العرض في الرئيسةفضاء حر

تغاريد غير مشفرة (258) .. عن مأساة بعض طلاب الطب في جامعة الحديدة

يمنات

أحمد سيف حاشد

 (1)

للمرة الثانية خلال أيام يُصادر حقي في الكلام

بمجلس نواب صنعاء

دون أي مبرر قانوني

(2)

ناقش مجلس نواب صنعاء ما أسماه تقرير لجنة التعليم العالي حول نتائج نزولها الميداني إلى جامعة الحديدة.

أما أنا فأرى أن التسمية التي تليق به هي: عشرة عصافير فوق الشجرة، و يشبه في أكثر من وجه المستحيل الذي ورد في مقولة مجنون ريمة صالح القوع: “من معه ريال يدفع أربعة”..

(3)

الأربعاء الماضي تحدث وزير الصحة أمام مجلس نواب صنعاء عن بعض المستشفيات التي تحولت إلى مسالخ للبشر في صنعاء .. و السبت يشرّع هذا المجلس بما يؤدي إلى تأسيس مسالخ بشرية جديدة و قادمة، و تمرير ما لا يجب أن يمر على حساب حياة الناس و المستقبل للحيلولة دون أن تدفع الحكومة مائة مليون ريال لدراسة 95 طالب في جامعة صنعاء من أبناء الحديدة.

(4)

هناك فرق بين الحلول و بين الوعود، و لجنة التعليم العالي في مجلس نواب صنعاء قدمت في تقريرها وعودا من هواء، و لم تقدم حلا واحدا .. إنه تقرير يكشف لـ 95 طالب طب من أبناء الحديدة بما خلاصته عشرة عصافير فوق الشجرة..

كل هذا يحدث للتهرب من دفع تكاليف مالية متواضعة، و لا تكترث حتى و إن أصابت في مقتل مستقبل 95 طالب طب..

إننا أمام سلطة تجبي الجبايات من الحجر و الشجر، و لا تريد أن تتحمل مسؤولية واحدة .. مستقبل 95 طالب طب لا تهتم بهم و لا تكترث طالما مستقبلهم يحتاج إلى بعض المال مهما كان متواضعا..

(5)

خمسة و تسعون طالب طب من أبناء تهامة المنكوبين يحتجّوا منذ اربعة أشهر أمام مجلس نواب صنعاء، و يطالبون بحل لا يتجاوز مبلغه مائة مليون ريال، فيما المجلس يقر قبل أشهر بطريقة مخالفة للدستور و القانون اعتمادا إضافيا خارج الموازنة بمبلغ يزيد عن 280 مليار ريال، و خلال أقل من ساعة زمن، و دون أن يدري عن تفاصيله شيئا..

في مجلس نوابنا و نوائبنا تكفي كذبة واحدة لتمرير كارثة بمبلغ 280 مليار ريال، و لا يكفي صدقنا أو صدق 95 طالب طب من تمرير مبلغ متواضع و يسير..

مجلسنا و حكومتنا يكيلان بمكيلين و بفارق فلكي صارخ، ثم يحتجون على العالم إنه يكيل بمكيالين .. يا هؤلاء كيلوا بمكيال واحد حتى يكون لنا حجة على العالم الذي يكيل بمكيالين .. تمارسون الظلم الفظيع على شعبكم، و لا تريدون غيركم يمارس الظلم عليكم .. كونوا أسويا أولا لتطالبوا العالم أن يكون سويا معكم..

(6)

لجنة التعليم العالي في مجلس نواب صنعاء تريد أن تخرج دفعة طب بواقع خُمس المتوفر و الأربعة الأخماس وعود تطلقها في الهواء، و تلحقها عشرين “إذا” .. إنها نفس المستحيل الوارد في مقولة مجنون ريمة صالح القوع “من معه ريال يدفع أربعة”..

كانت قوانينا لعيبوها و ثغراتها توصف بالجبنة السويسرية المملوءة بالثقوب، أما اليوم فلم يعد هناك جبنة و لم يعد هناك ثقوب .. صار الأمر سدح مدح و القلم مرفوع..

من يؤسس لسلخانات و مسالخ بشرية يُفترض أن موقعة ليس البرلمان، و لكن مكان آخر كلكم تعرفوه.

(7)

بعض مسؤولو جامعة الحديدة الأكاديميين الذين يريدوا إعادة طلاب الطب إلى الحديدة للدراسة دون أن يوفروا لهم الحد الأدنى من المعايير و مستلزمات الدراسة، أبنائهم يدرسون في جامعة صنعاء..

هكذا يتصرف الاكاديمي المحكوم بمصالحة و المنحاز للسلطة، فيما لا يعبأ بإهدار مستقبل 95 طالب، حتى و إن تحولوا في المستقبل إلى جزارين و انتشرت المسالخ البشرية في كل شارع و حي .. الأكاديمي المحكوم بمصالحه لا يعبأ و لا يكترث إلا بمصالحه..

(8)

من ضمن الوعود الموصى بها و الذي أطلقها تقرير لجنة التعليم العالي في مجلس نواب صنعاء “توجيه الجهات المعنية في الحكومة بإطلاق أرصدة الموازنة الذاتية للجامعة المجمدة طرف البنك المركزي”..

ألا يعلم الموصون إن السلطة الخفية تجرف كل شيء في البنك المركزي، بما فيها حتى “الديات” التي أودعها القضاء بقرارات و أحكام طرف البنك المركزي..

ما هو وزن جامعة الحديدة لدى سلطة صنعاء فضلا عن السلطة الخفية، لتوصي اللجنة بتنفيذ التوجيه، بل ما هي وزنها و وزن المجلس في منظومة الحكم الفعلية في صنعاء ليتم على أساسه اطلاق توصية نعلم أنها لن تنفذ.

أضاع 95 طالب طب من الحديدة عام دراسي كامل بسبب الوعود الكاذبة، و لم يبق من موعد الدراسة إلا ايام قليلة، و بالتالي السنة الثانية مهددة بضياع وشيك على ذمة وعود لا يوجد من يحاسب من لا ينفذها، و لا يوجد لها أي ضامن أو ضمانة..

(9)

تجاهل المجلس كما تجاهلت لجنة التعليم العالي أسئلة طلاب الطب البشري التي قذفوا بها وجه مجلس نواب صنعاء و لجنة التعليم العالي في المجلس ومنها:

هل رئيس وأعضاء اللجنة على علم بالمعايير و المتطلبات الأكاديمية و العلمية المعتمدة لفتح الاقسام في شعبة الطب البشري بكلية العلوم الصحية و الطبية جامعة الحديدة..؟!!

ما هي تلك المعايير و المتطلبات من وجهة نظرهم..؟!

هل تم وضع تلك المعايير و المتطلبات في حسبانهم عندما سافروا إلى الحديدة..؟ و هل اللجنة تدرك و تعي و تستوعب أن شعبة الطب البشري تختلف تماما عن التخصصات العلمية و الإنسانية الأخرى من حيث المعايير و المتطلبات .. حيث أن مخرجات هذه الشعبة ستتعامل مع حياة البشر..؟!

و أجيب هنا عنهم: من يريد الطب مسلخ بشري لا يمكنه أن يفكر في تخريج دكتور طب..؟!

و في المثل: “فاقد الشيء لا يعطيه”

و أزيدهم من الشعر بيت:

“إن كنت تدري فهذه مصيبة *** وإن كنت لا تدري فالمصيبة أعظم”

(10)

يؤكد طلاب الطب المحتجين أمام مجلس نواب صنعاء منذ أربعة أشهر أنه لا يوجد في جامعة الحديدة كلية الطب البشري الدائرة السريرية، كادر طبي متخصص، و لم يتم توفير أي كادر، و إنما هو نفسه الكادر السابق البالغ عددهم (5) أشخاص مذكورين بالاسم، و هو ما نسبته 20% من الاحتياج إن لم يكن من حده الأدنى، فيما نسبته 80% لا زالت بظهر الغيب، و يتهددها المجهول .. لم يتم حتى الآن أكثر من الإعلان عن اسمائهم، فيما لازالت إجراءات توظيف معقدة تنتظرهم، فضلا عن رواتب و مستحقات مالية تقف خلف ضباب المجهول بعيد المنال..

اعتقد هذا هو الواقع المرير، و أعتقد جازما إن الحكومة و غيرها كاذبة، و هو أمر أعتدنا عليه مرارا على نحو باتت تدركه حتى الحجارة..

(11)

مجلس نواب صنعاء و لجنة التعليم العالي فيه، كان يتعين عليهما ـ و الحال من بعضه ـ أن يعلمان أن حكومة الإنقاذ مجرد كذبة كبيرة، و أنه ليس لديها سلطة فعلية أو بيدها قرار مالي يمكن أن يجد له أثرا في الحال أو حتى في المدى المنظور.

أما الطلبة فقد أكتووا بوعود حكومة أهدرت عليهم عام، و تريد أن تهدر عليهم عاما آخر بدم بارد و أعصاب مثلجة .. ضياع عاما آخر حال يفوق الاحتمال..

(12)

المجلس و اللجنة يمارسان الإرغام على طلبة الطب من أبناء الحديدة الممنوعين من الدراسة في جامعة صنعاء، فيما الطلبة يرفضون أن يلدغون من الجحر مرتين، و الحكومة تصر أن تدس رؤوس الطلبة في جحر الثعابين..

الطلبة تعلموا من بيت الشعر التي أطلقها قبل قرون عمر الخيام في إحدى رباعيته:

غدا بظهر الغيب و اليوم لي *** و كم يخيب الظن في المقبل

فيما المجلس و اللجنة و الحكومة يريدوا أن يفرضوا خيبة جديدة و عام كسيح و ضياع جديد، و مزيد من السواد و القتامة على مستقبل من كانوا مشاريع أطباء، و تحويلهم إلى مشاريع أقل ما يقال عنها مسالخ بشرية..

(13)

لو كانت جامعة الحديدة و وزارة التعليم العالي و كل من يريد تضييع عام دراسي آخر على طلبة الطب في جامعة الحديدة مستوى رابع؛ لقدموا الأفكار و الحلول، و قاموا بتنفيذها خلال عام أهدروه سدى، و كان متاحا أن يفعلوا فيه أشياء كثيرة، و لكنهم آثروا اطلاق الوعود و الأوهام في الوقت الضائع أو الحاسر، و المُهدد بإهدار عام آخر بددا..

(14)

إذا كنت أنا النائب أمضيت عامين لنقل و تسوية راتبي، و لم أكمل ما بدأته إلى اليوم، فكيف بغيري و بتلك الوعود الذي تتحدث عنها الحكومة و بتحقيقها خلال أسبوعين، و نحن نعرف حجم تعقيدات سلطة صنعاء و تركيبها، و نعرف أكثر إن قرارات المال بيد سلطة خفية تموت على جباية المال، و لا تخرج منه حتى فتاته..

لماذا تغامروا بمستقبل أكثر من 95 طالب طب مستوى رابع على وعود من ورق و سراب و وهم..؟!!

(15)

شاهدت مسؤول رفيع في التعليم العالي قبل عام و كان المجلس الطبي الأعلى يعرض عليه شهادات طب عليا مزورة، و كان الحديث يدور عن تزوير شهادات الطب العليا، و فداحة الأخطاء الطبية، و الجامعات الخاصة، و بعض الفضائح ذات الصلة .. و كان هذا المسؤول يعتبر أمورا كهذه ماسة حتى بالأمن القومي للبلد..

هذا المسؤول نفسه رأيته في المجلس و هو ينحاز إلى غير ما كان يتحدث عنه قبل عام، و يدير ظهره لما كان يصفه بجرائم ماسة بالأمن القومي، و يتغاضى عن الكثير مما يلزم تجاه 95 طالب طب بشري مستوى رابع من أبناء الحديدة في صنعاء، و دفعهم للعودة إلى الحديدة بناء على وعود لن تتحقق، و في ظل أوضاع تهدر المعايير العلمية لتلك الشهادات، و تهدر حجيتها أمام جامعات العالم المحترمة و حتى الأقل من محترمة، و دون اكتراث لما يتهدد مستقبلهم من ضياع، بل و استبدال هذا المستقبل بمستقبل آخر للمسالخ البشرية، و على نحو غير ما كان يتحدث عنه هذا المسؤول قبل عام.

(16)

يتسأل 95 طالب طب بشري سنة رابعة بمرارة الضحايا:

هل بحثت اللجنة في تفاصيل الجداول الدراسية؟! وكم عدد الأسابيع التي قامت الكلية خلالها بتدريس الطلبة؟! وكم الحد  الأدنى المفترض أن يدرس فيها الطلبة خلال الفصل الدراسي الواحد؟!

لعل الإجابة هنا تقسم ظهر البعير، وتكشف هشاشة التقرير، وأكثر منه أمية اللجنة، وينيط اللثام عن خواء التقرير فيما يخص المعايير والمتطلبات التي كان ينبغي توفرها، فضلا عن وعود لن تتحقق إلا بمعجزة ليس فقط كونها جاءت في وقت مثقل بالضيق والحرج ولكن أيضا وجود سلطة تحب المال حبا جمّا، وغير ذلك يهدد 95 طالب بضياع عام دراسي آخر.

(17)

و يورد الطلبة المثال تبسيطا و تسهيلا، لعل و عسى أن هناك من يحاول الفهم، أو الحيلولة دون المقامرة الجاري تنفيذها، على حساب مستقبل يريدون مصادرته بإصرار مولع بالضياع حتى و إن كثر العدد إلى مستقبل 95 طالب طب مستوى رابع..

المثال: من خلال الجداول الموضوعة من الكلية ستجدون أن زمن الدراسة قد تم تحديده بأربعة أسابيع للفصل الواحد! مع أن المفترض طبقا للبرنامج المتعارف عليه و الموضوع مسبقا من الكلية نفسها أن الدراسة في الفصل الدراسي الواحد تتراوح مدتها الزمنية من 12 إلى 14 أسبوعا..

و يضيف الطلاب: قيام بعض أعضاء التدريس بتدريس مواد ليسوا متخصصين فيها، كما أن بعض المواد لم ندرسها بتاتا، و بعض المواد تم تدريسها من معيدين و مدرسين بالمخالفة لقانون الجامعات اليمنية و لائحته التنفيذية اللذين لا يجيزان لهم تدريس الطلبة..

بعد هذا .. ماذا نقول لجامعات و كليات الطب في العالم..؟!

(18)

18 منشور أنما كانوا عبارة عن تضامن معلن مع 95 طالب طب بشري مستوى رابع من أبناء الحديدة الذي أردوا أن يدرسوا في جامعة صنعاء، ويرغمون على العودة إلى الحديدة للمرة الثانية وللسنة الثانية، دون توفر أدنى المعايير العلمية والمتطلبات الدرسية في كلية الطب بالحديدة، وهو ما يهدد مستقبل 95 طالب طب بالضياع..

كما أتضامن مع نفسي بعد مصادرة حقي في الكلام بقاعة مجلس نواب صنعاء وللمرة الثانية خلال اسبوع والتحدث بهذا الشأن..

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.

زر الذهاب إلى الأعلى