى وتحدث معنا عن ذكريات النضال المشترك، قبل أن نفترق طلب منا أن نتصل به في حال تعرضنا ﻷي اعتداء.

لم نجد النائب حاشد في الساحة فاتصلت به لكن تلفونه كان مغلقا ثم أتصلت لأكثر من صديق وعرفت أنه تم اعتقاله، سارعت لإبلاغ خالد المداني فكان رده جافا متعجرفا وقال لنا: يستاهل يسحبوه بطول البلاد وعرضها، تركناه وبحثنا عن محمد حيده واخبرناه فتجاوب معنا على الفور ووعد أنه سيتابع مصير حاشد ويعمل على الافراج عنه، أما نحن فقد قررنا المغادرة بعد أن تأكد لنا أن التجمع تم تفريقه قبل أن يحدث واننا قد خذلنا من الناس خذلانا مبينا.

لدى توجهنا خارج الساحة، تجمع علينا مجموعة من المسلحين، وقد كنت والعم يوسف الصراري وشابين آخرين في المقدمة، امسك المسلحون بأربعتنا وتمكن البقية من الفرار، سارع المسلحون لاختطاف تلفوناتنا من أيدينا وبكل صلافة وصفاقة طلبوا منا الصعود على أحد الأطقم الرابضة بالجوار، احدهم كان لطيفا معنا، لكن بعضهم اعتدى علينا وتعامل معنا بمنتهى الهمجية، احتجينا على هذا التعامل واخبرتهم أننا ذاهبون معهم ولا داعي للهمجية ونزعت يدي من الشخص الذي كان ماسكا بي فحاول الاعتداء علي لكن زميله منعه، صعدنا على الطقم وكان عليه ثلاثة أشخاص آخرون وثلاثة مسلحون، كما كان هناك مسلحون آخرون بجانب الطقم وحوله من كل الجهات، المسلح الذي كان بجانبي كان مراهقا لا يتعدى الثامنة عشر من عمره (في الطريق الى القسم اتضح لنا أنه من شرعب السلام ) كان الشرعبي متحفزا للاعتداء علينا كلما حاولنا الحديث لكن زميله كان ينهره ويطمئننا بالقول انه سيتم التحقيق معنا واذا ثبت براءتنا سيتم الافراج عنا، كان ودودا معنا (من لهجته اظن انه من صعده )، وبينما انا جالس على كرسي الطقم فوجئت بضربة من مؤخرة بندقية على راسي من الخلف، التفت مغتاظا أصرخ في وجه المعتدي فاذا هو نفس الشخص الذي كان يحاول الاعتداء علي منذ الوهلة الأولى وزميله يمنعه، بعد أن صرخت في وجهه حاول تكرار الاعتداء فمنعه اثنين من زملائه واقتادوه بعيدا (مازال رأسي يؤلمني حتى الآن رغم تناولي للمسكنات، وربما أحتاج لعمل كشافة طبية ).

اوصلونا الى القسم واخذوا بياناتنا وسألونا عن سبب تواجدنا في التحرير فقلت لهم نزلت لمطالبة السلطة الحاكمة بالمرتبات وليس هناك ما أخفيه واخبرتهم أن تلفوني معهم وكل شيء مكتوب في صفحة الفيس التابعة لي، بعض الرفاق قالوا كما قلت، بينما تحجج البعض بحجج أخرى.
بعد الاحقيق السريع، انزلونا قبو السجن (بادروم )، وهناك وجدت زملاء آخرين من ضمنهم الاستاذ عبدالجبار الحاح (كان مصابا في جبينه وعاصب على راسه بالشاش الطبي وملابسه عليها الدماء ).

جلسنا سويا وكان عبدالجبار اكثرنا تصالحا مع الوضع يتكلم ويطلق الضحكات، لكننا كنا قلقين عليه جراء اصابته فنادينا الجنود ليعالجوه كون اصابته تحتاج الى تقطيب وليس مجرد ربطة شاش، فأصعدوه للمكتب لكن سرعان ماعاد لنا دون علاج وقال أنهم قالوا له أنه شخص خطير ولا يستحق العلاج، أحدهم تهكم في وجهه قائلا: أنت من طراطير 2012 الذين خربوا البلاد (يتضح من هذه الجملة كل شيء ).

بعد نصف ساعة أتى أخ لأحد الزملاء فاعطيته رقم تلفون صديق قديم أصبح الآن عضو لجنة ثورية، اتصل به واخبره بوضعنا ومكان تواجدنا.

بعد ثلاث ساعات تقريبا فوجئنا بالجنود ينادوننا قائلين: اخرجوا فقد جاء محمد علي الحوثي رئيس اللجنة الثورية والنائب سلطان السامعي للافراج عنكم.

خرجنا فوجدناهما في ساحة القسم ومعهما النائب الشجاع احمد حاشد وقد كان غاضبا جراء ماحدث له من اعتداء همجي حيث تم اعتقاله بمجرد وصوله ميدان التحرير ثم اخذوه الى منطقة الكلية الحربية وهناك تم الاعتداء عليه سبا وشتما ضربا مبرحا كما أخبرنا.

لدى لقائنا بمحم الحوثي والسامعي، سلم علينا واعتذر لنا، لكننا صرخنا أننا لم نفعل مايستوجب أن يتم الاعتداء علينا واهانتنا، وان اعتذارهم غير كاف ولابد من اخذ حقنا ممن بلاطجتهم الذين اعتدوا علينا، حاول تهدأتنا ووعد بعقابهم، وهنا وصل بعض المعتدون الى القسم فصرخنا قائلين ان هؤلاء هم من اعتدى علينا، وصرخ حاشد حينما رأى من اعتدى عليه وطالبنا جميعا بعقابهم فما كان للحوثي الا أن يأمر بسجنهم عندما رأى غضبنا واصرارنا.

بعدها التقطوا معنا بعض الصور، واصر محمد الحوثي على دعوتنا لوجبة الغداء، رفضنا في البداية الا انه أصر أن الاعتذار لا يتم الا بقبولنا دعوته للغداء، فلبينا الدعوة ووجدناها فرصة لاخباره بكل ما يجيش في صدور الناس.

بعد الغداء ذهبنا لاخذ تلفوناتنا من القسم الذي كنا فيه فلم نجدها واخبرونا أنها في قسم العلفي، فذهبنا الى هناك، وهناك وجدنا تلفوناتنا لكن الجنود لم يستطيعوا تسليمها لنا وكان علينا الانتظار حتى أتى المشرف المسئول الساعة الرابعة والنصف تقريبا، سلمنا التلفونات ووقعنا على استلامها ثم اصر أن يلتقط لنا صورا قبل الخروج، وهنا رفض البعض منا وانا منهم وكاد الموقف ان يحتدم بيننا وبين المشرف، حتى تدخل زملاؤه، وترجوننا أن نأخذ الصور معهم سويا، فلم نجد بدا من ذلك.

هذا ماحدث معنا بالتفصيل.

ملاحظة: كنت ومن معي في السجن اربعة عشر شخصا، نحن افرج عنا، لكن لنا زملاء كثيرين لانعلم عنهم شيئا، وبالتاكيد مازالوا في المعتقل، اتوقع ذلك من خلال العدد الكبير للجوالات التي مازالت في القسم، لذلك نتمنى من كل من له فقيد أو معتقل على خلفية احداث اليوم أن يبلغنا ببياناته ونعد أن نعمل كل ما بوسعنا للافراج عنه.

كلمة شكر لابد منها:

رغم عدم قانونية اعتقالنا، ورغم أن الافراج عننا حق لنا وواجب على السلطة، ورغم الالم والوجع والقهر، الا أننا نتقدم بالشكر الجزيل للنائب احمد سيف حاشد، النائب سلطان السامعي عضو المجلس السياسي، الاستاذ محمد علي الحوثي و عضوي االجنة الثورية الصديقين العزيزين، الاستاذ بكيل الحميني والشيخ عبد الوارث صلاح لاهتمامهم بقضيتنا والعمل على الافراج عنا، والشكر موصول لكل من سأل عنا واتصل بنا وتابع قضيتنا، وشكرا جزيلا لكم جميعا.
اللعنة على من حاول المتاجرة بنا واستغلال حماسنا وثورتنا ومحاولة المتاجرة بنا عبر الاعلام أو عبر اي وسيلة.

أخيرا:
والشعب لو كان حيا ما استخف به
فرد ولا عاث فيه الظالم النهم.

وللحرية الحمراء باب
بكل يد مضرجة يدق.

لن ترى الدنيا على أرضي وصيا.

من حائط الكاتب على الفيسبوك

زر الذهاب إلى الأعلى