أخبار وتقاريرالعرض في الرئيسة

ترجمة .. التحالف السعودي ينهار في اليمن: المرتزقة السودانيون على الخطوط الأمامية وقيادة الاصلاح ترتب لمفاوضات مع خصومهم وانزعاج عُماني من التواجد الاماراتي في اليمن

يمنات – خاص

ترجمة خاصة بـ”يمنات”

قد يغفر لمعظم الأميركيين عدم امتلاكهم فكرة عما تبدو عليه الحرب في اليمن في الواقع، وخصوصا إن وسائل الإعلام الغربية قد قضت العامين الأولين على الأقل من الصراع جاهلة تماما الفظائع الجماعية التي تحدث هناك في حين يجري تبييض جرائم تحالف السعودية. وخلافا للحروب في العراق وليبيا وسوريا ، والتي حصلت على أشبه بتغطية يومية حينما كانت الحرب في أشدها، والتي يمكن أن العديد من الأميركيين حصل على الأقل على تصور حول ساحة المعركة والجهات الفاعلة المشاركة من خلال صور وشرائط فيديو غير محدودة من على الأرض. وبالمقابل، كانت حرب اليمن إلى حد كبير صراعا مجهول الهوية والوجهة بالنسبة لوسائل الإعلام الرئيسية.

وبصرف النظر عن وسائل الإعلام الرئيسية التي أظهرت بشكل غير محدود جهلها الجماعي لمفاعيل أو ديناميات الشرق الأوسط ، فانه ليس سرا أيضا أن ممالك النفط والغاز المتحالفة مع الغرب قلما ما تخضع لتدقيق ونقد وسائل الإعلام ، وهو ما تجلى مؤخرا في المستوى القذر والمخيف في السخف من خلال مقابلة توماس فريدمان الغرامية والمبجلة مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان التي نشرت في صحيفة نيويورك تايمز.

إن أي مستوى من المراجعة الفاحصة للكيفية التي ينفذ بها التحالف السعودي الحرب في اليمن (الذي ينطوي بشكل كبير على المساعدات الأمريكية) سيكشف عن كارثة عسكرية واستراتيجية في أساس وغاية العملية برمتها. وكما يقول ديفيد هيرست رئيس تحرير ميدل إيست آي “في المحصلة فإن المشروع العسكري الأول الذي سيطلقه الأمير السعودي البالغ من العمر 32 عاما كوزير دفاع هو فوضى تكتيكيه واستراتيجية”.

إذا استمرت مسارات المعركة الحالية على هذا النحو فإن النتيجة المحتملة ستكون النتيجة على الأرجح انسحاب مذل طال أمده لتحالف السعودية مخلفاً غنائم مقسمة بين أمراء الحرب المتحالفين مع الحوثيين والسعودية، فضلا عن غيرهم ممن يتنافسون على السلطة في المستقبل السياسي الهش لليمن، ولكن ما يوحد أغلب اليمنيين في هذه المرحلة هو الكراهية المشتركة لقنابل التحالف السعودي التي تهطل على المواقع المدنية. ولهذا السبب، يخلص هيرست إلى المزيد بشأن حرب الأمير محمد بن سلمان: ” الأمير- الذي يجري الإشادة به في الدوائر الغربية باعتباره مصلح شاب سيقود دفة الدفع كرة أخرى ضد إيران- قد نجح في توحيد اليمنيين ضده، وهو فعل نادر في عالم تتجاذبه الاستقطابات! وقد أطلق النار على نفسه بالفعل مرارا وتكرارا في القدم”.

فكيف يحدث هذا ، وكيف تسير الحرب من منظور عسكري واستراتيجي..؟

لإعادة النظر بسرعة، لقد مكنَت الاستخبارات والأجهزة العسكرية الأمريكية الضربات الجوية السعودية علي اليمن الفقير أصلاً، فقتلت وشوهت عشرات الآلاف من المدنيين (آلاف منهم من الأطفال وفقا للأمم المتحدة) وشردت مئات الألوف من المدنيين. وقد اندلعت الكوليرا في الآونة الأخيرة وسط ظروف الحرب المروعة، وقام السعوديون بقصف البني التحتية المدنية مثل المستشفيات والمدارس.

و بعد أن اجتاح (المتمردون) الحوثيون الشيعة شمال اليمن في 2014، تعهد الرئيس المحاصر عبد ربه منصور هادي “بانتزاع اليمن من مخالب إيران” وهو ما أكده مرارا وتكرارا بعد حصوله على دعم دولي من الحلفاء في الغرب، وبدأت حملة القصف الرئيسة في مارس 2015 تحت اسم “عملية عاصفة الحزم” (في انعكاس أو محاكاة رخيصة للحروب الأمريكية السابقة في العراق، وكانت الحرب الأولى قد أطلق عليها اسم “عاصفة الصحراء”.

تخشى المملكة العربية السعودية ومؤيدوها مما يعتبرونه نفوذاً إيرانياً متزايداً في المنطقة، وهو أمر مبالغ فيه بشكل فادح، ويسعون للدفاع عن القوات اليمنية الموالية للرئيس هادي بأي ثمن. ويضم التحالف البحرين والكويت والإمارات ومصر والسودان والولايات المتحدة وبريطانيا، وقد تلقت الحرب السعودية التي بدأت مؤخرا وراء الكواليس دعماً سياسياً من إسرائيل، وهو ما أكده المسؤولون الإسرائيليون مؤخرا.

و إزاء التهديد الإيراني المفترض في اليمن، ضاعفت دورة طارئة للجامعة العربية مؤخرا من التزامها المشترك بشن حرب ضد المصالح الإيرانية بعد أن ألقت اللوم علي طهران في الوقوف وراء الهجوم الصاروخي الباليستي في 4 نوفمبر الذي نفذه المتمردون الحوثيون الشيعة ضد العاصمة السعودية، والتي تنفي إيران الضلوع فيها.

إلا أن التحالف السعودي أصبح الآن في وضع الفوضى بحسب تحقيق جديد لـ ميدل إيست آي. ويسلط التقرير الضوء على بعض الحقائق المثيرة للدهشة التي تم تجاهلها مذ فتره طويلة في وسائل الإعلام الرئيسية والتي تعطي فكرة عن الكيفية التي من المرجح أن تنتهي إليها الحملة العسكرية السعودية من الفشل التام “تحالف القوي البرية الذي حشده السعوديون يظهر علامات الانهيار بعد أكثر من عامين من حرب كارثية”.

فيما يلي 5 نقاط سريعة ورئيسة من التقرير الكامل:

أولاً: تضم القوات البرية لتحالف السعودية مجموعة كبيرة من المقاتلين الأجانب وهي القوات السودانية بمعية ضباط إماراتيين، والتي تعاني من وطأة المعركة على خطوط الجبهة الأمامية.

فالقوات السودانية، التي تشكل الجزء الأكبر من المقاتلين الأجانب البالغ مجموعهم عشرة ألآف مقاتل في التحالف الذي تقوده السعودية، تعاني من معدلات مرتفعة من الإصابات. وقال مصدر مقرب من الرئاسة في الخرطوم للشرق الأوسط إن أكثر من 500 من قواتهم قتلوا الآن في اليمن.

فقبل شهرين فقط، قام نائب للجنرال محمد حمدان حميداتي، قائد قوة الدعم السريع في الجيش السوداني، بنقل عدد قوامه 412 من قتلى قواته، بمن فيهم 14 ضابطا بحسب صحيفة الأخبار السودانية.

و أخبر المصدر السوداني ميدل إيست آي بأن “هناك ضغطاً كبيرا للانسحاب من هذه الحرب الجارية”. وهناك قوه قوامها ثمانية ألاف جندي سوداني يقودها جزئيا ضباط إماراتيون. وهي منتشرة في جنوب اليمن و في المخا غرب تعز في المخا.

ثانياً: نعت الرئيس السوداني عمر البشير باسم “رئيس المرتزقة” لقبوله أكثر من اثنين مليار واثنين مليون دولار من المملكة العربية السعودية وقطر من أجل توفير الطعم للحرب البرية السعودية في اليمن من خلال آلاف القوات السودانية الشابة، إلا إنه لديه تمرد مهدد. وللهروب من موقفه الذي لا يمكن الدفاع عنه، يقال انه يسعى إلى الحصول علي مساعدة من بوتين.

و في الداخل السوداني، فإن الرئيس السوداني عمر البشير لديه أيضا أفكار ثانية. إنه يتذكر الدعم الذي حصل عليه عندما أودعت الرياض 1 مليار دولار في البنك المركزي السوداني قبل عامين، وتلاها إيداع مبلغ 1.22 مليار دولار من قبل قطر. ولكن لا يكاد يعرف باسم “رئيس المرتزقة”، ولديه بالتالي علاقات أخرى لينظر فيها.

ففي يوم الخميس الماضي, حل البشير في ذيل سرب القادة العرب اللاهثين إلى باب فلاديمير بوتين. وقال للرئيس الروسي انه يحتاج إلى حماية من الولايات الأمريكية، وانه يعارض المواجهة مع إيران، ويؤيد سياسة إبقاء الرئيس السوري بشار الأسد في السلطة.

و يأتي ذلك في أعقاب حادثه داخلية، ووصفت بشكل متنوع بأنها تجسس ومحاولة انقلاب. وقد أقيل طه عثمان احمد الحسين من منصبه كمدير لمكتب الرئيس السوداني بعد اكتشافه بأنه يحمل جواز سفر سعودي وتصريح إقامة في دولة الإمارات العربية المتحدة. تم الإمساك به بينما كان يقوم باتصال سري مع كليهما.

ثالثاً: يتزايد عدد المقاتلين اليمنيين المدعومين من السعودية، و المتمردين عليها يخشون من تراجع شعبيتهم بين السكان المدنيين اليمنيين بسبب حمله القصف التي لا تحظى بشعبية. كما إن الرفض يبلغ أوجه في صفوف اليمنيين الذين هللوا منذ عامين ونصف للحملة السعودية ضد الحوثيين التي أجبرتهم على انسحابات بعد أن كانوا يحاولون السيطرة علي البلد بأكمله.

و ظلت العلاقات السعودية مع الإصلاح، وهي أكبر مجموعة من المقاتلين اليمنيين في القوه البرية التي يستخدمها التحالف، متناقضة مع التحالف أو غير موثوق بها في أفضل الأحوال. والشريك المقرب لولي العهد الأمير محمد بن سلمان في اليمن هو ولي عهد أبو ظبي، وهو معاد بشكل بائن للحزب اليمني الذي ينتمي إلى الإخوان المسلمين .. انهم (قيادة الإصلاح) يشعرون بالثمن السياسي الذي يدفعونه لدعم حملة تحولت في العيون اليمنية من التحرر إلى الاحتلال .. كفى .. (فاض الكيل). وقال مصدر كبير في الإصلاح إن القيادة الإقليمية للإصلاح تجري محادثات الآن لبدء مفاوضات مباشره مع الحوثيين.

رابعاً: المقاتلون في أوساط وكلاء السعودية في حالة حرب مع بعضهم البعض: تقوم ميليشيات تدعمها الإمارات وتقاتل تحت مظلة الائتلاف السعودي باغتيال أعضاء آخرين في التحالف السعودي في حرب أهلية متزايدة في نطاق التحالف الداخلي.

ويدفعون أيضا ثمنا بشرياً. وقد قتل عدد من شيوخ وفقهاء الإصلاح بالإضافة إلى سلفيين ممن رفضوا القيادة الإماراتية أو استهدفتهم محاولات الاغتيال. والقائمة تطول في ازدياد: فقد استهدفت اغتيالات خالد علي العرماني، وهو قيادي في حزب الإصلاح في 7 ديسمبر 2016؛ والشيخ عبد الله بن أمير بن علي بن عبدات الكثيري في 23 نوفمبر 2017 في حضرموت. وعبد المجيد باتيس (وهو من أقرباء صالح باتيس) قيادي في حزب الإصلاح في 5 يناير 2017 في حضرموت ؛ محمد بن لشجم، نائب مدير الأحوال المدنية، في 17 يناير 2017..

وقال مصدر: “لا يخفي الإماراتيون عدائهم للإصلاح. ويجري اغتيال المشايخ والفقهاء، وتنسق هذه من قبل الميليشيات الموالية للإماراتيين. بالإضافة إلى ذلك، فان الإمارات تفرض بوضوح حصارا على تعز، وتحتجز الدعم عن مقاتلينا في المدينة”.

خامساً: تدخل عُمان على خط النزاع الذي سيؤدي إلى زيادة تفتيت التحالف السعودي باعتباره منافسا للسيطرة على الأراضي.

وكما لو أن توازن القوى الخارجية المتنافسة في اليمن ليس معقدا بما فيه الكفاية لتدخل عمان وتزيد الطين بلة. وتعتبر سلطنه عمان أيضا اليمن الجنوبي كبوابتها الخلفية. وهي قلقه بشكل خاص بشان استيلاء الإماراتيين على سلسلة من الموانئ والجزر الاستراتيجية قبالة اليمن. ووصف مصدر دبلوماسي قطري هذا الأمر بأنه “إمبراطورية بحرية إماراتية” لكن العمانيين منزعجون من هذا أيضا.

ومن المفهوم ان العمانيين يقومون باتصالات هادئة مع زعماء القبائل اليمنية المحلية في جنوب اليمن، وبعضهم من القوات الانفصالية، لترتيب “استجابة منسقة” أكثر للميليشيات التي تقوم أبو ظبي بالدفع لها والسيطرة عليها.

مثلها مثل الحرب بالوكالة في سوريا ، يبدو إن خطط الخليج/الولايات الأمريكية قد أتت بنتائج عكسية، ونحن ربما أمام دوامة موت كبيرة لتحالف السعودية يغذيها الوهم والحرمان. ومن المحزن إن المدنيين اليمنيين وعامة الناس في المنطقة هم الذين سيظلون يتحملون العبء الأكبر من المعاناة الناجمة عن هذا الغباء الشرير والوحشي.

المصدر: 

رابط المقالة باللغاة الانجليزية انقر هنا

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

زر الذهاب إلى الأعلى