العرض في الرئيسةفضاء حر

ارشيف الذاكرة .. قائد فصيلة استطلاع

يمنات

أحمد سيف حاشد

– تخرجت من الكلية العسكرية .. و لكن إلى أين..؟! بين الأمنية و الواقع مسافات شتّى .. رغبتي جارفة للالتحاق بالجامعة، فيما ظروفي المادية عاثرة و متعسرة، و (راتبي) الذي كنت أتقاضاه في الكلية سينقطع بصارم، و أنا لم أحتال على حاجة أو عوز، و لم أدخر منه شيئا لأيامي القادمات .. كنت ما أحصل عليه أصرفه أول بأول، و كأن شرطي عنيد يلاحقه، فيتلاشى بسرعة قبل أن يدركه .. أصرف بعضه، و أساعد آخرين، و أسلف البعض دون أن أنتظر عودة ما أُسلفه، بل و ارفض استعادته في معظم الأحيان، و لإحساسك الإنساني ثمنا يجب أن تدفعه، و انعدام المال ينتقص من استقلاليتك، و ينال من حريتك، و يمكن أن يكون عوزك مصدرا لابتزازك ممن يملكون المال، و يبخلونه عليك..

– كما أن المال يمكن أن يكون أيضا معضلة تحول دون تحقيق بعض أحلامك و أمنياتك حتى المتواضعة منها، أو على الأقل يعمل على تأجيل تحقيقها، أو كما قال الكاتب و المحاضر في التنمية البشرية روبرت آشتون: “إن مقارنة مصاريفك الشهرية في مقابل دخلك سوف تكشف الحجم الحقيقي لوقوف المال عقبة أمامك”. فما بالي أنا الفاضي اليدين، الذي لا أملك حتى التصدّي لما هو ضروري ينقذني من الجوع .. و حتى على افتراض وجدت بعض من حل لهذه المعضلة أو جلّها؛ فسأظل في عوز و حاجة، و استقلال و حرية أقل؛ و لذلك آثرت تأجيل حلم الالتحاق بالجامعة، و أستمرار العمل في السلك العسكري، طالما هذا سيمنحني فرصة تحقيق حلمي في الدراسة الجامعية باقتدار، و لو بعد عامين أو أكثر .. هكذا نظرت للأمر أو هكذا حسبتها..

– كان تخرجي من الكلية العسكرية في الأول من سبتمبر عام 1983 و قد فضلت الالتحاق بلواء الوحدة الذي يقع مُعسكره في محافظة أبين، و كانت تلك هي الفرصة المتاحة الأفضل لي .. و كان أغلب أفراد و ضباط اللواء قادمين من الشمال إلى الجنوب .. فيما كان الالتحاق بغيره متروك للحظ الذي يمكن أن يقذف بي إلى أي جزيرة أو صحراء أو منأى بعيد .. و بالتالي ربما يكون متابعة التحاقي بالدراسة الجامعية أكثر صعوبة، و تكون الموافقة على تفرغي للدراسة حظ أقل و أضأل..

– كان عليّ وفق القانون أو النظام المتبع أن أعمل على الأقل عامين في السلك العسكري بعد التخرج من الكلية العسكرية، لأتمكن من التفرغ للدراسة الجامعية، و أحصل على راتب متفرغ يعينني على الدراسة الجامعية..

– معسكر اللواء كان يقع على مقربة من عاصمة المحافظة (زنجبار)، و كان كثير من أفراده و ضباطه من الشمال، الذين جاءوا على خلفية أحداث عبد الله عبد العالم .. كان قائده اللواء عبد الله منصور ذو الوجه الغضوب، الذي يبتسم بقسمات حادة، و ينتمي إلى محافظة أبين.. كنت أشعر نحوه بالانقباض كلما شاهدته، فيما كان يتعامل هو مع زميلي “سند الرهوة” بلطف و تقدير .. و كان أركان اللواء عبد الواحد أحد القادمين من الشمال، أقدر على القيادة منه، غير أنه كان يتجنب أن يكون قويا أمام القائد، و ربما كان سلبيا في أغلب الأحيان .. أما النائب السياسي للواء النقيب فتح من أبين، كنت أشعر حياله بنوع من الود و الرضى، و كان هو يهتم بي أيضا، و يتعامل معي باهتمام..

– في لواء الوحدة جاء توزيعي رئيسا لفصيلة في سرية استطلاع اللواء، و كان الملازم أول محمد الحياني من خريجي الدفعة الثامنة (شمالي) رئيسا للفصيلة الثانية، و الملازم ثاني سند الرهوة من أبين، خريج الدفعة العاشرة، قائدا للفصيلة الثالثة، فيما كان عبده قائد الكهالي (شمالي) من محافظة اب رئيسا لسرية الاستطلاع، و أضيف للسرية بعد عام ضابط جديد هو الملازم علوان (شمالي) من محافظة اب، و خريج الدفعة الحادي عشر كلية عسكرية .. أما صف الضباط في السرية فكان جميعهم من الشمال، و كان يسود بيننا نحن الضباط في سرية الاستطلاع كثير من الاحترام و الانسجام و التفاهم كزملاء، و مع الجنود و صف ضباط، كقادة و رفاق سلاح، دون تفريط بالنظام أو المهام أو العمل المناط بنا..

***

يتبع..

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.

زر الذهاب إلى الأعلى