العرض في الرئيسةفضاء حر

من أرشيف الذاكرة .. “القبيطة” الخطوة الأولى في مشوار الألف ميل

يمنات

أحمد سيف حاشد

– استهويت الصحافة في عدن، و في صنعاء تمنيت أن تكون لدي صحيفة .. كان حلم يحاصره المحال .. لا زاد لرحلتي و لا ماء و لا راحلة .. لا مسلك إليه و لا طريق .. فرصة البدء مستحيلة، و ألف استحالة في الوصول .. حلم مجنون و معدوم الفرص، و نسبة نجاح تحقيقه، لا تقل عن صفر كبير بحجم كوكب المشتري..

– أذكر على الأرجح في نهاية التسعينات بُحت لبعض الأصدقاء بوجع حالم يمضغ يأسه، بآه و حسرة و تمني المستحيل: “ياااااه .. لو معي صحيفة، لقلبت الدنيا رأسا على عقب” .. كانت الهوة بين طموحي و الواقع أشبه بمسافة فلكية خرافية، أو أشبه بإتيان فعل يتعارض مع قوانين الفيزياء .. شيء لا تقبله الطبيعة و لا قوانينها، و أنا لست بساحر و لا كاهن و لا أملك معجزات .. وجدت عزائي في مقولة نجيب محفوظ على لسان أحد شخوصه في ملحمته “الحرافيش”: “لا تجزع فقد ينفتح الباب ذات يوم، تحيةً لمن يخوضون الحياة ببراءة الأطفال و طموح الملائكة”.

– تحويل المستحيل إلى ممكن يحتاج إلى مكان أضع فيه إحدى قدماي لأبدأ منه الخطوة الأولى في مشوار الألف ميل .. أشعر أنني اليوم أعيش ظروفا مستحيلة تشبه إلى حد كبير تلك الظروف التي عشتها ذلك اليوم .. “ما أشبه اليوم بالبارحة” .. لا يوجد مكانا أو موضع قدم لأن أبدأ منه الخطوة الأولى .. كل الأبواب أمامي موصده بالنار و الحديد، و الظروف في مواجهتي ليست محطبة فحسب، بل و كاسرة على نحو عنيف و مخيف..

– و لكن هناك مقولة شايعه تقول: “الفرص لا تحدث وحدها، بل عليك صنعها” و أخرى تقول: “إذا كان مصعد النجاح معطلاً، استخدم السلم درجة درجة” و يقول “أنتوني روبنز” مدرب التنمية البشرية، و المؤلف لعدة كتب في مجال تطوير الذات: “البعض منّا لديه مدارج يقلع منها الى النجاح. لكن ان كنت ممن لا يملكون هذه المدارج عليك أن تشيدها بنفسك”.

– عندما صارت هناك لجنة تحضيرية لتأسيس جمعية خيرية كنت أحد أعضاءها، انبثقت منها نشرة شهرية، و لم أكن حتى عضو في هيئة تحريرها .. شاركت الكتابة فيها .. كنت أبحث عن فراغ لأضع قدمي فيه .. موضع قدم لأبدأ منه خطوة الحالم نحو الألف ميل .. يقول الدكتور في علم التنمية البشرية إبراهيم الفقي: “انتهز الفرص العادية و اجعلها عظيمة”. و يقول آين راند: تسلق سلم النجاح خطوة خطوة و درجة درجة على درجات الفرص.

– قدمت نفسي كما أنا و على نحو صادق أو هكذا أعتقد .. حالم و نقي و محب و متسامح و بروح منفتحة على الجميع، و باحثا عن فرصة متمثلا مقولة “دنيس ديدرو”: لا تنتظر الفرصة أن تأتيك، اصنعها أنت بجرأتك و اصرارك..

– من هنا بدأت .. العدد صفر من نشرة القبيطة كتبت مقال تحت عنوان “ما نتطلع إليه” ثم في عددها الأول مقال آخر بعنوان “حق أهلنا علينا” و في العدد الثاني مقال تحت عنوان ماذا نريد..؟! و لا أدري لماذا غبت في العدد الثالث رغم أنني كنت أحوج إليه، لاسيما أنه صدر قبل انتخابات الجمعية، حيث من المهم أقدم نفسي من خلاله على نحو لا يتلاشى من ذاكرة المنتسبين لها، و الذين سيشاركون في الانتخابات .. ربما بسبب ضغط الوقت و ازدحام المهام، أو بسبب المفاجأة أو المعاجلة في الإصدار .. غير أن ما هو جدير بالإشارة أن هذا العدد صدر بعد ثمان أيام فقط من اصدار العدد السابق.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

– أنقل لكم هنا كل على حدة المقالات الثلاثة التي كتبتها، و أشرت إليها سابقا، و هي على النحو التالي..

ما نتطلع إليه

– لا غبار ولا شك اننا نجل كثيرا ونقدر مليا ما تقوم به العديد من الجمعيات الخيرية الصغيرة الناجحة من اعمال الخير والبر الإحسان في أكثر من مكان من مديرية القبيطة، غير ان ذلك لا يحول ولا يمنع من التطلع الشغوف الى كيان خيري اكثر اتساعا واغزر عطاءا وأكثر قوة ومقدرة..

– وحتى نخرج هذا التطلع الطموح من محبسه ونجعل من الحلم واقعا ومن التمني حقيقة نهضنا بهمة وتفاعلنا وبدأت الخطوات العملية الحثيثة نحو تأسيس الكيان المنشود الذي نريد ان يكون اكبر همة بل همة الخالص الخير والبر والإحسان.

– نريد كيانا مترعا بالحب ومفعما بالألفة والشفافية تسوده قيم الخير والفضيلة ونكران الذات ويسمو بألق الوقار ونبل المقصد ووهج الحكمة..

– دعوتنا الزاهدة للجميع بالمشاركة الفاعلة دون إبعاد او اقصاء او استحواذ، والامل معقود على الجميع في ان نوجد شيئا عزيزا ومعطاء بعيدا عن أحقاد الماضي واوجاع الأمس.

– دعونا نقدم على هذا العمل النبيل بعقول مفتوحة ونفوس صافية وضمائر عامرة بحسن الطوايا والنوايا ومن دون توجس أو ريبة او انانية تفسد او تنال ما نروم اليه من مقاصد الخير والبر والإحسان.

– وفي اقل تقدير دعونا نجرب على الاقل، وكونوا جميعا معنا، فعسى ان نعين فقيرا او محتاجا او نسند منكوبا او مضرورا أو نبدد خصومه تدمي القلوب او نحل نزاعا يزرع الشوك في العيون .. هذا والله من وراء القصد.

العدد صفر من نشرة “القبيطة” الصادرة في 9 سبتمبر عام 2000

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

حق أهلنا علينا

– لا شك أن حق أهلنا علينا يلقي على كواهلنا الكثير من واجبات رد الجميل والعرفان.. أهلنا الذين لا زالوا في مطلع الألفية الثالثة وعصر الكمبيوتر والأنترنت وثورة الاتصالات والمعلومات يبحثون عن الماء ولقمة العيش، ويحلمون بالدواء والنور والمدرسة.. أهلنا الذين حفروا الصخر بالأظافر، وتحدوا زمنهم العبوس، واستبسلوا في مواجهة ظروف الحياة الصعبة القاسية.

– إن الحق علينا كبير لأهلنا وذوينا.. لتلك الأجساد النحيلة والمثقلة بالمتاعب وهموم الحياة اليومية.. والوجوه الشاحبة التي أذبلها الشقاء والعطاء.. والبطون المسغبة التي تضورت جوعا في السنين العجاف، ووضع أصحابها الحجارة تحت الأحزمة لتعينهم على الصبر، وتخفف عنهم سطوة الفاقة والم الجوع .

– إنه لحق على عواتقنا عظيم.. حق أولئك الذين تعسوا لنسعد، وجهلوا لنتعلم .. وعاندوا الحمى والمرض والسقم لننعم نحن بالصحة والعافية.. وشوت الشمس جلودهم لنلبس ونحلم ونغني .. واقتات البؤس فيهم كل حشاشة فيها نظارة، واقتاتت بطونهم نار المسغبة، لنأكل نحن ونعيش بحرية وكرامة مرضية .. إنه لاستحقاق عظيم لن نفيه وإن اشعلنا الأصابع وحلقنا الرؤوس.. فليس كثيرا ان نقدم شيئا من المال او المساعدة لنشفي مريضا او نعين محتاجا او ننير بيتا او نعبد طريقا..

– نأمل ان نكون من الصالحين وان يكون الكل كذلك، وان لا نكون ممن يمكرون او يجحدون الجميل… والله من وراء القصد،،

العدد (1) من نشرة “القبيطة” الصادر في 20 أكتوبر عام 2000

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ماذا نريد..؟!

– لقد شارف عمل اللجنة التحضيرية على الانتهاء: وأستطيع القول أن هذه اللجنة في معظمها قد مثلت توليفة متوافقة ومنسجمة ابدت من النشاط الدؤوب والأداء الحسن والإنجاز المتواضع ما يرضى ويسر.. وبتقديري إن مرد ومرجع هذا النجاح يعود الى حشد وتنظيم الجهود والإخلاص في عمل الخير من قبل أهل البر والإحسان، وتناغم وتكامل العديد من عناصر تكوين اللجنة التحضيرية التي تجلت في شخصياتها العديد من الصفات الحميدة كالصبر ورحابة الصدر والجدية والإخلاص والقدرة الإدارية، والحنكة والخبرة والتأثير الاجتهاد وكذا النشاط والعقلانية والصراحة والتلقائية والمنطق والهدوء والذكاء والسخاء.

– وفي هذه العجالة والإطلالة السريعة أقول بتواضع إن اللجنة التحضيرية قد استطاعت استيعاب ما رشح من افكار ظلت تعتمل لسنوات ، وحوارات تفاعلت لفترات غير قصيرة، وطموحات ظللنا نتوق ونتطلع إلى تحقيقها زمناً طويلاً، وتضمين ذلك وتأطيره في مشروع النظام الأساسي ومشروع اللائحتين المالية والادارية.

– ومن جانب اخر استطاعت اللجنة التحضيرية كسب ود وثقة المتبرعين ، وتعيد لهم بعض الاطمئنان والثقة المفقودة بعد طول توجس وتبرم بسبب غياب مصداقية بعض الداعون للخير.. ووفرت قدراً معتبراً من المال يمكن ان يكون محطة انطلاق للهيئة الإدارية المرتقب انتخابها ، واستطاعت اللجنة التحضيرية من جانب ثالث ان تصدر ثلاثة اعداد منتظمة ومتتالية بإعداد وإخراج جيدين.. واستطاعت ان تستأجر مقر للجمعية المنشودة وتدفع مقدم ايجار ستة اشهر، بعد ان قامت بترميمه وطلائه وتأثيثه .. وتجهيز مكتب متكامل للإرشيف وحفظ الوثائق والسجلات.. وهي الان بصدد السعي لإدخال التلفون . وتوفير جهاز كمبيوتر وطابعة..

– كل ذلك يعني إن اللجنة التحضيرية قد اوجدت ارضية مناسبة ، وهيئت ظروف ملائمة تمكن الهيئة الإدارية القادمة ان تبدا عملها دون صعوبة او تعثر او كبوات من اول الطريق..

– ما سلف ذكره لا يعني الدعاية للجنة التحضيرية او الغلو والمبالغة في جهدها المبذول، فالواقع يشهد بمدى هذا النجاح، والمقارنة متاحة وبمتناول من يريد ان يقارن بين هذه اللجنة وما سبقها من لجان تحضيرية للجمعيات التي نشأت سابقاً في إطار المديرية، وان كان قد تخلل عمل اللجنة التحضيرية التي نحن بصددها بعض السلبيات والأخطاء واوجه القصور فلا بأس طالما ظلت كفة الإيجابيات راجحة، وطالما لا زالت اللجنة تبذل جهود حثيثة ومتوالية لتصحيحها، ولا تألوا جهداً في سد أوجه القصور..

– وجدير بالإشارة هنا ان لا يفهم مما تقدم بأنني أرغب ان يعاد انتاج اللجنة التحضيرية مرة اخرى في اللجان والهيئات المرتقب انتخابها لقيادة الجمعية في السنوات الثلاث المقبلة رغم ان هذا امر ليس فيه ما يعيب، ولكنني آمل واتطلع الى اتاحة اكبر قدر ممكن لوجوه جديدة اكثر اقتدار او كفاءة وتناغم، ولا بأس ان تكون الخبرة حاضرة بصورة ملحوظة، وان يكون كبار التجار ورجال المال والأعمال في صدر الهيئات المنتخبة لنضعهم مباشرة امام مسئولياتهم، وامام التحديات الكبيرة المنتصبة امام الجمعية التي يقفون على سدتها ودفة قيادتها..

– آمل ان نوفق في اختيار الهيئات القيادية للجمعية بصورة تضمن التناغم بين الخبرة والكفاءة والتجديد والمال والاخلاص والجدية.. وان ننسى حزازات الماضي واوجاع الامس، ونتحرر من المعاطف القديمة واساليب العمل البالية.. وان نخلص كل الاخلاص لعمل الخير والفضيلة.

– ان ما نريده ونتطلع اليه بأعناق مشرئبه ان نتوج كل الجهود السابقة بانتخاب هيئات قيادية للجمعية فيها من العقلاء والفضلاء واصحاب الرأي المخلصين ما يحفظ بقائها وديمومتها معافاة. ويحرص على استمرار ذروة نجاحها ..

– نريد هيئة إدارية نافذة الكلمة ، قوية الإرادة، متفننة في القيادة وأساليب الإدارة في الاتجاه والإطار الذي يحقق الأهداف العامة للجمعية المنشودة .. لا نريد دمي وموميات وصور كرتونية .. كما لا نريد استبداد وتعسف في استخدام الحق .. نريد هيئة ادارية مخلصة لعمل الخير .. قادرة على ان تكون بحجم المسئوليات الملقاة عليها وبمستوى المهام والتحديات المنتصبة لها.. والله من وراء القصد.

***

يتبع..

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.

زر الذهاب إلى الأعلى